حكم محكمة التمييز بصدد تطبيق التعديلات الأخيرة على قانون العمل
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمة التمييز
الدائرة العمالية الثانية
بالجلسـة المنعقدة علنا بالمحكمـة بتاريخ 18 من شوال 1439هـ الموافـق 2/7/2018م
برئاسة السيد المستشار/ عادل العيسى وكيل المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ علي اسماعيل و مصطفى عبد الفتاح
و مصطفى محمد مرزوق و رأفت الحسيني
وحضور الأستاذ/ هشام قوره رئيـس النيابة
وحضور السيد/ محمد الجمال أمـين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي
في الطعنين بالتمييز المرفوع أولهما من:
هـ. ع. م. ا.
ضـــــــد
شركة نفط الكويت.
والمرفوع ثانيهما من:
الممثل القانوني لشركة نفط الكويت (ش.م.ك.)
ضـــــــد
هـ. ع. م. ا.
والمقيدين بالجدول برقمي: 734 ، 775 لسنة 2017 عمالي/2
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن بالطعن الأول تقدم بطلب إلى إدارة العمل المختصة قال فيه – وفيما أجرى بشأنه من تحقيقات – أنه التحق بالعمل لدى الشركة المطعون ضدها في ذات الطعن اعتباراً من 14/4/1981م، وانتهت علاقة العمل في 30/9/2013م، دون أن توفيه مستحقاته كاملة، ومنها فرق مكافأة نهاية الخدمة، ولتعذر التسوية الودية أحيل النزاع إلى المحكمة الكلية وقيد أمامها برقم 1167 لسنة 2014 عمالي كلى، وبتاريخ 25/10/2016م حكمت المحكمة برفض الدعوى.
استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 637 لسنة 2016 عمالي، وبتاريخ 22/2/2017 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعن مبلغ 988/27,203 ديناراً.
طعن العامل في هذا الحكم بالطعن الأول، كما طعنت الشركة فيه بالطعن الثاني، وأودع العامل المطعون ضده في الطعن الثاني مذكرة طلب فيها رفض الطعن.
وأودعت النيابة مذكرة طلبت فيها قبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه تمييزاً جزئياً.
وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن الأول رقم 734 لسنة 2017 عمالى2: أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى تأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان الوجه الثاني من السبب الأول يقول إنه تمسك باحتساب بدل السيارة والوقود ضمن عناصر الأجر الذى تحسب على أساسه مستحقاته، اعتباراً بأن لائحة الشركة المطعون ضدها تضمنت تخصيص سيارة كميزة له للاستعمال الشخصي، كونه من المستشارين بالدرجة 20، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض طلبه فيما زاد عن مبلغ 54 دينار وبما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن استخلاص عناصر الأجر الذى تحسب على أساسه مستحقات العامل من سلطة محكمة الموضوع والتي لها سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم من الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى وإطراح ما عداه وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه رفض احتساب ما زاد عن مبلغ 54 دينار ضمن عناصر الأجر الذى تحسب على أساسه مستحقات الطاعن على ما استخلصه من أوراق الدعوى أن لائحة الشركة المطعون ضدها قررت منح هذا المبلغ كبدل انتقال للعاملين ويخصم ممن يخصص له سيارة وتدخل قيمته ضمن الأجر الشهري، وأن تخصيص سيارة تزيد أجرتها الشهرية عن هذا البدل يُعد منحة من صاحب العمل لا يدخل ضمن الأجر الشامل، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ويحمل قضاء الحكم فإن النعي ينحل إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وفى بيان الوجه الثالث من السبب الأول من الطعن الأول يقول الطاعن: إنه تمسك أمام المحكمة المطعون على حكمها ببطلان الحكم المستأنف لعدول محكمة أول درجة عن حكم إعادة الدعوى للخبير دون بيان أسباب العدول إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرتب البطلان وبما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم الصادر بتحقيق الدعوى سواء بندب خبير أو بأي طريق آخر لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو اعتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم ويجوز العدول والالتفات عنه دون بيان أسباب العدول، إذ لم يرتب القانون جزاء على مخالفة ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إنه في بيان السبب الثالث من الطعن الأول يقول الطاعن: إنه تمسك باستحقاقه بدل إخطار وتعويض عن إنهاء المطعون ضدها علاقة العمل معه تحت إكراه الاستفادة من عرض النظام المؤقت للتقاعد وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.
وحيث إنه هذا النعي مردود، ذلك أن الإكراه الذى يُفسد الرضا هو الضغط الذى تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى قبول أمر تحت تأثير الرهبة التي تقع في نفسه بشرط أن تكون بعثت بدون حق، فإن بعثت في النفس بوسيلة يسمح بها القانون من غير تجاوز للغرض الذى أباحها من أجله فلا قيام للإكراه، وتقدير توافره من عدمه من المسائل الموضوعية التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه رفض القضاء للطاعن ببدل الإخطار أو التعويض عن إنهاء علاقة العمل على ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستندات الخصوم فيها أن الطاعن تقدم بطلب خطى للاستفادة من نظام المعاش المبكر وتقاضى مخصصاته وفقاً لهذا النظام وبما يجاوز بدل الإخطار وأن الادعاء بالإكراه المعنوي جاء مرسلاً، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ويحمل قضاء الحكم فإن النعي ينحل إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إن الشركة الطاعنة بالطعن الثاني رقم 627 لسنة 2017 عمالي/2: تنعى بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول إنها أوفت للمطعون ضده فيه بمكافأة نهاية الخدمة وقد تسلمها بموجب مخالصة موقعة منه إلا أن الحكم المطعون فيه اتبع في حسابها طريقة مخالفة للقانون وقضى له بفارق عنها وبما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن النص في المادة (الثانية) من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي – المنطبق على الواقعة – على أن “تسري أحكام هذا القانون على العاملين في القطاع الأهلي”؛
والنص في المادة (السادسة) منه على أن “مع عدم الإخلال بأي مزايا أو حقوق أفضل تتقرر للعمال في عقود العمل الفردية أو الجماعية أو النظم الخاصة أو اللوائح المعمول بها لدى صاحب العمل أو حسب عرف المهنة أو العرف العام، تمثل أحكام هذا القانون الحد الأدنى لحقوق العمال”؛
والنص في المادة (51) من ذات القانون – المقابلة للمادة 54 من القانون الملغي رقم 38 لسنة 1964 – على أن “يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة على الوجه الآتي: أ- … ب- أجر خمسة عشر يوماً عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى، وأجر شهر عن كل سنة من السنوات التالية، بحيث لا تزيد المكافأة في مجموعها عن أجر سنة ونصف، وذلك للعمال الذين يتقاضون أجورهم بالشهر، ويستحق العامل مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل، وتستقطع من مكافأة نهاية الخدمة المستحقة للعامل قيمة ما قد يكون عليه من ديون أو قروض، ويراعى في ذلك أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، على أن يلتزم صاحب العمل بدفع صافي الفرق بين المبالغ التي تحملها نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية والمبالغ المستحقة عن مكافأة نهاية الخدمة”؛
والنص في المادة (18) من القانون رقم 28 لسنة 1969 بشأن العمل في قطاع الأعمال النفطية على أن “مع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة، يستحق للعامل عند انتهاء مدة العقد أو عند صدور الإلغاء من جانب صاحب العمل في العقود غير محددة المدة مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس (30) ثلاثين يوماً عن كل سنة خدمة عن السنوات الخمس الأولى، وأجر (45) يوماً عن كل سنة من السنوات التالية، ويستحق العامل مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل ويتخذ الأجر الأخير أساساً لحساب المكافأة”؛
والنص في المادة (الثانية) من القانون رقم 61 لسنة 1976 بشأن التأمينات الاجتماعية المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2011 والمعمول به من تاريخ 1/5/2011 – المنطبق على واقعة الدعوى – على أن “يكون الحد الأقصى للمرتب المنصوص عليه في هذا القانون (1,500) ديناراً شهرياً …”؛
والنص في المادة (11) منه على أن “ينشأ صندوق لتأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين في القطاع الحكومي والقطاعين الأهلي والنفطي، وتتكون موارد من الأموال الآتية: أولاً- الاشتراكات عن المؤمن عليهم وتشمل: أ- الاشتراكات الشهرية التي تقتطع من مرتبات المؤمن عليهم وذلك بواقع 5% ب- الاشتراكات التي يؤديها أصحاب الأعمال وذلك بواقع 10% من مرتبات المؤمن عليهم العاملين لديهم …”؛
والنص في المادة (82) من ذات القانون على أن “المعاشات والمكافآت المقررة بمقتضى أحكام الباب الثالث من هذا القانون للمؤمن عليهم في القطاعين الأهلي والنفطي لا تقابل من التزامات صاحب العمل في هذا التأمين إلا ما يعادل مكافأة نهاية الخدمة القانونية بالمعدلات الواردة في المادة (54) من القانون رقم 38 لسنة 1964 المشار إليه – وقد حلت المادة (51) من قانون العمل رقم 6 لسنة 2010 بدلاً من المادة 54 المشار إليها حسبما سلف بيانه – ويلتزم أصحاب الأعمال الذين يرتبطون بأنظمة معاشات أو مكافآت أو ادخار أفضل بقيمة الزيادة بين ما كانوا يتحملونه – في تلك الأنظمة – ومكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على الأساس المشار إليه في الفقرة السابقة، وتحسب هذه الزيادة عن كامل مدة خدمة المؤمن عليهم سواء في ذلك مدد الخدمة السابقة أو اللاحقة للاشتراك في المؤسسة، وتؤدي خلال ثلاثين يوماً من انتهاء خدمة المؤمن عليه إلى المؤسسة كاملة دون إجراء أي تخفيض، وتصرف للمؤمن عليهم أو المستحقين عنهم ولو لم يؤدها صاحب العمل خلال المدة المشار إليها”؛
والنص في المادة (83) منه على أن “يجوز لصاحب العمل أن ينشئ نظاماً للمعاش أو الادخار أو التأمين يتضمن مزايا إضافية أو تكميلية لهذا القانون”؛
والنص في المادة (118) منه على أن “لا يمس هذا القانون بما قد يكون للمؤمن عليهم من حقوق مكتسبة بمقتضى قوانين أو لوائح نظم معاشات أو مكافآت أو ادخار أو تأمين أفضل”؛
مؤداها في مجموعها أن الحقوق التي رتبها قانون العمل تعد من النظام العام بحيث لا يجوز الاتفاق على مخالفة نص من تلك النصوص إلا إذا نتج عن هذه المخالفة منفعة أو فائدة أكثر للعامل. وأن المشرع قد أحل نظام تأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة محل نظام مكافأة نهاية الخدمة بالنسبة لمن ورد ذكرهم من العاملين الكويتيين في المادة الثانية من مواد إصدار قانون التأمينات الاجتماعية وأوجب التأمين عليهم لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إلا أنه وضع حداً أقصى لما يتم التأمين عليه من راتب وهو 1,500 دينار، ولا يلتزم صاحب العمل في هذا التأمين إلا بأداء الاشتراكات الشهرية عن العامل مقيداً بهذا السقف الأعلى من الأجر وبما يعادل مكافأة نهاية الخدمة بالمعدلات الواردة بالمادة 51 من قانون العمل بالقطاع الأهلي بالإضافة إلى قيمة الزيادة إذا كان مرتبطاً بأنظمة معاشات أو مكافأة أو ادخار أفضل، ومن ثم فإن ما جاوز هذا السقف ومقداره (1,500) ديناراً من أجر العامل مما لم يتم الاشتراك عنه في التأمين لا يسري عليه حكم المادة (82) من القانون التأمينات الاجتماعية، مما يقتضي معه تقرير ميزة أفضل عن هذا القدر للعامل وذلك بحسبان أن صاحب العمل لم يلتزم بأداء اشتراكات شهرية عما جاوز المبلغ سالف البيان في هذا التأمين، وهو الالتزام الذي يمثل أحد عنصري التقابل والذي بانتفائه ينتفي موجب تطبيق حكم تلك المادة على القدر الزائد من الأجر، وإنما يستحق العامل الكويتي في مواجهة صاحب العمل مباشرة عن هذا القدر الزائد عن الأجر التأميني مكافأة نهاية الخدمة المقررة له وفقاً للأحكام والمعدلات الواردة بالمادة (51) من القانون رقم 6 لسنة 2010 المشار إليها إذا كان خاضعاً لأحكام قانون العاملين في القطاع الأهلي أو وفقاً للأحكام والمعدلات الواردة بالمادة (18) من القانون رقم 28 لسنة 1969 في شأن العمل في قطاع الأعمال النفطية إذا كان خاضعاً لأحكامه أو وفقاً لأى أنظمة مكافآت أخرى يكون صاحب العمل قد التزم بها شريطة أن تحمل منفعة أو فائدة أكثر للعامل، ويكون حساب هذه المكافأة عن مدة خدمة العامل، وعلى أساس أجره الشامل بعد خصم القدر الذي تم التأمين عليه من قبل صاحب العمل في حدود السقف التأميني المشار إليه، وأن التزام صاحب العمل بدفع صافي الفرق بين المبالغ التي تحملها نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية والمبالغ المستحقة عن مكافأة نهاية الخدمة يتسق مع الحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة (82) من قانون التأمينات الاجتماعية سالفة البيان من التزام صاحب العمل الذى يرتبط بأنظمة معاشات أو مكافآت أو ادخار أفضل بقيمة الزيادة بين ما كان يتحمله في تلك الأنظمة ومكافأة نهاية الخدمة القانونية مسحوبة على الأساس المشار إليه في الفقرة السابقة، وهو الأمر الذي يكون معه نص المادة (51) المشار إليها حين نص في ذات الفقرة “ويراعى في ذلك أحكام قانون التأمينات الاجتماعية” بمثابة تأكيد على الحكم حرص المشرع على إبرازه في قانون العمل الجديد، الأمر الذى لا يحق معه لصاحب العمل أن يخصم الاشتراكات التي أداها إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية وفقاً للبند (ب) من المادة (11) من القانون 61 لسنة 1976 المشار إليها وإلا عُدَّ ذلك تحميلاً للعامل بالتزام ألقاه القانون على عاتق صاحب العمل، كما لا يحق للعامل أن يقتضى مكافأة نهاية الخدمة محسوبة على الأجر الشامل دون مراعاة خصم السقف التأميني بالضوابط المبينة سلفاً وإلا عُدَّ ذلك أيضاً تحميلاً لصاحب العمل بأداء مكافأة عن ذات القدر الذى سبق أن أدى عنه ما ألزمه به القانون من اشتراكات تأمينية وسقط التزامه عنه في مواجهة العامل، ومن ثم فإن الاشتراكات التي التزم صاحب العمل بأدائها إلى مؤسسة التأمينات تعادل مكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة وفقاً للمعدلات الواردة بقانون العمل وذلك عن السقف التأميني فقط ومقداره 1,500 دينار فلا يحق لصاحب العمل استردادها بل حسبه في ذلك أن العامل لا يستحق عن هذا السقف مكافأة نهاية خدمة، وأن العامل يستحق مكافأة نهاية الخدمة عما زاد عن ذلك السقف التأميني وبالمعدلات المشار إليها.
ولا يُغير من ذلك النص في المادة (الأولى) من القانون رقم 17 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 6/5/2018 على أن يستبدل بالفقرة الأخيرة من المادة (51) من القانون رقم 6 لسنة 2010 المشار إليه النص الآتي: “ويراعى في ذلك أحكام قانون التأمينات الاجتماعية على أن يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة عند انتهاء خدمته في الجهة التي يعمل بها دون خصم المبالغ التي تحملتها هذه الجهة نظير اشتراك العامل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله، ويسري هذا الحكم اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 6 لسنة 2010 المشار إليه”، ذلك أن هذا التعديل يدل – وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 17 لسنة 2018 – على أن المشرع قد سنَّه حماية لحقوق العاملين وذلك من خلال مد النطاق الزمني لسريان القانون رقم 85 لسنة 2017 الذي عدَّل الفقرة الأخيرة من المادة (51) سالفة البيان بجعل استحقاق العامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة عند انتهاء خدمته في الجهة التي يعمل بها دون خصم المبالغ التي تحملتها هذه الجهة نظير اشتراك العامل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله ليكون نفاذ حكم الفقرة المعدَّلة بأثر رجعي من تاريخ العمل بالقانون رقم 6 لسنة 2010 بعدما كشف تطبيق القانون رقم 85 لسنة 2017 بأثر فوري من خصم تلك المبالغ من مكافأة نهاية الخدمة للعاملين قبل تاريخ العمل بهذا التعديل، وإذ كان هذا التعديل بما تضمنه من إعماله بأثر رجعى – والذى أدرك الطعن قبل الفصل فيه – هو عين ما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة – على نحو ما سلف – من أنه لا يحق لصاحب العمل أن يخصم الاشتراكات التي أداها لمؤسسة التأمينات الاجتماعية ولا يحق للعامل أن يقتضى مكافأة نهاية الخدمة محسوبة على الأجر الشامل دون مراعاة خصم السقف التأميني بالضوابط المبينة سلفاً الأمر الذي يتسق مع قانون التأمينات الاجتماعية وحرص المشرع على إبرازه في قانون العمل الجديد وتعديليه بالقانونين رقمي 85 لسنة 2017 ، 17 لسنة 2018 حين نص على أن “ويراعي في ذلك قانون التأمينات الاجتماعية”.
لما كان ذلك، وكان المطعون ضده ممن ينطبق عليهم القانون رقم 28 لسنة 1969 المشار إليه سلفاً وقد تقاعد بتاريخ 3/9/2013، ومن ثم فإنه يستحق مكافأة نهاية الخدمة على راتبه الشامل بعد خصم السقف التأميني منه ومقداره 1,500 دينار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعاد احتساب مكافأة نهاية الخدمة للمطعون ضده دون اتباع طريقة الحساب المبينة سلفاً وقضى له بفارق عنها فإنه يكون معيباً بما يوجب تمييزه تمييزاً جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إنه وفى بيان باقي أسباب الطعن الأول يقول الطاعن:إنه تمسك باستحقاقه مكافأة نهاية الخدمة دون خصم الاشتراكات التأمينية التي أدتها الشركة المطعون ضدها لمؤسسة التأمينات إلا أن الحكم المطعون فيه لم يقضِ له بها على هذا الأساس وبما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد تم تمييزه على نحو ما سلف فيما اتبعه من طريقة احتساب مكافأة نهاية الخدمة وبما يضحى معه النعي وارداً على غير محل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه: ولِمَا تقدم، فإنه لما كان المستأنف ممن ينطبق عليهم القانون رقم 28 لسنة 1969 في شأن العمل في قطاع الأعمال النفطي ومؤمن عليه لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وكان الثابت بالأوراق أن الأجر الشهري للمستأنف مبلغ 150/6,369 دينار، وبعد خصم السقف التأميني ومقداره 1,500 يصبح 150/4,869 دينار وهو الأجر الذى تُحسب على أساسه مكافأة نهاية الخدمة، وكانت مدة خدمته 32 سنة وستة أشهر، فيكون مبلغ مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له أقل مما تسلمه من المستأنف ضدها تحت مسماها – بالزيادة التي تُعد ميزة أفضل أخرى له – ويكون قد استوفى حقه منها، فإن دعواه بطلب إعادة احتسابها على وجه آخر أو في صورة رد الاشتراكات التي تم خصمها بُغية القضاء له بفارق عنها يكون على غير أساس، وإذ قضى الحكم الابتدائي برفض دعواه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون بما يتعين معه تأييده لِمَا أوردته هذه المحكمة من أسباب.
“فلهذه الأسباب”
حكمت المحكمة:
أولاً- بقبول الطعن الأول رقم 734 لسنة 2017 عمالي/2 شكلاً؛ وفى موضوعه برفضه، وأعفت الطاعن من المصروفات.
ثانياً- بقبول الطعن الثاني رقم 775 لسنة 2017 عمالي/2 شكلاً؛ وفى الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه تمييزاً جزئياً (فيما قضى به من إلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغ 988/27,203 ديناراً)، وألزمت المطعون ضده المصروفات وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة.
ثالثاً- وفى موضوع الاستئناف – وفى حدود ما مُيز من الحكم المطعون فيه – برفضه، وبتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف عشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة، وأعفته من باقي المصروفات.
أمين سر الجلسة وكيل المحكمة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً