المسؤولية السياسية للوزير الأول في الجزائر: حسب التعديل الدستوري لسنة 2016
د. عيسى طيبي، كلية الحقوق و العلوم السياسية، جامعة زيان عاشور بالجلفة/ الجزائر.
The political responsibility of the prime minister in Algeria
On the light of the constitutional amendment of 2016
Abstract
There is a famous saying in the constitutional Jurisprudence says that : “where ever there is an authority, there is a responsibility, and by analyzing the Algerian constitutional system especially about the responsibility of the prime minister, so in which extent has this saying been realized in the light of the latest constitutional amendment in 2016? I will try to answer the following question; What is the nature of the responsibility and by which the real position of the prime minister in the Algerian constitutional system in the light of the amendment of 2016?
According to the Algerian constitutional amendment of 2016, the prime minister has no effective authorities, especially after replacing his programme by the president of the republic s one, which clarify the nature of the practiced programme that was namely belong to the prime minister, but in fact, it was the president s. Now, in the light of the constitutional amendment of 2016,by replacing the president s programme by the government plan of work, its possible to rationalize the prime minister responsibility the prime minister has loosed even his unique pure authority, they are all in the president s programme service all this make the prime minister just an assistant for the president of the republic who is not responsible politically but has a huge authorities, whereas the prime minister has no effective authorities which leads to put the later in a very weak position comparing with the president of the republic and this means that there is no real double executive authority rather then a unique one presided by the president of the republic which means that there is a change in the nature of the Algerian constitutional system from the semi parliament system to the closed presidential one. This means that the constitutional system should be clarified either a parliament or a clear presidential one .
Key words :
Prime minister, responsibility, parliament, president of the republic, government plan of work.
الملخص
تعتبر مسؤولية الوزير الأول، مسؤولية مضاعفة أمام كل من رئيس الجمهورية وكذا أمام البرلمان ، وذلك نظرا لخضوع هذا الأخير إلى رئيس الجمهورية في تعيينه وكذا في إنهاء مهامه مما يجعله تحت رحمة الأول، هذا من جهة ومن جهة أخرى ، فان التعديل الدستوري لسنة 2016 ،جاء بتجريد للوزير الأول من برنامجه السياسي ، فأصبح بذلك مجرد مساعد لرئيس الجمهورية ، ومع ذلك أبقي على مسؤوليته كاملة ، ففيما يتعلق بقيام مسؤولية هذا الأخير أمام رئيس الجمهورية ، فيتجلى ذلك من خلال السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية في تعيينه وكذا في عزله، وهذا بنص الدستور وما يعزز ذلك الطبيعة المتدهورة جدا لمركز الوزير الأول مقارنة برئيس الجمهورية، بل وتعززت هذه المسؤولية أمام هذا الأخير الذي قد يصبح في ظل التعديل الدستوري لسنة 2016 ، الرئيس الحقيقي و الوحيد للسلطة التنفيذية، في حالة توافق الأغلبيتين البرلمانية و الرئاسية ، كما هو عليه الحال في الوقت الراهن ، غير أن تغيير عبارة مخطط عمل لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية بعبارة مخطط عمل الحكومة يمكن أن تفضي إلى عودة ثنائية السلطة التنفيذية وعقلنة مسؤولية الوزير الأول ، كما أبقى على المسؤولية السياسية للوزير الأول أمام البرلمان متمثلا ذلك في الرقابتين السابقة و اللاحقة لمباشرة الحكومة لمهامها وكدا ترك الأدوات التقليدية للرقابة البعدية من سؤال و استجواب وتحقيق ، وهو ما يجعل الوزير الأول في وضع غريب وضعيف قل نظيره في الأنظمة الدستورية الديمقراطية ، يناقض تماما القاعدة الدستورية القاضية بأنه ، حيثما توجد سلطة ،توجد مسؤولية ،أما و قد جرد هذا الأخير مما تبقى له من سلطات ،(برنامجه السياسي. و بناء على ما تقدم ما الجدوى من إبقاء هذه المسؤولية المضاعفة عليه ؟ .إن هدا الوضع لا يستقيم إلا باختيار أحد النظامين النيابيين البرلماني أو الرئاسي وبوضوح .
الكلمات المفتاحية: الوزير الأول ، مسؤولية ، البرلمان ، رئيس الجمهورية ، مخطط عمل الحكومة .
مقدّمة
يتفق الفقه الدستوري على قاعدة شهيرة مفادها: أن السلطة تكون حيث على قدر المسؤولية تكون السلطة، فلما كان رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسيا باعتباره رمزا للسيادة لا للحكم في النظام البرلماني التقليدي ،انتقلت السلطة الفعلية إلى الوزارة التي يرأسها الوزير الأول مقترنة بمسؤوليته السياسية أمام البرلمان ،و يتم اختياره من طرف رئيس الدولة الذي يكلف زعيم حزب الأغلبية بتأليف الوزارة ثم يتولى ترشيح زملائه من الوزراء ليوزع عليهم الصلاحيات المختلفة، ورغم أن رئيس الدولة في النظام البرلماني يعين الوزير الأول و الوزراء بالاشتراك مع هذا الأخير ،فان هذا لا يعني إطلاق حريته في تعيين الوزراء لأنه مقيد في اختيارهم من بين أعضاء الحزب الفائز بالأغلبية ،و لما كانت السلطة و المسؤولية متلازمتان فأن المسؤولية بلا سلطة ظلم بين ، و سلطة بلا مسؤولية هي ظلم أيضا للخاضعين للسلطة ، وبتجريد الوزير الأول من اهمم أدوات سلطاته المتمثل في برنامجه الحكومي في التعديل الدستوري لسنة 2008 واستبداله ببرنامج رئيس الجمهورية ، فان اختلال قاعدة تلازم السلطة مع المسؤولية بخصوص الوزير الأول في النظام الدستوري الجزائري ،قد ظهر للعيان ، وذلك بان أصبح مسؤولا بلا سلطة، لذلك سنقتصر هذا البحث على الشق المتعلق بمسؤولية الوزير الأول ، هذه المسؤولية التي ليست عن برنامجه وإنما عن برنامج رئيس الجمهورية و بناءا عليه: ما هي طبيعة المسؤولية السياسية للوزير الأول على ضوء التعديل الدستوري لسنة 2016 ؟ و يتفرع عن هذه الإشكالية أسئلة فرعية تتمثل في الآتي :
1 ـــ على أساس أي برنامج سياسي تقوم مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية ؟
2 ــ كيف هي مسؤولية الوزير الأول أمام البرلمان ؟
3 ــ ما مدى قوة وفعالية مسؤولية الوزير الأول أمام البرلمان إذا كان البرنامج المطبق هو برنامج رئيس الجمهورية غير المسؤول سياسيا؟
لذلك وحسب تفرع التساؤل المطروح، فإننا سنقسم الموضوع إلى مبحثين ، نتناول في الأول مدى قيام مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية ، ونتعرض في الثاني إلى إبقاء مسؤولية هذا الأخير أمام البرلمان .
سأعتمد في تناولي لهذه الورقة البحثية على المنهجين التحليلي و المقارن ، فاختياري للمنهج الأول جاء لتناسبه مع طبيعة الموضوع ، خاصة في تخصص الحقوق و بالتحديد في القانون الدستوري ، أما المنهج الثاني ، أي المقارن فاعتمدته لتناسبه مع المقارنة التي أجريتها ما بين مسؤولية الوزير الأول في النظام الدستوري الجزائري و غيره من النظم الدستورية المقارنة ، كالنظام البريطاني و الفرنسي .
الفرضيات :
1 قد تقوم مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية باعتباره الجهة المسؤولة و المخولة دستوريا بتعيينه و إنهاء مهامه .
2 إمكانية قيام مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية باعتباره صاحب البرنامج السياسي الذي يعمل الوزير الأول على تنفيذه ، خاصة في ظل توافق الأغلبيتين البرلمانية و الرئاسية .
3 إذا فسر مخطط عمل الحكومة على أنه برنامج سياسي في حالة التعايش ،أي عند اختلاف الأغلبيتين الرئاسية و البرلمانية تقوم مسؤولية الوزير الأول أمام كل من البرلمان وأيضا أمام رئيس الجمهورية.
أهمية المقال
تظهر أهمية المقال من خلال تسليط الضوء على طبيعة مسؤولية الوزير الأول و تحديد الجهة التي تقوم أمامها هذه المسؤولية،إن كانت هي البرلمان أم رئيس الجمهورية، و ذلك نظرا لطبيعة النظام النيابي الهجينة بين النظام الرئاسي و النظام البرلماني ، خاصة بعد التعديلين الدستوريين الأخيرين لسنتي : 2008 و 2016 أين أصبح الوزير الأول ينفذ برنامج رئيس الجمهورية من خلال مخطط عمل الحكومة ،أي أن الوزير الأول مسؤول عن برنامج رئيس الجمهورية و هذا الأخير غير مسؤول سياسيا كما هو معمول به في النظم البرلمانية و المختلطة.
أهداف المقال
يهدف هذا المقال إلى توضيح الطبيعة الدستورية و القانونية لمسؤولية الوزير الأول الذي يفترض أن تكون أمام البرلمان فقط بغرض رقابته من طرف السلطة التشريعية على البرنامج الذي يعمل على تنفيذه ، طبعا هذا في حال وجود برنامج سياسي للحكومة أصلا كما كان موجودا قبل تعديل 2008 ، إلا أنه رغم التعديل الذي جاءت به مراجعة 2016 للدستور فيما يخص إسقاط عبارة مخطط عمل لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية و استبداله بمخطط عمل الحكومة إلا أن طبيعة توافق الأغلبيتين البرلمانية و الرئاسية يبقي على الحال كما كان عليه فيما يتعلق بالبرنامج السياسي المطبق .لطرق هذا الموضوع اعتمدت الخطة التالية :
المبحث الأول: مدى قيام مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية
المطلب الأول : علاقة سلطة تعيين رئيس الدولة للوزير الأول بمسؤولية الأخير أمام الأول
المطلب الثاني:علاقة سلطة عزل رئيس الجمهورية للوزير الأول بمسؤولية الأخير أمام الأول المبحث الثاني : مسؤولية الوزير الأول أمام البرلمان
المطلب الأول: مسؤولية الوزير الأول كأثر للرقابة السابقة للمجلس الشعبي الوطني
المطلب الثاني :مسؤولية الوزير الأول كأثر للرقابة اللاحقة للمجلس الشعبي الوطني.
المبحث الأول: مدى قيام مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية
إذا كان رئيس الجمهورية هو من يعين الوزير الأول (المطلب الأول) وهو من ينهي مهامه باعتبار الأول صاحب البرنامج السياسي المعتمد ( المطلب الثاني ) ، فما مدى مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية ؟
المطلب الأول: علاقة سلطة تعيين رئيس الدولة للوزير الأول بمسؤولية الأخير أمام الأول
يعود تعيين الوزير الأول في النظم البرلمانية إلى رئيس الدولة ،لكن ذلك في إطار أسس ومبررات هذا النظام
( الفرع الأول ) الذي يتميز عنه النظام الدستوري الجزائري في هذا الخصوص (الفرع الثاني ) .
الفرع الأول : أسس سلطة تعيين رئيس الدولة للوزير الأول في النظام البرلماني التقليدي الانجليزي
لما كان النظام البرلماني الذي تعتبر بريطانيا مهده الأول ، يقوم على أساس ثنائية السلطة التنفيذية التي يكون فيها الملك يسود ولا يحكم و الوزير الأول هو الذي يحكم ، استنادا إلى القاعدة الفقهية الدستورية التي تقضي بأنه ، حيثما توجد سلطة توجد مسؤولية ، والسؤال الممكن طرحه في هذا المقام هو ما مدى حرية الملك في انجلترا في تعيين الوزير الأول ؟
إن تعيين الملك للوزير الأول في انجلترا ، خاصة بعد ما يعرف بحادثة الاحتجاج الكبير*[1] ، بات مرهونا بالأغلبية البرلمانية ، أي أن تعيين الملك للوزير الأول لا يعدو كونه عملا شكليا لا أكثر ، وما يدعم هذا القول هو طبيعة سلطات الملك برمتها التي يجمع الفقه الدستوري على أنها صورية ، وهذا استنادا على قاعدة الملك يسو د ولكنه لا يحكم .
كان أوائل ملوك آل هنوفر يتمتعون بنوع من الحرية في تعيين الوزراء بما فيهم الوزير الأول إلا أن ذلك لم يدم طويلا ،إذ سرعان ما أصبح الدستور الانجليزي يميل إلى مساعدة البرلمان في تقوية الرقابة على الوزراء ، غير أن طبيعة سلطة تعيين الملك للوزير الأول ارتبط، قد ارتبط كثيرا بمدى صرامة التنظيم الحزبي ، فقبل منتصف القرن التاسع عشر ، كانت الأحزاب البريطانية أقل تنظيما ، حيث انه كان بإمكان الملك أن يختار وزيرا أولا من بين عدة زعماء أحزاب متنافسين[2] ، حيث ازداد ظهور هذا الخيار خاصة بين سنتي 1919 و 1935[3] ، لكن مباشرة بعد هذه الفترة أصبح تعيين الوزير الأول من طرف الملك لا يعدو كونه تعيينا صوريا أو وهميا كما سماه البعض[4] ، وذلك نظرا للتنظيم الصارم و الكبير للأحزاب التي تخضع لسلطة زعيم واحد و كذلك لوجود نظام الثنائية الحزبية و نظام الانتخاب الأغلبي الذي ينجم عنه حزب اغلبي يكون زعيمه حتما وزيرا أولا ، و بالتالي يظهر مدى تقييد الملك في تعيين الوزير الأول وأن القول بذلك لا يكون إلا شرفيا فحسب لانه يكون مقيدا بالشخص الذي يحصل على ثقة البرلمان ، ما كان هناك احد الأحزاب يمثل أغلبية برلمانية ، فالملك يكون مقيدا في هذه الحالة بتمكين الحزب صاحب الأغلبية من الحكم [5] ، لكن لا يمكنه ذلك ن إلا إذا كان الوزير الأول و أعضاء حكومته من الحزب صاحب الأغلبية ، لأن استمرار الوزارة في الحكم أمر مرهون بحصول هذا الأخير على ثقة البرلمان و تأييده[6] ، وبهذا يكون الوزير الأول شبه مفروض على الملك ، وهو ما يبين الطبيعة النظرية البحتة لهذا التعيين مما لا يستقيم معه القول بقيام مسؤولية الوزير الأول إمام الملك ، وهذا نظرا لسلبية دور الملك في العمل السياسي ، لكون هذا الأخير يسود ولا يحكم .
الفرع الثاني : طبيعة سلطة تعيين الوزير الأول من طرف رئيس الجمهورية في النظام البرلماني المتطور
تعتبر فرنسا موطن النظام البرلماني المتطور أو العقلاني ، لذلك سنحاول تسليط الضوء على سلطة رئيس الجمهورية في تعيين الوزير الأول ثم نقارن ذلك بالوضع في الجزائر ، فالي أي مدى تمتد حرية رئيس الجمهورية في تعيين الوزير الأول ؟ من خلال الرجوع إلى الدستور الفرنسي لسنة 1958 ، نجد إن لرئيس الجمهورية الحق في تعيين الوزير الأول[7] ، وذلك من بين الصلاحيات التي ينفرد بها لوحده دون الرجوع إلى غيره من السلطات ، أما بشان تعيين الوزراء ، فان رئيس الجمهورية لا يستقل بتعيينهم ، بل إن ذلك يتوقف على اقتراح من قبل الوزير الأول . ورغم عدم نص المادة الثانية من الدستور على ضرورة إجراء المشاورات الاعتبارية les consultations d usage ، التي كانت منصوص عليها في دستور 1946 ، حيث كانت تجرى بين رئيس الجمهورية ورؤساء المجموعات البرلمانية في مجلسي البرلمان الفرنسي ( الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ ) ، وهو ما يوحي بان الوزير الأول ليس بالضرورة أن يكون عضوا من البرلمان ن وما يؤكد ذلك هو عدم اشتراط توقيع جواري آخر باستثناء توقيع رئيس الجمهورية ، هذا من الناحية الدستورية ، أما عمليا ، فقد جرى العمل على أن يكون الوزير الأول عضوا من حزب الأغلبية حتى وان كان هذا الأخير معارضا لرئيس الجمهورية ، وهو ما حدث بالفعل بعد الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 1983 ، حينما كان رئيس الجمهورية فرنسوا متران فاقدا للأغلبية ورغم ذلك ،فقد أقدم على تعيين وزيرا أولا معارضا وهو الديجولي جاك شيراك ، وهذا لأسباب سياسية مؤداها أن الحكومة المعارضة أي الفاقدة للأغلبية البرلمانية في حال تشكيلها ستتعرض لضغوط كثيرة من قبل تلك الأغلبية وهو ما يؤدي بها إلى احد أمرين: إما تجميد أعمالها، بعدم إقرار مشاريع القوانين التي تتقدم بها أو بإقامة مسؤوليتها السياسية أمام البرلمان وذلك برفض منح الثقة لها . أما إذا لم يكن هناك حزبا معينا حاصل على الأغلبية البرلمانية ، حيث تتعدد الأحزاب دون حصول احدها على أغلبية المقاعد في البرلمان ن فان الرئيس يتمتع في هذه الحالة بشيء من حرية الاختيار بين زعماء هذه الأحزاب[8] ، حيث يكون اختياره للوزير الأول قائما على تقديره الشخصي لمدى كفاءة هذا الأخير وعلى قدرته على حصوله على تأييد البرلمان له ولبرنامجه السياسي[9]. غير انه وان كان رئيس الجمهورية يتمتع في هذا الفرض بحرية الاختيار،إلا انه يكون مقيدا،إذ لا يستطيع أن يختار شخصا لا يتمتع بثقة بعض الكتل البرلمانية ذات الوزن السياسي[10] ، وألا فليس بمقدور ذلك الشخص أن يحوز على ثقة البرلمان و تأييده . إلا أن حق رئيس الجمهورية في الفرضين يكون مقيدا بخصوص اختيار الوزير الأول ، ففي الفرض الأول يكون مجبرا لتعيين الوزير الأول من حزب الأغلبية و في الفرض الثاني ، رغم الحرية النسبية لرئيس الجمهورية ، فاته يبقى مضطرا لتعيين احد زعماء الأحزاب الحائزة على ثقة الكتل البرلمانية ذات الثقل السياسي ، وهو ما يبين مدى تقييد رئيس الجمهورية في تعيينه للوزير الأول وعلاقة ذلك في كلا الفرضين السابقين بتكتلات و مواقف الأحزاب السياسية ، خاصة الكبرى منها. ، هذا من جهة ومن جهة أخرى ن فقد كان لانتخاب رئيس الجمهورية في انتخابات شعبية تنافسية ن اثر التعديل الدستوري لسنة 1962 ، مما أدى إلى نشوء عرف دستوري معدل بالإضافة*[11]،يقضي بمسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية ،هذا رغم عدم وجود نص دستوري يقضي بذلك. . المطلب الثاني :علاقة سلطة عزل رئيس الجمهورية للوزير الأول بمسؤولية الأخير أمام الأول
تتميز حالة العزل أو الإقالة للوزير الأول من طرف رئيس الجمهورية عن غيرها من حالات إنهاء المهام الوجوبية و الطوعية(الفرع الأول ) ، هذه الحالة التي تعززت في التعديل الدستوري 2016 باستبدال البرنامج السياسي للوزير الأول ببرنامج رئيس الجمهورية الذي يمكنه متى شاء آن يستعمل سلطته في إنهاء مهام الوزير الأول متى رأى منه مخالفة أو تقصيرا تجاه برنامجه السياسي وهو ما يثير مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية(الفرع الثاني ) .
الفرع الأول: تمييز حالة عزل الوزير الأول عن غيرها من حالات نهاية مهامه
تتمثل الحالات التي تعبر عن نهاية مهام الوزير الأول في : الاستقالة( أولا) ، الوفاة (ثانيا) ، و الإقالة أو العزل (ثالثا) .
أولا: الاستقالة
يمكن أن نميز بين نوعين من الاستقالة وهما : الاستقالة الإرادية(أ) و الاستقالة الوجوبية (ب)
أ : الاستقالة الإرادية .
وتكون طواعية ، حيث يقدم الوزير الأول استقالة حكومته لرئيس الدولة لسبب يخصه و ينتظر موافقة هذا الأخير الذي عادة يقبلها، جاء في المادة 100 من الدستور الجزائري لعام 2016: ( يمكن للوزير الأول أن يقدم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية)، يتم هذا النوع من الاستقالة عادة عند مواجهة الوزير الأول لمشاكل يصعب معها مواصلة هذا الأخير لعمله ، سواء لسبب يخص وظيفته أو يتعلق بصحته ،و من الأسباب التي قد تؤدي بالوزير الأول إلى تقديم استقالته على سبيل المثال ، تعرضه لانتقادات و ضغوط من طرف الرأي العام أو من طرف رئيس الجمهورية وهو ما عرفته حكومة السيد أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق الذي قدم استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية بعدما انتقد أدائه هذا الأخير، معتبرا انه مجرد سكرتير أو وزير مكلف بالسهر على تنفيذ برنامجه السياسي دون صلاحيات خاصة به.
ب : الاستقالة الوجوبية.
تتمثل الاستقالة الوجوبية في حالات ثلاث هي : الاستقالة في حالة عدم موافقة البرلمان على مخطط عمل الوزير الأول (1) ،الاستقالة بسبب التصويت على لائحة ملتمس الرقابة( 2)، وأخيرا الاستقالة بسبب ترشح الوزير الأول لرئاسة الجمهورية( 3)
1 : الاستقالة في حالة عدم موافقة البرلمان على مخطط عمل الوزير الأول
تبدأ الحكومة مباشرة وظيفتها عادة بعرض مخطط عملها على البرلمان ، وفي حالة عدم الموافقة عليه ، يصبح الوزير الأول مجبرا على تقديم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية،وذلك طبقا للمادة 95/1 من التعديل الدستوري الجزائري لعام 2016، وهو ما سنتطرق له في المبحث المالي .
2 : الاستقالة بسبب التصويت على لائحة ملتمس الرقابة
تكون الاستقالة في هذه الحالة أيضا وجوبية أو اضطرارية من طرف الوزير الأول وذلك في حالة تصويت المجلس الشعبي الوطني على ملتمس رقابة بأغلبية ثلثي 2/3 النواب ، كما سنعرفه في المبحث الموالي .
3 : الاستقالة بسبب ترشح الوزير الأول لرئاسة الجمهورية
جاء في المادة 90/2 من التعديل الدستوري لعام 2016 انه :( يستقيل الوزير الأول وجوبا إذا ترشح لرئاسة الجمهورية ، و يمارس وظيفة الوزير الأول حينئذ احد أعضاء الحكومة الذي يعينه رئيس الدولة) . وهناك من يضيف نوع رابع من أنواع الاستقالة وهو يكون عادة بعد الانتخابات التشريعية و الرئاسية مما يعطي لرئيس الجمهورية الحرية الكافية لتشكيل الحكومة المناسبة بالتشاور مع الوزير الأول الذي يتم تعيينه وفق ما جد من أغلبية برلمانية أو رئاسية ، غير أن المتتبع للتجربة الدستورية الجزائرية ، يجد أن رئيس الجمهورية خاصة مؤخرا ، يبقي على الوزير الأول أو رئيس الحكومة
سابقا ،على رأس الحكومة لفترة معتبرة ويرجع ذلك لبقاء الأغلبية بنوعيها البرلمانية و الرئاسية من نفس الطيف السياسي.
ثانيا : حالة وفاة الوزير الأول
لم يتعرض الدستور الجزائري إلى حالة وفاة الوزير الأول إلا انه ، من البديهي ان رئيس الجمهورية في هذه الحالة ، سيصدر مرسوما بإنهاء مهام الوزير الأول .
ثالثا: حالة الإقالة أو العزل
بعد تعرضنا لمختلف حالات انتهاء مهام الوزير الأول ، نتعرض الآن لحالة إقالة أو عزل أو إنهاء مهام الوزير الأول من طرف رئيس الجمهورية كما جاء في نص الدستور،حيث منح هذا الأخير حق إقالة الوزير الأول( رئيس الحكومة سابقا ) ، دون قيد أو شرط وذلك بنص الدستور،حيث جاء في المادة 77 البند الخامس: ( يعين[ رئيس الجمهورية] الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية و ينهي مهامه .)[12] وفي هذا تميز واضح للنظام الدستوري الجزائري حتى على أقريب الأنظمة الدستورية إليه وهو النظام الفرنسي الذي لم ينص دستوره على إقالة الوزير الأول بل ربط ذلك بتقديم الوزير الأول لاستقالته[13] ، غير أن الواقع العملي الفرنسي قد أكد هذا أحيانا وناقضه أحيانا أخرى ن فقد سال الرئيس ديجول عما إذا كان باستطاعته إقالة الوزير الأول ، وقال ” أن الوزير الأول مسئول أمام البرلمان فيما يتعلق بالوضع السياسي وليس أمام رئيس الدولة” ، كما أعلن الوزير الأول ميشيل دوبريه أمام إحدى لجان الجمعية الوطنية انه لن يكون مسؤولا أمام رئيس الجمهورية ” .لكنه ما فتئ أن أعلن الرئيس نفسه على أن الوزير الأول مسؤول أمامه*[14]وحدث هذا عمليا ،مما أدى إلى قيام العرف الدستوري القاضي بمسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية، مما أدى بالجمعية الوطنية بان أعرضت على إثارة المسؤولية السياسية للحكومة نتيجة القيد الأدبي و السياسي الذي فرضه عليها رئيس الجمهورية.
الفرع الثاني : قيام مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية إذا ما اخل بتنفيذ مخطط عمل الحكومة
يعتبر هذا التغيير الجذري في احد أهم السلطات للوزير الأول و الذي جاء به التعديل الدستوري لعام 2016 بمثابة التحول من الثنائية الشكلية والعضوية السابقة للسلطة التنفيذية إلى أحاديتها[15] وظيفيا وعمليا ،فقد جاء في التعديل الدستوري 2016 وفي الماد97 منه انه : ( ينفذ الوزير الأول و ينسق مخطط العمل الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني) . يلاحظ في تعديل الدستوري لسنة 2016 أنه حذف عبارة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية التي كانت موجودة في تعديل 2008 ، حيث استبدلت تلك العبارة بعبارة : (..تعد الحكومة مخطط عملها و تعرضه على مجلس الوزراء [16] . )، غير أن السؤال الذي يمكن أن يطرح في هذا الصدد هو: ما هو موقف رئيس الجمهورية في حال وجود أغلبية برلمانية معارضة لسياسته تمتنع عن منح الثقة أو تسحبها من الوزير الأول قبل حل المجلس الشعبي الوطني وبعده ، أي عودة نفس الأغلبية البرلمانية ؟ خاصة بعد التعديل الذي طرا على هذه الفقرة الأولى من هذه المادة التي حملت معنى جديد لمخطط العمل الذي أصبح مسند بصفة صريحة للحكومة ، و هنا نميز بين حالتين هما حالة توافق الأغلبيتين البرلمانية و الرئاسية وهي الحالة السائدة حاليا و التي من خلالها تضيع المسؤولية السياسية تماما باعتبار رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسيا و الوزير الأول من نفس الطيف السياسي لرئيس الجمهورية وهو من عينه، أما الحالة الثانية فهي حالة اختلاف الأغلبيتين بحيث يمكن أن يختلف مخطط عمل الحكومة عن برنامج رئيس الجمهورية ألا يوحي هذا بمسؤولية رئيس الجمهورية على الأقل أدبيا وانه يتوجب عليه إما الرضوخ لسياسة الأغلبية البرلمانية أو الاستقالة ؟ هذا من جهة ومن جهة ثانية ، فان الوزير الأول بعد ما فقد برنامجه الحكومي لم يعد يمثل الشق الثاني للسلطة التنفيذية ، بل أصبح مجرد مساعد لرئيس الجمهورية في آداء مهامه وفي هذا اقتراب من النظام الرئاسي وابتعاد عن أصول النظام البرلماني بنوعيه التقليدي و كذا المتطور. لان في هذه الحالة لم يكتفي رئيس الجمهورية بالمشاركة في ممارسة شؤون الحكم بل هيمن عليه و ألغى بذلك استقلالية الوزير الأول لدرجة تجريده من دوره في رسم السياسة الداخلية للدولة على الأقل والتي على أساسها أنتخب الحزب الفائز بالأغلبية، وذلك من خلال فقده لبرنامجه الحكومي واستبداله بمخطط عمل ليصبح بذلك مسؤولا مباشرة أمام هذا الأخير، وهو ما يشبه الوضع في النظام الرئاسي ( من حيث طبيعة البرنامج المطبق فقط )،حيث أن الوزارة هي سكرتارية أو مصلحة، للدلالة على أن دورها ودور الوزير الذي يترأسها هو تنفيذ سياسة وبرنامج رئيس الجمهورية . وبهذا يكون رئيس الجمهورية قد وضع هرمية وتبعية بينه وبين الوزير الأول وأصبح هو رئيس لسلطة التنفيذية بلا منازع[17] وهو الأمر الذي زاد من تدهور واضمحلال سلطات الوزير الأول ،كما زاد من تقوية و تعزيز مسؤوليته أمام رئيس الجمهورية وذلك نضرا لتحوله إلى سكرتيرا خاصا لدى هذا الأخير الذي بإمكانه إنهاء مهامه متى أراد ، ومتى رأى منه تقصيرا في تنفيذ برنامجه الرئاسي و السياسي.
وبمقارنة بسيطة مع اقرب الأنظمة الدستورية للنظام الجزائري وهو النظام الفرنسي ، نجد أن هذا الأخير ، لم يصل به الأمر إلى تقزيم مركز الوزير الأول إلى هذا الحد ،كما أنه لم يضاعف مسؤوليته بالصفة الموجودة في الجزائر،إذ أن الدستور الفرنسي لسنة 1958 لم ينص على إقالة رئيس الجمهورية للوزير الأول مباشرة وإنما بناءا على تقديم استقالته[18]، وهذا رغم العرف الدستوري القاضي بقيام مسؤولية الوزير الأول أمام رئيس الجمهورية*[19]
المبحث الثاني : الإبقاء على مسؤولية الوزير الأول أمام البرلمان
تتمثل مسؤولية الوزير الأول أمام البرلمان في الرقابتين السابقة مطلب أول و اللاحقة مطلب ثان للمجلس الشعبي الوطني وأخيرا .
المطلب الأول: مسؤولية الوزير الأول كأثر للرقابتين السابقة واللاحقة للمجلس الشعبي الوطني
يتم هذا النوع من الرقابة بمناسبة مناقشة مخطط عمل الحكومة (الفرع الأول) أو عن طريق عرض الثقة على البرلمان( الفرع الثاني) .
الفرع الأول: مسؤولية الوزير الأول بمناسبة مناقشة مخطط عمل الحكومة
تعتبر مناقشة برنامج الحكومة من قبل المجلس الشعبي الوطني بمثابة رقابة سابقة من طرف المجلس الشعبي الوطني على الحكومة، حيث جاء في المادة 94 من التعديل الدستوري لعام 2016 بان :( يقدم الوزير الأول مخطط عمل الحكومة إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه. ويجري المجلس الشعبي الوطني لهذا الغرض مناقشة عامة.و يمكن للوزير الأول أن يكيف مخطط العمل هذا على ضوء هذه المناقشة بالتشاور مع رئيس الجمهورية،)، حيث من خلال هذه المناقشة الشاملة لجميع محاور برنامج الحكومة للوهلة الأولى يمكن لرئيس الحكومة أن يكيف برنامجه، كما يمكن له ألا يأخذ باقتراحات النواب لكن عليه أن يقنعهم بصحة نظره[20]، مما يعني بأن بعض اقتراحات النواب ستأخذ بعين الاعتبار إذا تم إقناع الوزير الأول بها، حيث يتم تصويت النواب على البرنامج الحكومي بعد سبعة (7) أيام على الأكثر من عرضه وذلك بعد التكييف عند الاقتضاء[21].
الفرع الثاني: مسؤولية الوزير الأول عن طريق طلب التصويت بالثقة
يعتبر طلب التصويت بالثقة أحد آثار تقديم الحكومة لبيانها للسياسة العامة السنوي، حيث تنص المادة 98/5 من التعديل الدستوري لعام 2016 على أنه : ( لرئيس الحكومة أن يطلب من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثقة، إلا أنه في حالة عدم الموافقة على لائحة الثقة يقدم رئيس الحكومة استقالة حكومته،
فلئن اعتبر طلب التصويت بالثقة أحد مظاهر رقابة البرلمان على الحكومة فإن تحريك هذا الطلب ليس بيد البرلمان بل من اختصاص الوزير الأول لوحده، وهذا بعكس ملتمس الرقابة المخصص أصلا لنواب المجلس الشعبي الوطني، ومما يلاحظ على المادة 98 المذكورة أعلاه أنها جاءت خالية من أية شروط تتعلق بطلب التصويت بالثقة أو بالأغلبية المطلقة للموافقة على لائحة الثقة بل اكتفى النص بأنه في حالة عدم الموافقة (على التصويت بالثقة) يقدم الوزير الأول استقالة حكومته بصفة تضامنية[22]، غير أن القانون العضوي 16 ــ 12 استدرك ذلك في مادته 65 وذلك بنصه على أن التصويت بالثقة يكون بالأغلبية البسيطة)، وهكذا يتضح بأن طلب التصويت بالثقة يبقى وسيلة رقابية تنقصها الفعالية، وهذا بالنظر لطبيعة المبادرة بهذا الطلب المخولة دستوريا إلى الحكومة وليس إلى البرلمان، وبالتالي فلا يمكن تصور أن يبادر رئيس الحكومة بطلب التصويت بالثقة وهو يدرك أنه سيقابل بالرفض[23]، بل على النقيض من ذلك فلا يلجأ إلى مثل هذا الإجراء إلا وهو على يقين بأنه سيحصل على موافقة عريضة من قبل البرلمان.
بالنظر للآثار التي من الممكن أن تترتب على طلب التصويت بالثقة على البرنامج الحكومي فإنه يمكن اعتباره في كل الأحوال في صالح الحكومة.
-فإن كان تصويت البرلمان على طلب التصويت بالثقة بالرفض فإن الحكومة تستقيل وجوبا، لكنه بموجب نفس المادة 98 فانه يمكن لرئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني فور تصويته بعدم الموافقة، وهذا أمر لا يخفى على النواب مما يجعلهم يتفادون هذه المغامرة قدر الإمكان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الأغلبية البرلمانية سواء في حالة حزب ذي أغلبية أو في حالة ائتلاف حكومي فإنه لا يمكن معها أن يرفض نواب الأغلبية طلب التصويت بالثقة على برنامج حزبهم، مما يفيد بأن حالة الرفض تبقى مستبعدة جدا.
أما إذا صوت البرلمان بالموافقة فإنه يلتزم بتأييد الحكومة ومساندتها والامتناع عن عرقلتها في تنفيذ برنامجها مستقبلا، مما يعني أن المجلس يتحمل المسؤولية عن تدهور العلاقة بينه وبين الحكومة من تلقاء نفسه. ونظرا لربط أدوات الرقابة السابق ذكرها ببيان السياسة العامة والذي من شأنه أن يؤدي إلى معارضة الحكومة من قبل النواب من خلال القيام بتعديلات جوهرية على مشاريع القوانين[24]، فإنه جاء التنصيص قانونا على أن تسجيل التصويت بالثقة لفائدة الحكومة في جدول الأعمال يكون وجوبا وذلك بناء على طلب الوزير الأول وفقا لأحكام المادة 98 من الدستور[25]. وهذا ما يجعلنا نقول أنه رغم اعتماد المؤسس الدستوري لبعض الأدوات من النظام البرلماني فإنه قد راعى استقرار الحكومة وتفوقها وأبقى على مكانة رئيس الجمهورية كضابط للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية[26].
المطلب الثاني : طبيعة المسؤولية اللاحقة للوزير الأول أمام البرلمان
وتتمثل في المسؤولية الوزارية عن طريق تقديم الحكومة لبيان السياسة العامة السنوي (الفرع الأول) ، و المسؤولية الوزارية عن طريق وسائل الرقابة التقليدية اللاحقة (الفرع الثاني) .
الفرع الأول : المسؤولية الوزارية عن طريق تقديم الحكومة لبيان السياسة العامة السنوي
نص دستور 1996 المعدل سنة 2016على تأسيس مناسبة سنوية لتقييم مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها وهو ما يعني قيام مسؤولية الوزارة أمام البرلمان[27]، وهذا من خلال اختتام مناقشة عمل الحكومة بلائحة من طرف المجلس الشعبي الوطني (اولا) أو بإصدار ملتمس رقابة من طرف المجلس الشعبي الوطني (ثانيا) وهو ما يؤدي إلى سحب الثقة من الحكومة نهائيا[28]، ومنه فإننا سنتناول هذه النقاط تباعا :
اولا: اختتام مناقشة البيان السياسي للحكومة بلائحة من طرف المجلس الشعبي الوطني:
تنص الفقرة الثالثة من المادة 51 من القانون العضوي رقم 16/12على أنه يمكن أن تختتم هذه المناقشة بلائحة) وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة93 من التعديل الدستوري لعام 2016،حيث يتم تقديم اقتراحات اللوائح التي تتعلق ببيان السياسة العامة خلال مدة لا تتعدى اثنين وسبعين (72) ساعة تعقب اختتام مناقشة بيان السياسة العامة[29]).
أما عن فحوى هذه اللائحة فهي إما أن تأتي مؤيدة للحكومة وبالتالي معبرة عن رضا المجلس الشعبي الوطني عن عمل الحكومة، وهو ما يعتبر دعما للحكومة وتجديدا للثقة فيها، وإما أن تأتي اللائحة بتحفظ عن سياسة الحكومة وهو ما ينبهها إلى مواطن التقصير وعدم احترام البرنامج محل الاتفاق، وهو ما يعتبر تحذيرا للحكومة حيث إن لم تأخذ هذه التحفظات في الحسبان فإن مشاريع قوانينها ستواجه إما بالرفض أو بالتعديلات الجبرية[30].
كما أن هذا الوضع يحرج الحكومة أمام الرأي العام غير أنه يبقى أقل خطورة من الإجراء الثاني وهو ملتمس الرقابة الذي سينتهي بسحب الثقة من الحكومة كليا وهو ما سنراه الآن؛ فكيف يكون ذلك ؟
ثانيا: اختتام مناقشة البيان السياسي للحكومة بملتمس رقابة
يعتبر إجراء ملتمس الرقابة أهم وأخطر الآثار التي من الممكن أن تترتب عن مناقشة البيان السياسي السنوي للحكومة، حيث بحصوله تقدم الحكومة استقالتها مباشرة لرئيس الجمهورية، وهو ما نصت عليه المواد 98/4،، 153، 154،155 من التعديل الدستوري لعام 2016 ، غير أن هذا الإجراء (ملتمس الرقابة) ينفرد به المجلس الشعبي الوطني دون مجلس الأمة وهذا بنص الدستور[31]، كما أنه مقيد بشروط وهي :
1- لا يلجأ إلى تقديم ملتمس الرقابة إلا مرة واحدة كل سنة وهذا بمناسبة مناقشة بيان السياسة العامة المقدم من قبل الحكومة أمام المجلس الشعبي الوطني.
2- يجب لتقديمه أن يوقعه 7/1 النواب على الأقل.
3- لا يصبح ملتمس الرقابة نافذا إلا إذا وافق عليه ثلثي 3/2 النواب.
4- لا يتم التصويت على ملتمس الرقابة إلا بعد ثلاثة أيام من تاريخ إيداع ملتمس الرقابة.
ونظرا لخطورة هذا النوع من الرقابة أحاطه المؤسس الجزائري بهذه الشروط الصعبة مما جعله (ملتمس الرقابة) غير قابل للتطبيق في أرض الواقع[32]، كما أن مدة الثلاثة أيام التي تفصل بين تقديم ملتمس الرقابة والتصويت عليه تعد هي الأخرى مدة جد كافية لإقناع من يمكن إقناعهم من النواب بالعدول عن ملتمس الرقابة، إلا أن هذه المدة تبقى أقصر من مثيلتها في دستور 1963 والتي كانت محددة بخمسة أيام، ويعود مصطلح ملتمس الرقابة إلى المؤسس المغربي الذي نص على ذلك في دستور 1992[33]. أما المؤسس التونسي فقد أخذ بإجراء ملتمس الرقابة لكن بمصطلح أخر وهو لائحة اللوم[34].
إن استعمال ملتمس الرقابة في النظام الجزائري يمكن أن يكون مباشرة ودون المرور بلائحة[35]، وإن كان كلاهما يقوم بعد اختتام مناقشة البيان السياسي السنوي للحكومة ، غير أن فاعلية ملتمس الرقابة تبقى محدودة وهذا بالنظر للأغلبية البرلمانية التي تتمتع بها الحكومة والتي تقف حاجزا يحول دون اللجوء إلى ملتمس الرقابة هذا. كما أن الأمر لا يختلف كثيرا في دستور 1963 على الرغم من وحدة السلطة التنفيذية، إلا أن الفرق بين الوضع آنذاك وما هو عليه في التعديل الدستوري لعام 2016، أن ملتمس الرقابة في دستور 1963 كان يقترح ضد رئيس الجمهورية باعتباره المجسد للحكومة[36]. غير أن تحريك ملتمس الرقابة كان أصعب مما هو موجود في التعديل الدستور ي لعام2016 ، حيث كان يستلزم لتوقيع لائحة ملتمس الرقابة توقيع 3/1 النواب[37].
وهو ما ينجر عنه استقالة رئيس الجمهورية والحل التلقائي للمجلس الوطني في حالة تصويته على ملتمس الرقابة بالأغلبية المطلقة للنواب[38]. غير أن تحقيق هذا النصاب وتحريك هذه الرقابة ضد رئيس الجمهورية المنتمي لنفس الحزب وهو أمينه العام يبقى مستحيلا[39]، غير أن الأمر يختلف بالنسبة لدستوري 1989 و 1996 اللذان أتيا بثنائية السلطة التنفيذية، وبالتالي المسؤولية السياسية تتعلق بالحكومة وليس برئيس الجمهورية لأنه غير مسؤول سياسيا أمام البرلمان، ومنه فملتمس الرقابة يقترح ضد الحكومة ، أما من حيث نطاق المسؤولية الوزارية فإنها تقسم إلى مسؤولية فردية وأخرى تضامنية، وقد اعتمد المؤسس الدستوري الجزائري النوع الثاني، فالوزراء ليسوا مسؤولين فرديا بل هم متضامنين[40]. وبما أن مسؤولية الوزارة تعد الركن الأساسي في بناء النظام البرلماني التقليدي والمتطور ومن غيرها يفقد هذا النظام جوهره وتتغير طبيعته[41]، فإن ما أخذ به المؤسس الدستوري الجزائري في هذا المجال في ظل التعديل الدستوري لعام 2016 يعد مظهرا ولو شكليا من مظاهر النظام البرلماني إلا أنه يفتقر للفاعلية والمتمثلة في تسهيل إجراءات تحريك ملتمس الرقابة.
هذا إضافة إلى معوقين آخرين يثبطان عمل ملتمس الرقابة وهما: النسبة المطلوبة للموافقة على ملتمس الرقابة وكذا اقتصارها على مرة واحدة سنويا فمن جهة تبقى النسبة المطلوبة في التصويت على ملتمس الرقابة للموافقة جد مرتفعة بل ومبالغ فيها حيث أنه بالإمكان أن تفلت الحكومة من هذا النوع من الرقابة إذا ساندتها نسبة من النواب تقدر بـ 3/1 + نائب واحد بينما تبقى نسبة 3/2 النواب ناقص نائب واحد غير قادرة على إسقاط الحكومة مما يثبت مقولة “أن الأقلية تحكم والأغلبية تعارض”[42]، وهذا بخلاف المؤسس الدستوري الفرنسي الذي يعطي للجمعية الوطنية الحق في إثارة مسؤولية الحكومة عن طريق اقتراح ملتمس رقابة يجب لقبوله توقيع عشر (10/1) النواب، كما أن التصويت عنها يتم بعد ثمانية وأربعين (48) ساعة[43]، وفي هذا تفعيل لدور ملتمس الرقابة، وهو يخفض النسبة المطلوبة لقبولها (10/1 النواب)، وكذا في قصر المدة الممتدة بين تقديم ملتمس الرقابة والتصويت عليها (48 ساعة)، وهذا عكس ما هو موجود في النظام النيابي الجزائري.
وبالنظر للنتيجة الخطيرة على الأقل نظريا، والتي من الممكن أن تؤدي لها مناقشة مخطط عمل الحكومة وهي استقالة هذه الأخيرة فإنه يمكن اعتبار هذه المناقشة كوسيلة من وسائل الرقابة السابقة أو الأولية من قبل السلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية وذلك لأن بقاء الحكومة أو ذهابها رهين بموافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عملها[44].
الفرع الثاني : مسؤولية الوزير الأول كأثر لوسائل الرقابة التقليدية اللاحقة
تعتبر رقابة السلطة التشريعية على أعمال السلطة التنفيذية أحـد أهم المظاهر الدالة على تواجد النظام البرلماني، وتتمثل رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية في الآتي:
حق السؤال والاستجواب (أولا)، حق إجراء التحقيق (ثانيا)
أولا/حق السؤال والاستجواب:
يعتبر كل من السؤال والاستجواب ذوي طبيعة استفهامية حول حقائق معينة، إلا أنهما يختلفان من حيث مدلوليهما القانونيين حسب الفقه الدستوري، ولذلك سنتعرض في هذا المطلب لحق السؤال (أ)، وحق الاستجواب (ب) تباعا فيما يلي:
أ : حق السؤال :
هو طلب معلومات من وزير ما حول موضوع محدد، والجواب عليه لا يمكن أن يؤدي إلى قيام مسؤولية الحكومة [45]، وهو أيضا:” يعني حق أي عضو من أعضاء البرلمان في أن يوجه سؤالا أو أسئلة إلى أي وزير أو حتى رئيس الوزراء بقصد استيضاح موقف الوزراء حول موضوع معين[46] “.ويذهب تعريف آخر يبدو أكثر دقة إلى أن السؤال هو : ” تقصي عضو البرلمان من وزير مختص أومن رئيس الحكومة عن حقيقة أمر معين خاص بأعمال الوزراء ككل[47] ” ، كما تنقسم الأسئلة إلى نوعين : أسئلة كتابية (1) وأسئلة شفوية (2)، وهذا ما نصت عليه المادة 134/1 من دستور 1996حيث جاء فيها :” يمكن لأعضاء البرلمان أن يوجهوا أي سؤال شفوي أو كتابي إلى أي عضو في الحكومة وتضيف الفقرة الثانية من نفس المادة بأن: “الجواب عن السؤال الكتابي يكون كتابيا خلال أجل أقصاه 30يوما” كما تتم الإجابة عن الأسئلة الشفوية في جلسات المجلس. وفي هذا المجال نلاحظ تطابق جميع الدساتير الجزائرية باستثناء دستور 1976الذي حذف السؤال الشفهي[48].
1- السؤال الكتابي في ظل التعديل الدستوري لعام 2016:
وهو ذلك السؤال الذي يحرره عضو البرلمان (كتابة) إلى عضو معين في الحكومة عن طريق إيداعه من صاحبه لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة الذي يبلغه فورا للحكومة بواسطة الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والتي بدورها تبلغه لعضو الحكومة المعني والذي عليه الرد كتابة في أجل أقصاه 30يوما ابتداء من تاريخ تسلمه السؤال.
كما يسجل الجواب الكتابي في الجداول الخاصة فور إيداعها وترتب حسب ترتيب تسجيلها بهدف معرفة تاريخ إرسالها[49].
ونظرا لأهمية السؤال الكتابي فإن هناك ميولا لدى البرلمانات المعاصرة في النظم البرلمانية والمختلطة إلى استعمال الأسئلة الكتابية أكثر من الأسئلة الشفهية، وهذا ربحا للوقت سواء للبرلمان لمعالجة قضايا أخرى أو للحكومة لإعطاء الوقت الكافي للإجابة عنها[50]، غير أنه يلاحظ أن التعديل الدستوري لسنة 2016 لم يقيد حرية عضو البرلمان في مجال طرح السؤال الكتابي.
2- السؤال الشفهي:
وهو ذلك السؤال الذي يطرح من عضو البرلمان على أحد أعضاء الحكومة في مجال اختصاصه ويجاب عنه من قبل العضو المختص شفويا في جلسات معدة لهذا الغرض وهذا بعد أن تكون قد بلغت من طرف عضو البرلمان إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني 07 أيام قبل الجلسة، كما يمكن أن يتبع السؤال الشفوي أو الكتابي بمناقشة في حالة ما إذا كان جواب عضو الحكومة غير مقنع[51]، غير أن هذه المناقشة لا تتم إلا بناء على طلب يوقعه عشرون (20) نائبا، هذا أمام المجلس الشعبي الوطني، أما أمام مجلس الأمة ، فالمناقشة تكون بناء على طلب موقع من قبل ثلاثين (30) عضوا على ألا تتعدى المناقشة حدود السؤال، وينتهي مطاف الأسئلة الشفوية والكتابية والأجوبة المتعلقة بها بنشرها في الجريدة الرسمية حسب نفس الشروط الخاصة بنشر محاضر مناقشات كل غرفة في البرلمان[52]، غير أن الواقع العملي يثبت أن غالبية الأسئلة الشفوية لا يجاب عنها لسبب أو لآخر، ففي خلال الدورة الخريفية لسنة 2003 ومن مجموع 119 سؤالا شفويا على مستوى المجلس الشعبي الوطني لم يجب سوى عن 31 سؤالا وبقي 88 سؤالا بدون رد وهذا خلال 04 جلسات[53] مخصصة للرد.
أما على مستوى مجلس الأمة فمن أصل 21 سؤالا لم تتم الإجابة إلا على سؤالين وبقي 19 سؤالا بدون إجابة وهذا خلال جلستين، و هو الأمر الذي جعل بعض النواب يشتكون من عدم إجابة بعض الوزراء عن كثير من الأسئلة،[54] هذا من جهة و من جهة أخرى فإن أعضاء البرلمان يعزفون عن طرح الأسئلة و التفسير الذي يمكن إعطاءه لهذا العزوف هو القطيعة الموجودة بين البرلمان و مصادر المعلومات التي تسمح بطرح أسئلة و استفسارات وبالتالي إبداء اقتراحات و أمام هذه الوضعية الخطيرة خاصة في البرلمان الجزائري يرى البعض وجوب تدعيم البرلمان بهيئات و ميكانيزمات تمكينا له من المعلومات و المعطيات الضرورية للقيام بدوره كهيئة تشريعية فعالة*[55] .
ب: حق الاستجواب:
يعتبر الاستجواب من أهم عناصر رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية وهو ما يمثل أحد مظاهر النظام البرلماني (التقليدي) في النظام النيابي الجزائري، كما يعد أصل الاستجواب فرنسي، وكان يعرف بالسؤال مع المناقشة، غير أن الدستور الإنجليزي يحتوي على إجراء شبيه بالاستجواب وهو ما يعرف بـ (Motion for adjurnment) ومعناه الحرفي الاقتراح بالتأجيل أما مضمونه اصطلاحا فهو السؤال مع المناقشة وهي المقطع الأول من صيغة مطولة هي Motion to djurn for the purpose of disscussing a definite of an urgent public importance) وتعني: الاقتراح بالتأجيل بغرض مناقشة مسألة محددة ذات أهمية عامة مستعجلة[56].
ويعرف الاستجواب على أنه:”وسيلة دستورية (في النظام الجزائري) يستطيع بموجبها النائب أن يطلب من الحكومة تقديم توضيحات حول موضوع معين ذو مصلحة عامة[57] “.
ويتبين من نص المادة 151 من التعديل الدستوري لعام 2016 أن المؤسس الدستوري أعطى ( لأعضاء البرلمان بغرفتيه حق استجواب الحكومة في إحدى قضايا الساعة و يكون الجواب خلال ثلاثين (30) يوما [58]). وما يلاحظ على صياغة هذه المادة أنها جاءت خالية من أية قيود أو شروط على أعضاء البرلمان، غير أن القانون العضوي رقم 16/12 في المواد 66، 67، 68 قد وضع شروطا لا بد من مراعاتها وهي:
1-أن يوقع نص الاستجواب على الأقل ثلاثون نائبا أو ثلاثون عضوا في مجلس الأمة.
2-أن يبلغ رئيس المجلس الشعبي الوطني أو رئيس مجلس الأمة(حسب الحالة) نص الاستجواب إلى رئيس الحكومة.
3-أن يبلغ نص الاستجواب إلى رئيس الحكومة خلال 48 ساعة الموالية لإيداعه[59].
4-( أن يحدد مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مكتب مجلس الأمة بالتشاور مع الحكومة الجلسة التي يجب أن يدرس الاستجواب فيها[60]).
5-أن تكون الجلسة خلال الخمسة عشر (15) يوما على الأكثر الموالية لتاريخ إيداع الاستجواب[61]).
6-وأخيرا يمكن عرض الاستجواب أمام إحدى الغرفتين والإجابة عليه.
من خلال القراءة لهذه الشروط يتبين أن القانون العضوي رقم 16/12 قد قيد عضو البرلمان في ممارسته لحق الاستجواب، وذلك من خلال إشتراطه لعدد كبير من التوقيعات (30) مما يقصي مبادرات النواب الشخصية بالاستجواب، وهذا على عكس بعض الأنظمة المقارنة كالنظام المصري ، كما أن الاستجواب يعتبر وسيلة رقابية تقليدية مشوهة الاقتباس من النظام البرلماني التقليدي .
ثانيا : حق إجراء التحقيق
يعرف التحقيق كما هو معروف في النظام البرلماني على أنه : عملية تهدف إلى تقصي الحقائق عن حالة ما في أجهزة السلطة التنفيذية تمارسها لجنة متكونة من عدد معين من أعضاء المجلس التشريعي قصد الكشف عن مخالفة أو مخالفات سياسية وكذا لوضع اقتراحات معينة (كتحريك المسؤولية السياسية أو إصلاح ضرر معين أو تفادي أخطاء معينة)[62].
لقد كرس التعديل الدستوري لسنة 2016 أداة التحقيق بنصه في المادة 180 على أنه: يمكن كل غرفة من البرلمان في إطار اختصاصها أن تنشئ في أي وقت لجان تحقيق في قضايا ذات مصلحة عامة.إن نص هذه المادة جاء عاما ولم يبين كيفية إنشاء هذه اللجان ولا عدد أعضائها، غير أن القانون العضوي رقم 16-12 جاء بتفسير ما سكت عنه الدستور، حيث أن (إنشاء لجان التحقيق يتم من المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة وذلك عن طريق التصويت على اقتراح لائحة يودعها لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة ويوقعها على الأقل عشرون نائبا أو عشرون عضوا في مجلس الأمة[63])، كما وضع القانون شروطا أخرى هي:
1-(لا يمكن إنشاء لجنة تحقيق عندما تكون الوقائع قد أدت إلى متابعات ما تزال جارية أمام الجهات القضائية إذا تعلق الأمر بنفس الأسباب ونفس الموضوع و نفس الأطراف[64]).
2-(لا يعين في لجنة التحقيق النواب أو أعضاء مجلس الأمة الذين وقعوا اللائحة المتضمنة إنشاء هذه اللجنة[65]).
3-(يجب على أعضاء لجان التحقيق أن يتقيدوا بسرية تحرياتهم و معايناتهم ومناقشاتهم).
وقد أكد نص القانون العضوي رقم 16/12 في مادته 78/1 إبقاءه على نفس الشروط التي يحددها النظام الداخلي لكل من غرفتي البرلمان في تشكيل اللجان الدائمة وتطبيقها على لجان التحقيق[66]،حيث جاءت عبارة لجنة التحقيق مشتركة، وبالتالي فلا يوجد فرق بين لجنة التحقيق المشكلة من قبل المجلس الشعبي الوطني ونظيرتها المشكلة من قبل مجلس الأمة من حيث الصلاحيات ، والظـاهر أنه لهـذا السبب جاء في القانون العضوي رقم:16/12 في المادة 79/02 (تعلم الغرفة التي أنشئت لجنة تحقيق الغرفة الأخرى و الحكومة بذلك)، وهذا لتفادي تكرار الأعمال بما أنها متماثلة، حيث جاء في المادة 84/3 من القانون العضوي 16/12(يـــضـــبط بـــرنـــامـج الاســـتـــمــاع إلـى أعـــضـــاء الحـــكـــومــة بالاتفاق مع الوزير الأول)، غير أن الأمر يختلف بالنسبة للنظام البرلماني التقليدي (النموذج البريطاني)، حيث تعطى للمجلس المنتخب (مجلس العموم) صلاحيات أوسع للجان التحقيق كطلب الشهود أو المستندات، بينما لا تعطى مثل هذه الصلاحيات للجان التحقيق المشكلة من قبل مجلس اللوردات[67]، بينما في فرنسا فإن مهمة التحقيق توكل للجان الدائمة، مما يظهر بأن النظام النيابي الجزائري اقترب من النظام النيابي التقليدي من هذه الناحية. إن نص المادة 180 من التعديل الدستوري لعام 2016 يوحي بأنه لا يمكن للبرلمان أن ينشئ لجنة تحقيق تتعلق بالمواضيع التي لا تدخل في اختصاصه المحدد في المادتين 140 و 141 من التعديل الدستوري لسنة 2016[68]، وهذا يعود لمسألة تقييد التشريع.
الخاتمة
تم التوصل في هذه الورقة البحثية إلى جملة من النتائج نوجزها فيما يلي :
يتبين مما تقدم أن مسؤولية الوزير الأول تعتبر مسؤولية مضاعفة أي أن الوزير الأول مسؤول أمام رئيس الجمهورية بالدرجة الأولى باعتباره صاحب سلطة التعيين و إنهاء المهام ،كما أنه مسؤول أمام البرلمان بالدرجة الثانية ، خاصة في حالة التعايش، و طبقا لطبيعة النظام النيابي المختلط و المعتمد في الجزائر ، وهو ما ينطبق على الفرضية الثالثة المقترحة في مقدمة هذه الورقة البحثية ، فقد ثبت من خلال البحث إن هذا الأخير مسؤول أمام رئيس الجمهورية لأنه هو من يعينه ومن ينهي مهامه بالإضافة إلى أن البرنامج السياسي المطبق هو برنامج رئيس الجمهورية ،فيصبح من اليسير على هذا الأخير أن يضحي بالوزير الأول في حال فشله في تنفيذ مخطط عمله المجسد لبرنامج الرئيس وفي هذا غطاء حقيقي للسلطة المباشرة التي يمارسها رئيس الجمهورية ، و كذلك تحمل لعبء المسؤولية السياسية على برنامج ليس ببرنامجه وهذا أمام البرلمان ، كما انه من شان هذا الأمر أن ينجم عنه أمران : أولهما أن يزيد من ضعف رقابة البرلمان على الحكومة في حالة توافق الأغلبيتين الرئاسية و البرلمانية ، إذ انه حتى ولو لم يروق المخطط التنفيذي للوزير الأول للنواب نتيجة حيدته أو تقصيره في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية ، فان أحدا لا يجرا على سحب الثقة منه ، لاعتبار أن البرنامج المطبق فعليا هو برنامج رئيس الجمهورية أما في حالة التعايش ، فالأمر اخطر من ذلك ، إذ قد يؤدي سحب الثقة من الوزير الأول ، خاصة إذا حدث ذلك للمرة الثانية ، إلى إحراج رئيس الجمهورية وتحميله للمسؤولية على الأقل الأدبية، لان البرنامج المطبق هو برنامج رئيس الجمهورية و ليس برنامج الوزير الأول ، فإذا لم يتحصل هذا الأخير على ثقة البرلمان بعد فشل سابقه ، معنى ذلك أن الخلل لا يكمن في عملية تنفيذ البرنامج ، وإنما يكمن في طبيعة البرنامج نفسه، لذلك فلتصويب مسالة المسؤولية السياسية المضاعفة للوزير الأول ،فاني أوجز توصيات هذه الورقة البحثية في التالي : ينبغي العمل بأحد أمرين:
1 ـــــ إما إعادة البرنامج الحكومي الخاص بالوزير الأول وبالتالي تبني نظام برلماني إن لم يكن تقليدي فعلى الأقل عقلاني ، يسمح بمسائلة الوزير الأول ويبقي على عدم مسؤولية رئيس الجمهورية ،أو؛
2 ـــ انتهاج نظام رئاسي واضح المعالم، لا مكان فيه لوزير أول يتحمل مسؤولية دون أن تكون له سلطة مؤثرة . وبالتالي انتقال تلك المسؤولية إلى رئيس الجمهورية في شكل درجة شعبيته والتي لا يمكن تحريكها إلا من طرف الشعب وحده بمناسبة الانتخابات الرئاسية الحرة والنزيهة .
قائمة المصادر و المراجع :
أولا المصادر :
أ : الدساتير :
1 التعديل الدستوري الجزائري لسنة 2016
2 الدستور المصري لسنة 1971
3 الدستور الفرنسي لسنة 1958
ب: القوانين العضوية :
1 القانون العضوي رقم 16/12 المؤرخ في 22 ذي القعدة 1437الموافق لـ 25 غشت 2016 يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
ج : النظم الداخلية :
1 النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني
2 النظام الداخلي لمجلس الأمة
ثانيا المراجع :
أ :الكتب باللغة العربية
1 ــ د/ الجرف طعيمة عبد الحميد، نظرية الدولة و المبادئ العامة للأنظمة السياسية ونظم الحكم ، دار النهضة العربية ، مصر،1978.
2 ــ د/ بدر سلامة أحمد،الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظم الوضعية و الفكر الإسلامي ، رسالة دكتوراه، مصر
3 ــ د/ بوقفة عبد الله ، آليات تنظيم السلطة في النظام السياسي الجزائري، دار هومة ،الجزائر ، 2003
4 ــ د/ درويش إبراهيم، النظام السياسي ـ دراسة فلسفية تحليلية ، دار النهضة العربية ، مصر،1969
5 ــ د/ دوفرجيه موريس، المؤسسات السياسية و القانون الدستوري الأنظمة السياسية الكبرى ، ترجمة د/ جورج سعد ، المؤسسة الجامعية للنشر و التوزيع ، الطبعة الأولى لبنان ،1992
6 ـــ د/ عفيفي كامل عفيفي، الأنظمة النيابية ، منشأة المعارف ،الإسكندرية ، 2002
7 ــ د/ شيحا عبد العزيز إبراهيم، وضع السلطة التنفيذية في الأنظمة السياسية المعاصرة، منشأة المعارف ، الإسكندرية ،2006
8 ــ د/ خليل محسن ، النظم السياسية و الدستور اللبناني ، لبنان ، 1973
ب:مذكرات الماجستير
1 خلوفي خدوجة ،الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة في ظل دستور ،1996، مذكرة ماجستير ، فرع القانون الدستوري ، جامعة الجزائر ، 2001
د : المراجع باللغة الفرنسية
Ardant Philippe, institutions Politique et Droit constitutionnel, 8eme Edition, Librairie générale de droit et de jurisprudence, E.G.A, 1995
Hauriou André, Lucien s fez .Institution Politiques Et Droit Constitutionnel; 1975 .
[1]* الاحتجاج الكبير هو عبارة عن مشروع برلماني طلب فيه البرلمان من الملك وضعه حيز التنفيذ وقد تضمن عدة إصلاحات أبرزها ضرورة اختيار الملك لوزرائه من بين الأشخاص الذين يحضون بثقة البرلمان ، أي ينتمون إلى الأغلبية البرلمانية ، ورغم رفض الملك شارل الأول هذا المطلب ،إلا أنه قد تأكد أن الملك لا يمكن أن يعين وزيرا أولا لا تؤيده الأغلب البرلمانية ن أنظر حول ذلك ،د/ عفيفي كامل عفيفي، الأنظمة النيابية ، منشأة المعارف ،الإسكندرية ، 2002 ص ص 177 ، 178 .
[2] حدث و أن فضلت الملكة فكتوريا اللورد روز بري على وليام هاركور .في تولي منصب الوزير الأول .
[3] استطاع جورج الخامس أن يطلب من ماك دونالد أن يبقى رئيسا للوزراء سنة 1931 رغم استقالة وزارته ورفض حزبه له .انظر حول ذلك موريس دوفرجيه المؤسسات السياسية و القانون الدستوري الأنظمة السياسية الكبرى ، ترجمة د/ جورج سعد ، المؤسسة الجامعية للنشر و التوزيع ، الطبعة الأولى لبنان ،1992 ص202
[4] أنظر . موريس دوفرجيه ، المرجع السابق ، ص 202
[5] André Hauriou, Lucien s fez .Institution Politiques Et Droit Constitutionnel; 1975;p 245
[6] انظر .د/ طعيمة الجرف ، نظرية الدولة و المبادئ العامة للأنظمة السياسية ونظم الحكم ،دونذكر دار و بلد النشر،1978 ،ص592
[7] انظر المادة 08 من الدستور الفرنسي لسنة 1958
[8] أنظر ،د/ ابراهيم درويش ، النظام السياسي ، دون دار و بلد النشر ،1969 ،ص 156
[9] انظر،د/ محسن خليل ، النظم السياسية و الدستور البناني ، لبنان ، 1973 ،ص 286
[10] انظر ، د/إبراهيم عبد العزيز شيحا ، وضع السلطة التنفيذية في الأنظمة السياسية المعاصرة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ،2006 ص 26
[11] * العرف الدستوري المعدل بالإضافة هو تلك الممارسة ا الفعلية للقانون ، والتي يشترط لتكوينها : عنصر مادي ويتمثل في تكرار الواقعة ،عدم الاعتراض عليها ،مرور مدة طويلة نسبيا على تكراره دون انقطاع وذلك في ثبات ووضوح يتميز بمنحها لنص الدستوري إضافة قاعدة جديدة لم تكن مقررة سابقا ،مثل العرف المكمل ن إلا انه يختلف عنه بعدم إمكانية تقرير هذه القاعدة الجديدة عن طريق تفسير النصوص الدستورية .
12 انظر المادة 91/5 من التعديل الدستوري لعام 2016
[13] انظر المادة 8 من الدستور الفرنسي لسنة 1958
[14] * حدث ذلك عندما أعلن الرئيس ديجول في جانفي 1964 أنه هو الذي يحدد مصير الوزير الأول .
[15] انظر، د/ فتيحة بن عبو، المرجع السابق ، نفس الصفحة
[16] تنص المادة 93 من التعديل الدستوري 2016على الآتي (( يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول .
ينسق الوزير الأول عمل الحكومة .
تعد الحكومة مخطط عملها و تعرضه على مجلس الوزراء ))
[17] انظر ، د/ فتيحة بن عبو نمرجع سابق، نفس الصفحة
[18] انظر المادة 8 من الدستور الفرنسي لسنة 1958
*[19] حيث حدث إن أقيل الوزير الأول بومبيدو سنة 1968 ،دلماس 1972، ومسيميرسنة 1974
[20] – انظر. أ/ إبراهيم بولحية، علاقة الحكومة بالبرلمان، من وقائع الندوة الوطنية حول العلاقة بين الحكومة و البرلمان ، الجزائر ،2000، ص63.
[21] – انظر. المواد 92، 93، 94 من النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني.
[22]- انظر.أ/ إبراهيم بولحية، مرجع سابق، ص 69.
[23]- انظر. خلوفي خدوجة، مرجع سابق، ص 56.
[24]- انظر. د/ سعيد بوشعير، (علاقة المؤسسة التنفيذية بالمؤسسة التشريعية في النظام القانوني الجزائري)، رسالة دكتورا الجزائر، 1984، ص 400.
[25]- انظر. المادة63 من القانون العضوي رقم 16/12
[26] – انظر. د/ سعيد بوشعير، نفس المرجع ، ص 400.
[27] – انظر. المادة 84 من دستور 1996.
[28] – انظر. المواد 153 ،154 155 من التعديل الدستوري لعام 2016 .
[29] – انظر. المادة 52 من القانون العضوي 16 /12 .
[30] – انظر. د/ الأمين شريط، (علاقة الحكومة بالبرلمان)، مرجع سابق، ص 25.
[31] – انظر. المادة 153/1 من التعديل الدستوري لسنة 2016 .
[32] – انظر. د/ سعيد بوشعير، مرجع سابق، ص 397.
[33] – انظر. الفصل 75 من الدستور المغربي لسنة 1992.
[34] – انظر. الفصل 63 من الدستور التونسي لسنة 1959.
[35] – انظر. د/ سعيد بوشعير، مرجع سابق، ص 396.
[36] – انظر. المادة 55 من دستور 1963.
[37] – انظر. المادة 55 نفسها من دستور 1963.
[38] – انظر. المادة 56 من دستور 1963.
[39] – انظر. د/ عبد الله بوقفة، آليات تنظيم السلطة في النظام السياسي الجزائري، دار هومة ،الجزائر ، 2003
، ص 185.
[40] – انظر. خلوفي خدوجة، مذكرة ، ماجستير، مرجع سابق، ص54.
[41] – انظر. د/ أحمد سلامة بدر، رسالة دكتوراه، الاختصاص التشريعي لرئيس الدولة في النظم الوضعية و الفكر الاسلامي ، رسالة دكتوراه، مصر ، 1990 ، ص54.
[42]- انظر. د/ سعيد بوشعير، (علاقة المؤسسة التشريعية بالمؤسسة التنفيذية في التظام القانوني الجزائري)، مرجع سابق، ص 397-398.
[43] – انظر. المادة 49/02 من الدستور الفرنسي لسنة 1958.
[44]- انظر. الأستاذ إبراهيم بولحية، مرجع سابق، ص 63.
[45]- Philippe Ardant, institutions Politique et Droit constitutionnel, 8eme Edition, Librairie générale de droit et de jurisprudence, E.G.A, 1995,p 549.
[46] – انظر. د/ محمد رفعت عبد الوهاب، مرجع سابق ص 326.
[47] – انظر. د/ إيهاب زكي إسلام،مرجع سابق ، ص 27.
[48] – جاء في المادة 162 من دستور 1976 (يمكن لأعضاء المجلس الشعبي الوطني أن يوجهوا كتابة فقط،أي سؤال أي عضو من الحكومة وينبغي لهذا العضو أن يجيب كتابة في ظرف خمسة عشر يوما). أما دستور 1963 فقد أقر نوعي السؤال الكتابي والشفوي في مادته 38 التي جـاء فيها ( يمارس المجلس الوطني مراقبته للنشاط الحكومة بواسطة الاستماع إلى الوزراء داخل اللجان والسؤال الكتابي والشفوي مع المناقشة أو بدونها)،أما دستور 1989 فقد أقر أيضا نوعي السؤال في مادته 125/1 وهو نفس نص المادة 134/1من دستور 1996 ما عدا تغيير تسمية م-ش بالبرلمان.
-[49] انظر. د/ سعيد بوشعير، مرجع سابق، ص 403.
[50]- Philippe Ardant, op, cit, p 574.
-[51] انظر. أ/ إبراهيم بولحية، (علاقة الحكومة بالبرلمان)، من وقائع الندوة الوطنية حول العلاقة بين الحكومة و البرلمان، الجزائر، 23-24 أكتوبر 2000 ، ص ص 66 67، انظر أيضا. د/ سعيد بوشعير، مرجع سابق، ص 403.
[52]- انظر. المادة 75 من القانون العضوي رقم16/12 المؤرخ في 22 ذي القعدة 1437الموافق لـ 25 غشت 2016 يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
99-02 المؤرخ في 20 ذي القعدة 1419 الموافق لـ 8 مارس 1999 يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
[53]- انظر. حصيلة الدورة الخريفية لسنة 2003، على موقع الإنترنت السابق.
[54]- جاء هذا في محتوى تدخل الدكتور بوزيد لزهاري عضو مجلس الأمة حول عدم إجابة بعض الوزراء عن أسئلة أعضاء البرلمان بحجة عدم الاختصاص ، من الجلسة العلنية المسائية لمجلس الأمة(عن طريق البث التلفزيوني المباشر) بمناسبة عرض السياسة العامة للحكومة أمام مجلس الأمة المنعقدة بتاريخ 08/06/2005.
[55] * ويمكن إجمال تلك الميكانيزمات في الآتي : تشجيع المهام الإخبارية للجان الدائمة بصفة فردية أو مشتركة فيما يتعلق بنشاطات الوزارات أو القضايا المحلية.إنشاء دواوين متخصصة في دراسة و متابعة قطاعات حيوية هامة في الحياة الوطنية[55]، كما يرى آخرون[55] ضرورة وضع الإطارات القانونية المحددة لعلاقة البرلمان للسلطة التنفيذية بالسلطة التنفيذية، تزويد النواب بالمساعدين من الباحثين وأصحاب الاختصاص، تنمية عمل اللجان البرلمانية ، تزويد البرلمان بالمكتبات و تزويده بخدمات الإنترنت وربط هذه الأخيرة بمجمع معلومات و إحصائيات يخص كل قطاعات الدولة، تنظيم برامج ودورات ثقافية للبرلمان قصد الإطلاع على التطورات العالمية في هذا المجال. مما يثبت مدى تهميش الأسئلة الشفوية وبما أنها مجرد استفسار عن مواضع معينة دون ترتب أية مسؤولية للحكومة عنها، فإنها تبقى وسيلة رقابية تقليدية غير ناجعة. والملاحظ أن الأسئلة الشفهية المنصوص عليها في التعديل الدستوري لعام 2016 تبقى قريبة من مظاهر النظام البرلماني التقليدي إلا أنها غير ناجعة.
[56]- انظر. د/ إيهاب زكي إسلام، مرجع سابق، ص 85.
[57]- انظر. د/ سعيد بوشعير، (علاقة المؤسسة التشريعية بالمؤسسة التنفيذية في النظام القانوني الجزائري)، رسالة دكتوراه، جامعة الجزائر، ص333.
[58] – انظر. المادة 151 من التعديل الدستوري لعام 2016 .
[59] – انظر. المادة 66 من القانون العضوي رقم : 16/12.
[60] – انظر. المادة 66/1 من نفس القانون.
[61] – انظر. المادة 66/2 من نفس القانون.
[62] – انظر. د/ إيهاب زكي إسلام، مرجع سابق، ص 120.
[63] – انظر. المادة 78 من القانون العضوي رقم 16-12 السالف الذكر.
[64] – انظر. المادة 80 من القانون السابق.
[65] – انظر. المادة 82 من القانون السابق.
[66] – انظر. النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، تشكيل اللجان الدائمة، انظر المواد من 32 إلى 37.
– وكذلك النظام الداخلي لمجلس الأمة، انظر المواد من 26 إلى 30.
[67] – انظر. د/ إيهاب زكي إسلام، مرجع سابق، ص131.
[68] – انظر. أ/ إبراهيم بولحية، مرجع سابق، ص70.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً