حقوق الامتياز هي تأمينات خاصة يقررها القانون لحقوق يعينها على مال أو أموال معينة أو على كل أموال المدين. وقد عرف القانون الحالي الامتياز في الفقرة الأولى من المادة (97) نقلاً عن المادة (1130) مصري، بأنه (… أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفته) ونظرًا لورود النصوص الخاصة بالامتياز في قانون التأمينات العينية كما وردت في مصر في الكتاب المخصص للحقوق العينية التبعية أو التأمينات العينية، فقد أخذ البعض على التعريف أنه أغفل الإشارة إلى أن الامتياز حق عيني، ولكن البعض الآخر رأى أن هذا الإغفال كان مقصودًا لأن وصف الامتياز بوجه عام بأنه حق عيني كان ولا يزال محل خلاف، ويكفي الإشارة في هذا الخصوص أن بعض حقوق الامتياز، وهي حقوق الامتياز العامة ترد على جميع أموال المدين مع أن الحق العيني لا يتصور وجوده إلا إذا كان محله معينًا بالذات، كما أن بعض حقوق الامتياز لا تخول سلطة التتبع وهي أهم مظاهر ورود الحق على الشيء وبالتالي عينية الحق، ولهذا آثر المشروع عدم وضع تعريف تشريعي خاص،
ومن الفقهاء من ذهب إلى أن فكرة الامتياز فكرة معقدة تستعصي على التعريف الدقيق، وإذ تجنب المشروع تعريف حق الامتياز اكتفى في نص المادة (1061) التي تقابل الفقرة الثانية من المادة (97) من القانون الحالي، بالقول إنه (لا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون) وهذه فكرة أساسية في نظام الامتياز فلا يجوز لطرفي الالتزام الدائن والمدين أن ينشئا امتيازًا في غير الحالات التي يقررها القانون، ولا يجوز للقاضي أن يجعل الحق ممتازًا إذا كان القانون لم ينص على ذلك، والقول إن الامتياز لا يكون إلا بمقتضى نص في القانون، لا يعني حصر حقوق الامتياز في تلك التي وردت في هذا الفصل، فيمكن أن يرد النص الذي يقرر الامتياز في أي موضع آخر سواء في المدونة المدنية أو في غيرها من المدونات أو في قانون من القوانين الخاصة بموضوع معين.
والقانون إذ يقرر الامتياز فذلك مراعاةً منه لصفة في هذا الحق تجعله يستحق الرعاية فيستوفيه صاحبه بالأولوية على غيره من الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة، ولهذا فالقانون هو الذي يحدد الحق الممتاز، كما يحدد محل الامتياز أي المال الذي يستوفي منه صاحب الحق حقه بالأولوية، كما أن القانون يحدد مرتبة الامتياز، ولكن هذا لا يعني أنه يلزم وبالضرورة أن يحدد لكل حق على حدة مرتبته في النص أو النصوص التي تقرر امتياز هذا الحق، ولهذا نصت المادة (1062) على أن يحدد القانون مرتبة الامتياز، فإن لم يحدد القانون لامتياز مرتبته كان متأخرًا عن كل امتياز منصوص على مرتبته، كما نصت الفقرة الثانية من النص على أنه إذا كانت الحقوق الممتازة في مرتبة واحدة فإنها تُستوفى بنسبة قيمة كل منها ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك.
وتنقسم حقوق الامتياز، من حيث الأموال التي ترد عليها إلى قسمين، حقوق الامتياز العامة، وحقوق الامتياز الخاصة، وقد نصت المادة (1063) التي تقابل وتطابق المادة (99) من القانون الحالي، على أن (ترد حقوق الامتياز العامة على جميع أموال المدين من منقول وعقار، أما حقوق الامتياز الخاصة فتكون على منقول أو عقار معين).
وورود حقوق الامتياز العامة على جميع أموال المدين يعني أنها لا ترد على مال أو أموال معينة بذاتها وإنما يكون لصاحب الحق الممتاز التقدم على ما لدى المدين من أموال وقت التنفيذ، منقولات كانت أو عقارات، دون النظر إلى ما كان لديه من أموال وقت نشوء الحق الممتاز، أي أن مركز الدائن صاحب الحق الممتاز لا يختلف عن مركز الدائن العادي إلا فيما يتعلق بحق التقدم، ولهذا نص المشروع في صدر المادة (1064) على أنه (لا يلزم القيد في حقوق الامتياز العامة ولو وردت على عقار …) كما نص في صدر المادة (1065) على (أنه لا يترتب على حقوق الامتياز العامة حق التتبع).
ولكن ثمة حقوق امتياز، وهي الضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة، تستحق رعاية خاصة اقتضت أن يخصها المشروع بقواعد استثنائية وهذه الحقوق قد تكون عامة ترد على جميع أموال المدين وقد تكون خاصة ترد على مال أو أموال معينة، فإن كان الامتياز خاصًا وواردًا على عقار، فقد سوى بينه المشروع وبين حقوق الامتياز العامة من حيث عدم لزوم القيد، فبعد أن قررت المادة (1064) عدم لزوم القيد في حقوق الامتياز العامة قالت (… كما أنه لا يلزم في حقوق الامتياز العقارية الضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة، ومن ناحية أخرى فاستثناءً من القاعدة الأموال تقرر أموال حقوق الامتياز العامة لا يترتب عليها حق التتبع نص المشروع على أن تستوفى المبالغ المستحقة للخزانة العامة من ثمن الأموال المثقلة بها في أي يد (م 1072/ 2)، ولهذا فبعد أن قررت المادة (1065) القاعدة العامة في أن حقوق الامتياز العامة لا يترتب عليها حق التتبع، قالت (وذلك مع مراعاة ما يقضي به القانون في شأن امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة)، وفيما يتعلق بمرتبة حقوق الامتياز العامة عندما يراد استيفاء الحق من عقار من عقارات المدين، وكذلك مرتبة حقوق الامتياز العقارية الضامنة لمبالغ مستحقة للخزانة العامة، نصت الفقرة الثانية من المادة (1064) على أنه (وتكون هذه الحقوق الممتازة جميعًا أسبق في المرتبة على أي حق امتياز عقاري آخر أو أي حق رهن رسمي مهما كان تاريخ قيده، أما فيما بينها فالامتياز الضامن للمبالغ المستحقة للخزانة العامة يتقدم على حقوق الامتياز العامة).
وحقوق الامتياز الخاصة قد يكون محلها منقولاً وقد يكون عقارًا فإذا كان محل الامتياز عقارًا فيأخذ حكم الرهن الرسمي فيما لا يتعارض مع طبيعة الامتياز، وقد نصت المادة (1066)، التي تقابل المادة (101) فقرة أولى من القانون الحالي، على أن (تسري على حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على عقار أحكام الرهن الرسمي بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة هذه الحقوق وتسري بنوع خاص أحكام التطهير والقيد وما يترتب على القيد من آثار وما يتصل به من تجديد ومحو) وعلى ذلك، فبالإضافة إلى الأحكام المذكورة في النص بنوع خاص، يسري على الامتياز الخاص الواقع على عقار ما يسري على الرهن الرسمي ما يتعلق بمشتملات الرهن (م 977) ورهن المباني القائمة على أرض الغير (م 978) والرهن الصادر من جميع الملاك …… إلخ).
وإذا كانت حقوق الامتياز العامة لا يترتب عليها بحسب الأصل حق التتبع، فحقوق الامتياز الضامنة للمبالغ المستحقة للخزانة العامة ومنها ما يكون عامًا يرد على جميع أموال المدين تخول صاحبه سلطة التتبع (م 1072/ 2) كما أن حقوق الامتياز الخاصة كلها تخول صاحبها سلطة التتبع سواء أكانت مما يجب قيده أم لا، ولكن التتبع قد يصطدم بالنسبة للمنقولات بقاعدة (الحيازة في المنقول سند الحق) بما لها من أثر مسقط، وهذا ما قررته المادة (1067) التي تقابل المادة (100) من القانون الحالي، إذ تنص الفقرة الأولى منها على أن (لا يحتج بحق الامتياز على من حاز المنقول بحسن نية على اعتبار خلوه منه) ثم أوردت الفقرة الثانية تطبيقًا خاصًا بقولها (ويعتبر حائزًا في حكم هذه المادة مؤجر العقار بالنسبة إلى المنقولات الموجودة في العين المؤجرة، وصاحب الفندق بالنسبة إلى الأمتعة التي يأتي بها النزلاء إلى فندقه).
وعرضت المادة (1068) التي تقابل المادة (102) من القانون الحالي لأثر هلاك الشيء المحمل بالامتياز أو تلفه، فأحالت على أحكام الرهن الرسمي بقولها (يسري على الامتياز ما يسري على الرهن الرسمي من أحكام متعلقة بهلاك الشيء أو تلفه).
وعلى ذلك إذا هلك محل الامتياز بخطأ المدين كان الدائن صاحب الامتياز بالخيار بين أن يقتضي تأمينًا كافيًا أو يستوفي الدين فورًا وإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبي ولم يقبل الدائن بقاء حقه بلا تأمين كان المدين مخيرًا بين أن يقدم تأمينًا كافيًا أو يوفي الدين فورًا (م 988) وإذا هلك محل الامتياز أو تلف وترتب على ذلك ثبوت حق كالتعويض ومبلغ التأمين ومقابل نزع الملكية للمنفعة العامة انتقل الامتياز إلى هذا الحق (م 989).
وأخيرًا عرضت المادة (1069) التي تقابل المادة (103) من القانون الحالي، لانقضاء حق الامتياز فنصت على أن (ينقضي حق الامتياز بنفس الطرق التي ينقضي بها حق الرهن الرسمي وحق الرهن الحيازي ووفقًا لأحكام هذين الحقين وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه تلك الأحكام مع طبيعة حق الامتياز، ما لم يوجد نص خاص يقضي بغير ذلك)، وبناءً على ذلك ينقضي الامتياز أيًا كان محله بصفة تبعية إذا انقضى الدين المضمون به كما ينقضي الامتياز بصفة أصلية إذا كان محله عقارًا بالأسباب التي ينقضي بها الرهن الرسمي فينقضي إذا تمت إجراءات التطهير وكذلك بإيداع الثمن أو دفعه للدائنين إذا بيع العقار بالمزاد العلني، وإذا كان محل الامتياز منقولاً فينقضي بصفة أصلية بالأسباب التي ينقضي بها الرهن الحيازي الوارد على منقول، بنزول الدائن المرتهن عن الامتياز، وباتحاد الذمة وبهلاك المحل.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً