حق التقاضي في قضاء المحكمة الاتحادية
سلام مكي
القرار الذي صدر عن المحكمة الاتحادية مؤخرا والذي قضى بعدم دستورية بعض من نصوص قانون مجلس النواب وتشكيلاته، حريُ بالوقوف عنده طويلا، كونه تضمن الإشارة الى مجموعة من المبادئ القانونية التي لا يمكن تجاوزها. ومن تلك المبادئ التي رسّخها قرار الاتحادية هو حق التقاضي، حيث ان احد المواد المطعون بعدم دستوريتها هي المادة 6 ف ثانيا والتي تنص: يعد النائب ممثلاً للمصلحة العامة في جوانبها كافة وله كممثل لمائة الف نسمة حق التقاضي أمام الهيئات القضائية كافة. هذا النص، منح عضو مجلس النواب صلاحية رفع الدعاوى امام المحاكم المدنية والجزائية، في أي موضوع يراه ضمن واجباته.
وهذا ما لا يتفق مع قانون المرافعات المدنية الذي عرّف الدعوى في المادة الثانية منه على انها: طلب شخص حقه من آخر أمام القضاء. كما اشترطت المادة 6 من نفس القانون ان يكون المدعي له مصلحة معلومة في الدعوى والا فإن عدم وجود مصلحة للمدعي يشكل سببا في ردها. المحكمة الاتحادية في قرارها الأخير، قضت باعتبار ان المادة 6 ثانيا والتي منحت النائب حق التقاضي مخالفة للدستور، حيث ان التقاضي أمر مقرر للأفراد وللأشخاص المعنوية التي ترى ضرورة في اللجوء الى القضاء للحفاظ على حقوقها.
وهذا القرار، له أهمية كبيرة من حيث ان النائب له واجبات وصلاحيات محددة، منها ما يتعلق بوصفه جزءا من الكل أي بوصفه عضوا في السلطة التشريعية التي تمارس واجبات الرقابة والتشريع، او بوصفه عضوا له شخصية مستقلة، يمارس واجباته تجاه ناخبيه او مواطني محافظته.
والوجه الثاني، لا يحتمل ان يمارس العضو التقاضي أمام الجهات المختصة، بدعوى انه يمثل مئة الف نسمة، حيث ان التمثيل، يكون أمام السلطة السياسية او ان يكون نائبا يمارس السلطة نيابة عن ناخبيه، حيث ان الشعب هو مصدر السلطات. وبالتالي فإن منح النائب حق التقاضي، يعد تجاوزا على صلاحياته الدستورية، وتعديا على حق من الحقوق الأصيلة والشخصية للفرد العراقي.
كما ان المصلحة العامة التي تتحدث عنها المادة 6 ف ثانيا من قانون مجلس النواب لا علاقة للنائب بتمثيلها، فهي وان كانت عبارة فضفاضة، تستوعب الكثير من التأويلات، الا ان هنالك من يمثل المصلحة العامة، منها دوائر الدولة المتمثلة بالوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، او جهاز الادعاء العام الذي ينص قانونه على انه يمثل مصلحة الدولة والمجتمع. لذا فإن اقحام النائب في تمثيل المصلحة العامة، لا سند له ولا حاجة له أصلا. وهذه الأمور كلها اخذتها المحكمة الاتحادية بنظر الاعتبار، حيث انها جعلت حق التقاضي لمن يستحقه فقط ولم تمنحه على جهات او افراد من الممكن ان يستغلوا هذا الحق في تحقيق غايات خاصة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً