أحكام عامة
يستند كل نظام قانوني بالضرورة إلى أحكام عامة يقوم عليها، وتسري كأصل عام في شأن فروع القانون دون تخصيص. ومثال ذلك، ما يتعلق بمصادر القانون وتطبيقه في الزمان، وثبوت الشخصية وانتهاؤها، والخصائص التي تتميز بها، وتقسيم الأشياء والأموال، واستعمال الحقوق. وغير ذلك مما لا يختلف في شأنه عادةً فرع من فروع القانون. وإذ كان تقنين هذه الأحكام أمرًا جوهريًا لا غناء عنه، فقد جرت التشريعات المختلفة على أن تفرد لها مكانًا رحبًا في مدونة القانون المدني باعتبار أن هذا القانون هو الفرع الأصيل في دوحة القانون الخاص. بل في دوحة القانون بوجه عام.
ولم تعرض مجلة الأحكام العدلية – وهي أساس القانون المدني المطبق في الكويت – لمثل هذه الأحكام العامة. وهو نقص قد لا يكون له من الناحية العملية كبير أثر بالنسبة إلى بعض الأمور التي يمكن الوصول إلى الحكم فيها على هدي المبادئ العامة المستقرة أو يمكن استخلاصه من تشريع قائم. فلا يمكن مثلاً أن يثور خلاف في شأن أولوية التشريع في التطبيق بالنسبة إلى غيره من مصادر القانون، ولا كذلك في شأن مبدأ عدم رجعية القوانين هو منصوص عليه في الدستور ولا يمكن أيضًا أن يثور حول الاعتراف بالشخصية الاعتبارية بعد أن منحها المشرع بالفعل لبعض الكائنات من مؤسسات وشركات ونقابات وجمعيات، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى مسائل أخرى يكون إغفال التقنين فيها أكثر خطورة وأبعد أثرًا، ومن ذلك عدم النص على حكم عام يحدد مصادر القانون وترتيبها، وعدم تنظيم الآثار المترتبة على تعاقب القوانين في الزمان، وعدم وضع قاعدة موحدة في حساب المواعيد، وعدم تحديد موطن الأشخاص ودرجات القرابة، وعدم الأخذ بتقسيم للأشياء والأموال يتفق والتطور القانوني الحديث، إلى غير ذلك من المسائل التي أفضى سكوت التشريع عن إيراد حكم عام فيها، إلى خلق كثير من الصعوبات.
وغني عن البيان أن ما ورد من قواعد فقهية في المقالة الثانية من مقدمة مجلة الأحكام العدلية لا يُعتبر من قبيل الأحكام العامة المشار إليها فيما تقدم، وإنما هي في أغلبها أصول فقهية مكانها الصحيح كتب الفقهاء أو المذكرات الإيضاحية وليس مدونات القانون، وهو ما حرص تقرير المجلة ذاته على التنبيه إليه. لذلك عني المشروع بأن يورد في صدره أحكامًا عامة في القانون والحق واختص القانون بباب أول حدد فيه مصادره وأورد فيه الأحكام المتعلقة بإلغاء التشريع وتعاقب القوانين في الزمان محيلاً في تنظيم تنازعها في المكان إلى قانون خاص، ثم عرض في باب ثانٍ للأحكام العامة في الحق، فخص صاحبه بفصل أول تناول فيه الشخص الطبيعي وبدء شخصيته ونهايتها وخصائص هذه الشخصية، وتناول بعد ذلك الأشخاص الاعتبارية فحدد أهليتها وموطنها، وعرض في فصلٍ ثانٍ لمحل الحق وتقسيم الأشياء والأموال، وأخيرًا خصص فصلاً ثالثًا لاستعمال الحقوق وضوابط عدم المشروعية في هذا الاستعمال.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً