الشخص الطبيعي:
المـواد (9 – 17):
وتحدد المادتان (9 و10) بدء الشخصية ونهايتها، وطبقًا لأولاهما تبدأ الشخصية الطبيعية للإنسان بتمام ولادته حيًا. فقبل أن تتم الولادة لا تبدأ الشخصية، وإذا تمت الولادة ولكن الجنين ولد ميتًا، فلا تقوم الشخصية كذلك. وهو حكم بُني على ما رآه الحنابلة والمالكية والشافعية، في بيان الحياة التي يثبت بها الميراث للمولود وأخذت به التقنينات العربية وفي مقدمتها القانون المصري (المادة 29 مدني وقانون الميراث رقم (77) لسنة 1943 وقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946). وتنتهي الشخصية الطبيعية بالموت، سواء كان الموت حقيقيًا أو حكميًا، وغني عن البيان أن إثبات الولادة والوفاة، يرجع فيه إلى القانون الخاص بذلك، فقيد المواليد والوفيات ينظمه القانون رقم (36) لسنة 1969، كما أن قانون الأحوال الشخصية هو الذي يحدد أدلة الإثبات وقوتها في حالة عدم وجود شهادة ميلاد أو شهادة وفاة، وما بين الولادة والوفاة يوجد الشخص الطبيعي ويتمتع بأهلية الوجوب، أي القابلية لأن تكون له حقوق وأن تترتب في ذمته التزامات. وإذا كانت الشخصية الطبيعية لا تبدأ إلا بتمام الولادة، فإن مقتضى ذلك ألا يكون للحمل شخصية، إذ يعتبر وهو موجود في بطن أمه جزءًا منها يتحرك بحركتها ويقر بقرارها.
ولكنه إلى جانب ذلك جزء يوشك أن ينفصل انفصالاً كاملاً مستقلاً بحياته. ولذلك نرى فقهاء الشريعة مجمعين على الاحتفاظ له ببعض الحقوق، وهي التي يكون فيها نفع له ولا تحتاج في وجودها وصحتها وثبوتها إلى القبول، مثل ثبوت نسبه من أبيه، وإرثه من مورثه، واستحقاقه ما أُوصي له به. وكذلك استحقاقه من غلة الوقف الذي يكون من بين مستحقيه فإذا ما ولد حيًا، ثبتت له هذه الحقوق، وإن ولد ميتًا لم تثبت له، أما غير ذلك من الحقوق التي فيها نفع له ولكنها تحتاج إلى قبول، كالهبة، فلا تثبت له، وكذلك لا تجب على الجنين حقوق قِبل غيره، لأن وجوب الحق على الشخص يكون بفعله أو بالتزام يلتزمه بعبارته أو بعبارة من له الولاية أو الوصاية عليه وهو غير متحقق في الجنين، إذ لا يتصور أن يصدر منه فعل أو عبارة وليس له ولي أو وصي حتى ينوب عنه في إنشاء الحقوق والالتزام بها فالأصل عند الحنفية ألا تبدأ الولاية على الإنسان إلا من وقت ولادته حيًا، ولم يرد عن فقهائهم نصوص صريحة تتعلق بصحة إقامة وصي على الحمل قبل انفصاله سوى استظهارات لبعض المتأخرين منهم، وقد كان هذا الموضوع محل خلاف في مصر، إلى أن صدر المرسوم بقانون رقم (119) لسنة 1952 – فنص في المادة (28) على أنه يجوز للأب أن يقيم وصيًا مختارًا لولده القاصر أو للحمل المستكن، وفي المادة (29) على أنه إذا لم يكن للقاصر أو للحمل المستكن وصي مختار تعين المحكمة وصيًا، ويبقى وصي الحمل المستكن وصيًا على المولود ما لم تعين المحكمة غيره. وفي الكويت، ردد المشرع في المادتين (37 و38) من قانون التسجيل العقاري ثم في المادة العاشرة من قانون إدارة شؤون القصر رقم (4) لسنة 1974 نص المادتين (28، 29) من قانون الولاية على المال المصري، كما عهد لإدارة شؤون القصر بالوصاية على الحمل المستكن إذا لم يكن له وصي مختار ولم تعين المحكمة وصيًا آخر، وما دام القانون قد أجاز تعيين وصي على الحمل المستكن، وهو احتياط حسن يدعو إليه افتراض ولادة الحمل حيًا، فإن امتناع الهبة لمصلحة الجنين لم يعد له مبرر، إذ يمكن للولي أو للوصي أن يقبل الهبة عنه وهو حكم ورد في فقه المالكية وأخذ به التقنين اللبناني للموجبات والعقود بنصه في المادة (518) على أن الهبات التي تمنح للأجنة في الأرحام يجوز أن يقبلها الأشخاص الذين يمثلونهم.
ولهذه الاعتبارات جميعها فإن المشروع بعد أن نص في الفقرة الأولى من المادة العاشرة على القاعدة العامة التي تقتضي بأن الحمل أهل لثبوت الحقوق التي لا يحتاج سبب إنشائها إلى قبول وذلك بشرط تمام ولادته حيًا، عاد في الفقرة الثانية من هذه المادة وأجاز الهبة له إذا كانت خالصة من العوض كما حمله بالالتزامات التي تقتضيها إدارة ماله، وغني عن البيان أن سلطات القيم على الحمل لا تستقر له بصفة نهائية إلا بتمام ولادته حيًا، فإن ولد ميتًا اعتبر كأن لم يكن موجودًا وآل ما كان قد حُجز له من حقوق إلى من كان يستحقها أصلاً. وإذا كانت شخصية الإنسان تنتهي بموته موتًا حقيقيًا، فإنها قد تنتهي أيضًا باعتباره ميتًا حكمًا وهو أمر يلحق بالإنسان في حالة فقده، وقد آثر المشروع عدم التعرض لأحكام المفقود تاركًا إياها لقانون الأحوال الشخصية. وعالج المشروع موطن الشخص الطبيعي في المواد (من 11 إلى 14) فصور في المادة (11) منه موطن الشخص تصويرًا واقعيًا يستجيب للحاجات العملية، مستهديًا في ذلك بأحكام الفقه الإسلامي كما فعل التقنين المصري والتقنينات العربية الأخرى التي حذت حذوه. فحدد موطن الشخص بالمكان الذي يقيم فيه على نحو معتاد. وهو ما يترتب عليه حتمًا نتيجتان –
الأولى: أنه يجوز ألا يكون للشخص موطن ما، إذا كان ممن لا يقيمون في مكان معين بصفة مستقرة، كالبدو الرحل الذين لا يقر لهم على أرض قرار،
والثانية: أنه يجوز أن يكون للشخص الواحد أكثر من موطن، كما إذا كانت للشخص زوجتان يقيم مع كل منهما في مكان على استقلال.
وإذا كانت القاعدة هي أن الموطن العام للشخص يتحدد بالمكان الذي يقيم فيه على نحو معتاد، إلا أنه يجوز أن يحدد القانون موطنًا خاصًا للشخص على أساس آخر، ومن هذا القبيل موطن الأعمال والموطن الحكمي الموطن المختار. ففي المادة (12) اعتبر المشروع المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة، موطنًا له بالنسبة إلى كل ما يتعلق بهذه التجارة أو الحرفة من أعمال، وفي المادة (13) حدد لعديمي الأهلية وناقصيها موطنًا حكميًا، هو موطن من ينوب عنهم قانونًا، مجيزًا أن يكون لناقص الأهلية موطن خاص بالنسبة إلى التصرفات التي يعتبره القانون أهلاً لأدائها، كالقاصر إذا بلغ الثماني عشرة وأذن له في إدارة أمواله، وغني عن البيان أن الموطن الحكمي أو القانوني لا يكون إلا في الأحوال التي يحددها القانون، وأجاز المشروع – في المادة (14) – اتخاذ موطن مختار لعمل قانوني معين وذلك من باب التيسير على الأفراد في معاملاتهم وخصوماتهم، ولكن القانون قد يوجب أيضًا في بعض الأحيان اتخاذ موطن مختار في مكان معين ومن ذلك ما نصت عليه المادة (175) من قانون المرافعات من وجوب أن يعين طالب أمر الأداء في عريضة طلب الأمر موطنًا مختارًا له في الكويت، ويعتد بالموطن المختار بالنسبة إلى كل ما يتعلق بالعمل القانوني الذي اختير له، ما لم يشترط صراحةً قصر هذا الموطن على أعمال دون أخرى، ولكنه يجب لإثبات الموطن المختار أن يكون اختياره واردًا في ورقة مكتوبة.
وتعرض المواد (من 15 إلى 17) لحالة الشخص العائلية، فتحدد المادة (15) المقصود من الأسرة التي يرتبط بها الشخص سواء بالزواج أو القرابة، كما تحدد ذوي القربى بكل من يجمعهم بالشخص أصل مشترك. وتقسم المادة (16) القرابة إلى قرابة مباشرة تربط بين الأصول والفروع، وقرابة حواشي تربط بين الشخص وبين كل من يجمعه به أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعًا للآخر.
وأخيرًا تحدد المادة (17) درجة القرابة المباشرة ودرجة قرابة الحواشي، كما تحدد درجة المصاهرة بدرجة القرابة للزوج. هذا ولم يشأ المشروع أن يعرض لحالة الشخص من حيث انتمائه إلى الدولة تاركًا أمر ذلك للقانون الخاص بالجنسية (انظر المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتي
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً