أحكام الايجاب والقبول في التعاقد – القانون الكويتي

الايجاب والقبول في التعاقد :

الإيجاب:

تعرض المواد (من 39 إلى 42) للإيجاب، باعتباره الخطوة الأولى لقيام العقد. وتعمد المادة (39) لتحديد ما يعتبر إيجابًا، يقوم العقد بقبوله، فقد يدق، في بعض الأحيان، تكييف ما يصدر من المتعاقد أهو إيجاب أم هو مجرد دعوة إلى التعاقد، أو من قبيل التفاوض بشأنه. ولهذا التكييف أهمية لا تخفى. فالإيجاب خطوة إلى العقد، تصل به إليه بمجرد أن يقترن به القبول، وعندئذٍ يمتنع على صاحبه الرجوع والنكوص. أما الدعوة إلى التعاقد، فإن تلبيتها تتضمن إيجابًا، يلزم قبوله من وجهها، ليقوم العقد، وبهذا المثابة، يجوز لهذا الأخير أن يتحلل من إبرام العقد، مع عدم الإخلال بما تقتضيه قواعد المسؤولية التقصيرية من تحميله بالتعويض، إذا كان له محل.

وقد عمد المشروع إلى وضع معيار مرن، من شأنه أن يساعد في تحديد ما إذا كان الإيجاب قد قام يتربص القبول، أم أنه لم يقم بعد، وينبني هذا المعيار على أمرين جوهريين، الأول: العزم النهائي من العاقد على إبرام العقد. فلا تكفي مجرد الرغبة فيه، إن لم تصل إلى حد البت. الثاني: أن يكون العرض قد حصل على صورة، بحيث يمكن للعقد أن يقوم على أساسه، بمجرد أن يقترن به القبول ممن وجه إليه. وهذا الأمر وذاك يتطلبان في العرض، لكي يرتقي إلى مرتبة الإيجاب، أن يتضمن، في الأقل طبيعة العقد وشروطه الأساسية.

ولم يشأ المشروع أن يقف عند نص اتفقت المادة (105) من قانون التجارة الكويتي الحالي، والمادة 77/ 1 من القانون المدني العراقي، والمادة 91/ 1 من القانون المدني الأردني، على أن تأتي به بحرفيته، قائلة كلها إن: ” الإيجاب والقبول كل لفظين مستعملين عرفًا لإنشاء العقد. وأي لفظ صدر أولاً فهو إيجاب والثاني قبول … ” كما أنه لم يشأ أن يقف عند نص المادة (101) من المجلة التي تقضي بأن: ” الإيجاب أول كلام يصدر من أحد العاقدين لإنشاء التصرف، وبه يوجب ويثبُت التصرف “، فكل من هذين النصين لا يحقق الغاية التي استهدفها المشروع وهي تحديد ما يعتبر إيجابًا وتمييزه عما قد يصاحبه من مقدمات أو مفاوضات.
وتعرض المادة (40) لصورة من صور الإيجاب شائعة في واقع حياة الناس وهي صورة الإيجاب المقدم للجمهور، فتقرر الفقرة الأولى مبدأ جواز مجيء الإيجاب في هذه الصورة بعد أن تقيدها بقيد تقتضيه طبيعة الأمور ذاتها، ومؤداه ألا تكون شخصية المتعاقد ذات اعتبار أساسي في التعاقد، فالعرض الذي يوجهه مثلاً رب عمل للجمهور في شأن تشغيل العمال عنده لا يكون إيجابًا حتى لو تضمن شروط العقد الأساسية، لما لشخصية العامل من اعتبار أساسي في التعاقد.

وقد حرص المشروع على أن يتحفظ، في شأن الإيجاب الموجه للجمهور، بوجوب مراعاة ما تقتضيه ظروف الحال، إذ أن الإيجاب هنا يرد بالضرورة معلقًا على إمكانية تمشي صاحبه مع مقتضاه. وتجيء الفقرة الثانية لتخص بالذكر، حالة عرض البضائع في واجهات المتاجر أو ما يشبهها مع بيان أثمانها، باعتبارها أكثر حالات العرض الموجه للجمهور شيوعًا في العمل، مضفية عليه وصف الإيجاب. ولا يعدو هذا الحكم أن يكون مجرد تطبيق للمبدأ الذي قررته الفقرة الأولى.

أما الفقرة الثالثة، فتعرض لحالات النشر والإعلان وإرسال وتوزيع قوائم الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو طلبات موجهة للجمهور أو لأفراد معينين، وتقرر أنها لا تعتبر، بحسب الأصل إيجابًا، ولا يخالف هذا الأصل إلا إذا استبان عكسه من ظروف الحال. وهذا الحكم يتمشى تمامًا مع الغالب حصوله في العمل. حيث أنه يقصد في العادة بإرسال ما سبق، الدعاية، أو في الأكثر الدعوة إلى التعاقد.

وحكم الفقرتين الثانية والثالثة مستمد في أصله من المادة 7/ 2 و3 من مدونة الالتزامات السويسرية، والمادة (73) من مدونة القانون البولوني، وقد أخذه عنهما مشروع تنقيح القانون المدني المصري (المادة 134). وعن هذا الأخير، انتقل إلى قانون التجارة الكويتي الحالي (المادة 107).

وقد حرص المشروع، في الفقرة الثانية من المادة (40) على أن يورد على مبدأ اعتبار عرض البضائع مع بيان أثمانها إيجابًا تحفظًا تفرضه طبيعة الأمور مؤداه وجوب مراعاة ما تقتضيه التجارة من أوضاع. ولهذا التحفظ ما يبرره. فقد لا يقصد التاجر، بعرض سلعة معينة في واجهة محله، أن يوجب بيعها بذاتها، وإنما بيع سلعة أخرى تماثلها. وقد لا تكون في المتجر سلعة غير تلك المعروضة في واجهته. فيعمد التاجر إلى إبقائها فيها على سبيل الدعاية لا أكثر، انتظارًا منه لوصول غيرها.

وتعرض المادة (41) للأثر المترتب على الإيجاب. وتتنازع هذا الحكم في القانون المقارن فكرتان: تقوم أولاهما على التزام الموجب بإيجابه، فتحرمه من الرجوع فيه، ما لم يتضمن ما ينم عن قصده في الاحتفاظ بحقه في ذلك. أما الفكرة الثانية، فلا تضفي على الإيجاب في ذاته صفه الإلزام، وتخول بالتالي لصاحبه أن يرجع فيه، طالما لم يقترن به بعد قبول، وهذه الفكرة هي التي تسود في الغالبية الكبرى من القوانين المعاصرة، ومنها قانون التجارة الكويتي الحالي، وهي الفكرة التي تسود أيضًا في الفقه الإسلامي، حيث يثبت للموجب ما يطلق عليه الفقهاء (خيار الرجوع). وقد أخذت بها المجلة بدورها (المواد 182 – 185)، وذهب رأي في المذهب المالكي يقول بلزوم الإيجاب على صاحبه، حتى أنه إذا رجع فيه، وصدر مع ذلك القبول في مجلس العقد، انعقد العقد (راجع الخطاب ج 4 ص 240). وقد آثر المشروع أن يأخذ بمبدأ عدم لزوم الإيجاب على صاحبه، لما فيه من التيسير عليه، بمنحه فرصة التحلل من العقد، إذا أصبح عنه راغبًا.

وتورد الفقرة الثانية استثناءً على مبدأ عدم لزوم الإيجاب على صاحبه ومنحه خيار الرجوع فيه. وذلك في الحالة التي يحدد فيها الموجب ميعادًا للموجب له، يبدي خلاله رأيه فيه، قبولاً أو رفضًا. وهذا الحكم لا يعدو أن يكون تفسيرًا لإرادة الموجب. وقد يأتي تحديد الميعاد من الموجب صراحةً. وقد يُستدل عليه من ظروف الحال أو طبيعة المعاملة، كما هو الشأن، على وجه الخصوص، في التعاقد بالمراسلة أو التعاقد بالمزاد أو التعاقد بالتجربة.

وقد ارتأى المشروع أن يعدل بعض الشيء في الصياغة المألوفة التي جرت عليها المدونات المختلفة، في صدد تقرير لزوم الإيجاب المقترن بمدة تحديد للقبول، والتي جاء عليها القانون المصري (المادة 93)، واتبعته فيها المدونات العربية الأخرى، ومنها قانون التجارة الكويتي الحالي (المادة 110). فهو لم يشأ أن يساير تلك المدونات فيقول إنه، في حالة ما إذا اقترن الإيجاب بميعاد محدد للقبول، ” التزم الموجب بالبقاء على إيجابه “، أو ” التزم الموجب بإيجابه ” وإنما قال ” بقي الإيجاب قائمًا “. وهذه العبارة أدق في التعبير عن الحكم المبتغى، وهو استمرار بقاء الإيجاب قائمًا، طوال الميعاد المحدد، حتى لو رجع الموجب فيه، الأمر الذي من شأنه أن يمكن من قيام العقد، بمجرد علم الموجب بالقبول.

وارتأى المشروع أيضًا أن ينهج منهجًا يغاير ما سارت عليه المدونات السابقة كلها، فجاء يصرح بسقوط الإيجاب المقترن بميعاد محدد للقبول، بمجرد فوات هذا الميعاد، وذلك لكي يزيل مظنة استمرار بقائه بعدئذٍ، ولكن مجردًا من وصف الإلزام. وتعرض المادة (42) لأثر الموت وفقد الأهلية على الإيجاب، قبل أن يقترن به القبول، وتجعل من كل منهما سببًا لسقوطه. سواء ألحق الموت أو فقد الأهلية الموجب أم الموجب له.

وهذا حكم تقتضيه المصلحة. فمن شأن سقوط الإيجاب بموت الموجب، أن يقيل ورثته من صفقة ربما كانت لا تحوز رضائهم، سيما إذا كان الإيجاب ملزمًا، أما موت الموجب له، فمن شأنه أن يتيح للموجب التحرر من عقد الصفقة مع ورثته، إذ قد لا يكون راغبًا في التعاقد معهم، ثم إن سقوط الإيجاب بموت الموجب يتمشى مع الحكم الذي سبق أن أورده، في المادة 36/ 1 منه، من أن التغيير عن الإدارة لا ينتج أثره إلا بعد وصوله إلى علم من وجه إليه. وقد رُئي أن يأخذ فقد الأهلية حكم الموت في أثره على الإيجاب. والحكم الذي جاءت به المادة (42) يتفق مع السائد في الفقه الإسلامي، إذ أن القول الغالب فيه هو أنه إذا صدر الإيجاب من أحد المتعاقدين وهو أهل للتعاقد، وقبل القبول من الطرف الآخر مات الموجب، أو خرج عن الأهلية، بطل الإيجاب، حتى إذا صدر بعد ذلك القبول من الطرف الآخر لا ينعقد العقد. وهذا هو مذهب الحنفية (رد المحتار لابن عابدين 4/ 29) والشافعية (مغنى المحتاج 2/ 6)، والحنابلة (المغنى لابن قدامة 3/ 482) والشيعة الجعفرية (فقه الإمام جعفر 3/ 44). وهذه المذاهب تقيم سقوط الإيجاب بموت الموجب أو بفقد أهليته على أساس خيار الموجب في الرجوع فيه اعتبارًا بأنه يتعذر عليه عندئذٍ إعمال هذا الخيار.

القبول:

تعرض المادة (43) للقبول، باعتباره الخطوة الأساسية الثانية لانعقاد العقد. وتقضي في فقرتها الأولى، بأن للموجب له الخيار فيه، فله أن يرتضي الإيجاب، أو أن يرفضه. والأصل أنه لا معقب عليه في هذا ولا في ذاك. إذ الأمر أمره ومتروك لتقديره. بيد أنه إذا كان الإيجاب قد جاء من صاحبه تلبية لدعوة إلى التعاقد سبق أن وجهت من الموجب له، فقد يتحمل هذا الأخير بالمسؤولية إذا لم يستند رفضه للإيجاب إلى مبرر سائغ، ولم يشأ المشروع أن يساير القانون اللبناني فيصرح مثله بهذا الحكم (المادة 181)، لأنه لا يعدو أن يكون تطبيقًا للقواعد العامة.

وتعرض الفقرة الثانية لما يعتبر قبولاً، وتستلزم لذلك أن يجيء الرد من الموجب له مطابقًا للإيجاب. ويجب أن تكون هذه المطابقة تامة شاملة كل ما تناوله الإيجاب من أمور التعاقد. وتجيء الفقرة الثالثة لتبين حكم عدم التطابق بين الإيجاب وبين الرد عليه من الموجب له، وتقضي بأن مثل هذا الرد يعتبر رفضًا للإيجاب. فأي تخالف بين الإيجاب وبين الرد عليه، سواء بالزيادة أو النقصان في مداه أو بالتعليق على شرط، أو الاقتران بأجل، أو على أية صورة أخرى، يجعل من الرد رفضًا للإيجاب. على أن الرد المخالف للإيجاب إذا اعتُبر رفضًا له، فهو يقع بمثابة إيجاب جديد.

والأحكام التي جاءت بها المادة (43) في فقراتها الثلاث متجاوبة تمامًا مع ما يقضي به الفقه الإسلامي، وما تقول به القوانين المعاصرة، ومنها قانون التجارة الكويتي الحالي (المادة 111). وتعرض المادة (44) لحالة خاصة يجيء عليها القبول، في بعض الأحيان، وهذه هي حالة السكوت عن الرد على الإيجاب. وينبغي التفريق بين السكوت وبين التعبير الضمني عن الإرادة، فهما، وإن اتفقا معًا في وجوب إعمال الاستنتاج المنطقي للوصول إلى حقيقة القصد، فإنهما يختلفان في طبيعتهما إذ أن التعبير الضمني يقوم على وضع إيجابي يصدر من المتعاقد، وإن لم يدل على إرادته بطريق مباشر، أما السكوت، فهو مجرد صمت عن الرد. فهو إذن وضع سلبي، وإن أمكن في بعض الأحيان أن يُستدل منه على الإرادة، وإذا كان التعبير الضمني عن الإرادة يصلح للإيجاب وللقبول، فإن السكوت لا يصلح إلا للقبول، بل هو لا يصلح للقبول، إلا إذا لابسته ظروف خاصة من شأنها أن تدعم دلالته عليه.

فقد تلابس السكوت بالنسبة إلى القبول ظروف تجعل منه دلالة على الرضاء، وليس يوجد في هذا الخصوص معيار أصلح من ذاك الذي قال به فقهاء المسلمين من الأحناف، وقننته المجلة عنهم (المادة 67)، من أن السكوت في معرض الحاجة إلى الكلام بيان. فكلما كان من شأن طبيعة المعاملة والظروف التي تكتنف إبرامها أن تقتضي من الموجب له أن يُصرح برفض الإيجاب الموجه له، إذا كان عنه راغبًا، فإن سكوته عن رفضه يتمثل دلالة واضحة على رضائه به. وقد آثر المشروع أن يأخذ بهذا المعيار الذي جاء به الفقه الإسلامي، وأخذته عنه المجلة، ثم القانون العراقي (المادة 81) ومن بعده قانون التجارة الكويتي الحالي (المادة 108) لأنه أدق وأسلم من المعيار الذي جاء به القانون الألماني ومدونة الالتزامات السويسرية (المادة 6) وسايرهما فيه القانون المصري (المادة 98) وهو معيار يقوم على عدم انتظار الموجب تصريحًا بالقبول يصدر من الموجب له. فالأمر مرده إلى الموجب له نفسه، هل أنه بسكوته عن الرد قد قبل الإيجاب أم أنه لم يقبله. وليس مرده إلى ما إذا كان الموجب ينتظر أو لا ينتظر تصريحًا بالقبول.
وتعرض المادة (44) في فقرتها الثانية لتطبيقات ثلاثة، لعلها من أبرز ما يقع في العمل. وهي مذكورة على سبيل التخصيص والتمثيل، وليس على سبيل التحديد والحصر، فلا يوجد ثمة ما يمنع من أن تتواجد حالات أخرى يتلابس فيها السكوت مع ظروف تدعم دلالته على القبول.

وتعرض المادة (45) لحالة موت الموجب له أو فقده الأهلية بعد صدور القبول منه، وقبل أن يتصل قبوله هذا بعلم الموجب. وهي تقضي هنا بسقوط القبول. وعلة هذا الحكم ما سبق للمشروع أن قرره في المادة 36/ 1 من أن التعبير عن الإرادة لا يحدث أثره إلا بعد اتصاله بعلم من وجه إليه. فطالما أن القابل مات أو فقد أهليته قبل أن ينعقد العقد، فأولى بقبوله أن يسقط.

ارتباط الإيجاب والقبول:

تبدأ المادة (46) بمواجهة الحالة الغالبة في حصول التعاقد، وهي تلك التي يتم فيها بين عاقدين حاضرين، أو ما يطلق عليه التعاقد في مجلس العقد. ومجلس العقد اصطلاح شرعي قال به الفقه الإسلامي، وأخذه عنه بادئ ذي بدء القانون المدني المصري (المادة 94). ومن خلال هذا القانون، شق طريقه إلى كافة القوانين العربية التي استوحته، ومن بينها قانون التجارة الكويتي الحالي (المادة 109) وقد آثر المشروع أن يُبقي على هذا الاصطلاح، لما فيه من أحكام الدلالة على المقصود.

ومجلس العقد يعني اجتماع المتعاقدين في نفس المكان والزمان، بحيث يسمع أحدهما كلام الآخر مباشرةً، حالة كونهما منصرفين إلى التعاقد، لا يشغلها عنه شاغل. وهو يبدأ بتقديم الإيجاب وينتهي إما بالرد على الإيجاب قبولاً أو رفضًا، وإما بانفضاضه دون رد، سواء أكان هذا الانفضاض بالمفارقة الجسدية أم بكونهما قد انشغلا أحدهما أو كلاهما عن التعاقد بشاغل.

ومجلس العقد أمر أساسي في الفقه الإسلامي. إذ يلزم أن يجيء الإيجاب والقبول فيه، وهو ما يسمى بوحدة المجلس. وإن كان الفقه الإسلامي أجاز أيضًا التعاقد بالمراسلة، اعتبارًا بأن ثمة مجلسًا حكميًا للعقد، ينعقد إما حال أداء الرسول رسالته، وإما حال قراءة الخطاب، وقد أفرط بعض فقهاء المسلمين من الحنفية في فكرة وحدة المجلس، باعتبارها شرطًا لانعقاد العقد، على نحو لا يتسق مع روح الشريعة السمحة، ولا مع المبدأ الأساسي الذي يسود، تحت ظلها، وهو مبدأ الرضائية في العقود، فقالوا إن أي تغيير في موقف المتعاقدين أو في مكان وجودهما، ولو كان يسيرًا، ينهي المجلس، ويحول بالتالي دون قيام العقد. ولم يسد هذا التصوير المفرط في الشكلية في الفقه الإسلامي، حيث رأى جمهور رجاله، وعلى الأخص المالكية منهم والحنابلة، أن مجلس العقد يظل قائمًا، وفقًا لما تعارف عليه الناس، بل إن المجلة نفسها، برغم أنها تقنين للفقه الحنفي، لم تتضمن ما يدل على أنها تسايره في الإفراط في تصويره مجلس العقد.

وإذا كان المشروع يعرض، في المادة (46) منه، للتعاقد في مجلس العقد، فهو لا يحتم صدور الإيجاب والقبول فيه، إلا إذا كان المقصود هو أن يتم التعاقد في الحال، فإن اقترن الإيجاب بميعاد حُدد للقبول، ظل قائمًا طوال هذا الميعاد، بحيث يمكن للقبول أن يلحقه حينئذٍ، فيقوم العقد ولو تبلغ للموجب بعد انفضاض المجلس. ثم إن المشروع لا ينظر إلى مجلس العقد، إلا على النحو الذي ينظر إليه جمهور فقهاء المسلمين، من حيث أنه يعني قبل كل شيء، انصراف المتعاقدين إلى التعاقد، لا يشغلها عنه شاغل.

وإذا صدر الإيجاب في مجلس العقد من غير أن يتضمن ميعادًا للقبول، ظل قائمًا إلى آخر المجلس. وهنا يثبت لكل من المتعاقدين الخيار على صاحبه. فللموجب خيار الرجوع في إيجابه، طالما لم يقترن به قبول. وللموجب له خيار القبول إلى آخر المجلس.
وقد اختلف فقهاء المسلمين في تحديد الوقت الذي يسوغ فيه للقبول أن يصدر. ونجد تحت ظله نزعتين أساسيتين: فالشافعية يقولون بالفور، بمعنى وجوب أن يأتي القبول فور صدور الإيجاب، وإلا اعتُبر هذا الإيجاب مرفوضًا. ويقول بالفور أيضًا من القوانين المعاصرة: القانون المصري (المادة 94)، والقانون السوري (المادة 95)، والقانون الليبي (المادة 94)، والقانون الألماني (المادة 147)، ومدونة الالتزامات السويسرية (المادة 4)، ومدونة الالتزامات والعقود التونسية (المادة 27)، ومدونة الالتزامات والعقود المغربية (الفصل 185).

وثمة نزعة ثانية في الفقه الإسلامي، وهي النزعة السائدة فيه، ويقول بها على الأخص الحنفية والمالكية والحنابلة، ومؤداها أن الفور غير لازم، وأن الإيجاب طالما أن صاحبه لم يرجع فيه، يبقى قائمًا يتربص القبول إلى آخر مجلس العقد، وإن كان هذا المجلس لا ينتهي بالمفارقة الجسدية فحسب، بل أيضًا بكل ما يشغل المتعاقدين عن التعاقد وقد أخذت المجلة بهذه النزعة وقننتها في المادة (181) منها، في صدد البيع.

وقد آثر المشروع أن يأخذ بالنزعة الأخيرة. لأنها أكثر تمشيًا مع قصد المتعاقدين. ثم أنها أدعى إلى التحديد والانضباط، لقيامها على أساس بيِّن واضح، هو انعقاد مجلس العقد، فيبقى الإيجاب قائمًا إلى آخر المجلس. فإذا انفض المجلس بالمفارقة الجسدية، أو بأي قول أو فعل يقوم مقامها، لما يترتب عنه من الانشغال عن التعاقد، اعتُبر الإيجاب مرفوضًا، وهو الحكم الذي يأخذ به القانون الكويتي الحالي (المادة 109).

وتعرض المادة (47) للحالة التي يتم فيها اقتران الإيجاب بالقبول، وهي وإن كانت واردة في مجال التعاقد في مجلس العقد إلا أن حكمها يسري أيضًا على جميع الصور الأخرى في التعاقد، أيًا ما كانت، وهي تقضي بلزوم العقد على عاقديه، بمجرد أن يتم ارتباط الإيجاب بالقبول، فلا يسوغ بعد ذلك لأي منهما أن يتحلل من حكمه، برغم إرادة الآخر، ما لم يشفع له في ذلك الاتفاق، أو نص في القانون، أو حكم يقضي به العرف.وقد آثر المشروع أن يورد هذا الحكم، نظرًا لأهميته العملية القصوى. ثم إن فقهاء المسلمين اختلفوا حوله اختلافًا كبيرًا، الأمر الذي يتعين معه أن يتخذ له موقفًا في شأنه.

فطائفة من فقهاء المسلمين، يتزعمها الفقه الشافعي والفقه الحنبلي، تقول بأن لأي من المتعاقدين أن يرجع في العقد، برغم توافق الإيجاب والقبول، طالما بقي المتعاقدان مجتمعين لم يتفارقا بالبدن. وهذا ما يسمى عندهم (خيار المجلس). ودعامة هذا الرأي الحديث الشريف (المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا إلا بيع الخيار)، والطائفة الثانية من فقهاء المسلمين يتزعمها الفقه الحنفي والفقه المالكي. وهي تقول بأن العقد، بعد انعقاده بتوافق الإيجاب والقبول، يصير لازمًا، ويمتنع على أي من طرفيه الرجوع فيه، برغم إرادة الآخر. فهي لا تقول بخيار المجلس. وعمدة هذا الرأي قوله، عز شأنه: “ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود “، اعتبارًا بأنه مما يتنافى مع الوفاء بالعقد أن يُسمح لأي من طرفيه بالنكوص عنه بعد تمام انعقاده. وأنصار هذا الرأي يعمدون إلى تفسير الحديث الشريف (المتبايعان بالخيار ……) على نحو يجعله متسقًا مع إطلاق الآية الكريمة كقول بعضهم بأن المقصود، في الحديث الشريف، من كلمة المتبايعان هو المتساومان، أي المتفاوضان في شأن البيع، وكقول البعض الآخر إن المقصود بكلمة (يفترقا) هو الافتراق بالقول، لا التفرق بالأبدان. وهو يتم بصدور القبول.

وقد آثر المشروع أن يأخذ بالرأي الأخير، لأنه يتمشى مع إطلاق الآية الكريمة: “ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود “ واطمئنانًا منه إلى تفسير فقهاء الحنفية والمالكية للحديث النبوي الشريف بما يجعله متسقًا مع هذا الإطلاق. وتعرض المادة (48) والمادة (49) لصورة جد شائعة في التعاقد لا سيما في المعاملات التجارية وهي من بعد صورة يزداد شيوعها يومًا بعد يوم، على أثر تقدم العلم وتكنولوجيا العصر. وهذه هي صورة التعاقد بالمراسلة سواء أتم عن طريق إيفاد رسول يبلغ الرسالة من هذا الطرف لذاك، أو تم بالمكاتبة عن طريق البريد أو عن طريق البرق أو ما يشبهه من وسائل الاتصال الأخرى، وسمة هذا التعاقد أنه يتم بين غائبين، دون أن يسمع أحدهما الآخر فور أداء عبارته، الأمر الذي يتطلب بالضرورة فوات فترة من الزمن، تطول أم تقصر، بين تعبير كل من الطرفين عن إرادته ووصول تعبيره هذا إلى علم الآخر.

وقد جرت العادة، في تقنينات الدول المختلفة، عربية كانت أم أجنبية، على أن يُقتصر أمر التشريع، في تنظيمه التعاقد بالمراسلة، على مواجهة مسألة زمان انعقاد العقد ومكانه. وهي مسألة، على كبير أهميتها، ليست الوحيدة الجديرة بأن يعرض لها التشريع بالتنظيم المباشر. فإلى جانبها، توجد مسألة أخرى لا تقل عنها أهمية، بل تزيد وهذه هي مسألة تحديد مدى التزام الموجب بالإبقاء على إيجابه بعد أن يبعث به إلى الموجب له. وهذه المسألة وإن كان يمكن الوصول إلى بيان الحكم فيها عن طريق الاستنتاج من الفقرة الثانية من المادة (41) من المشروع، إلا أنه من المفيد أن يخصها التشريع بالذكر، لإقامة معيار يحدد على أساسه فترة بقاء الإيجاب ملزمًا، عندما لا يحدد الموجب لإيجابه ميعادًا صريحًا. وقد أقام المشروع لذلك معيارًا مرنًا قوامه الفترة المعقولة التي تقتضيها ظروف الحال لوصول الإيجاب للموجب له، وإبداء هذا رأيه فيه، ثم وصول قبوله للموجب، إذا قُدر له أن يكون.
وتعرض الفقرة الثانية من المادة (48) للحالة التي يصدر فيها القبول في وقت مناسب، بمعنى أن يجيء في وقت تسمح فيه الظروف، بحسب المألوف، بوصوله إلى الموجب خلال الفترة المعقولة التي يبقى فيها إيجابه قائمًا، ولكنه مع ذلك يتأخر في وصوله، لسبب أو لآخر، إلى ما بعد فوات تلك الفترة. وهي هنا ترخص للموجب أن يعتبر إيجابه مرفوضًا. إذ أنه أولى بالقابل أن يتحمل تبعة ذاك التأخير دونه.

وتواجه المادة (49) مسألة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد، عندما يتم إبرامه بالمراسلة، وهي مسألة تباين وجه الحكم فيها تباينًا كبيرًا، في تقنينات الدول المختلفة. فمن هذه التقنينات ما يعتد في ذلك بصدور القبول. ومنها ما يعتد بتصدير القبول ومنها ما يعتد بوصول القبول إلى الموجب له. وقد تبنى القانون المصري هذا الرأي الأخير (المادة 97)، وتبعته فيه أغلب القوانين العربية التي استوحته، كالقانون الليبي (المادة 97)، والقانون العراقي (المادة 87) وأخذ بهذا الرأي كذلك قانون التجارة الكويتي (المادة 112).
وقد آثر المشروع أن يأخذ بمبدأ العلم بالقبول، لتمشيه مع المصلحة أكثر من غيره. فقضى بأن التعاقد بالمراسلة يُعتبر أنه قد تم في الزمان والمكان اللذين يتصل فيها القبول بعلم الموجب، ما لم يُتفق على غير ذلك، أو يقضي القانون أو العرف بخلافه. والحكم الذي أخذ به المشروع لا يعدو أن يكون تطبيقًا للمبدأ الذي سبق أن قرره في المادة 36/ 1. وغني عن البيان أن وصول القبول إلى الموجب يقوم قرينة على علم هذا به، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة (36).

وتعرض المادة (50) لصورة ثالثة من صور التعاقد، وهي تلك التي يتم فيها التعاقد بطريق الهاتف أو أي طريق آخر مشابه. وسمة التعاقد بالهاتف، أو ما يشبهه، أنه يتم بين شخصين غائبين أحدهما عن الآخر مكانًا، ولكنهما في حكم الحاضرين كلامًا، حيث أن كل منهما يسمع عبارة الآخر فور إبدائها منه. من أجل ذلك يعطي المشروع التعاقد الذي يتم على هذه الصورة حكم التعاقد بين الغائبين، أي التعاقد بالمراسلة، بالنسبة إلى مكان انعقاد العقد، حيث يتحدد هذا المكان بذاك الذي يتكلم منه الموجب. ويعطيه حكم التعاقد بين الحاضرين، أو التعاقد في مجلس العقد بالنسبة إلى كيفية تمام العقد وزمان انعقاده. إذ أنه من الممكن اعتبار التعاقد بالهاتف في خصوص تمام إبرامه وزمانه، في حكم التعاقد الحاصل في مجلس العقد.

وإذا كانت العادة قد جرت، في تقنينات الدول المختلفة، ألا تعرض، في صدد التعاقد بالهاتف، إلا لمكان انعقاد العقد وزمانه، كما هو الحال في قانون التجارة الكويتي (المادة 113) فالمشروع قد آثر أن يعرض أيضًا لكيفية تمام إبرام العقد لأهميتها القصوى، مقررًا في شأنها حكمًا مماثلاً لذاك الذي يسري على التعاقد في مجلس العقد. وتواجه المادة (51) حالة أخذت تشيع في المعاملات المالية، لا سيما التجارية منها، وهي الحالة التي يتفق فيها المتعاقدان على الإحالة، في صدد حكم عقدهما، على عقد نموذج contrat – type أو على لائحة نموذجية reglement – type والعقد النموذج ليس في حقيقته عقدًا. فهو لا يتضمن رضاء يقوم بين طرفين، ولكنه مجرد جماع لشروط توضع مسبقًا، لتتخذ نموذجًا لحكم عقود فردية تُبرم في تاريخ لاحق، إعمالاً لذات إرادة عاقديها وكان أولى به أن يطلق عليه (صيغة نموذجية للعقد formule – type) أو نموذج العقد. ولكن الفكر القانوني العالمي سار من قديم على أن يطلق عليه اصطلاح (العقد النموذج)، وقد آثر المشروع ألا يقطع هذا التقليد الثابت المستقر.

والعقد النموذج تضعه، في العادة، منظمات جماعية خاصة، كالنقابات وغيرها من الهيئات المهنية والغرف التجارية واتحاد البنوك. وقد تعمد الدولة نفسها أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة لوضع نموذج للشروط التي تتعاقد عليها مع الأفراد، كما إذا وضعت نموذجًا للشروط التي يتضمنها بيع أموال الدولة الخاصة أو تأجيرها، أو لمنح امتياز إدارة المرافق العامة. وقد يُطلق على جماع الشروط التي تضعها الإدارة اصطلاح (اللائحة النموذجية). ونظام العقد النموذج أو اللائحة النموذجية، وإن كان له جليل الفائدة، من حيث أنه يتضمن نموذجًا لتنظيم تفصيلي ودقيق لما يُبرمه الأفراد من عقود، وهو تنظيم كثيرًا ما تقعد عنه النصوص القانونية، إلا أنه لا يخلو من بعض مظاهر الخطورة. ففيه تقييد واضح لسلطان الإرادة، بل إنه أصبح اليوم – في كثير من الحالات – يُتخذ وسيلة فعالة لإعمال فكرة العقد الموجه.

بيد أن أخطر ما في نظام العقد النموذج يكمن في أن المتعاقد قد يرتضي الإحالة على حكمه، دون أن يكون في الحقيقة قد اطلع عليه وألم به، وقد جاء المشروع مستهدفًا تفادي هذا الخطر. فهو، إن كان يقضي بسريان أحكام العقد النموذج عند الاتفاق على الإحالة عليه، على العقد المبرم، ويفترض بذلك علم كل من المتعاقدين عندئذٍ بهذه الأحكام، إلا أنه أجاز لكل منهما أن يثبت عدم علمه بها كلها أو بعضها، فإن أفلح في إقامة الدليل، فإنه لا يسري عليه ما لم يعلم به من أحكام العقد النموذج. على أن المشروع قد حرص هنا على ألا يقرر بطلان العقد، إلا إذا كانت الأحكام التي لم يحصل العلم بها أساسية، فإن كانت ثانوية، فما بطُل العقد، وتولى القاضي حسم الخلاف في شأنها، على هدي من طبيعة المعاملة والعرف الجاري ومقتضيات العدالة. وقد سوى المشروع مع العلم بأحكام العقد النموذج أو اللائحة النموذجية الحالة التي يكون في مقدور المتعاقد فيها، عند إبرام العقد، أن يعلم بها، لكون الفرصة متاحة له في ذلك، وهو حكم يقتضيه استقرار المعاملات. ثم إنه ليس للمتعاقد هنا أن يلوم إلا نفسه.

وقد استوحى المشروع الفقرة الأولى من المادة (51) من نص المادة (9) من المشروع المقدم من الأستاذ mazeaud للجنة تنقيح القانون المدني الفرنسي، مع تعديل في الصياغة. ولم يشأ أن يقف عند نص المادة (147) من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري، الذي جاء يطلق أثر الاتفاق على الإحالة على العقد النموذج بغير قيود. وجاء حكم الفقرة الثانية متمشيًا مع فكرة اقتصار بطلان العقد على حالة عدم اتفاق طرفيه المسائل الجوهرية فيه، طالما يثبت أن خلافهما لم يرد عندئذٍ على ما بقي من مسائلة الثانوية، وهو الحكم الذي أرست أصله المادة (52) من المشروع.

وتواجه المادة (52) الحالة التي يحصل فيها الاتفاق الفوري على بعض مسائل العقد، دون بعضها الآخر. فإن لزم لقيام العقد، عدم حصول خلاف بين المتعاقدين على أية مسألة من المسائل الداخلة في رحابه، أيًا ما كانت، إلا أنه قد يحصل أن يتفق المتعاقدان بالفعل على بعض هذه المسائل، ويرتضيان إرجاء اتفاقهما على بعضها الآخر، إلى وقت لاحق، على أمل منهما في وصولهما إلى هذا الاتفاق مستقبلاً.

ويتجاذب حكم هذه الحالة حلان: فإما أن يتقرر أن العقد لا ينعقد إلا إذا تم الاتفاق على المسائل المعلقة، إن قُدر له أن يقع. وإما أن يتقرر انعقاد العقد فورًا، شريطة أن يكون الاتفاق قد ورد على كل المسائل الجوهرية فيه، ولم يُعلق إلا الاتفاق على ما هو ثانوي منها. وقد نهج القانون المصري النهج الأخير (المادة 95) وسارت على دربه أغلب القوانين العربية التي استوحته، كالقانون العراقي (المادة 86)، والقانون السوري (المادة 96)، والقانون الليبي (المادة 95). أما قانون التجارة الكويتي، فقد التزم الصمت، ولم يشأ أن يصرح في نصوصه بالسير في هذا الاتجاه أو في ذاك. وقد آثر المشروع أن يساير الاتجاه الثاني، فقضى في الفقرة الأولى من المادة (52) بالانعقاد الفوري للعقد، إذا كان الاتفاق قد ورد بالفعل على المسائل الجوهرية فيه، واقتصر الإرجاء على ما يُعتبر منها ثانويًا. بيد أن هذا الحكم لا يعدو أن يكون مجرد تفسير للإرادة المشتركة للمتعاقدين. ومن ثم فلا يُعمل به إلا عندما لا يستبين من شروط العقد أو من الظروف التي اكتنفته أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى غيره.

وإذ يتقرر انعقاد العقد بمجرد الاتفاق على المسائل الجوهرية فيه، مع ارتضاء تعليق الاتفاق على ما هو ثانوي منها إلى وقتٍ تالٍ، كان لزامًا أن تواجه الحالة التي لا يصل فيها الطرفان التي الاتفاق على المسائل المرجأة، وهذا ما يفعله المشروع في الفقرة الثانية من المادة، مقررًا بقاء العقد، وتخويل القاضي سلطة حسم الخلاف، على هدي من طبيعة المعاملة والعرف الجاري ومقتضيات العدالة. وهذا هو الحل الواجب اتباعه، برغم ما فيه من إعطاء القاضي ما يتجاوز المألوف من سلطته. وقد استوحى المشروع حكم المادة (52) بفقرتيها من المادة (2) من مدونة الالتزامات السويسرية، ومن المادة (95) من القانون المدني المصري ونصوص قوانين الدول العربية الأخرى التي أخذت عنه، وإن كان قد لجأ إلى صياغة أسلم وأدق.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .

شارك المقالة

1 تعليق

  1. سعاء كم سعا انسان علي شي يفقده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.