– أثر وفاة المدين في التنفيذ:
أما أثر وفاة المدين في التنفيذ، فيجب أن نفرق بين فرضين:
أولهما: أن تكون وفاة المدين حاصلة قبل البدء في التنفيذ.
وثانيهما – أن تكون الوفاة حاصلة بعد البدء في التنفيذ.
أما عن الفرض الأول: وهو وفاة المدين قبل البدء في التنفيذ – أي قبل ايقاع الحجز على المنقول، أو قبل اعلان تنبيه نزع الملكية في التنفيذ العقاري أو قبل إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه، في حجز ما للمدين لدى الغير –
فان حكم القانون في هذه الحالة مقرر بنص الماد (284) مرافعات جديد ومؤداه أن التنفيذ ضد الورثة لا يجوز الا بعد مضى ثمانية أيام على اعلان هؤلاء الورثة بالسند التنفيذي. وما يسرى على الوفاة يسرى على فقد المدين لأهليته أو زوال صفة من يباشر الاجراءات بالنيابة عنه، وقد نصت على ذلك المادة 284 من القانون الجديد. والنص يستلزم اعلان الورثة بالسند التنفيذي وهو ما يفهم منه أنه يجب اعلان السند للورثة حتى ولو كان قد سبق اعلانه للمورث. والحكمة من ذلك أن الورثة قد لا يكونون على بينة من أمر السند التنفيذي لأن مورثهم لم يطلعهم عليه أو لأى سبب آخر، ولعلهم يبادرون إلى تنفيذه طواعية لو علموا به ليتجنبوا نفقات التنفيذ الجبري ومضايقاته.
ولذلك أوجب المشرع على طالب التنفيذ أن يعلنهم بذلك السند من جديد حتى لو كان قد أعلنه للمورث من قبل، فإذا كان لم يسبق له اعلان السند للمورث فلا شك أن اعلانه للورثة يكون أوجب وألزم، خاصة وان القواعد العامة توجب على الدائن قبل أن يشرع في التنفيذ إعلان سنده لمن يريد التنفيذ ضده (مادة 281 جديد) فيكون قيامه بإعلان السند للورثة في هذه الحالة مجرد تطبيق للقواعد العامة. وفى هذا ما يدل على أن المادة (284) حين تنص على وجوب إعلان الورثة بسند التنفيذ انما تقصد بالذات حالة السند السابق اعلانه للمورث، إذ أن حالة عدم اعلان السند للمورث لا تحتاج إلى نص خاص، وكان يكفى في شأنها تطبيق القواعد العامة.
على أنه يجوز أن يتم اعلان السند التنفيذي إلى الورثة جملة دون بيان أسمائهم وصفاتهم وذلك في آخر موطن كان لمورثهم، بشرط ألا تكن قد مضت على الوفاة ثلاثة أشهر (الفقرة 2 من المادة 284). أما إذا انقضت على الوفاة ثلاثة أشهر فإنه يلزم اعلان السند التنفيذي لكل من هؤلاء الورثة باسمه وفى موطنه، ومع مراعاة أنه إذا كان بين أولئك الورثة قصر فإن الإعلان يتم إلى وصية أو وليه وفى موطن ذلك الوصي أو الوى، الذى يعتبر موطنا للقاصر بحكم القانون (مادة 42/1 مدنى).
ويجب أن ينتظر الدائن ثمانية أيام على الأقل بعد الاعلان لا يشرع خلالها في اتخاذ أية اجراءات تنفيذية. والحكمة من ذلك ترك مهلة للورثة يدبرون فيها المبلغ اللازم أو يقررون ما ينبغي في صدد التنفيذ. وإذا تعدد المعلن اليهم يبدأ الميعاد من تاريخ أخر اعلان. ولكن من حق الدائن – إذا شاء – أن ينتظر مدة أطول، لأن الثمانية أيام هى حد أدنى ولكن لم يوجب المشرع اتخاذ الاجراءات بعد انتهائه مباشرة. ولذلك فان الدائن قد يرى من مصلحته ألا يقوم بالتنفيذ على أثر اعلان السند للورثة لاحتمال أن يكون ذلك الاعلان قد نبههم إلى أمر كانوا عنه غافلين، فبادروا بتهريب الأموال التي يخشون من التنفيذ عليها، فيؤثر الدائن الانتظار والتربص حتى يفاجئ الورثة فيما بعد بالتنفيذ عليهم بعد أن تكون نفوسهم قد هدأت وزال أثر الاعلان من أذهانهم وأظهروا ما أخفوه من أموال المورث. فالممنوع إذن هو اتخاذ الاجراءات في خلال هذه الفترة التي تلى الاعلان وعدتها ثمانية أيام.
والجزاء على مخالفة حكم المادة 284 من قانون المرافعات:
هو بطلان الاجراءات إذا اتخذت دون اعلان الورثة بالسند التنفيذي ولو كان قد سبق اعلانه لمورثهم – أو إذا اتخذت الاجراءات قبل مضى ثمانية أيام على اعلان السند التنفيذي للورثة. ولكن يجب أن يتمسك الورثة بهذا البطلان، لأن هذا البطلان مقرر لمصلحتهم، فلو واجهوا الاجراءات وردوا عليها بما يدل على أنهم اعتبروها صحيحة، أو قاموا بأي عمل أو اجراء على أساس اعتبارها صحيحة كما لو قاموا مثلا بتقديم اعتراضات على قائمة شروط البيع لم يضمنوها تمسكهم بنص المادة 284 مرافعات، فان هذا يؤدى إلى زوال البطلان وذلك تطبيقا لنص المادة 22 من قانون المرافعات الجديد التي تقرر أن البطلان يزول إذا نزل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمناً.
أما إذا تمسك الورثة بالبطلان فانه يترتب على ذلك اعادة الاجراءات على مصاريف طالب التنفيذ، أي أن مصاريف التنفيذ الباطل تحتسب على من قام بإجرائه ولا يلزم بها الورثة، ويتعين في حالة اعادة الاجراءات أن يسبق التنفيذ اعلان الورثة بالسند التنفيذي وانتظار مضى الثمانية أيام المنصوص عليه في المادة 284 وقد يترتب على بطلان الاجراءات الأولى استحالة اعادتها إذا كان قد طرأ ما يمنع من ذلك، مثل استكمال مدة التقادم أو حصول التصرف في العين للغير أو نحو ذلك. وما يقال عن الوفاة يقال عن فقد الأهلية أو زوال الصفة فيطبق عندئذ حكم المادة 284 مرافعات.
الفرض الثاني: اما إذا كانت وفاة المدين حاصلة بعد البدء في التنفيذ
فإنه لا يلزم اعلان الورثة بسند التنفيذ، إذ المفروض أن السند قد أعلن لمورثهم وأن اجراءات التنفيذ قد اتخذت ضده فعلا ولكن لم تصل إلى غايتها ولذلك فان كل ما ينبغي على الدائن طالب التنفيذ، في هذه الحالة، هو أن يتابع التنفيذ في مواجهة الورثة. وقد خول القانون للدائن بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 284 مرافعات جديد أن يعلن الأوراق المتعلقة بالتنفيذ إلى الورثة جملة في آخر موطن كان لمورثهم بغير بيان أسمائهم وصفاتهم. وذلك بشرط أن يتم الاعلان قبل انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ وفاة المدين.
والغرض من هذا النص هو التيسير على الدائن الذى قد يجهل أسماء الورثة وعددهم ومواطنهم وقد يكونون مقيمين في مواطن متباعدة مما يشتت جهود الدائن في الاعلان. وقد قدر المشرع أن الورثة بعد الوفاة يجتمعون في آخر موطن كان للمتوفى وان الاعلان الذى يصل اليهم في ذلك الموطن في تلك الفترة لابد أن يقرع أسماعهم ويتصل به علمهم جميعاً. أما بعد فوات الثلاثة شهور فالمفروض في تقديم المشرع أن الورثة قد انفرط عقدهم وتفرقوا وغادر كل منهم موطن المتوفى إلى موطنه الخاص، ولذلك يجب في هذه الحالة توجيه اعلان فردى لكل منهم في موطنه. ولا يغنى اعلان بعضهم عن اعلان سواء.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً