العقود الإلكترونية وشرعيتها
هي العقود التي تتم عن طريق الأنترنت وشبكات الحاسب الألي وتـعتبر العقود الالكترونية من العقود الحديثة العهد التي ظهرت بظهور شبكة الاتصالات الدولية المتمثلة بـ( الانترنت) الذي اصبح استخدامها يتزايد بشكل كبير في انجاز مختلف المعاملات وابرام الصفقات عن بعد دون حاجة الى انتقال الاطراف او التقائهم في مكان واحد. وتعتبر هذه العقود صحيحة ومعتبرة شرعاً ذلك أن الفقه الإسلامي جعل الرضا هو الأساس في انعقاد العقود من دون تحديد شكل معين، فالعقد ينعقد في الشريعة الإسلامية بكل ما يدل عليه من قول أو فعل أو كتابة أو إشارة. والإنترنت عبارة عن آلة لتوصيل الكتابة وهذه الوسيلة معتبرة شرعا كما هو الحال في التعاقد بطريق الكتابة بين الغائبين.
والتعاقد بطريق الإنترنت هو تعاقد بين حاضرين من حيث الزمان وغائبين من حيث المكان إلا إذا وجد فاصل طويل فإنه يكون بين غائبين زماناً ومكاناً وهو الرائج حالياً مع تقدم التجارة الإلكترونية على مواقع التواصل ومنصات العرض الإلكتروني والشركات التجارية الدولية. والعقود الألكترونية “المالية” تشترط في عقد الصرف أن يتم التقابض مباشرة وفي عقد السلم أن يتم تسليم رأس المال في الحال أو يتم سداد ثمن العقد المبرم عبر الشبكة بعدة طرق من أسهلها استخدام بطاقات الإئتمان (الفيزا كارد والماستر كارد ونحوها) ويكون إعطاء معلومات البطاقة عبر الهاتف أو الفاكس وذلك تجنباً لإرسالها عبر الإنترنت مما يؤدي إلى سرقة المعلومات المتعلقة بالبطاقة. وقد يكون الدفع عن طريق النقود الإلكترونية (البينز) حيث يتم تحويل النقود العادية إلى وحدات نقدية إلكترونية يكون من الممكن التعامل بها بشكل آمن عبر شبكة الإنترنت, كما يمكن الدفع عبر الشيك المصدق والمصرفي أو الشبكات الإلكترونية وغير ذلك من الطرق المتعددة.
ومن أهم شروط التعاقد الكترونياً :
أولاً : تحديد الإيجاب والقبول في التعاقد بطريق الإنترنت ( صوتي او كتابي , مشاهدة)
ثانياً : طرفا العقد ( بياناتهما , ألتزامهما , اثبات الهوية )
ثالثاً : تحديد المعقود عليه ( عرض صورته , معلوماته , تحديد الثمن ,الدفع ) – و يتم إبرامه وتنفيذه على الشبكة نفسها وهو الغالب وقد يكون خارجها حينما يكون جزئياً -يتم توثيقه بعدة طرق والاحتفاظ بنسخة من العقد في الجهة وطباعته وإرسال نسخة منه بالبريد الإلكتروني من حيث الإثبات، فالدعامة الورقية هي التي تجسد الوجود المادي للعقد التقليدي، ولا تعد الكتابة دليلاً كاملاً للإثبات، إلا إذا كانت موقعة بالتوقيع اليدوي، أما العقد الإلكتروني فيتم إثباته عبر المستند الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني، فالمستند الإلكتروني يتبلور فيه حقوق طرفي التعاقد، فهو المرجع للوقوف على ما أتفق عليه الطرفان وتحديد التزاماتهما القانونية.
والتوقيع الإلكتروني هو الذي يضفي حجية على هذا المستند لان معظم أركان العقد الالكتروني هي نفس أركان العقد التقليدي سواء بطريقة إبرامه أو آثاره مع وجود اختلاف بسيط هو وسيلة انعقاده. إلا إن اختلاف التشريعات في الأخذ في أي نظرية من اجل تحديد لحظة انعقاد العقد لايمكن تطبيقه في العقد الالكتروني كون إن العقد الالكتروني عقد دولي يتم عن طريق وسيلة دولية تجمع بين افراد ينتمون إلى دول مختلفة وبما ان لكل دوله تشريع مكيف يمكن تحديد لحظة إبرام العقد الالكتروني بين شخصين قد يكون قانون دوله كل شخص بأخذ بنظرية مختلفة عن النظرية التي تأخذ بها دوله المتعاقد الآخر.
خاصة وان القانون النموذجي للتجارة الالكترونية الصادر عن لجنة الاونيسترال قد جاء غافلاً عن ذكر نص زمان ومكان انعقاد العقد الالكتروني، وبرر هذا الإغفال على انه من اجل عدم المساس بالقانون الوطني الساري على تكوين العقد فقد رأى إن أي نص كهذا قد يتجاوز الهدف من القانون. إلا إننا نرى انه يجب معاملة العقد الالكتروني من ناحية إبرامه أو لحظة إبرامه معاملة العقد التقليدي مع تطبيق الإحكام العامة لنظرية العقد لكي تقف مع خصوصية الوسيلة التي يتم فيها التعاقد.
فاطمة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً