جواز تعدد الحجوز:
رأينا أن الحجز على المنقول لا يؤدى إلى اخراجه من ملك المدين ولا إلى تخصيص الحاجز به، ولذلك يجوز أن يقوم سواه من دائني نفس المدين بالحجز على المنقول ذاته، وبذلك تتعدد الحجوز على المنقول الواحد أو على نفس المنقولات، ولا شك في أن هذا الوضع يستلزم تنظيماً خاصاً ولذلك قرر المشرع في شأنه قواعد معينة نتولى بيانها فيما يلى:
معنى عدم ورود حجز على حجز:
على أن الفقه قد جرى على القول بأن الحجز على الحجز لا يجوز. ويجب أن نحدد المقصود بهذه العبارة لأنه قد يفهم منها أنه إذا وقع حجز على منقولات سبق إيقاع الحجز عليها فإن الحجز الثاني يقع باطلاً. وهذا فهم غير دقيق لمعنى هذا المبدأ – فإن غاية ما يقصد به هو أنه لا يجوز أن تسير إجراءات كل من الحاجزين على استقلال إذ أن ذلك يؤدى إلى التعارض فهذا المبدأ إذن معناه العمل على توحيد إجراءات التنفيذ عند تعدد الحجوز.
ضرورة توحيد الإجراءات عند تعدد الحجوز:
والواقع أن المشرع المصري قد وضع قواعد من شأنها توحيد الإجراءات عند تعدد الحجوز الموقعة على نفس المنقولات فنص في المادة 371 على أنه إذا انتقل المحضر لتوقيع الحجز على أشياء كان قد سبق حجزها وجب على الحارس المعين عليها أن يبرز له صورة محضر الحجز ويقدم الأشياء المحجوزة. وعلى المحضر في هذه الحالة أن يجرد الأشياء في محضر ويجعل حارس الحجز الأول حارساً عليها.
إلا أننا نستطيع أن نتصور حالة يتوجه فيها المحضر لتوقيع الحجز على منقولات ولا يجد أحداً يخبره بأنه قد سبق الحجز عليها فلو أوقع المحضر عندئذ حجزاً مبتدأ وعين عليها حارساً وحدد للبيع موعداً فإن إجراءاته في ذلك تكون صحيحة، وغاية الأمر أنه سيحصل التعارض نظراً لتحديد موعد للبيع في الحجز الأول وموعد آخر في الحجز الثاني، فيكون ذلك مثاراً لاعتراض إذا رفع على صورة اشكال إلى قاضى التنفيذ، أما إلى ايقاف البيع – ويتم بعد ذلك توحيد الإجراءات بتحديد موعد واحد للبيع بناء على الحجزين معاً – وأما إلى استمرار البيع مع إيداع المتحصل منه في خزينة المحكمة، ويكون من الميسور عندئذ إيقاع الحجز على هذا الثمن المتحصل من البيع من جانب الدائن المعترض أو توزيعه واقتسامه بين الحاجزين.
على أنه يندر أن تسير إجراءات كل من الحجزين على استقلال، دون أن يعلم أحد الحاجزين بما يصنعه الآخر، إلى أن يتم البيع، ولكن إذا تحققت هذه الصورة الفرضية النادرة فلا مناص من القول بصحة الإجراءات التي تمت، إذ لا يوجد في القانون ما يوجب بطلانها، فالحجز لا يؤدى إلى تخصيص الحاجز بالأموال المحجوز عليها. وإنما عنى المشرع بالصورة الشائعة وهى التي يجد المحضر فيها من يخبره (وهو الحارس غالبا) بسبق توقيع الحجز على المنقولات فنص في المادة 371 على أن المحضر في هذه الحالة يقوم بجرد هذه الأشياء وتحرير محضر بذلك.
الحل عند تعارض الحجوز المتعددة:
وإذا تعارضت الإجراءات في حالة توقيع أكثر من حجز على نفس المنقولات واقتضى الأمر توحيدها، فلا مناص من أن يتقدم صاحب المصلحة إلى قاضى التنفيذ بطلب تحديد موعد واحد للبيع حتى لا يسبق أحد الحاجزين غيره بتحديد موعد قريب للبيع وإجراء المزايدة. على أنه حتى لو تم ذلك فإن في الوسع إيداع الثمن في خزينة المحكمة ليتقاسمه الحاجز التالي مع الحاجز الذى سارع إلى إجراء البيع. وبعبارة أخرى أن الأمر في هذه الحالة لا يعد وأن يكون اشكالا في التنفيذ يرفع إلى قاضى التنفيذ ليقرر فيه الإجراءات المؤقتة التي تؤدى إلى حل الاشكال وتوحيد الإجراءات والمحافظة على حقوق الحاجزين.
ما يترتب على تعدد الحجوز:
ويترتب على تعدد الحجوز على المنقول الواحد اعتبار الحاجز الثاني (أو الحاجزين اللاحقين) مشتركاً في المصلحة مع الحاجز الأول بحيث إذا تراخى الحاجز الأول عن السير في الاجراءات جاز للحاجز الثاني (أو الحاجزين اللاحقين) أن يطلبوا إجراء البيع بعد اتخاذ إجراءات اللصق والنشر، أي أنهم يحلون محل الحاجز الأول في مباشرة الإجراءات والاستمرار فيها. كما أنه عند البيع يراعى أن المحضر لا يكف عن البيع إلا إذا نتج عن البيع مبلغ كاف لوفاء دين الحاجز الأول وديون الحاجزين اللاحقين أيضاً.
الحلول في الإجراءات:
وإذا فوت الحاجز الأول الميعاد الذى حدده للبيع فتقرر المادة 392 مرافعات أنه يجوز للحاجزين المتدخلين بطريق الجرد – أي على مقتضى المادة 371 – أن يحلوا محله ويرى بعض الشراح جواز ذلك أيضاً لمن تدخلوا بطريق الحجز تحت يد المحضر أي على مقتضى المادة 374، ولكن يستلزمون للحلول في الحالتين وجود سند تنفيذي بيد الدائن المتداخل.
جواز التدخل في الحجز حتى بعد البيع:
ويلاحظ أن انتهاء الحجز الأول بتمام البيع، لا يمنع الدائنين الآخرين من التدخل، طالما أن المبلغ الناتج عن البيع لم يوزع بعد فيجوز للدائنين الآخرين في هذه الحالة أن يحجزوا تحت يد المحضر أو غيره ممن يكون تحت يده الثمن.
طرق التدخل في حجز المنقول:
ويفهم مما تقدم أن للتدخل في حجز المنقول طريقتان:
الأولى: تحرير محضر جرد. وهذا المحضر يعلن للحاجز الأول والى المدين والحارس (إذا لم يكن حاضراً) والمحضر الذى أوقع الحجز الأول ويترتب على ذلك بقاء الحجز لمصلحة الحاجز الثاني حتى لو تنازل الحاجز الأول عن حجزه (مادة 371).
الثانية: الحجز تحت يد المحضر على الثمن المتحصل من البيع. وفى هذه الحالة لا يلزم طلب الحكم بصحة الحجز (مادة 374).
ويلاحظ أنه إذا وقع حجز باطل على المنقولات فإن ذلك لا يؤثر في الحجوز اللاحقة المتوقعة على نفس المنقولات إذا وقعت صحيحة في حد ذاتها (المادة 372).
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً