بطلان العقد:
البطلان جزاء اختلال تكوين العقد، وهو نظام قانوني مؤداه اعتبار أن العقد أو التصرف القانوني بوجه عام لم يقم أصلاً، فمن شأن البطلان أن يعدم العقد، وهو يعدمه بأثر رجعي يستند إلى تاريخ إبرامه، والبطلان في ذاته ومن حيث هو، واحد لا يتشكل ولا يتنوع، لأنه عدم، والعدم – وإن أمكن لأسبابه أن تتعدد بل وتتخالف وتتغاير – إلا أنه من حيث ذات ماهيته واحد.
ولكن البطلان يختلف من حيث الوقت الذي يلحق فيه العقد، فهناك نوع منه يلحق العقد منذ إبرامه، فهو يجعل العقد يولد ميتًا، أو بالأحرى هو يحول أصلاً دون ميلاده، وهناك نوع آخر من البطلان لا يلحق العقد إلا بعد إبرامه بفترة من الزمن، قد تطول بعض الشيء وقد تقصر، وهو أن لحقه، فلا يكون ذلك على سبيل اللزوم والحتم، وإنما لإعمال رخصة يعطيها القانون لمن يريد حمايته من المتعاقدين إن أراد هذا أن يباشرها.
وقد جرى الفكر القانوني التقليدي، منذ عهد الرومان إلى الآن، على أن يخلع على النوع الأول من البطلان اصطلاح (البطلان المطلق)، في حين أنه يخلع على النوع الثاني اصطلاح (البطلان النسبي)، وتلك التسمية معيبة، بالنسبة إلى نوعي البطلان على حد سواء، فعبارة (البطلان المطلق) تثير في الذهن إن هناك تفاوتًا في درجات البطلان، في حين أن البطلان في ذاته، عدم وليس للعدم درجات يتراوح بينها، ثم إن العقد الذي يخلع عليه وصف (البطلان النسبي) ليس بباطل ما لم يبطل، فهو عقد قائم ومنتج آثاره، ويظل كذلك إلى أن يقضي بإبطاله.
من هنا كانت التسمية التقليدية لنوعي البطلان بعيدة عن التوفيق ولعل الفضل يرجع إلى القانون المصري، حيث كان سباقًا إلى نبذها، مضفيًا على ما يطلق عليه العقد الباطل بطلانًا مطلقًا اسم (العقد الباطل) من غير نعت ولا تخصيص وعلى ما يوصف بالعقد الباطل بطلانًا نسبيًا، اسم (العقد القابل للإبطال)، وقد أخذتها عن القانون المصري كافة القوانين العربية الأخرى التي استوحته، ومن بينها قانون التجارة الكويتي، ولا يسعى المشروع إلا أن يأخذ بها بدوره.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً