تقـادم دعـوى المسئولية عـن العمـل غير المشروع ودعوى ضمان أذى النفس:
النص في المادة 692 من القانون المدني على أن “1-يضمن المقاول والمهندس ما يحدث من تهدم أو خلل كلى أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة، وذلك خلال عشر سنوات من وقت إتمام البناء أو الإنشاء مع مراعاة ما تقضى به المواد التالية…. 3- والضمان يشمل التهدم ولو كان ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المباني أو المنشآت المعيبة كما يشمل ما يظهر في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانتها وسلامتها،، وفي المادة 693 منه على أن “1- إذ اقتصر عمل المهندس على وضع تصميم البناء أو الإنشاء أو جانب منه، كان مسئولا عن العيوب التي ترجع إلى التصميم الذي وضعه دون العيوب التي ترجع إلى طريقه التنفيذ. 2- فإذا عهد إليه رب العمل بالإشراف على التنفيذ أو على جانب منه، كان مسئولا أيضاً عن العيوب التي ترجع إلى طريقه التنفيذ الذي عهد إليه بالإشراف عليه” وفي 695 من هذا القانون على أن “إذا كان المهندس والمقاول مسئولين عما وقع من عيوب في العمل، كانا متضامنين في المسئولية، وفي المادة 696 من ذات القانون على أن “تسقط دعوى الضمان ضد المهندس أو المقاول بانقضاء ثلاث سنوات من حصول التهدم أو انكشاف العيب، وفي المادة 697 من ذلك القانون على أن “كل شرط بإعفاء المهندس أو المقاول من الضمان أو بالحد منه يكون باطلاً،، يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية أن المشرع وضع أحكاما خاصة في ضمان المقاول والمهندس لما يقيمان من مبان أو منشآت ثابتة وعد هذه الأحكام من النظام العام لا يجوز الاتفاق مقدما على مخالفتها بالإعفاء من هذا الضمان أو الحد منه، وإن هذا الضمان يطبق على المقاول الذي يعهد آلية بإقامة المباني أو المنشآت والمهندس سواء من وضع تصميم البناء أو المهندس الذي اشرف على التنفيذ- وفقاً لما نصت عليه المواد سالفة الذكر- فإذا ما اشرف المهندس على التنفيذ فإنه يكون مسئولا عن عيوب التنفيذ. ومسئوليه المهندس مع المقاول هى مسئوليه تضامنية. ويشتمل هذا الضمان ما يحدث من تهدم كلى أو جزئي أو خلل في المباني، وما يظهر من عيوب يترتب عليها تهديد متانتها وسلامتها، سواء كان سبب العيب المواد المستخدمة أو سوء الصنعة، ولا عبره في قيام الضمان بإجازة رب العمل إقامة البناء المعيب. وبتحقق الضمان إذا حدث سببه خلال عشر سنوات تبدأ من وقت إتمام البناء، وهذه المدة هى مدة اختبار لصلابة المنشآت ومتانتها وليست مدة تقادم. فإذا ما انكشف العيب أو حدث التهدم خلالها أو في نهايتها فإن مدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم دعوى الضمان تبدأ في السريان من وقت انكشاف العيب أو حدوث التهدم، واستخلاص الواقعة. التي يبدأ بها التقادم إثباتاً ونفياً من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغاً.
(الطعنان 143، 176/2001 تجاري جلسة 19/5/2002)
من المقرر -وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن مؤدي نص المادتين 248 و 251 من القانون المدني وما تضمنته لائحة جدول الديات -وعلي ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية- أن المشرع رأي أن يتحدد التعويض بمبلغ جزافي يقدر سلفاً وهو ما يتمثل في الدية الشرعية وفق أحكام الشرع الإسلامي الذي يقرر أن التعويض يكون بقدر الدية الكاملة أو جزء منها، وأن تحديد الدية طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية لا يكون إلا حيث تكون إصابة النفس مما يمكن أن تقوم عنه الدية أو الأرش المقدر، فإن كانت الإصابة مما لا يدفع عنه الدية أو الأرش المقدر وفق ما تقضي به أحكام الشريعة الإسلامية وينص عليه جدول الديات فإن التعويض عنها يكون وفق ما يقدره القاضي وهو ما يسمي بحكومة العدل. لما كان ذلك، وكان البين من نصوص لائحة جدول الديات أن المشرع حين ذكر الإصابات وما تستحقه كل منها من الدية قد سماها بمسمياتها المعروفة في الفقه الإسلامي، كما أن تحديده لنسبة ما يستحق من الدية عن الإصابات جاء مطابقاً للنسب المقررة في الشريعة الإسلامية، فإن مقتضى ذلك وجوب الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية للتعرف على أنواع الإصابات المبينة بلائحة جدول الديات، وتحديد حالات استحقاق الدية عنها، وإذ كان كسر العظم الذي سمي في المادة الرابعة من مرسوم جدول الديات بالهاشمة هي عند فقهاء الشريعة الإسلامية التي تهشم العظم أو تكسره دون أن تزيله من موضعه يعد عند جمهور الفقهاء من الشجاج أي الجروح التي لا تكون إلا في الرأس أو الوجه، أما الجروح التي في باقي الجسم فلا تدخل في الشجاج، ولو كانت كسراً للعظم وتسمي جراحة وليس فيها تقدير للأرش وإنما تجب فيها حكومة عدل وهو ما يخضع لتقدير المحكمة، لأنها لا تشارك نظائرها من الشجاج التي في الرأس والوجه، وكان الثابت بتقرير اللجنة الطبية المنعقدة في 8/5/2000 والمقدم من المستأنف عليه أن إصاباته هى: 1- جرح رضي 2سم بمؤخرة فروة الرأس، وأظهرت أشعة الجمجمة كسراً شرخياً في الناحية الجدارية اليسرى. 2- جرح رضي 5 سم بمؤخرة فروة الرأس. 3- جرح 3 سم بأسفل الظهر الأيمن. 4- تجمع دموي في الخاصرة اليمنى. 5- استرواح هوائي في الغشاء البلوري للرئة اليسرى. 6- خلع وكسور في عظام الحوض. 7- نزيف داخلي في تجويف البطن مما استدعي إجراء عملية استكشاف للبطن ووجد به: أ- تجمع دموي كثير داخل التجويف البريتوني وتجمع آخر تحت وخلف أرضية البطن وكذلك. بمساريق الأمعاء الدقيقة. ب- تمزق صغير بالكبد مع خلع بالمرارة مع نزيف في أوردة الكبد مما استدعي خياطة مكان النزيف واستئصال المرارة. وكانت الإصابة رقم (1) التي أظهرت أشعة الجمجمة فيها كسراً شرخياً في الناحية الجدارية اليسرى تعد هاشمة ويستحق عنها 10% من الدية عملاً بنص المادة 4/د من لائحة جدول الديات، أما باقي الإصابات فليس لأي منها أرش مقدر، ويكون التعويض عنها حكومة عدل. بحسب ما يقدره القاضي، ومن ثم فإن دعوي التعويض عن الهاشمة وحدها لا تسمع بعد مرور خمس عشرة سنة، أما دعوي التعويض عن باقي الإصابات فتسقط بمضي ثلاث سنوات على التفصيل السالف ذكره.
(الطعن 480/2001 مدني جلسة 27/5/2002)
من المقرر أن النص في المادة 253 من القانون المدني على أنه: “1- تسقط دعوي المسئولية عن العمل غير المشروع بمضي ثلاث سنوات من يوم علم المضرور بالضرر وبمن يسأل عنه، أو خمس عشر سنة من وقوع العمل غير المشروع، أي المدتين تنقضي أولاً. 2 -على أنه إذا كانت دعوي المسئولية عن العمل غير المشروع ناشئة عن جريمة فإنها لا تسقط ما بقيت الدعوى الجنائية قائمة، ولو كانت المواعيد المنصوص عليها في الفقرة الأولى قد انقضت. ” وفي المادة 446 من القانون المدني على أنه “1- لا تسري المدة المقررة لعدم سماع الدعوى كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب. بحقه ولو كان المانع أدبياً…” يدل على أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوي التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقي الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء لسقوطها مثل صدور قرار حفظ لوفاة المتهم عاد تقادم دعوي التعويض إلى السريان من تاريخ هذا الانقضاء، على أساس أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً يعد في معني المادة 446 من القانون المدني سالفة البيان مانعاً قانونياً يتعذر معه على المضرور (الدائن) المطالبة بحقه في التعويض. لما كان ذلك، وكان الثابت بقرار حفظ القضية رقم 10/1992 مرور الصليبية- المحررة عن الحادث- والمقدم بحافظة مستندات المطعون ضده بجلسة 11/11/2000 أمام المحكمة الكلية – أن هذا القرار صدر بتاريخ 30/3/1992 لانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم لوفاته، وكان الثابت بصحيفة افتتاح الدعوى رقم 1436/2000 مدني كلي أنها أودعت إدارة كتاب المحكمة الكلية في 14/10/2000 أي بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على صدور قرار الحفظ وقبل مضي خمس عشرة سنة على صدوره، فإن الدعوى بطلب التعويض عن الهاشمة تكون بمنآي عن عدم السماع، أما الدعوى بطلب التعويض عن باقي الإصابات كحكومة عدل فإنها تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي، ويتعين لذلك تعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنفة بأن تؤدي للمستأنف عليه تعويضاً نهائياً قدره ألف دينار دية عن الهاشمة وبقبول الدفع المبدي بسقوط الدعوى عن طلب التعويض فيما عدا ذلك.
(الطعن 480/2001 مدني جلسة 27/5/2002)
مفاد نص المادة 253 من القانون المدني -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجزائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجزائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجزائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجزائية، فإذا انقضت الدعوى الجزائية بصدور حكم نهائي بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة لسبب آخر، فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض من تاريخ صدور هذا الحكم الجنائي النهائي.
(الطعن 377/2002 تجاري جلسة 2/3/2003)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً