نظام الإقامة المميزة .. نظرة واقعية
في الحقيقة إنني أتفهم مخاوف كثير من السعوديين لوجود أجانب على مستوى الاستثمار أو العمل داخل الاقتصاد السعودي؛ لأنه في الماضي مر وقت صعب على الأسواق الداخلية؛ فقد سيطرت بعض الجنسيات على عدد كبير من القطاعات الاقتصادية، وكان الأمر مدعوما بحالات تستر تجاري، يصعب كشفها من وزارتي التجارة والعمل، كما أن تلك المجموعات المخالفة لقواعد السوق كانت تؤدي دورا خفيا في مضايقة أي مواطن أو مستثمر يحاول الدخول إلى السوق من خلال سيطرتها على سلسلة الإمدادات، أما على مستوى التوظيف تكرر سيناريو سيطرة مجموعة جنسيات على وظائف قيادية ومتوسطة في الشركات والمؤسسات، كانت هناك مخالفات صريحة من خلال تحديد جنسيات معينة عند الإعلان عن شواغر؛ بهدف توظيف مواطني الجنسية المسيطرة؛ تلك الممارسات جعلت صانع القرار يتخذ حلولا جذرية وصارمة لمحاربة هذه الآفات الاقتصادية التي كانت تستنزف الرصيد الوطني من الوظائف والأموال عبر التحويلات المالية للخارج.
النظر بواقعية محور أساسي في معالجة تلك المشكلات الانتهازية وفتح الأسواق للمستثمرين الأجانب وجذب الكفاءات الأجنبية؛ لذا جاء نظام الإقامة المميزة كجزء من إصلاحات أنظمة العمل والإقامة وفق أسس ومعايير تفضيلية لم تكن موجودة سابقا وعلى الرغم من أهميتها ومنافعها الاقتصادية – إلا أن البعض غير مدرك لمنافعها الاقتصادية أو أن البعض يشعر بالقلق من سيطرة الأجانب على الأعمال والوظائف ومزاحمة المواطنين.
كل تلك المخاوف لها ما يبررها، ويمكن تجاوز كل تلك الأمور عن طريق منح الإقامة على أساس المنفعة الاقتصادية وسلوك المستثمر، فمثلا يمكن منح المستثمر الأجنبي الإقامة الدائمة مع فرض ضريبة أرباح على أعماله بمعدل لا يقل عن 20 في المائة على الأنشطة التي يوجد فيها المستثمر السعودي بكفاءة، أما القطاعات غير الناضجة أو الضعيفة استثماريا فيمكن تخفيض ضرائب الأرباح بالمقدار الملائم بهدف جذب مزيد من الاستثمارات كتحفيز اقتصادي، ولا سيما في الصناعات الخفيفة والمتوسطة التي تستهدف التصدير؛ لأن لها أثرا إيجابيا في ميزان المدفوعات وأرصدة المصارف من النقد الأجنبي ومحاربة التستر التجاري.
كما يمكن فرض رسوم سنوية متصاعدة على وظائف الأجانب التي تناسب المواطنين بمقدار نسبة مئوية من الدخل السنوي للأجنبي، وفرض رسوم ثابتة على المهن الأولية التي لا يستطيع المواطن العمل فيها؛ كما في مجال البناء والنظافة وغيرها من المهن البسيطة.
ولحماية الاقتصاد ومنع أي سلوك انتهازي من المستثمرين الأجانب كالغش والتدليس والاحتكار والإخلال بالمنافسة ومخالفة قواعد العرف التجاري وعدم الاستجابة للسياسات الاقتصادية؛ أقترح على وزارة التجارة أن تؤسس مركز معلومات مماثل لشركات المعلومات الائتمانية يعمل وفق أسس تجارية لرصد مخالفات المستثمرين التجارية والقانونية والضرائب وأنظمة العمل بحيث يصبح لكل تاجر سجل؛ لمعرفة سلوكه في الاقتصاد، ثم يستخدم لاحقا في تقييم جدارته الاستثمارية وأحقيته في الإقامة والعمل والاستثمار لفترات أطول.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً