تأجيل البيع وإيقافه:
أما النوع الثاني من منازعات التنفيذ العقاري وهى المنازعات أو الطوارئ التي تثور أمام قاضى التنفيذ في جلسة البيع ذاتها – فإما أن تتعلق بتأجيل البيع أو إيقافه.
تأجيل البيع:
يرجع التأجيل إلى جملة أسباب منها ما يتعلق بالقانون ومنها ما يتعلق بالملائمة.
1- فقد يكون سبب التأجيل هو عدم إتمام إجراءات الإعلان عن البيع – أي إجراءات اللصق والنشر المنصوص عليها في المواد 428 و 429 و 430 – وقد نصت المادة (432) على أن وجوه البطلان المتعلقة بالإعلان عن البيع يجب أن نبدى قبل جلسة البيع بثلاثة أيام – والوسيلة إلى ذلك هى التقرير بذلك في قلم الكتاب – وإلا سقط الحق فيها.
ويحكم قاضى التنفيذ ببطلان الإعلان أو بعدم بطلانه في جلسة البيع ذاته قبل افتتاح المزايدة، وحكمه في هذا الشأن لا يقبل الطعن بأي طريق. فإذا حكم ببطلان إجراءات الإعلان فإنه يؤجل البيع غلى جلسة أخرى يحددها ويأمر بإعادة هذه الإجراءات.
أما إذا قضى برفض طلب البطلان فأنه يأمر بإجراء المزايدة على الفور.
ويجب هنا أن نفرق بين أمرين:
أولهما: ألا تتم إجراءات الإعلان أصلاً – أو ألا تتم كلها – بل يتم بعضها دون البعض الأخر – كأن يجرى اللصق ولا يتم النشر أو يتم النشر دون اللصق.
وفى هذه الحالة يتعين على القاضي تأجيل البيع ولو من تلقاء نفسه لحين إتمام الإجراءات، ويجب إعادتها كلها من جديد.
ثانيهما: أن تتم إجراءات الإعلان ولكن يشوبها بطلان – كأن يتم اللصق أو النشر دون مراعاة المواعيد المنصوص عليه في القانون ( المادة 428) أو دون أن تتضمن الإعلانات البيانات المنصوص عليها في تلك المادة – أو يتم اللصق في بعض الأماكن التي حددتها المادة 429 دون البعض الأخر.
وفى هذه الحالة لا يقرر القاضي تأجيل البيع من تلقاء نفسه بل ينبغي أن يتقدم أحد أصحاب الشأن بطلب بطلان الإجراءات وان يحكم القاضي بقبول هذا الطلب شكلاً وموضوعاً.
ومثل هذا الطلب لا يقبل شكلاً إلا إذا قدم قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل – وفى صورة تقرير بقلم الكتاب.
أما قبول الطلب موضوعاً فهو متوقف على تقدير القاضي لأهمية الإجراء الناقص، لأن القانون (الجديدِ) لا يقرر أن الإعلان يكون باطلاً عند عدم مراعاة أحكام المواد 428 و 429 و 430 – وهى المواد التي تبين أوضاع الإعلان ومواعيده – ولذلك يرجع القاضي إلى القواعد العامة في البطلان – فيقضى به عند وجود عيب لا تتحقق معه الغاية من الإجراء – وذلك طبقاً للمادة (420) من قانون المرافعات – الخاصة بالبطلان.
ولما كان حكم القاضي في هذه الحالة غير قابل للطعن، فإن مسألة البطلان هنا تكون في الواقع تقديرية ومتروكة للقاضي.
على أن التأجيل في حالة الحكم ببطلان إجراءات اللصق أو النشر أو لعدم إتمامها أصلاً – هو تأجيل راجع إلى سبب قانونيا.
2- وقد يكون سبب التأجيل: هو عدم إخبار أصحاب الشأن بإيداع قائمة شروط البيع وبجلسة البيع، فقد نصت المادة (435) على أن قاضى التنفيذ يتولى إجراء المزايدة في اليوم المحدد للبيع بعد التحقق من إعلان أصحاب الشأن بإيداع القائمة وبجلسة البيع، وجاء في المذكرة الإيضاحية أن المشرع قد أتجه إلى منح قاضى التنفيذ سلطة فعالة للتحقق من صحة الإجراءات ومن حصولها في مواجهة أصحاب الشأن فأوجب عليه أن يتحقق من تلقاء نفسه قبل البيع من أخبار جميع أصحاب الشأن بإيداع القائمة وإلا وجب عليه تأجيل الجلسة لإخبار من لم يعلن.
ويحكم القاضي بالتأجيل في هذه الحالة من تلقاء نفسه حتى إذا لم يتقدم أحد بطلب التأجيل لهذا السبب. وهذا السبب بدوره هو من أسباب التأجيل القانونية.
3- وقد يكون التأجيل لأسباب أخرى – دون حصر – فقد نصت المادة (436) على أنه يجوز تأجيل المزايدة بذات الثمن الأساسي بناء على طلب كل ذي مصلحة إذا كان للتأجيل أسباب قوية. فسبب التأجيل هنا راجع للملاءمة.
وتقدير هذه الأسباب القوية وتقدير قوتها متروك للقاضي، فقد يرى تأجيل البيع نظراً لانقطاع المواصلات أو لهطول أمطار غزيرة عاقت عددا من راغبي الشراء عن الحضور (وقد صدرت أحكام بهذا المعنى فعلاً من القضاء المختلط) – وقد يرى تأجيل البيع إذا تبين له أن المدين قد استجدت له أموال – عن طريق ميراث مثلاً أو كسب جائزة – تمكنه من الوفاء.
ولا يحكم القاضي بالتأجيل هذه الحالة إلا بناء على طلب يقدم إليه من ذوي المصلحة، وقرار التأجيل هنا على كل حال لا يقبل الطعن بأي طريق.
4- وقد يقع التأجيل إذا لم يتقدم أحد أصحاب الشأن ممن ذكروا في المادة 435 بطلب إجراء البيع، فإن هذه المادة تقرر أن القاضي يتولى إجراء المزايدة بناء على طلب من يباشر التنفيذ أو الحائز أو الكفيل العيني أو أي دائن أصبح طرقاً في الإجراءات، وإذا جرت المزايدة دون طلب أحد من هؤلاء كان البيع باطلاً. فسبب التأجيل هنا قانونيا.
فإذا حلت جلسة البيع ولم يطلب أحد إجراء المزايدة فإن القاضي لا يستطيع أن يجرى المزايدة من تلقاء نفسه، ولا يوجد في القانون نص يقرر ما يجب على القاضي أن يفعله في هذه الحالة وقد ذهب رأى القاضي أنه يحكم بالشطب على أن يكون مفهوماً أن معنى الشطب في هذه الحالة هو إيقاف الإجراءات إلى أن يتقدم أحد ذوى الشأن بطلب تحديد جلسة جديدة للبيع ومفاد ذلك هو تأجيل جلسة البيع إلى أجل غير مسمى، ولكن ليس ثمة ما يمنع في رأينا أن يقرر القاضي التأجيل إلى جلسة أخرى يحدد تاريخها – أو يقضى بالشطب في حالة تخلف ذوى الشأن عن الحضور، والشطب هنا هو شطب للإجراءات لأنه لا توجد دعوى فلا مانع من طلب تحديد جلسة أخرى للبيع في أي وقت بعد ذلك – دون تقيد بالمواعيد المقررة في شطب الدعوى أو بالجزاء المقرر لذلك (مادة 82).
5- وقد يقع التأجيل نتيجة لعدم تقدم أحد للشراء، في هذه الحالة يقترن التأجيل بتنقيص العشر أي عشر الثمن الأساسي، ويجوز أن يتكرر ذلك أكثر من مرة (مادة 438). وسبب التأجيل هنا قانونيا.
6- ويراعى هنا ما سبقت الإشارة إليه من أنه إذا طرأت ظروف تبرر تطبيق المادة 424 بفقرتيها فيمكن التقدم بطلب إلى قاضى التنفيذ في أية حالة تكون عليها الإجراءات وإلى ما قبل صدور الحكم باعتماد العطاء – ويطلب هنا تأجيل الإجراءات لمدة سنة على أساس أنه قد استجدت للمدين أموال يكفى ريعها السنوي لسداد الديون المطلوبة. والتأجيل هنا يتعلق بالملائمة ويكون لمدة طويلة لا تقل عن سنة وقد تزيد.
طلبات الإيقاف الوجوبي والجوازي:
أ) حالات الإيقاف الوجوبي:
1- إذا وجدت منازعة في السند التنفيذي تدعو إلى إيقافه – كما لو كان التنفيذ يجرى بمقتضى حكم غير نهائي ولكنه مشمول بالنفاذ المعجل وحلت جلسة البيع قبل أن يصبح الحكم نهائياً (مادة 426) أو إذا كان الحكم نهائياً ولكن طعن فيه بالنقض وقضت محكمة النقض بوقف نفاذه – أو إذا كان التنفيذ يجرى بعقد رسمي طعن عليه بالتزوير ووقفت صلاحيته للتنفيذ نتيجة لصدور حكم المحكمة (التي تنظر في الادعاء بالتزوير) بقبول شواهد التزوير وبإجراء التحقيق في شأن الادعاء بالتزوير. ولكن الطعن بالتزوير وحده لا يكفى.
2- في حالة رفع دعوى الفسخ أو نقص البدل – عندما يكون المنفذ ضده قد اشترى العقار أو قايض به ورفع البائع أو المقايض دعوى بفسخ عقد البيع أو المقايضة وتم تدوين ما يفيد رفع هذه الدعوى في ذيل قائمة شروط البيع في الميعاد المحدد للاعتراضات (مادة 425): فإذا قدم الدليل على ذلك توقف الإجراءات.
وتقرر المادة 425) السالفة الذكر أن إجراءات التنفيذ على العقار في هذه الحالة “توقف” أي أن الوقف يتم بقوة القانون – ولكن إذا حدث السير في إجراءات البيع بطريق الخطأ رغم تدوين شيء من ذلك في ذيل القائمة في الميعاد – فإنه يجب على قاضى التنفيذ أن يحكم بإيقاف البيع إذا طلب منه ذلك ومن تلقاء نفسه إذا تنبه إليه.
3- وكذلك الحال فيما يتعلق برفع دعوى الاستحقاق الفرعية – إذا حلت جلسة البيع قبل الجلسة المحددة لنظر دعوى الاستحقاق – (أو قبل أن يحكم في دعوى الاستحقاق بوقف إجراءات البيع).
ولكن يشترط لذلك أن يطلب مدعى الاستحقاق إيقاف البيع قبل جلسة البيع بثلاثة أيام على الأقل ولم يستلزم المشرع هنا التقرير بذلك في قلم الكتاب فيجوز التقدم بهذا الطلب إلى قاضى التنفيذ بموجب عريضة تقدم إليه قبل البيع بثلاثة أيام.
وفى هذه الحالة يتعين إيقاف البيع متى تحقق القاضي من استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون في دعوى الاستحقاق الفرعية (المادة 455).
4- ويكون الإيقاف وجوبياً كذلك في حالة ما إذا كانت هناك اعتراضات على قائمة شروط البيع مقدمة في الميعاد ولم يفصل فيها بأحكام واجبة النفاذ إلى أن حلت جلسة البيع، كما لو فصل في الاعتراض برفضه ولم يصبح حكم الرفض نهائياً أو استأنف أو بقى منظوراً أمام المحكمة.
على أنه إذا حكم برفض الاعتراض بحكم مشمول بالنفاذ المعجل فإن سياق نص المادة يوحى بأنه يجوز إجراء البيع رغم ذلك ولا يكون الوقف وجوبياً – وهو ما لا نظن أن المشرع قد اتجه إليه لأنه لا يجيز إجراء البيع إلا بعد تصفية جميع الاعتراضات تصفية نهائية حتى لا يكون حكم إيقاع البيع مهدداً – فالحل العملي في مثل هذه الحالة هو الإيقاف الجوازي.
الطعن في حكم الإيقاف الوجوبي:
في حالات الإيقاف الوجوبي يكون الحكم قابلاً للطعن فيه – إذا صدر إيجابياً أي بالإيقاف، أما إذا صدر سلبياً (يرفض الإيقاف الوجوبي) فإنه يعقبه البيع – ولذلك يطعن فيه عن طريق الطعن في حكم إيقاع البيع نفسه (عن طريق استئنافه) خلال خمسة أيام من صدوره.
على أن الحكم بالإيقاف أو برفض الإيقاف بسبب رفع دعوى استحقاق فرعية فإنه لا يقبل الطعن بأي طريق (مادة 456).
ب) حالات الإيقاف الجوازي:
يجوز لقاضى التنفيذ في غير الحالات السابق بيانها أن يقضى بإيقاف إجراءات التنفيذ إذا طلب منه ذلك وقدر أن لطلب الإيقاف وجاهته، وهذه مسألة تقديرية للقاضي.
على أنه ينبغي إذا كان طالب الإيقاف ممن يحق لهم الاعتراض على القائمة أن يكون السب الذى يبنى عليه طلب الإيقاف قد طرأ بعد الميعاد المحدد لتقديم الاعتراضات على قائمة الشروط لأنه إذا كان هذا السبب قائماً قبل ذلك فإنه يسقط الحق في تقديمه بفوات ذلك الميعاد: فلا يجوز التحايل وتقديمه بعد ذلك في صورة طلب بالإيقاف.
ومن أمثلة الإيقاف الجوازي أن يقوم المدين بوفاء ديون الدائنين قبل جلسة البيع أو بإيداع مبلغ كاف لذلك وتخصيصه.
أو أن يكون طالب الإيقاف من الأشخاص الذين يوجب القانون إخبارهم بإيداع القائمة ولم يحصل إخباره فيكون من حقه أن ينازع في التنفيذ لأى سبب شكلي أو موضوعي لأن إلزامه بسلوك طريق الاعتراض (وتقيده بميعاده) لا يتأتى إذا تم إخباره بإيداع القائمة.
الطعن في حكم الإيقاف الجوازي:
وإذا حكم بالإيقاف ولو في حالة من حالاته الجوازية جاز الطعن في هذا الحكم طبقاً للقواعد العامة. أما إذا حكم برفض الإيقاف حيث يكون جوازياً فلا محل للطعن مطلقاً لأن هذا الحكم سيعقبه البيع فلا توجد فرصة للطعن فيه. والطعن في حكم إيقاع البيع لرفض طلب من طلبات الإيقاف قاصر على حالات الإيقاف الوجوبي: فلا يجوز الطعن إذن في حكم مرسى المزاد على أساس أنه قد سبقه رفض طلب من طلبات الإيقاف الجوازي: ويخلص من ذلك أن رفض الطلب (الجوازي) في هذه الحالة لا يطعن فيه بأي طريقة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً