تراخيص الصحف والمجلات:
النص في المادة 166 من الدستور على أن “حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق “وفى المادة 169 على أن “ينظم القانون الفصل في الخصومات الإدارية بواسطة غرفة أو محكمة خاصة يبين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء الإداري شاملاً ولاية الإلغاء وولاية التعويض بالنسبة إلى القرارات الإدارية المخالفة للقانون” والنص في المادة “1” من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 86 لسنة 1982 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية على أن “تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة إدارية…. وتختص دون غيرها بالمسائل الآتية، ويكون لها ولاية قضاء الإلغاء والتعويض: أولاً….. خامساً: الطلبات التي يقدمها الأفراد والهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص إصدار الصحف والمجلات ودور العبادة “يدل -وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- على أن الأصل الدستوري- هو أن حق التقاضي مكفول للناس كافة، فيكون لكل ذي شأن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي بما في ذلك حق التقاضي في المنازعات الإدارية والطعن على القرارات الإدارية النهائية وإخضاعها لرقابه القضاء- لذلك كان الأصل في حق التقاضي هو خضوع الأعمال والقرارات الإدارية لرقابة القضاء وحظر تحصين أي منها من هذه الرقابة وإن وجد مثل هذا الحظر فهو استثناء وقيد على أصل الحق فلا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه، بما يمحو الأصل أو يجور عليه أو يعطله ويتغول عليه، فيقتصر أثره على الحالات وفى الحدود التي وردت به. لما كان ذلك، وكان المشرع إعمالاً لنص المادتين 166، 169 من الدستور سالفتي البيان قد أنشأ بالقانون رقم 20 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 86/1982 دائرة إدارية بالمحكمة الكلية تختص دون غيرها بنظر المنازعات الإدارية المبينة به، وكان النص في البند “خامساً “من المادة الأولى من هذا القانون سالفة البيان، بعد أن قرر الأصل العام في إجازة طعن الأفراد والهيئات في القرارات الإدارية النهائية الصادرة في شأنهم استثنى من ذلك بعض القرارات الإدارية ومنها القرارات الصادرة في شأن تراخيص إصدار الصحف والمجلات، وكان هذا الاستثناء قيداً على حق التقاضي لما ينطوي عليه هذا الاستثناء من حرمان ذوى الشأن من اللجوء إلى القضاء والطعن على القرارات الإدارية الصادرة في شأن التراخيص بإصدار الصحف وباعتبار أن حق التقاضي هو وسيله حمايتها وضمان فاعليتها، والأصل فيه كما سبق- خضوع الأعمال والقرارات الإدارية- لرقابة القضاء، لذا فإن هذا الاستثناء يجب قصره وحصره في الحدود التي ورد بها وهى القرارات المتعلقة بتراخيص إصدار الصحف والمجلات والتي تصدر ابتداء من الجهة الإدارية عند البت في طلب الحصول على الترخيص بإصدار الصحيفة أو المجلة بالمنح أو المنع وفقاً لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1961 بإصدار قانون المطبوعات والنشر دون أن يمتد هذا الاستثناء ليشمل ما عدا ذلك من قرارات تصدر في شأن سريان الترخيص الصحفي بعد صدوره وأثناء الممارسة الصحفية فهذه القرارات تخرج عن نطاق الاستثناء الوارد في البند “خامساً “من المادة الأولى من قانون إنشاء الدائرة الإدارية السابق بيانه ويجوز الطعن عليها من ذوى الشأن إلغاءً وتعويضاً أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاصه بنظر الطعن على القرار رقم 64 لسنة 2002 الصادر من وزير الإعلام بإلغاء ترخيص مجلة الشاهد فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون.
(الطعن 294/2004 إداري جلسة 28/3/2005)
من المقرر أن الاختصاص، كأحد أركان القرار الإداري هو أن يصدر ممن يملك إصداره وأن تحديد هذا الاختصاص هو من عمل المشرع، ومن ثم يجب أن يصدر القرار من الجهة التي حددها القانون لإصداره ولا يجوز لغيرها التصدي لهذا الاختصاص، وإلا كان القرار معيباً بعيب عدم الاختصاص، ومن ثم يكون غير مشروع. لما كان ذلك، وكان النص في المادة “13” من القانون رقم 3 لسنة 1961 بإصدار قانون المطبوعات والنشر وتعديلاته على أنه “لا يجوز إصدار جريدة إلا بعد الترخيص في إصدارها من رئيس دائرة المطبوعات والنشر “وفى المادة “35 “بعد إلغاء التعديلات التي أدخلت عليها بالقانون رقم 73 لسنة 1986، لعدم إقرار مجلس الأمة له في 19/1/1993 على أنه، 1- “لا يجوز تعطيل أية جريده أو إلغاء ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز أن تزيد مدة تعطيل الجريدة على سنة واحدة”…. 3- ومع ذلك يجوز لرئيس دائرة الجنايات عند الضرورة أن يقرر بناء على طلب يقدم إليه من النيابة العامة، إيقاف صدور الجريدة مؤقتاً أثناء التحقيق أو أثناء المحاكمة لمدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع “وفى المادة “35 “مكرراً المضافة بالقانون رقم 59 لسنة 1976 على أنه “مع عدم الإخلال بالجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون أو أي قانون أخر، يجوز بقرار من مجلس الوزراء تعطيل الجريدة لمدة لا تجاوز سنتين أو إلغاء ترخيصها إذا ثبت أنها تخدم مصالح دولة أو هيئة أجنبية أو أن سياستها تتعارض مع المصلحة الوطنية أو إذا تبين أنها حصلت من أية دولة أو جهة أجنبية على معونة أو مساعدة أو فائدة في أية صورة كانت ولأي سبب وتحت أية حجة أو تسمية حصلت بها عليها بغير إذن من وزارة الأعلام، كما يجوز عند الضرورة القصوى أن يوقف إصدار الجريدة بقرار من وزير الإعلام لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر”. يدل على أن المشرع حدد أحوال وشروط إلغاء ترخيص الجريدة أو تعطيلها أو وقفها بالطريق الإداري وحدد السلطة المختصة بإصدار هذه القرارات فقصر الاختصاص بإلغاء ترخيص الجريدة أو بتعطيلها لمدة لا تجاوز سنتين على مجلس الوزراء وحده ثم أجاز لوزير الإعلام، وعند الضرورة القصوى وقف الجريدة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ومن ثم فإن وزير الإعلام لا يملك، بحكم القانون سوى وقف الجريدة لمدة محدده وليس له سلطة إلغاء ترخيصها أو وقفها لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يغير من ذلك ما أثاره المطعون ضده من اختصاص وزير الإعلام بإلغاء الترخيص الصحفي على سند من أن من يملك منح الترخيص يملك إلغاؤه دون حاجة إلى نص بذلك إعمالاً لقاعدة توازى الاختصاصات والتي مؤداها أن من يملك إصدار القرار الإداري يملك إلغاؤه وسحبه وتعديله ذلك أن مناط أعمال هذه القاعدة هو خلو التشريع من نص يحدد السلطة المختصة بإلغاء القرار أو سحبه أو تعديله أما حيث يحدد القانون السلطة المختصة بإصدار القرار ابتداء ثم يحدد بعد ذلك سلطة أخرى لإلغائه أو سحبه أو تعديله، تعين الالتزام بحكم القانون في هذا التحديد امتثالاً لإرادة المشرع الذي قدر، لاعتبارات رآها وضمانات يريد تحقيقها ومصلحة عامة يستهدفها وأصول دستوريه يلتزم بها- أن يكون إلغاء القرار أو سحبه أو وقفه مؤقتاً في أمور معينه من اختصاص سلطة أخرى غير السلطة التي أصدرته. لما كان ذلك، وكان المشرع في القانون رقم 3 لسنة 1961 بإصدار المطبوعات والنشر وتعديلاته، نظم وعلى ما تقدم، إجراءات الحصول على الترخيص بإصدار جريدة أو مجلة- والسلطة المختصة بإصدار هذا الترخيص وهو رئيس دائرة المطبوعات، ثم حدد في ذات القانون السلطة المختصة بإلغاء هذا الترخيص بالطريق الإداري وقصرها على مجلس الوزراء وحده ولم يخول وزير الأعلام في هذا الشأن سوى وقف الجريدة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وعند الضرورة القصوى فإنه يكون قد حدد صراحة الجهة المختصة التي أراد أن يكون لها وحدها دون غيرها سلطة إلغاء تراخيص الصحف بالطريق الإداري، وكان الثابت من الأوراق -وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه- أن القرار محل النزاع بإلغاء ترخيص مجلة الشاهد- صدر بتاريخ 11/12/2002 من وزير الإعلام فإنه يكون صادراً من سلطه لا تملك إصداره ويكون معيباً بعيب عدم الاختصاص ومن ثم غير مشروع وواجب الإلغاء وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى أن القرار صدر من غير السلطة المختصة بإصداره قانوناً- وهى مجلس الوزراء- ورتب على ذلك عدم مشروعيه القرار لهذا السبب فإنه يكون قد طبق صحيح حكم القانون ولم يخالف الثابت بالأوراق ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن من أن الترخيص صدر معلقاً على شرط فاسخ وتحقق هذا الشرط وهو عدم الخوض في الأمور السياسية ذلك أن تراخيص إصدار الصحف والمجلات منظمه بالقانون رقم 3 لسنة 1961 المشار إليه الذي حدد إجراءات إصداره والموافقة عليه كما حدد حالات إلغائه وتعطيل الجريدة ووقفها والسلطة المختصة بذلك سواء كانت السلطة القضائية أو السلطة التنفيذية، وهى القواعد الحاكمة للترخيص الصحفي إصداراً وتعطيلاً وإلغاءً أو التي يتعين الالتزام بها والاحتكام إليها، وأن القواعد القانونية المنظمة للاختصاص بإصدار القرارات الإدارية من النظام العام ويجب الالتزام بها، ويكون النعي برمته على غير أساس.
(الطعن 294/2004 إداري جلسة 28/3/2005)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً