بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية الثانية
بالجلسة المنعقدة علناً بالمحكمة بتاريخ 5 جمادي الآخرة 1434هـ الموافق 15/4/2013م
برئاسة السيد المستشار/ عبدالله جاسم العبد الله وكيل المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ممدوح يوسف ، سيد الدليل و لاشين إبراهيم و خالد مقلد
وحضور الأستاذ/ رامي شومان رئيس النيابة
وحضور السيد/ جاسم العنزي أمين سر الجلسة
“صدر الحكم الآتي”
في الطعن بالتمييز المرفوع من: …………………..
“ضـــــد”
النيابة العامة.
والمقيد بالجدول برقم: 252 لسنة 2011 جزائي/2.
” الوقائع”
اتهمت النيابة العامة كل من:
1 ….
2 ….. الطاعن.
لأنهما في يوم 2/3/2010 بدائرة دولة الكويت:
المتهمة الأولى:
نشرت مقالاً في جريدة ………………… بعددها الصادر بتاريخ 2/3/2010 تضمن ألفاظاً وعبارات من شأنها المساس بكرامة المجني عليها …………….. “الشهيرة بـ …….” والتجريح والإساءة إليها والإضرار باسمها التجاري على النحو المبين بالتحقيقات الطاعن.
المتهم الثاني:
بصفته رئيس تحرير جريدة …………….. أجاز نشر المقال موضوع التهمة الأولى دون أن يتحرى الدقة والحقيقة فيما ينشره من أخبار ومعلومات.
وطلبت عقابهما بالمواد 2/3، 4، 9 ، 17/1، 21/7، 23، 24، 27/1 بند 3، 4 من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر.
وأدعت المدعية بالحقوق المدنية قبل المتهمين بمبلغ 5001 د. ك على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة الجنايات قضت بتاريخ 15/12/2010 غيابياً للمتهمة الأولى وحضورياً للطاعن بتغريم كل منهما مبلغ ثلاثة آلاف دينار كويتي عما أسند إليهما من اتهام.
وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
استأنف الطاعن هذا الحكم.
ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 31/3/2011 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.
“المحكمة”
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث أن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إجازة نشر مقال يتضمن المساس بكرامة المجني عليها وسمعتها – بصفته رئيساً لتحرير جريدة الراي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك إنه قضى بإدانته رغم عدم توافر الأركان القانونية للجريمة التي دين بها إذ أن المقال الذي أجاز نشره لم يقصد به الإساءة للمجني عليها أو الحط من قدرها أو التشهير بها وأن ما تضمنه اقتصر على الجوانب الفنية لعملها لا يخرج عن حدود حرية الرأي التي كفلها الدستور ويعد من قبيل النقد المباح حالة كونها من الشخصيات العامة باعتبارها فنانة يجيز القانون توجيه النقد لها وفقاً لما تنص عليه المادتان 213 ، 214 من قانون الجزاء، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب تمييزه.
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها “تتحصل في أن المتهمة الأولى نشرت مقالاً بجريدة ………. في عددها رقم ……… الصادر بتاريخ 2/3/2010 مقالاً تحت عنوان “……….” وافق الطاعن بصفته رئيساً لتحرير جريدة ……… على نشره بالجريدة والذي كان يجب عليه أن يتحرى الدقة والحقيقة قبل نشره تضمن عبارات من شأنها التشهير والإساءة إلى المجني عليها”.
وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن – على هذه الصورة – أدلة استقاها من أقوال وكيل المجني عليها ومما ثبت من مطالعة المقال موضوع الاتهام وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان الدستور الكويتي بعد أن كفل الحرية الشخصية في المادة 30 منه حرص على النص على حرية الرأي والتعبير في المادة 37 وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون، وهو ما أكده المشرع في المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر فيما نصت عليه من حرية الصحافة والطباعة والنشر، كما بين القانون الأخير في الفصل السادس منه المسائل المحظور نشرها استثناء من الأصل الدستوري ذاك – وهو حرية الفكر وإبداء الرأي بما في ذلك حق النقد – وذلك حرصاً من المشرع على صيانة وحماية القيم الدينية والمقدسات ودستور الدولة والآداب العامة والنظام العام، وغير ذلك مما تضمنته المواد 19 ، 20 ، 21 من القانون المذكور، كما حرص فيما أورده في الفقرة السابعة من المادة 21 المشار إليها على حماية كرامة الأشخاص ومعتقداتهم الدينية وأوضاعهم المالية وأسرارهم، كجزء من حرياتهم الشخصية، وذلك دون مصادرة الحق في إبداء الرأي والتعبير مادام لا يمس هذه الحقوق وتلك الحريات، وكان تقدير ما إذا كان النشر ينطوي على شيء مما حظره النص آنف البيان هو ما يطمئن إليه قاضي الموضوع من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى وتقديره لمرامي العبارات وتبينه لمناحيها، فله وحده أن يتعرف على حقيقة الألفاظ التي تمس الكرامة والحياة الشخصية بما يضر سمعتهم حسبما يحصله من فهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز طالما لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة.
وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة المساس بكرامة الأشخاص المؤثمة بنص الفقرة السابقة من المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2006 سالف الذكر يتوافر إذا كانت المادة المنشورة في الصحف أو غيرها من وسائل التعبير المنصوص عليها في القانون تتضمن ما يخدش الشرف ويمس الكرامة أو الاعتبار فيكون علم الناشر عندئذ محققاً، ولا يتطلب القانون في هذه الجريمة قصداً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد العام، واستظهار توافر هذا القصد أو انتفائه من وقائع الدعوى وظروفها من اختصاص محكمة الموضوع بغير معقب مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر مع ما استخلصته المحكمة، ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك محل للتحدث عن النقد المباح الذي هو مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت – في نطاق سلطتها التقديرية – في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن العبارات التي تضمنها المقال مثار الاتهام – والذي أجازة الطاعن بصفته رئيساً لتحرير الجريدة – من شأنها المساس بكرامة المجني عليها والحط من قدرها وأنها تخرج عن حدود النقد المباح، وهو ما يتوافر به في حق الطاعن الجريمة التي دين بها بركنيها المادي والمعنوي كما هي معرفة به في القانون ويتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه في هذا الخصوص، ولا محل لما يتذرع به الطاعن من أن فعله مباح وفقاً لحكم المادتين 213 ، 214 من قانون الجزاء ذلك أن البين من استقرار ما نصت عليه هاتان المادتان أن ما ورد بهما من أسباب الإباحة إنما ينصرف إلى جرائم القذف والسب المنصوص عليها في المواد 209 ، 210 ، 211 ، 212 من القانون ذاته وهى تختلف عن الجريمة موضوع الدعوى، ومن ثم فإن كافة ما ينعاه الطاعن بشأن ما سلف يكون غير سديد.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.
“فلهذه الأسباب”
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع: برفضه، مع مصادرة الكفالة.
أمين سر الجلسة
وكيل المحكمة
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً