الحسابات الجارية:
إذ كان الحساب الجاري ورد نظامه في الفرع التاسع من الفصل السابع من الباب الثاني من قانون التجارة بعنوان عمليات البنوك في المواد من 388 إلى 404 – إلا أن العمل بهذا الحساب لا يقتصر علي العمليات البنكية كما يدل علي ذلك صريح نص المادة 388 التي عرفت الحساب الجاري بأنه “عقد يتفق بمقتضاه شخصان علي أن يقيدا في حساب عن طريق مدفوعات متبادلة ومتداخلة الديون الناشئة عن العمليات التي تتم بينهما….” ولم تُوجب أن يكون البنك طرفا في العقد، ولما كان الأصل في المعاملات الصحة ما لم ينص المشرع علي تحريم معاملة بين المعاملات بين الأشخاص، وإذ خلت نصوص القانون من تحريم التعامل في الحساب الجاري بين الأشخاص التجارية بخلاف البنوك فإنه يصح أن تكون المعاملة الحسابية بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى علي أساس الحساب الجاري اتفاقاً بينهما، وأهم ما يميزه عن الحساب البسيط هو شرط تبادل المدفوعات بما يُوجب علي كل من طرفيه أن يقدم مدفوعات للآخر ليصبح دائناً أحياناً ومديناً أخرى. ومن المقرر وفقاً لنص المادتين 395، 401 من قانون التجارة أن المدفوعات التي تقيد في الحساب الجاري تتحول إلى مجرد بنود أو قيود نتيجة الأثر التجديد للقيد في الحساب، وتفقد هذه المدفوعات خصائصها الذاتية وتندمج في كل لا يتجزأ إعمالاً لمبدأ تماسك الحساب الجاري وعدم تجزئته، تنصهر في بوتقته ويمتزج بعضها بعضا بحيث ينشأ عن هذا المرج دين واحد هو دين الرصيد، بما يترتب عليه عدم خضوع الدين للتقادم الذي كان يحكمه قبل دخول الحساب بل يخضع للتقادم المقرر للرصيد الناشئ من عقد الحساب الجاري وهو التقادم العادي.
(الطعن 737/2001 تجاري جلسة 26/5/2002)
النص في المادة 115 من قانون التجارة على أنه “لا يجوز تقاضى فوائد على متجمد الفوائد ولا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله إلا في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون ودون إخلال بالقواعد والعادات التجارية ولما يوضع من قواعد للقروض طويلة الأجل ” وفي المادة 397/2 من ذات القانون على أنه…” في الحسابات الجارية لدى البنوك يجوز احتساب فائدة على الفوائد أثناء بقاء الحساب مفتوحاً ولا تحتسب هذه الفائدة قبل مضى ثلاثة شهور من تاريخ قيد الفوائد في الحساب” مفاده -وعلى ما جرى به قضاءه هذه المحكمة-أن المشرع وإن حظر كأصل عام تقاضى فوائد على متجمد الفوائد أو أن تزيد في مجموعها على رأس المال إلا أنه أخرج من نطاق هذا الحظر الحالات التي يجيز فيها قانون التجارة تقاضى فوائد مركبه ومنها ما نص عليه في شأن الحسابات الجارية لدى البنوك إذ أجاز احتساب فائدة على الفوائد أثناء بقاء الحساب مفتوحاً بشرط إلا تحتسب الفائدة قبل مضى ثلاثة شهور من تاريخ قيد الفوائد في الحساب وذلك تمشيا مع ما يجرى عليه العرف المصرفي في هذا الشأن وأن الشارع قد حَرَّمَ أمرين أولهما تقاضى فوائد على متجمد الفوائد التي لم تسدد وهو ما يعرف بالفوائد المركبة وثانيهما تجاوز الفائدة رأس المال وحكم النص في الأمرين يتعلق بالنظام العام فلا يستثنى منه سوى ما تقضى به العادات التجارية وبذلك يكون الشارع قد حَرَّمَ زيادة فائدة الديون على حد أقصى معلوم ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وإلزامه برد ما قبضه منها وكان لمن دفع تلك الفوائد حق استرداد الزائد منها على الحد القانوني إعمالاً لنص المادة 264 من القانون المدني الذي تقضى بأن كل من تسلم ما ليس مستحقا له التزم برده لا ينال من ذلك صدور حكم بالدين والفوائد وتنفيذ هذا الحكم بمعرفة إدارة التنفيذ ذلك أن خطاب الشارع بتحريم الأمرين سالفي الإشارة إليهما موجه إلى القاضي وإلى الدائن والمدين فيتعين على القاضي إعمال حكمها من تلقاء نفسه وأن يكف الدائن عن تقاضى الزيادة المشار إليها فإن قبضها التزم بردها إلى المدين وإذا دفع الأخير مبالغ تزيد عن الحد المقرر قانوناً أصبح من حقه استرداد ما دفعه منها وإذ كان حق الاسترداد أساسه القانوني هو استرداد ما دفع بغير وجه حق إعمالاً للنص الذي حرم تقاضى فوائد على متجمد الفوائد وتجاوز الفائدة لرأس المال إعمالاً لنص المادة 115 من قانون التجارة ومن ثم فإن دعوى الاسترداد تختلف في موضوعها عن الدعوى الصادر بشأنها الحكم بأصل الدين وفوائده فلا حجية لهذا الحكم في دعوى الاسترداد لاختلاف الموضوع في كل منها فلا يحد من هذا الاسترداد صدور حكم بالدين وفوائده وتنفيذه تنفيذاً خاطئاً.
(الطعن 83/2002 تجاري جلسة 12/10/2002)
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة– أن الحساب الجاري طبقاً للمادتين 388، 389 من قانون التجارة هو عقد يتفق بمقتضاه شخصان على أن يقيدا في حساب عن طريق مدفوعات متبادلة ومتداخلة الديون الناشئة عن العمليات التي تتم بينهما وأنه يجوز أن يكون هذا الحساب مكشوفا لجهة الطرفين أو طرف واحد. وأن استخلاص وجود الحساب أو عدم وجوده من مسائل الواقع التي يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية وأن لها إثبات هذا الحساب بكافة الطرق. ومن المقرر أيضاً أن المقصود بقفل الحساب هو منع دخول مدفوعات جديدة فيه واستخلاص الرصيد من مجموع مفرداته وتحديد مركز طرفيه من هذا الرصيد، ومن ثم فإن إعلان الرغبة من أحد طرفيه في إنهاء الحساب لا يؤدى إلى اعتباره منتهيا إذا لم يكن الحساب قد أغلق بالفعل.
(الطعن 426/2001 تجاري جلسة 3/5/2003)
من المقرر عملاً بالمادة 395 من قانون التجارة أن الديون المترتبة لأحد الطرفين إذا دخلت الحساب الجاري فقدت صفتها الخاصة وكيانها الذاتي، فلا تكون بعد ذلك قابلة على حدة للوفاء أو للمقاصة أو للسقوط بالتقادم، فإن مفاد ذلك أن من آثار دخول الدين في الحساب الجاري صيرورته مفرداً من مفردات ذلك الحساب فيذوب فيه ويندمج في غيره من المفردات وينتج عن هذا المزج دين واحد هو دين الرصيد أي الدين النهائي لرصيد الحساب الجاري.
(الطعنان 503، 515/2002 تجاري جلسة 26/4/2003)
من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة 401 من قانون التجارة على أن “… وتسري الفوائد القانونية على دين الرصيد من تاريخ قفل الحساب ما لم يتفق على غير ذلك ” يدل على أن المشرع قد رأى أنه بقفل الحساب الجاري يصبح دين الرصيد ديناً عادياً ومن ثم فلا يسري عليه فوائد السعر المصرفي الذي كان مطبقاً على مفرداته أثناء تشغيله وإنما يسري عليه السعر الذي يتفق الطرفان على تطبيقه عند قفل الحساب وإلا احتسبت الفائدة على أساس 7% السعر القانوني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن الفوائد القانونية بواقع 7% سنوياً اعتباراً مـن 22/8/2001 حتى تمام السداد على المبلغ المقضي به على ما أورده بمدوناته “… وحيث إن واقع الحال في الدعوى رقم 3416 لسنة 2001 تجاري كلي أن البين من مطالعة المحكمة لعقود التسهيلات الثلاثة المؤرخة 14/1/98، 29/4/98، 25/1/1999 – والموقع عليها من طرفي النزاع – والمقدمة من بنك الخليج المستأنف – الطاعن في الطعن الماثل – كسند له في الدعوى أنه قد أتفق مع المستأنف ضده – المطعون ضده في ذات الطعن -على أن تكون الفائدة مقدارها 2% – أثنين في المائة فوق سعر الخصم المعلن من بنك الكويت المركزي – وذلك بالنسبة للمبالغ الثابتة بعقود التسهيلات الثلاثة – ولكن البنك المستأنف لم يقدم للمحكمة ما يفيد الاتفاق على سعر آخر للفائدة بالنسبة لدين الرصيد في الحساب الجاري من تاريخ قفله، وبالتالي تسري الفوائد القانونية بسعرها المحدد بنسبة 7% – سبعة في المائة فقط على الدين المطالب به – سالف البيان وقدره 1.074.768.556 ديناراً من تاريخ قفل الحساب الجاري وهو 22/8/2001 وحتى تمام السداد -على ما هو ثابت بأصل كشف هذا الحساب رقم – 06156929 – الخاص بالمستأنف ضده “….” – والمقدم بحافظة مستندات بنك الخليج المستأنف بجلسة 3/11/2001 – وهو ما تقضي به المحكمة عملاً بحكم المادتين 110، 401/2 من قانون التجارة السالف الإشارة إليهما – مع تعديل الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 3416 لسنة 2001 تجاري حتى يوافق هذا النظر وعلى نحو ما سيرد بالمنطوق وترفض طلب البنك احتساب الفوائد – بنسبة 11.5% – إحدى عشر ونصف في المائة – لما سلف بيانه من أسباب… ” فإن الحكم يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ذلك أنه لا يحق للطاعن المطالبة بفائدة تأخيرية على رصيد الحساب الجاري للمطعون ضده تزيد على نسبة 7% المنصوص عليها في المادة 110 من قانون التجارة، إلا إذا كان قد أتفق على ذلك بين المتعاقدين وهو ما خلت منه نصوص عقود التسهيلات سند الدعوى، ولا يحق له أن يطالب بفائدة تزيد على تلك النسبة قولاً منه أنه أتفق مع المطعون ضده في عقود التسهيلات المشار إليها على فائدة نسبتها 2% سنوياً بالإضافة إلى سعر الخصم المعلن من البنك المركزي، إذ أن هذه النسبة خاصة بالفائدة الاتفاقية المصرفية أثناء سريان تلك العقود ولا تسري على الفائدة التأخيرية على رصيد الحساب الجاري المنتهي بعد قفله، كما وأن عقود التسهيلات المذكورة لا تفيد الاتفاق الفعلي على فائدة تأخيرية تجاوز السبعة في المائة بعد قفل الحساب الجاري الحاصل في 22/8/2001 بعد أن ذابت ذاتية مفردات العقود كلها بتصفية الحساب وإستخراج الرصيد النهائي والذي يُطالب به المطعون ضده المدين، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون على غير أساس.
(الطعنان 503، 515/2002 تجاري جلسة 26/4/2003)
مفاد المواد 110، 112، 113 من قانون التجارة -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الفوائد التأخيرية تكون عن دين في ذمة المدين حل أجل استحقاقه ولم يوف به، واعتباراً من تاريخ الاستحقاق لأن هذه الفوائد بمثابة تعويض عن تأخير المدين في الوفاء بالتزامه، ومادام لا يوجد نص في القانون، لأن هذه الفوائد بمثابة تعويض عن التأخير في الدين التجاري في ميعاد استحقاقه موجب للضرر بمجرد حصوله، والمقصود بالدين الذي حل أجله أن يكون معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام، وألا يكون الدين خاضعاً في تحديده لمطلق تقدير القضاء، أما حيث يكون الدين مستنداً إلى أسس ثابتة بين الطرفين بحيث لا يكون للقضاء سلطة رحبة في التقدير فإنه يكون معلوم المقدار وقت نشوء الالتزام ولو نازع المدين في مقداره، إذ ليس من شأن هذه المنازعة إطلاق يد القضاء في التقدير بل تظل سلطته محدودة النطاق، مقصورة على الحكم في حدود الأسس المتفق عليها. لما كان ذلك، وكان الواقع الثابت بالأوراق أن المبلغ موضوع المنازعة هو تسهيلات مصرفية منحها البنك المطعون ضده الأول للطاعن وقد تم فتح حساب جاري للأخير لدى الأول قيد فيه هذا المبلغ، وقد إتجهت إرادة الطرفين على أن تسري الفائدة التأخيرية من تاريخ الاستحقاق وتصفية الحساب وإستخراج الرصيد النهائي- كما سلف بيانه في الرد على سببي الطعن رقم 503 لسنة 2002 تجاري 3 -، ومن ثم لا يخضع في تحديده المطلق لتقدير القضاء، ويكون معلوم المقدار حين نشوء الالتزام به، ويلزم المدين – الطاعن – بالفوائد التأخيرية دون حاجة إلى الاتفاق عليها، ومن تاريخ الاستحقاق، ولا يعفي منها مادام أنه لا يوجد إتفاق يقضي بذلك، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم وألزم الطاعن بالفوائد القانونية بواقع 7% سنوياُ اعتباراً من تاريخ قفل الحساب الجاري في 22/8/2001حتى تمام السداد فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون، ويضحي النعي عليه على غير أساس.
(الطعنان 503، 515/2002 تجاري جلسة 26/4/2003)
لئن كان صحيحاً أن المدفوعات في الحساب الجاري تفقد ذاتيتها وتذوب فيه وينشأ عن ذلك دين واحد هو الرصيد الذي يستخلص عند قفل الحساب، إلا أن ذلك لا يكون إلا بالنسبة للعلاقة بين العميل -وإن تعـدد -وبين البنك، أما العلاقة بين صاحبي الحساب المشترك نفسيهما فيحكمها اتفاق الطرفين بشأنه من حيث الغرض من فتح الحساب وما يلتزم كل منهما بإيداعه فيه وما أودعه بالفعل وما استعملت فيه هذه الإيداعات أو مسحوبات طرفي الحساب، وعند قفل الحساب تتم تصفية العلاقة بشأنه على أساس ما أودعه كل منهما في الحساب على حدة دون نظر إلى إيداع بعينه إلا أن يثبت أن هذا الإيداع غير ما التزم به المودع من إيداع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها ما سحبه مما حول إلى الحساب المشترك بينهما من تعويضات من الهيئة العامة للتعويضات لحسابها دون أن يتحقق من اتفاق الطرفين بشأن الحساب من حيث الغرض من فتح الحساب وما يلتزم كل منهما بإيداعه فيه وما أودعه بالفعل وما استعملت فيه هذه الإيداعات أو مسحوبات الطرفين منه وصولاً إلى أحقية الطاعن في سحب المبلغ موضوع التداعي من عدمه فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يُوجب تمييزه.
(الطعن 479/2004 مدني جلسة 19/9/2005)
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة 401 من قانون التجارة على أن “تسري الفوائد القانونية على دين الرصيد من تاريخ قفل الحساب ما لم يتفق على غير ذلك” -يدل على أن المشرع قد رأى أنه بقفل الحساب الجاري، يصبح دين الرصيد ديناً عادياً ومن ثم فلا تسري عليه فوائد السعر المصرفي الذي كان مطبقاً على مفرداته أثناء تشغيله وإنما يسري عليه السعر الذي يتفق الطرفان على تطبيقه عند قفل الحساب وإلاّ احتسبت الفائدة على أساس 7% وهو السعر القانوني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من فوائد قانونية بواقع 7% سنوياً اعتباراً من 18/11/2003 تاريخ قفل الحساب على ما خلص إليه من أن البين من عقد القرض أنه اتفق فيه على استحقاق الطاعن لفائدة سنوية مقدارها 8.25% سنوياً أثناء سير الحساب وخلا من الاتفاق على الفائدة المستحقة على دين رصيد حساب القرض بعد قفله- ومن ثم تسري على هذا الدين الفائدة القانونية بواقع 7% سنوياً من تاريخ قفل الحساب- وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون وله مأخذه الصحيح من الأوراق-ويكفي لحمله- فإن النعي عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس.
(الطعن 960/2004 تجاري جلسة 9/4/2006)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً