نيابة اتفاقية:
10- من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الأصل هو قيام المتعاقد بنفسه بالتعبير عن إرادته في إبرام العقد، واستثناء من هذا الأصل يجوز أن يتم التعاقد بطريق النيابة بأن ينيب الأصيل شخصاً آخر في إبرام العقد لحسابه، بحيث تنصرف آثاره إلى الأصيل مباشرة لا إلى النائب وذلك تطبيقاً لنص المادة 57 من القانون المدني، إذا ما تعامل النائب باسم نفسه وكانت هناك نيابة ومن ثم تنصرف آثار العقد إلى النائب دون الأصيل، واستخلاص النيابة في التعاقد أو نفيها من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا معقب بشرط أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(الطعن 565/2001 تجاري جلسة 6/4/2002)
11- من المقرر أن الأحكام التي تصدر من المحاكم الجزائية في الدعاوى المدنية تخضع بشأن حجيتها للقواعد المقررة في خصوص حجية الأحكام المدنية الواردة بقانون الإثبات ومنها أن الحكم لا يكون له حجية إلا بالنسبة إلى الخصوم أنفسهم، والعبرة في ذلك باتحادهم قانوناً لا طبيعة بحيث إذا كان لأحد الخصوم نائب يمثله في الدعوى فالحكم حجة على الأصيل لا على النائب. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الجزائي الصادر في الجنحة رقم 46 لسنة 1994 الفردوس أن الاتهام أسند إلى المطعون ضده الثاني بصفته المسئول عن تطبيق الشروط الواجب توافرها وإتباعها لسلامة اللاعبين ركاب البعير في السباق وقضي بتغريمه وإلزامه بتعويض مؤقت بوصفه رئيساً لمجلس إدارة النادي… لسباق الهجن، وكان تمثيله للنادي قد زال وحل محله الطاعن، فإن الأخير يكون هو المسئول عن التعويض المطالب به التزاماً بحجية الحكم الجزائي في خصوص ثبوت خطأ النادي الذي يمثله، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
(الطعنان 315، 323/2000 مدني جلسة 20/5/2002)
12- مؤدى نص المادة 61 من القانون المدني وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية أن إبرام النائب للعقد دون أن يثبت له صفة النيابة عن الأصيل- إما لانتفاء هذه النيابة أصلا أو لكونه قد أبرم العقد خارج حدود نيابته- يترتب عليه عدم انصراف آثار العقد إلى الأصيل إلاّ إذ أقره على نحو ما يقضى به القانون- ومؤدى نص المادة 62 من ذات القانون أنه “يحظر على النائب التعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه ما لم يؤذن له في ذلك وألاّ كان متجاوزاً حدود النيابة ومن ثم لا ينفذ تصرفه في حق الأصيل ما لم يحصل إقراره وفقاً للقانون- وكان البين من الاطلاع على صورة اتفاقية المقايضة محل النزاع أن الطاعن الثاني في الطعن الثالث تعاقد فيها مع نفسه بصفته رئيس للشركة الطاعنة الأولى في هذا الطعن وبصفته نائبا لرئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الأولى وذلك في شراء أسهم من الشركة الطاعنة في الطعن الثاني لصالح المطعون ضدها المذكورة، وكان قائماً على إدارة المحفظة المالية لكل من الشركتين “البائعة والمشترية “، متجاوزاً حدود النيابة المخولة له بموجب اتفاقيه الإدارة والمستشار المالي التي تخول له أعمال الإدارة دون التصرفات، كما أنه وقّع على اتفاقيه المقايضة بصفته نائب رئيس مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها دون أن يثبت صحة نيابته عنها- في التوقيع- بتحقق شرط غياب رئيس مجلس إدارتها وقت إبرام العقد- وأثر ذلك هو عدم نفاذ اتفاقية المقايضة سالفة البيان في حق الأخيرة- طالما لم يثبت إنها أقرتها وكان ما أثاره الطاعنون في الطعون الثلاثة من أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد أقرت اتفاقيه المقايضة محل النزاع صراحة بموافقة مجلس إدارتها عليها بمحضر الجلسة المؤرخ 14/6/1999 غير صحيح إذ البين من الاطلاع على صورة هذا المحضر المقدمة في الدعوى خلوها من إقرار الاتفاقية سالفة البيان، وما أثاروه من إنها أقرتها ضمناً في دعوى رد المحكم المقامة منها والتي اقتصرت فيها على الاعتراض على شخص المحكم دون أن تعرض لهذه الاتفاقية في غير محله. ذلك أن تلك الدعوى يقتصر مجال البحث فيها على أسباب رد المحكم فقط دون التعرض للاتفاقية المذكورة والنزاع المردد بين الطرفين في شأنها. ولما كان دفاع الطاعنين الوارد بسبب النعي بشقيه وعلى ما تقدم ظاهر الفساد فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعن بالرد عليه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم نفاذ اتفاقيه المقايضة محل النزاع فإنه يكون صحيح النتيجة ويضحي النعي برمته على غير أساس.
(الطعون 278، 287، 288/2003 مدني جلسة 16/6/2004)
13- مفاد المادتين 821، 823 من القانون المدني أن حق تأجير المال الشائع يثبت لأغلبية الشركاء ومتى صدر الإيجار للعين كلها أو جزء مفرز منها من أحد الشركاء دون أن تكون له أغلبية الأنصبة فإن الإيجار يقع صحيحاً ونافذا بينه وبين المستأجر منه، إلا أنه لا ينفذ في حق باقي الشركاء ما لم يقروه صراحة أو ضمناً أغلبية الشركاء، ويتحقق ذلك بعدم اعتراضهم على ما قام به شريكهم فإنه يعد في هذه الحالة نائباً عنهم. ومن المقرر أن العقد العرفي يعتبر حجه ملزمة على طرفيه بما دون فيه من بيانات إذا كان موقعا عليه منهما توقيعا غير منكور باعتبار أن الورقة العرفية تستمد حجيتها في الإثبات من التوقيع عليها. لما كان ذلك، وكان عقد الإيجار محل النزاع محرر بين طرفيه الطاعن مستأجراً والمطعون ضده كمؤجر فإنه يكون نافذا بين طرفيه ويكون للأخير كامل الصفة في إقامة الدعوى الراهنة، سيما وأن البند السادس عشر من عقد الإيجار تضمن إنابة المطعون ضده في اتخاذ إجراءات التقاضي الخاصة بالمنازعات الناشئة عنه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع المبدي من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
(الطعن 210/2004 مدني جلسة 14/3/2005)
14- من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه في حالة توالى التوكيلات المأذون في كل منها للوكيل أن يوكل غيره فيما وكل هو فيه تنصرف أثار العقد الذي يبرمه آخر الوكلاء إلى الموكل الأصلي. وكان المقرر أن الأصل في عقد الوكالة، أنه إذا رخص الموكل لوكيله في تعيين نائب له في تنفيذ الوكالة دون تحديد لشخص هذا النائب، فإن الوكيل يكون مسئولاً عن أعمال نائبه تجاه الموكل، ومسئوليته في ذلك مسئولية عقدية عن الغير، فإذا ارتكب نائب الوكيل ثمة خطأ في تنفيذ الوكالة تحققت مسئوليته العقدية تجاه الوكيل، وتحققت مسئولية الأخير العقدية عن نائبه تجاه الموكل. بموجب عقد الوكالة الأصلي. وفى علاقة الموكل بنائب الوكيل، فمقتضى القاعدة العامة أيضاً ألا تكون بينهما علاقة مباشرة فلا يملك أيهما أن يرجع على الآخر إلا بطريق الدعوى غير المباشرة يستعملها باسم الوكيل، إلا أن المشرع خرج عن هذا الأصل في هاتين الحالتين، فنص في الفقرة الثانية من المادة (710) من القانون المدني على أنه “فإذا رخص الموكل للوكيل في إقامة نائب عنه دون تعيين لشخصه، فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطئه في اختيار نائبه، أو عن خطئه فيما أصدره له من تعليمات. ويجوز في هذه الحالة للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر”- مما مفاده أن المشرع قصر مسئولية الوكيل عن أعماله نائب المصرح له بتعيينه دون تحديد لشخصه، على خطئه في اختيار هذا النائب أو فيما أصدره له من تعليمات، ويدخل في ذلك أيضاً إهماله في رقابته وتوجيهه في تنفيذ الوكالة وهو يعد خطأ شخصياً منه، وتقوم مسئوليته على أساس هذا الخطأ مسئولية مصدرها القانون، لا على المسئولية العقدية عن الغير. كما أجاز النص استثناء للموكل الأصلي والنائب الوكيل أن يرجع كل منهما على الآخر بدعوى مباشرة يطالبه فيها بالتزاماته نحو الوكيل وتكون هذه الدعوى المباشرة مصدر التزام كل منهما قبل الآخر. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق. أن المطعون ضده الأول أصدر للمطعون ضده الثاني توكيلاً بتاريخ 19/6/1996 يكلفه فيه ببيع عقاره محل النزاع لنفسه أو لغيره، وأجاز له أن يوكل غيره في ذلك، دون أن يحدد شخص هذا الغير فقام بدوره وبصفته هذه، بإصدار وكالة للطاعن في 30/6/1996 أنابه فيها في تنفيذ تلك الوكالة بذات الصلاحيات فقام الأخير ببيع العقار لنفسه بالعقد المسجل برقم 8369 في 20/7/1996 ووقع على هذا العقد باعتباره وكيلاً عن البائع- المطعون ضده الأول. فإن العلاقة فيما بين المطعون ضده الثاني وبين الطاعن لا تخرج عن كونها علاقة وكالة باعتبار أن الأخير نائبا عنه في تنفيذ الوكالة الصادرة من الموكل الأصلي. وبالتالي فهى ليست علاقة بيع. إذ لم يثبت شراء المطعون ضده الثاني العقار لنفسه قبل إصدار هذه الوكالة للطاعن، الذي حررها بصفته وكيلاً عن المالك لا بصفته مالكاً ومن ثم فإن المطعون ضده الثاني يكون ملتزما تجاه موكله- المطعون ضد الأول- بالالتزامات التي تقع على عاتق نائبه- الطاعن، إذ ما ثبت خطأه في اختيار هذا النائب أو فيما أصدر له من تعليمات أو قصر في رقابته وتوجيهه في تنفيذ الوكالة وذلك وفق الفقرة الثانية من المادة 710 من القانون المدني آنفة البيان، ويكون الطاعن ملتزما نحو المذكور أيضاً وفق هذا النص، بطريق الدعوى المباشرة- وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن والمطعون ضده معا بباقي من ثمن العقار، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولمحكمة التمييز أن تكمل أسبابه، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
(الطعنان 546، 555/2004 مدني جلسة 28/11/2005)
15- إذ كان الثابت من عقد الوكالة الصادر إلى كل من المستأنف ضدهما، وعقد البيع محل النزاع. أن الوكالة الصادرة إلى المستأنف ضده الثاني تضمنت شرطا يلزمه بأن يتم البيع بالسعر المناسب وهو سعر السوق وقت التصرف. كما أن نص المادة (704) من القانون المدني في فقرتها الأولى أوجبت على الوكيل تنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة، وإذ كانت هذه الوكالة في حكم المأجورة إذ عُقدت لمصلحة الوكيل أيضاً-حين أجازت له البيع لنفسه- فإنه يلتزم في تنفيذها، وفق نص الفقرة الثانية من المادة (705) من ذات القانون ببذل عناية الشخص العادي وإذ كان الثابت من تقرير الخبير المودع في الدعوى رقم 490 لسنة 1999 مدني كلى، والذي ضُم ضمن أوراقها إلى أوراق هذه الدعوى، ومن الشهادة الصادرة من المجموعة الاستشارية العقارية المؤرخة 21/9/1996. أن ثمن العقار المبيع حسب الأسعار السائدة في سوق العقارات وقت البيع لا يقل عن مبلغ ثمانين ألف دينار، فيكون هو الثمن المناسب للعقار في هذا الوقت، وإذ كان المستأنف ضده الثاني قد باع العقار لنفسه بمبلغ خمسة وأربعين ألف دينار فقط، وهو بالنسبة لسعر العقار السائد وقت التصرف يُعد ثمنا بخسا، خرج فيه عن الحدود المرسومة له في عقد الوكالة، ولم يبذل في تقديره عناية الشخص العادي. مما يُعد خطأ منه في تنفيذ الوكالة يسأل عن جبر الأضرار المترتبة عليه نحو الموكل الأصلي- المستأنف- والمتمثل في الفرق بين السعر الحقيقي وبين الثمن المذكور بعقد البيع، وذلك بطريق الدعوى المباشرة وفق نص الفقرة الثانية من المادة 710 من القانون المدني. وكان الثابت أيضاً أن المستأنف ضده الأول- الوكيل الأصلي لم يعترض على هذا الثمن رغم أن ظاهر الحال يقطع بأنه ثمن بخس وفيه غبن فاحش للمستأنف، وقبضه منه مما يُعد إهمالا منه في رقابته وتوجيهه في تنفيذ الوكالة خاصة وأنه التزم أيضاً في عقد وكالته بالبيع بالسعر المناسب، فيثبت في حقه الخطأ الشخصي، وفق النعي الأخير، ويلتزم قبل موكله- المستأنف- بجبر هذا الضرر كاملاً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى للمستأنف بالفرق من الثمن الوارد بعقد البيع، بعد خصم ستة آلاف وخمسمائة دينار التي أقر المذكور باستلامها، والذي بلغ (38500) دينار، فإن المحكمة تقضى له أيضاً بباقي الثمن الحقيقي ومقداره (35000) دينار ليكون المقضي له به كاملاً مبلغ (73500) دينار ثلاثة وسبعين ألف دينار وخمسمائة دينار.
(الطعنان 546، 555/2004 مدني جلسة 28/11/2005)
16- من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن استخلاص قيام النيابة في التعاقد أو نفيها من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها الثابت في الأوراق، كما لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون نصاً في الحقيقة المراد إثباتها وبجميع تفاصيلها وإنما يكفى أن تؤدى إلى الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ولم يجعل القانون القرابة بين الخصم والشاهد سبباً لرد الشهادة.
(الطعون 85، 185، 186/2005 مدني جلسة 5/12/2005)
17- من المقرر أنه وإن كان الأصل أن التصرف الذي يعقده الوكيل دون نيابة لا ينصرف أثره إلى الموكل فإن هذا الأخير يكون مع ذلك بالخيار بين أن يقره أو لا يقره فإذا اختار أن يقره فليس لهذا الإقرار شكل خاص ويصح أن يكون صراحة أو ضمناً ويستخلص الإقرار الضمني من تنفيذ الموكل للالتزامات التي عقدها باسمه الوكيل، أو من تعهده بتنفيذها، أو من أي عمل آخر يستفاد منه الإقرار، وإذ أقر الموكل تصرف الوكيل فلا يجوز له الرجوع في هذا الإقرار، ويتم الإقرار بأثر رجعى مما يجعل التصرف نافذا في حق الموكل من يوم أن عقده الوكيل إذ أن الإقرار اللاحق في حكم التوكيل السابق، ومن المقرر أن من حق محكمة الموضوع استخلاص ما يعتبر إجازة من الموكل لعمل وكيله المجاوز لحدود الوكالة لتعلق ذلك بالتعبير عن الإدارة الذي يكفى لقيامه اتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود وهو مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره لاتصاله بفهم الواقع في الدعوى بغير رقابة عليها من محكمة التمييز مادام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق.
(الطعن 225/2005 تجاري جلسة 29/4/2006)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً