شروط قبول دعوى الإلغاء أمام المحاكم الإدارية
لعب القضاء الإداري دورا مهما في الموازنة بين المصلحة العامة، المتمثلة في حماية مبدأ المشروعية ومنع الانحراف بالسلطة، وبين مصلحة الأفراد الخاصة، بأن لا تمس حقوقهم وحرياتهم بضرر، لذا جعل الطعن بعدم مشروعية القرارات الإدارية أمام المحكمة وسيلة قانونية وحقا مكفولا لحماية حقوق الأفراد في مواجهة الإدارة لاعتبار طبيعة علاقة الفرد بالإدارة غير متكافئة، بصفة أن لها سلطة وذات موقف قوي، وأما الفرد فيعتبر الطرف الضعيف في الدعوى.
ودعوى الإلغاء تأخذ شكلا معينا من كونها تقام ضد قرار إداري صادر من جهة إدارية وطنية لها اختصاص في إصدار القرار على إثر وقائع معينة تسببت في صدور قرارها بشكل نهائي، ولكن هنالك من يجهل هذه الشروط، فيتقدم إلى المحكمة الإدارية مطالبا بإلغاء قرار الإدارة دون أن ينظر إلى شروط قبول دعوى الإلغاء، ثم يدخل في تكاليف يهدر فيها طاقته ووقته، وفي نهاية المطاف يصرف النظر عن دعواه لعدم مراعاته لما ذكرنا سابقا.
وبمناسبة هذا الموضوع أذكر واقعة قضائية لمواطن تقدم بشكوى ضد رئيس بلدية، وتقدم إلى وزير الشؤون البلدية والقروية بالتظلم من قرار رئيس البلدية، ثم أمر الوزير بتشكيل لجنة لتتحقق من تظلم المواطن وخرجت اللجنة بتوصيات ليست لصالحه فتوجه بدعوى الإلغاء أمام المحكمة الإدارية بالرياض في عام 1428 وأخذت الدعوى مجراها مدة تجاوزت العامين، ثم في نهاية المطاف صدر حكم قضائي كان منطوقه على هذا النحو «وحيث إن المدعي يتظلم من قرارات اللجان التي حققت في شكاواه ضد رئيس البلدية، وما انتهت إليه هذه اللجان من توصيات، وأنه طبقا للقواعد العامة في القضاء الإداري في القرار الذي يكون محلا لدعوى الإلغاء ويجوز الطعن فيه هو إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بقصد إنشاء أو إلغاء أو تعديل مركز نظامي متى كان ذلك جائزا وممكنا، وأن قبول دعوى الإلغاء يترتب عليه أن يكون القرار نهائيا لا يتوقف نفاده على تصديق أو اعتماد جهة أعلى، وأن نتائج تحقيقات اللجان التي تظلم منها المدعي ليست قرارات نهائية من شأنها أن تمس المركز النظامي للمدعي «وعلى ذلك صدر الحكم بعدم قبول الدعوى».
والإشكالية في هذه الواقعة أن المدعي لم يستشر محاميا ليوجهه بالطريقة الصحيحة التي تختصر عليه الوقت والجهد الذي أمضاه في أروقة المحاكم دون فائدة أو حل لمشكلته القانونية، لأن القرار الذي يصدر من جهة سواء كانت استشارية أو غيرها ولم يخولها النظام في البت بالقرار وإنما أبدته على وجه المشورة أو تمهيدا لاتخاذ قرار إداري ليس له أثر قانوني إطلاقا ولا يكون محلا لدعوى الإلغاء.
ولو تأملنا الكثير من القضايا التي تنتهي بعدم قبول الدعوى بعد مضي فترة طويلة من الزمن، لوجدنا من أسبابها أن المدعي ليس له دراية باتخاذ قرار صحيح حيال معالجة مشكلته القانونية وأخذه اتجاها قضائيا خاطئا يضيع وقته فيها دون جدوى، فقبل أن تقيم دعوى بقصد حماية حق لك أمام جهة إدارية يجب عليك أن تستشير أصحاب الاختصاص لتأخذ إجراءاتك على نحو صحيح.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً