التنفيذ في قضايا الأحوال الشخصية
قضايا الأحوال الشخصية: هي تلك القضايا المتعلقة بالأسرة كالزواج والطلاق والفسخ والخلع والنفقة والحضانة والزيارة والتفريق بين الزوجين وتزويج من لا ولي لها من النساء.
اهتم المنظم بتنفيذ مسائل الأحوال الشخصية فخصص له فصلا كاملا؛ وذلك لما لقضايا الأحوال الشخصية من أهمية بالغة وخطورة على نسيج الأسرة، واحتكاك مباشر بالأطفال والنساء، ولما يكتنف تنفيذ مسائل الأحوال الشخصية من الصعوبات والعوائق والمشكلات التي من شأنها إعاقة التنفيذ أو تعطيله بالكامل، فخصص نظام التنفيذ مواد خاصة بمسائل الأحوال الشخصية لبيان إجراءات تنفيذها ومعالجة الكثيرة من تلك العوائق والمشكلات.
وإن كان النظام قد خصص أربع مواد للحديث عن تنفيذ مسائل الأحوال الشخصية إلا إن النظام بمجموعه صالح لإعماله في تنفيذ مسائل الأحوال الشخصية، فلو كان محل التنفيذ فيها فعلا أو امتناعا عن فعل كتسليم محضون إلى حاضنه، أو تمكين من زيارة مزور فتطبق بشأنه أحكام التنفيذ المباشر، وكما لو أصبح أحد طرف الحكم في الأحوال الشخصية مدينا كالمدين بدين النفقة أو عوض الخلع أو مؤخر المهر فيتم إعمال أحكام التنفيذ غير المباشر، ومثل ذلك لو ادعى الإعسار بهذه الديون فتجري عليه الأحكام المتعلقة بدعاوى الإعسار، مع خصوصية التنفيذ في مسائل الأحوال الشخصية في بعض الحالات كما سنوضحه ([1]) .
التنفيذ على الأموال في مسائل الأحوال الشخصية:
التنفيذ على الأموال في مسائل الأحوال الشخصية داخل في أحكام التنفيذ غير المباشر، وله حالتان:
الحالة الأولى: إذا كان محل التنفيذ دينا حال التسليم فيأخذ أحكام التنفيذ المباشر، فإن الدين للنفقة قُدم على سائر الديون.
الحالة الثانية: إذا كان محل التنفيذ دينا يسلم لطالب التنفيذ بشكل دوري كما في أحكام النفقات الشهرية التي يلزم بها الأب مثلا بأن ينفق على أولاده الصغار بتسليم والدتهم مبلغا ماليا بشكل شهري فلها ثلاث حالات:
1- إن كان للمدين المنفذ ضده حساب بنكي لأمواله وكان له راتب شهري أو كسب معتاد، أو كان دائنا للبنك بقدر مبلغ الدين المستحق، فيأمر قاضي التنفيذ بنك المدين بواسطة مؤسسة النقد العربي السعودي بالخصم من حساب المدين بقدر الدين المستحق وقيده في حساب الدائن طالب التنفيذ.
2– إذا لم يكن للمدين المنفذ ضده حساب بنكي, ولديه أموال بقدر مبلغ الدين المستحق لدى جهة أو شخص فيأمر قاضي التنفيذ الجهة أو الشخص الذي لديه أموال المدين بالحجز على أمواله بقدر المبلغ المستحق وتُقيد في حساب الدائن طالب التنفيذ، على أن يتضمن أمر الحجز الموجه لتنفيذ دفع الأموال بشكل دوري تاريخ بداية التنفيذ، ووقت وقدر المال المحجوز في كل قسط.
3- إذا لم يكن للمنفذ ضده كسب معتاد، أو أن أمواله لا تحفظ في حساب بنكي أو لدى جهة أو شخص فيؤخذ عليه إقرار بوجوب دفع المستحقات الدورية وقت حلولها وإيداعها في حساب طالب التنفيذ ويفهم بالعقوبات الواردة في هذا النظام عند مخالفته ([2]) .
التنفيذ في قضايا الحضانة:
التنفيذ في قضايا الحضانة داخل في أحكام التنفيذ المباشر، وعلى قاضي التنفيذ عند تنفيذ الأحكام الصادرة بشأن الحضانة مراعاة ما يلي:
1- التدرج في التنفيذ بالنصح والتوجيه، ثم ترتيب مراحل تسليم المحضون بما لا يضر بطالب التنفيذ والمنفذ ضده والمحضون مع إفهام الممتنع بمقتضى المادة الثانية والتسعين من نظام التنفيذ والتي تنص على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر كل من امتنع عن تنفيذ الحكم الصادر بالحضانة، أو قام بمقاومة التنفيذ، أو تعطيله.
2- إذا أصر المنفذ ضده على الامتناع بعد انقضاء مرحلة التدرج التي يقدرها قاضي التنفيذ المشار إليها في الفقرة (1) فينفذ الحكم جبراً ولو أدى ذلك إلى الاستعانة بالقوة المختصة (الشرطة)، ودخول المنازل، ويعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضى الأمر ذلك.
3- في حال امتناع المنفذ ضده عن التنفيذ, أو حال امتناعه عن الحضور, أو إخفائه للمحضون، فلقاضي التنفيذ اتخاذ إحدى الإجراءات التالية أو كلها في حقه:
أ- المنع من السفر.
ب- الأمر بالحبس.
ج- الأمر بإيقاف خدماته الحكومية.
د- الأمر بإيقاف خدماته في المنشآت المالية ([3]) .
التنفيذ في قضايا الزيارة:
إن كان الحكم الصادر من قاضي الموضوع بزيارة صغير قد تضمن تحديد آلية التنفيذ فيلتزم قاضي التنفيذ بتنفيذ الحكم وفق الآلية الواردة في حكم قاضي الموضوع، أما إن لم تكن آلية التنفيذ محددة فعلى قاضي التنفيذ تحديدها وذلك بتحديد المسلِّم والمستلم للمزور وآلية نقله وأجرة النقل، وكيفية الزيارة مكاناً وصفةً، ونحو ذلك.
ويجري التنفيذ بتسليم الصغير في مكان مهيأ ومناسب لهذا النوع من التنفيذ، بأن يكون في مقر سكن المزور، أو سكن طالب التنفيذ إذا كان بلده بلد المزور، أو في سكن أحد أقارب المزور في البلد نفسه، فإن تعذر ففي أحد الأماكن الآتية:
1- الجهات الاجتماعية الحكومية.
2- المؤسسات والجمعيات الخيرية المرخص لها بالقيام بهذا العمل.
3- ما يراه القاضي من الأماكن العامة وغيرها مما تتوافر فيها البيئة المناسبة.
وفي كل الأحوال يجب ألا يكون مكان الزيارة في مراكز الشرط ونحوها.
أما إذا خلا حكم قاضي الموضوع عن عدد أيام الزيارة أو تحديد أوقاتها أو تعيينها، فيُحال لقاضي الموضوع لاستكماله، أما إذا طرأ ما يقتضي إعادة النظر في الحكم الصادر في مسائل الأحوال الشخصية، فـتُـنـظـر الدعوى من قبل قاضي الموضوع.
ويراعي قاضي التنفيذ في تنفيذ قضايا الزيارة ما يأتي:
1- التدرج في التنفيذ بالنصح والتوجيه، ثم ترتيب مراحل تسليم المزور بما لا يضر بطالب التنفيذ والمنفذ ضده والمزور مع إفهام الممتنع بمقتضى المادة الثانية والتسعين من نظام التنفيذ والتي تنص على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر كل من امتنع عن تنفيذ الحكم الصادر بالزيارة، أو قام بمقاومة التنفيذ، أو تعطيله.
2- إذا أصر المنفذ ضده على الامتناع بعد انقضاء مرحلة التدرج التي يقدرها القاضي المشار إليها في الفقرة (1) فينفذ الحكم جبراً ولو أدى ذلك إلى الاستعانة بالقوة المختصة (الشرطة)، ودخول المنازل، ويعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضى الأمر ذلك.
3- في حال امتناع المنفذ ضده عن التنفيذ, أو حال امتناعه عن الحضور, أو إخفائه للمزور، فلقاضي التنفيذ اتخاذ إحدى الإجراءات التالية أو كلها في حقه:
أ- المنع من السفر.
ب- الأمر بالحبس.
ج- الأمر بإيقاف خدماته الحكومية.
د- الأمر بإيقاف خدماته في المنشآت المالية ([4]) .
تنفيذ الأحكام بالتفريق بين الزوجين:
يتم تنفيذ الأحكام بالتفريق بين الزوجين، ونحو ذلك مما يتعلق بالأحوال الشخصية جبراً ولو أدى ذلك إلى الاستعانة بالقوة المختصة (الشرطة)، ودخول المنازل، ويعاد تنفيذ الحكم كلما اقتضى الأمر ذلك.
فربما تردد القائمون على الجهات التنفيذية أمام امتناع أحد الأطراف عن تنفيذ الحكم بالتفريق بين الزوجين لدوافع عاطفية متناسين الآثار السلبية في ذلك التردد وهو تعطيل الأحكام القضائية وحرمان طالب التنفيذ من حقه، فالامتناع عن تنفيذ حكم التفريق بين الزوجين ليس بأقل من الامتناع عن تنفيذ ما سواها من الأحكام وبالتالي فإن استخدام القوة الجبرية عن طريق الشرطة ودخول المنازل عنوة أمرٌ يصار إليه عند الاقتضاء مراعاة لحق المحكوم عليه وإنفاذا لأحكام القضاء.
كما أنه في حال امتناع المنفذ ضده عن التنفيذ أو امتناعه عن الحضور، فلقاضي التنفيذ اتخاذ إحدى الإجراءات التالية أو كلها في حقه:
1- المنع من السفر.
2- الأمر بالحبس.
3- الأمر بإيقاف خدماته الحكومية.
4- الأمر بإيقاف خدماته في المنشآت المالية ([5]) .
تنفيذ الحكم بعودة الزوجة إلى بيت الزوجية:
لا ينفذ الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبراً؛ وذلك أن عقد الزوجية عقد بدني يتطلب انسجام البدنين معا للالتزام بحقوق كل طرف منهما تجاه الآخر إضافة إلى أن الحقوق والالتزامات في مثل عقد الزوجية يتطلب الاستمرار وبالتالي فإن الإجبار في إلزام الزوجة لا يمكن له الاستمرار لكون الجهات التنفيذية عاجزة بطبيعتها عن أن تعكف على تنفيذ كل واقعة من وقائع تنفيذ الأحكام المتضمنة إلزاما للزوجة بالعودة والاستقرار في بيت زوجها، ولو استطاعت ذلك وما عساها فإنها عاجزة أن تلزم الزوجة بأداء كامل الحقوق والالتزامات الزوجية على وجه الرضا والانسجام الأمر الذي يجعل معه التنفيذ الجبري في هذا الشأن متعسرا ومتعذرا فلم يبق إلا الأخذ بمبدأ التنفيذ الرضائي –وهو امتثال الزوجة طواعية أن تعود لبيت زوجها– فإن رفضت فتفهم بأنها في حكم الناشز –وهي الزوجة الخارجة عن طاعة زوجها– وبالتالي فليس لها حق في النفقة أو المبيت.
وفي حال تضرر الزوج من هذا الأمر فإن ذلك يعتبر عيبا في الزوجة يمكن له المطالبة بفسخ النكاح لوجود عيب في المرأة، أما إذا تضمن الحكم بعودة الزوجة إلزام الزوج بدفع مبالغ مالية للزوجة أخذ قاضي التنفيذ إقرار خطي على الزوجة بضمان الالتزامات المالية حال امتناعها، فإذا نفذ الزوج هذا الالتزام ولم تنقد الزوجة , فللزوج حق المطالبة لدى قاضي الموضوع ([6]) .
([1]) شرج نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ13) و (270-271).
([2]) انظر المادة الثالثة والسبعين من نظام التنفيذ ولوائحها التنفيذية.
([3]) انظر المادة الرابعة والسبعين من نظام التنفيذ ولائحتيها التنفيذيتين.
([4]) انظر المادة الرابعة والسبعين والسادسة والسبعين من نظام التنفيذ ولوائحهما التنفيذية.
([5]) انظر المادة الرابعة والسبعين واللائحة التنفيذية رقم (74/1-ج) من نظام التنفيذ، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 273). .
([6])انظر المادة الخامسة والسبعين من نظام التنفيذ ولائحتها التنفيذية، واللائحة التنفيذية رقم (168/3) من نظام المرافعات الشرعية، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 275).
فهد بن علي الحسون
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً