تعريف الاعتراف:
يعرف الاعتراف بأنه قول صادر عن المتهم يقر فيه بصحة نسبة التهمة إليه .
وهذا التعريف المبسط للاعتراف حال تحليله يفرز ثلاث نتائج هامة :
النتيجة الأولي : شخصية الاعتراف ، فمن يعترف هو المتهم نفسه ، فمنه يصدر وبسببه يسأل ، فلا توكيل ولا تفويض في الاعتراف .
النتيجة الثانية : موضوع الاعتراف نفسه وكونه يتضمن الإقرار علي النفس بارتكاب فعل يؤثمه القانون .
النتيجة الثالثة : أن الاعتراف ينصب علي واقعة محل اتهام جنائي .
وعلى ذلك فالاعتراف فى جوهره تقرير أو إعلان وان موضوعه هو الواقعة سبب الدعوى ونسبة هذه الواقعة إلى شخص ، وانه يتعين أن يكون من صدر الإقرار عنه هو نفسه من تنسب إليه الواقعة بما يترتب عليه من قيام مسئوليته الجنائية عنها ، ويعنى ذلك ان المتهم هو المقر ، وهو نفسه الذي تنسب إليه الواقعة موضوع الإقرار .
ويعرف الفقيه الدكتور عوض محمد عوض الاعتراف بأنه إقرار الشخص علي نفسه بإرتكاب جريمة ، أيا كان الباعث عليه ، وأيا كانت الجهة التي يدلي به الشخص أمامها ، وبواعث الاعتراف عديدة ، ويغلب أن يكون الاعتراف تعبيراً أو مظهراً للندم ، وقد يدفع إليه السعي الي التطهر واستعجال العقاب ، غير أن الاعتراف قد يخفي في بعض الأحيان رغبة في التستر علي الفاعل الحقيقي لعلاقة خاصة تحمله علي التضحية ، وقد يعترف الشخص علي نفسه بجريمة لم يرتكبها من باب التباهي والتظاهر بالبطولة ، أو لتضليل العدالة للإفلات من عقوبة جريمة أشد ، وقد يعترف المتهم أمام القاضي أملاً قي إثارة رأفته لكي يخفف عقوبته أو طمعاً في التمتع بميزة الإعفاء التي يقررها القانون للمعترف في بعض الجرائم كجرائم الرشوة .
موقف محكمة النقض من تعريف الاعتراف كدليل جنائي :
– الاعتراف المعتبر فى المواد الجنائية والذي يؤاخذ به المتهم يجب أن يكون نصاً فى اقتراف الجريمة و أن يكون من الصراحة و الوضوح بحيث لا يحتمل تأويلاً . و أما سوق الأدلة على نتف متفرقة من أقوال المتهم قيلت فى مناسبات و لعلل مختلفة ، و جمعها على أنها اعتراف بالتهمة فلا يعد اعترافا إذا كانت حقيقته تحميلاً لألفاظ المتهم بما لم يقصده منها.
– الاعتراف فى المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، فلها أن تجرى هذا الإعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما تتفق به، دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك ، كما لا يلزم فى الإعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفى فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والإستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة .
– من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التى تملك محكمة الموضوع كامـل الحرية فى كامل الحرية فى تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزىء هذا الاعتراف، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون أن تكون ملزمه بيان علة ذلك، كما لا يلزم فى الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفى فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافــة الممكنات العقلية ولاستنتاجيه اقتراف الجاني للجريمة .
– من المقرر أن خطأ المحكمة فى تسمية الإقرار اعترافاً لا يقدح فى سلامة حكمها ما دام أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى، و مادامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني الإعتراف، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
– من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذى يصدر عن التهمة على إثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الإعتراف بهذا الأجراء وما تنتج عنه من شئون محكمة الأقوال قد صدرت منها صحيحة غير متأثرة فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها وإذ كانت المحكمة قد قدرت فى حدود سلطتها التقديرية أن الاعتراف الطاعنة أمام النيابة كان دليلا مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعنة مجادلتها فى ذلك ومن ثم يكون منعى الطاعنة بهذا النعى غير مقبول .
الاعتراف بارتكاب الجريمة داخل دواوين الشرطة :
يثير الحديث عن صحة الاعتراف – كدليل – داخل دواوين الشرطة مجموعة شائكة من الأسئلة :
التساؤل الأول : هل تعد أقوال المتهم بمحضر الشرطة اعتراف صحيح قانوناً …؟
للمحكمة أن تأخذ بإعتراف المتهم و لو كان وارداً بمحضر الشرطة متى إطمأنت إلى صدقه و مطابقته للواقع و لو عدل عنه فى مراحل التحقيق الأخرى دون بيان السبب . و إذ كان البين من المفردات المضمومة إن كل ما ضمنه الطاعن مذكرة دفاعه المقدمة للمحكمة الإستئنافية فى أمر تعييب إعترافه هو ما سطره فيها من القول بأن : إعتراف المتهم بمحضر ضبط الواقعة قد أخذ عليه بالتهديد و الحيلة لأنه وجد نفسه أمام رجال الشرطة الذين لم يتواجد أمامهم فى يوم من الأيام . و كان مجرد القول بأن الإعتراف وليد التهديد و الحيلة لوجود المتهم أمام رجال الشرطة الذين لم يتواجد أمامهم من قبل لا يشكل دفعاً بطلان الإعتراف لأن مجرد تواجده أمام رجال الشرطة و خشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل لإعترافه لا معنى و لا حكماً ما دام سلطان رجال الشرطة لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً – و هو ما يدعيـه الطاعن فى كافة مراحل الدعوى .
هل تعد اقوال المتهم التى قد يستفاد منها ضمنيا ارتكابه الفعل الاجرامى المنسوب اليه اعترافاً …؟
لا يمكن القول بأن أقوال المتهم التى قد تستفاد منها ضمنيا ارتكابه الفعل الاجرامى المنسوب اليه ، فهذه الاقوال مهما كانت دلالتها لا ترقى الى مرتبة الاعتراف الذى لابـد وان يكون صريحا فى اقتراف الجريمة ، فالاعتراف هو اقرار بارتكاب الفعل المسند الى المتهم ، والاقرار بطبيعته لابد ان يكون واضحا وصريحا فى الوقت ذاته ، فلا يعتبر اعترافا هدياً علي ما سبق ، اقوال المتهم واقراره ببعض الوقائع التى يستفاد منها باللزوم الفعلى والمنطقى ارتكابه للجريمة ، وهذه الصفة اللازم توافرها هى التى جعلت منه سيد الادلة فى الإثبات ، كما أن الاقرار ببعض الوقائع التى لا تتعلق بالجريمة لا يعتبر اعترافا بالمعنى القانوني الصحيح ، ولا يعتبر اعترافا أيضاً اقرار المتهم بصحة التهمة المسندة اليه ، ما لم يقر صراحة بارتكابه الافعال المكونة لها .
هل يصح أن يكون الاعتراف بالجريمة مكتوباً …؟
تعريف الاعتراف بأنه إقرار الشخص علي نفسه بإرتكاب جريمة ، أيا كان الباعث عليه ، وأيا كانت الجهة التي يدلي به الشخص أمامها ، يعني إمكان أن يكون هذا الاعتراف شفوياً أو مكتوباً ، بل أنه قد يتحقق بالإشارة إذا كان المعترف ذي إعاقة جسدية تمنعه من الاعتراف اللفظي أو الكتابي ، وأيا كانت صورة الاعتراف أو شكله ما دام صحيحاً فهو كاف فى الإثبات ، والأمر انتهاء وعلي نحو ما سيلي حال التعرض لموضوع تقدير الاعتراف محض سلطة تقديره لمحكمة الموضوع انطلاقا من سلطتها القانونية في تقدير الدليل المقدم إليها .
لماذا يعد الاعتراف سيد الأدلة …؟
لما كان الاعتراف هو اقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للمتهمة المسندة اليه ، فهو سيد الادلة واقواها فى نفس القاضى وادعاها الى اتجاهه نحو الادانة ، وقد قضت محكمة النقض في هذا اصدد : الاعتراف اقرار من المتهم على نفسه بالتهمة المسندة اليه ولا يعد من هذا القبيل اقوال متهم على زميله فى الاتهام ، فهذه الأقوال تعد من قبيل الاستدلالات ، وكذلك لا يحاسب المتهم عما يسلم به محاميه مما ينكره هذا المتهم ، فتسليم المحامى بصحة اسناد التهمة الى موكله او بدليل من ادلة الدعوى لا يصح ان يعتبر حجة على المتهم متى كان منكرا له ، وبناء عليه قضى بانه اذا كانت المحكمة حين ادانت المتهم فى جريمة تزوير ورقة اميرية – قد استندت فيما استندت اليه فى الاقتناع بثبوت التهمة قبل المتهم الى اعتراف محاميه فى دفاعه عنه بان الصورة الملصقة بتذكرة تحقيق اثبات الشخصية المزورة هى للمتهم ، وهو الامر الذى ظل المتهم منكرا له اثناء التحقيق والمحاكمة فان هذا الحكم يكون مشوبا بفساد الاستدلال بما يعيبه ويستوجب نقضه ، والادلة فى المواد الجنائية متماسكة بحيث اذا سقط احدها انهار باقيها بسقوطه .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً