سلطة المحكمة في تقدير الدليل
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بالنسبة للطاعنين ، حصَّلها – حسبما صوَّرتها سلطةالاتهام – بالنسبة للمتَّهمَين …. و …. ، ثم عرض لتبرئتهما بما نصه :” …. وحيث إن المحكمة بعد أن محَّصت الدعوى وأحاطت بظروفها ، وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها ، وذلك عن بصر وبصيرة ، ووازنت بينها وبين الثابت بالأوراق ، وداخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات بالنسبة لهذين المتَّهمَين ، سيما وأن أوراق الدعوى قد خلت مما يشير ويجزم بتواجد هذين المتَّهمَين بمسرح الأحداث ، وكان الدليل ضدهما قائماً على تحريات الشرطة وحدها ، والتي لا تعدو كونها قرينة يَلْزَمُها أن تتأيد بدليل للإثبات حتى يرقى إلى مرتبة الدليل الكامل ، ولا تعدو سوى كونها رأياً شخصياً لمجريها ، وهو ما يحدو بالمحكمة إلى أن ترى في دليل الاتهام قصوراً عن حد الكفاية لبلوغ ما قصد إليه في هذا المقام ، ومن ثم لا تقيم المحكمة قدراً لما سردته التحريات التي أجرتها الشرطة وذكرت على استحياء منها اسم هذين المتَّهمَين ، وترفض ما جاء بها نسبة إليهما ، مما يتعيَّن معه اطراحها ، وعدم التعويل على ما شهد به مجري التحريات ، وحيث إنه متى تسرب الشك إلى عقيدة المحكمة بالنسبة لهذين المتَّهمَين ، وحامت الشبهات بأدلة الثبوت فيها مما لا ينهض معه أمام المحكمة دليل تطمئن إليه ، ويظفر بقناعتها ، فإن ذلك حسبها كي تقضي ببراءتهما مما أسند إليهما ، وتنتزع للمتَّهمَين حقًا لهما من براثن قرائن لا تصلح سندًا للاتهام في مقام المواد الجنائية بالنسبة لهما . “
، وهذا الذي ذكره الحكم تسبيبًا لبراءة المتَّهمَين سالفي الذكر ، مع إفراده هؤلاء الطاعنين بالإدانة يشوبه التناقض في التسبيب ، ذلك أن الاعتبارات التي ساقها في سبيل تبرئة هذين المتَّهمَين تأسيساً على عدم كفاية التحريات ، والتي لم تتأيَّد بدليل آخر ، وأنها لا تعدو أن تكون رأياً شخصياً لمُجريها ، تصدُق بالنسبة لهؤلاء الطاعنين التي أحاطت بهم نفس الظروف التي أحاطت بالمتَّهمَين الآخرَين المحكوم ببراءتهما – حسب تحصيل الحكم المطعون فيه عينه لأدلة الإثبات – فكانت إدانتهم مع اجتماع ذات الاعتبارات بالنسبة إليهم وإلى المتهمين الآخرين المحكوم ببراءتهما تحمل معنى التناقض في الحكم ، ولا يُعْتَرض بأن من حق محكمة الموضوع تجزئة الدليل ؛ لأن ذلك حدَّه أن يكون فيما يمكن فيه التجزئة بأسباب خاصة بمتهم ، أو متهمين بذواتهم ، لا باعتبارات عامة تنصرف إلى كل المتهمين وتصدُق في حقهم جميعاً ، وإذا ما كانت تحريات الشرطة ، كما أوردها الحكم واستدل بها جمعت بين الطاعنين – أصحاب وجه النعي – والمتَّهمَين الآخرين معهم في إطار واحد ، فلا يمكن إفراد الأولين بوضع مستقل بغير مرجح لا سند له من الحكم ، ولا شاهد عليه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله .
(الطعن رقم 15321 لسنة 85 جلسة 2016/02/03)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً