4 أسئلة وأجوبة في زنا المحارم وفق القانون العُماني
المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
يُقال “لا حياء في الدين”، وبالقياس على هذه المقولة علينا جميعًا ألا نستحي من إيضاح المسائل المتعلقة بتنظيم حياة الناس، بعيدًا عن التشهير والشخنصة.
وفي السطور القادمة سنتحدث عن موضوع مهم، لم يتم التطرق إليه كثيرًا، ربما لحساسيته، إلا أن ناقوس الخطر أصبح يدق حوله، خصوصًا إذا ما علمنا أن هناك قضايا تتعلق به نُظِرت في المحاكم مؤخرًا، كما أن قانون الجزاء العماني الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/2018) تضمن نصوصًا عنه، وهو ما لم يكن موجودًا في القانون المُلغى.
حديثنا في هذه الزاوية القانونية عبر “أثير” عن جريمة “زنا المحارم” التي وصلتنا أسئلة كثيرة حولها، وسنوضح إجاباتها في السطور القادمة.
1- ما هو زنا المحارم؟؟
هو أي نشاط جنسي والنشاط الجنسي المقصود في هذا الصدد هو الاتصال الجنسي أي لابد من أن يكون هناك تلاقٍ للختانين حتى يتكون الركن المادي لجريمة الزنا بشكل عام، وأما هذه الجريمة محل الزاوية، ففيها شرط آخر هو أن يكون هذا الاتصال بين شخصين تكون بينهما حرمة مؤبدة، وأن السبب الرئيس الدافع لارتكاب هذه الجريمة البشعة يكون في ضعف الوازع الديني والبعد عن الله جل في علاه، فضلًا عن المؤثرات الخارجية الأخرى التي تدفع بالشهوة للتنكر على الفطرة، فالأصل العام ألا توجد هذه الشهوة بين المحرمات، ولكن قد تؤثر بعض العوامل على إماتة هذه الفطرة السوية، ومنها عدم تفريق الذكور عن الإناث في سن المراهقة، وأيضًا مع ما تبعثه التقنية الحديثة من سموم تنخر أساسات النفس من مواقع وأفلام وإيحاءات إباحية، فهذه السموم تبث ما يتصل بذلك من مواقعة بين المحارم، فهذه تزيّن في نفس متابعها الاستهانة بفظاعة هذا الأمر، وتجعله يستهين بالمحارم، لضعف نفسه وعدم تمسكه بدينه، فخطر هذه الأمور المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي والتقنية الحديثة يجب أن يبتعد عنه كل فرد ويبعد أهله عنها، وقد تكون لأسباب صحية وذلك لاختلال عقلي أو الإدمان في تعاطي المسكرات والمخدرات والتي تؤثر في سلوكيات متناولها ومتعاطيها.
2- ما عقوبة زنا المحارم في القانون العُماني؟
لم يتطرق قانون الجزاء العماني المُلغى الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٧/٧٤) لعقوبة زنا المحارم، إلا أن قانون الجزاء العماني الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني (٧/٢٠١٨) تناول عقوبة زنا المحارم وذلك بنص المادة (٢٦٠) حيث حدد عقوبتها بالإعدام، ويفهم من ذلك أن مثل هذه الحالات كانت تخضع لتنظيم قانوني خاص لم يُنصّ عليه في قانون الجزاء المُلغى لاعتبارات قدرها المشرع، وكانت تُنظر عبر تشكيل خاص يضم فضيلة الشيخ رئيس المحكمة العليا وسماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة وآخرين، وكانت عقوبتها الإعدام أيضا.
أما في القانون الحالي، فقد اشترط المشرع العماني لتطبيق عقوبة الإعدام على هذه الجريمة أن تكون الحرمة مؤبدة ( النساء التي لا تحل للرجل بشكل مؤبد) لا مؤقتة (النساء التي لا تحل للرجل بشكل مؤقت)، فالحرمة المؤقتة يطبّق عليها الأحكام الواردة في قانون الجزاء بشأن جريمة الزنا وهي السجن على حسب وصف الجريمة، كما أن المشرع العماني عندما سن الإعدام على هذه الجريمة شدد على أن الزنى بذوات المحارم أعظم إثمًا من الزنى بغير المحارم، لما فيه من القطيعة والأذى والاعتداء والمنافاة للفطرة السوية هو ما ينبئ عن خطر جرمي شديد لمرتكبها، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الزاني بالمحارم يُقتل مطلقا، سواء كان محصنًا أو غير محصن.
3- هل زنا المحارم يشمل مواقعة الأنثى فقط؟
نصت المادة (٢٥٧) من قانون الجزاء العماني بـ ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (١٠) عشر سنوات، ولا تزيد على (١٥) خمس عشرة سنة كل من واقع ذكرا أو أنثى بغير رضا. وتكون العقوبة السجن المطلق إذا كان المجني عليه دون (١٥) الخامسة عشرة من عمره أو كان مصابا بعاهة بدنية أو عقلية تجعله عاجزا عن المقاومة، أو أدى الفعل إلى مرض تناسلي مزمن بالمجني عليه أو أدى ذلك الفعل إلى موته، أو كان الجاني من المتولين تربيته أو ملاحظته أو رعايته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان عاملا لديه بالأجرة أو لدى أحد ممن تقدم ذكرهم، أو كان اقتراف الجريمة من (٢) شخصين فأكثر.
ونصت المادة (٢٥٩) بـ ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (٦) ستة أشهر، ولا تزيد على (٣) ثلاث سنوات كل من واقع أنثى برضاها دون أن يكون بينهما عقد زواج، وتعاقب الأنثى بالعقوبة ذاتها. ولا تقل عقوبة كل منهما عن (٢) سنتين إذا كان أحدهما متزوجا، ويفترض العلم بقيام الزوجية إلا إذا ثبت غير ذلك. ولا تقام الدعوى الجزائية على الفاعل، رجلا كان أو امرأة، إلا بناء على شكوى الزوج أو ولي الأمر. فإذا لم يكن للفاعل زوج أو ولي أمر في الدولة جاز للادعاء العام إقامة الدعوى أو إبعاده من البلاد، ويجوز في جميع الأحوال للزوج أو ولي الأمر التنازل عن الدعوى، ويترتب على تنازل أحد الشاكين وقف الملاحقة الجزائية ووقف تنفيذ العقوبة.
ونصت المادة (٢٦٠) بـ ” إذا وقعت الجريمة الواردة في المادتين (٢٥٧ و٢٥٩) من هذا القانون بين المحارم حرمة مؤبدة فتكون العقوبة الإعدام”.
ويتضح من هذه المواد الثلاثة أن زنا المحارم يتعلق بمواقعة ذكر لأنثى محرّمة عليه مؤبدًا، أو مواقعة ذكر من محارمه.
4- مَن له الحق في تحريك هذه الدعوى؟
تُعدّ الجريمة المشار إليها في المادة (٢٦٠) من قانون الجزاء من الدعاوى العمومية غير المقيدة على شكوى ولا تسقط بالتنازل وهي اختصاص أصيل للادعاء العام، وقد ألزم القانون كل من شهد أو علم بوقوع جريمة بإخطار الجهات المختصة، فمتى ما وصلت الجريمة إلى علم مأمور الضبط القضائي أصبح مُلزمَا بإخطار الادعاء العام الذي عليه واجب التحقيق في الجريمة محل الاتهام والتقرير بحفظها أو إحالتها للمحكمة المختصة للفصل فيها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً