لا تركة إلا بعد سداد الديون
تنص المادة الرابعة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على أنه:
“يؤدى من التركة بحسب الترتيب الآتي:
أولاً- ما يكفى لتجهيز الميت، ومن تلزمه نفقته من الموت إلى الدفن.
ثانياً-ديون الميت.
ثالثاً- ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية.
ويوزع ما بقى بعد ذلك على الورثة. فإذا لم يوجد ورثة قضى من التركة بالترتيب الآتي:
أولاً- استحقاق من أقر له الميت بنسب على غيره.
ثانياً- ما أوصى به فيما زاد على الحد الذي تنفذ فيه الوصية، فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء آلت التركة أو ما بقي منها إلى الخزانة العامة”.
وتنص المادة 899 من القانون المدني على أنه:
“بعد تنفيذ التزامات التركة، يؤول ما بقى من أموالها إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي”.
ومن المقرر – شرعاً وقانوناً – أن:
شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، وأن أموال وأعيان التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، لذا فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها حق عيني، فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة، ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، تطبيقاً للقاعدة الشرعية التي تقضي بأنه “لا تركة إلا بعد سداد الديون”، ويندرج في تلك الديون “المتعة” أو “مؤخر الصداق”.
وأن أوان ووقت الميراث – على ما يُؤخذ من قوله تعالى “من بعد وصية يوصى بها أو دين” – لا يتحقق إلا بعد قضاء ديون المورث، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المواريث(رقم 77 لسنة 1943).
هذا، ومن المقرر في قضاء محكمة النقص أنه:
“…وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم قضى بإلزامهم بأن يؤدوا المتعة المقضي بها من تركة مورثهم، رغم أنه لم يثبت وجود مال أو تركة له، وتمسكوا بهذا الدفاع إلا أن محكمة الاستئناف لم تمكنهم من إثباته، أو تكلف المطعون ضدها بإثبات ما تدعيه من وجود تركة، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنهلما كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، والتركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، فإن ديون المورث تتعلق بتركته ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، ومن المقرر شرعاً أنه “لا تركة إلا بعد سداد الديون” التي تندرج فيها المتعة المحكوم بها، فأوان الميراث – على ما يُؤخذ من قوله تعالى “من بعد وصية يوصى بها أو دين” – لا يتحقق إلا بعد قضاء ديون المورث، وهذا هو الراجح في مذهب أبي حنيفة. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد أقامت الدعوى ابتداءاً على مورث الطاعنين، وبعد وفاته اختصمت الطاعنين ابتغاء الحكم لها بالمتعة في تركة مورثهم، وإذ أجابها الحكم المطعون فيه إلى طلبها،دون مساس بذمة الطاعنين الخاصة، الذين لم يجادلوا في أصل استحقاقها للمتعة، فإنهأياً كان الشأن في مقدار تلك التركة فإن المتعة لا تخرج عنها، ولا تتعداها إلى أموال الطاعنين الخاصة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه، وما دون ذلك من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون – وآياً كان وجه الرأي فيه – لا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، فلا عليه إن لم يمحص هذا الدفاع، ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول”.
(نقض مدني في الطعنرقم 154 لسنة 67 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 30/3/1998).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أنه:
“المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة –إذا كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، وكانت ذمة التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، فإن ديون المورث تتعلق بتركته، ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة”.
(نقض مدني في الطعنرقم 1473 لسنة 72 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 14/5/2003).
(ونقض مدني في الطعنرقم 2383 لسنة 67 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 8/6/1999).
فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن:
“المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وأن شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، ومن ثم فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها حق عيني، فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة، ولا تنشغل بها ذمة ورثته، فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة”.
(نقض مدني في الطعنرقم 8704 لسنة 63 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 26/10/1997).
(ونقض مدني في الطعنرقم 2766 لسنة 59 قضائية – جلسة 25/12/1997).
كما جرى قضاء محكمة النقض على أن:
“المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، وأن شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، ومن ثم فإن ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة، ويكون للدائنين عليها حق عيني فيتقاضون منها ديونهم قبل أن يؤول شيء منها للورثة ولا تنشغل بها ذمة ورثته، فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة. وأن الالتزام بجبر الضرر المدعى به إنما ينصرف إلى ذمة الشخص المسئول وبعد وفاته إلى تركته”.
(نقض مدني في الطعنرقم 1178 لسنة 75 قضائية – جلسة 4/1/2006).
الخلاصة:
أن ديون المورث، إنما تقضى من تركته، بعد وفاته، فإن بقي – بعد سداد الديون – شيء في التركة، آلت إلى ورثته، وإن استغرقت الديون كل التركة، لم ينتقل شيء منها إلى ورثته، وإن لم تكف التركة لسداد جميع ديون المورث، فلا يُسأل الورثة – في أموالهم الخاصة – عن سدادها، ولا يلزمون قانوناً بذلك، ولكن يحبذ “شرعاً” أن يفوا بديون مورثهم، ولو من أموالهم الخاصة، حتى يرحموه من عذاب القبر واليوم الآخر، فتكون لهم بذلك صدقة وقربى وصلة رحم يثابون عليها في الدنيا والآخرة، إن كانوا – بالطبع – يستطيعون الوفاء بديون مورثهم، وإلا طلبوا التجاوز عنها والمسامحة فيها من الدائنين حتى تبرأ ذمة مورثهم.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً