نظام المكاتب العقارية وتداخل المفهومين التجاري والمهني
على مدى أكثر من ست سنوات، وعبر ما يزيد عن دورتين من دورات المجلس، أقر أعضاء مجلس الشورى الأسبوع الماضي مشروع نظام ممارسة أعمال المكاتب العقارية، الذي من المتوقع أن يحل بعد موافقة مجلس الوزراء عليه بديلاً عن لائحة تنظيم المكاتب العقارية الجاري العمل بها حالياً منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتتضمن القواعد التي تحكم ممارسة هذا النشاط من قبل ما يربو على ثلاثين ألف مكتب عقاري قائم حالياً في المملكة، سينخفض عددها نتيجة تطبيق مشروع النظام الجديد بنسبة30% كما يرصد المختصون بهذا السوق، من خلال خروج نحو عشرة آلاف مكتب تديرها أيد عاملة وافدة، وذلك نتيجة اشتراط مشروع النظام الجديد ممارسة النشاط من قبل صاحب المكتب العقاري أو مديره السعودي فقط.
مشروع النظام الجديد يحدد أعمال المكاتب العقارية في تقديم خدمات الوساطة العقارية التي تشمل التسويق وبيع وشراء وتأجير وإدارة الأملاك العقارية، التي يعتبرها النظام ضمناً أنشطة تجارية بموجب اشتراط حصول من يرغب في ممارستها الحصول على سجل تجاري، بينما يعتبر نشاط التقييم العقاري الذي يمكن أن يضم إلى الخدمات التي تقدمها المكاتب العقارية نشاطاً مهنياً لاشتراطة في ممارستها الحصول على ترخيص خاص بذلك وفق نظام المقيمين المعتمدين، مما يظهر بشكل جلي التداخل بين المفهومين التجاري والذي ينبغي ألا يكون كذلك والمهني في تنظيم هذا القطاع الخدمي الواسع الانتشار، والفقير محلياً في المعايير المهنية لممارسته، لعدم تكيفه تنظيمياً حتى الوقت الحاضر مع الكوادر المهنية التي بدأت المؤسسات التعليمية والمعاهد المتخصصة في الداخل والخارج تضخها سنوياً للدخول في هذا المجال، يزيد من عمق هذا التداخل بين المفهومين التجاري والمهني في مشروع نظام ممارسة أعمال المكاتب العقارية، تأكيد مشروع النظام الجديد في مادته الثامنة على ممارسة المكاتب العقارية لأعمالها وفقاً لمعايير وأخلاقيات المهنة، والنص بأن على أصحاب المكاتب العقارية والممارسين فيها العمل وفقاً لقواعد ومقتضيات العمل المهني السليم، الذي لا نرى في مقابل ذلك أي أصدار جرى إعداده أو نشره من الجهات المنظمة للقطاع العقاري يتضمن آداب المهنة ومعايير وأخلاقيات ممارستها لتكون المرجع لما نصت عليه بعض مواد مشروع النظام الجديد.
إن النشاط العقاري كأحد الخدمات الضرورية التي يحتاجها المجتمع لدينا بالإضافة إلى أهمية التأكيد على العنصر المهني وليس التجاري في ممارسته، ينبغي أن يبني تطوير إطاره التنظيمي وفقاً لذلك، كما أن قاطرة هذا التطوير يجب أن تقودها شركات، حتى ولو كان عددها محدوداً إنما ذات إمكانات مهنية عالية المستوى، تعمل وفق أسس ومعايير عالمية في هذا المجال، تنشر تلك الأسس والمعايير أفقياً في هذا القطاع بين الممارسين الأفراد عبر تطبيق أسلوب (الفرنشايز) أو حق الامتياز لاستخدام أسس ومعايير تلك الشركات في تقديم الخدمة، فمرحلة شيوخ العقار قد تجاوزناها، وأضحى لزاماً أن يتواكب تطور قطاعنا العقاري مع اقتصاد دوله تحظى بعضوية دول العشرين.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً