العضل في القانون و أحكامه الشرعية
تتعرض الفتاة في حال تقدم خاطب لخطبتها إلى حالة من ثلاث حالات محتملة و هي:
الحالة الأولى : هي أن يوافق أبوها على تزويجها حتى و إن لم ترغب هي في الزوج و هذه تتم لدى المذهب المذهب المالكي و تسمى هذه الحالة ولاية الإجبار حيث أن من حق الولي الشرعي على الفتاة إذا كان الولي هو أبوها أن يزوجها و لو غصبا عنها
الحالة الثانية هي أن يوافق الأب على التزويج أو يرفض و لكن بعد عرض الأمر على الفتاة و تكون الموافقة و التزويج متى توافقت الإرادتين إرادة الأب و إرادة البنت على الخاطب و هذا المعمول به في المحاكم الجعفرية ( الرأي المعمول به و إن كان هناك آراء أخرى)
الحالة الثالثة و هي أن يمتنع الأب عن الموافقة على تزويج ابنته تجاه كل خاطب يتقدم للزواج من ابنته و بلا مبرر و رغم كفاءة و مناسبة الخطاب للزواج بها و تسمى هذه الحالة بـ ( العضل ) و تعاني بعض الفتيات من هذه الحالة بغض النظر عن المذهب الذي يعتقدون به .
و لقد أحال القانون البحريني إلى القضاء الشرعي للبت في شكاوى العضل و اعتبر القضاء الشرعي قضاءً مستقلا تجاه القضاء المدني و الجنائي و تجاه القضاء العسكري و من ثم يتعين على الفتاة التي تعاني من هذه المشكلة اللجوء للقضاء الشرعي
الرأي القانوني:
لكي يكون رفع قضية العضل صحيحا من الناحية القانونية و منتجا لآثاره و يمكن توقع النتيجة الايجابية منه يتوجب إتباع الخطوات التالية:
1- أن تكون الفتاة غير متنازع على بنوتها للأب ( فبعض الحالات يمنتع الأب عن الموافقة لانه لا يريد التوقيع على وثيقة النكاح لأنه يدعي أن البنت ليست من صلبه ) ففي هذه الحالة يجب أولا أن تستصدر الفتاة حكما بثبوت بنوتها منه أو عدمها لاستبعاد موافقته على الزواج .. في بعض الحالات ترجع المشكلة إلى زمن بعيد و إلى مشكلة أخرى حيث يكون الأب قد طلق الأم لشكه في سلوكها و شكه من تولد البنت منه فتسري المشكلة إلى زواج البنت و موافقة الأب على التزويج .
2- أن يكون المتقدم لخطبة الفتاة مناسب لها بحسب حالها و حال أهلها مع مراعاة الجوانب الأخرى و منها اتحاد الجنسية و مستوى الدراسة و نوع العمل و فارق السن فمثلا كان رفض الأب لتزويج ابنته من شاب يحمل الجنسية الهندية مبررا لأنه متى تقرر ترحيله إلى بلده فسيسحب معه زوجته و تدخل في دوامة من الإشكاليات القانونية لها و لأولادها .
3- أن يكون رفض الأب بلا مبرر معقول و ينبغي استطلاع رأبه و أسباب امتناعه لأنه يحتمل أن لديه أسبابا لم تعرفها البنت فالأولى أن ترسل له من يرتضيه و يسمع قوله ليناقشه و يحاول معرفة الأسباب و يحاول أيضا إقناعه بالموافقة ففي هذه المحاولة فرصة لتجنيب الجميع عناء التقاضي و التخاصم أمام القضاء و توفير للوقت و الجهد و حفظ المودة العائلية فيما بين الأسرة الواحدة
4- في حال انغلقت الأبواب و اضطرت الفتاة لرفع أمرها إلى القضاء من اجل استصدار حكم برفع ولاية أبيها على تزويجها فالأفضل لها أن توكل محاميا مختصا ضليعا في المسائل الشرعية و لديه قدرا كبيرا من الحكمة ليعمل على معالجة الأمر قانونيا و قضائيا بنحو يكون اخف ما يكون بحيث لا تتصدع الأسرة
5- و على الفتاة في هذه الحالة و قبل أن ترفع أمرها إلى القضاء بل و قبل أن تشعر أباها بذلك أن توفر لها مسكنا يؤييها و موردا ماليا لتعتاش منه ( لان من الممكن أن يطردها أبوها من البيت أو يمنع عنها المصروف أو يضربها أو يحبسها في البيت لكي تتراجع عن رفع الدعوى و تقوم بإسقاطها و لذلك عليها أن تفكر في هذه الاحتمالات و تضع حلولا لمعالجتها قبل أن تقوم برفع الدعوى و أفضل الحلول أن تنتقل للعيش فيس بيت اقرب المقربين منها كخالها أو عمها على أن يتكفلون لها مسبقا برعايتها
6- و من المهم أيضا أن تكون ضامنة لتعاطف بقية الأهل معها فلا تذهب وحيدة للمحاكم و لا تكون لها وجهة نظر في الموضوع لا يوافقها بقية الأهل عليها
7- و هناك بند يجب التنبه إليه و هو سن الأهلية القانونية للتقاضي فسن أهلية الأداء في البحرين هي 21 سنة و هي سن الرشد المعتبر قانونا فقبل هذا السن فالأرجح أن يتم رفض دعواها لأنها لا تتمتع بالأهلية القانونية لان قبل هذا السن تكون أهلية التقاضي لها بواسطة أبيها لأنه الولي عليها لكن بعد هذا السن ترتفع ولايته القانونية عنها فيما عدا الولاية على الزواج
8- و ختاما : نؤكد على كل فتاة تعاني من مشكلة ما مع أبيها أو أي طرف آخر من أهلها أن تعمل جاهدة لحلها وديا و إن اضطرت لحلها عن طريق القضاء فلتحرص على عدم انقطاع حبل التواصل و المودة مع ذالك الطرف .
الشيخ عبد الهادي خمدن
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً