المسالة الأولية في الدعاوى الشرعية
تحتل فكرة المسالة الأولية أهمية بالغة في النظام القضائي إذ يتوقف على نتيجتها معرفة وجه الفصل في الدعوى و تعترض المسالة الأولية مسار القضاء عند فصلة في قضية تتعلق بأي فرع من فروع القانون المختلفة فقد تعترضه في دعوى إدارية أو جنائية أو مسالة من مسائل تتعلق بقواعد الإسناد لدى نظره طلب الإحالة للقانون الأجنبي أو الإحالة للمحاكم الأجنبية كما تعترضه في الدعاوى الشرعية
تختلط و تلتبس أحيانا فكرة المسالة الأولية بالقواعد الإجرائية التي تتناول تزامن نظر دعوى واحد أمام محكمتين إحداهما مدنية و الأخرى جزائية حيث أن القضاء الجنائي يوقف القضاء المدني لحين الفصل في الدعوى و يكون الحكم الجنائي حجة – بنحو عام- أمام القضاء المدني بينما المسالة الأولية تختلف عن ذلك و للتوضيح نشرح فنقول
تعريف المسالة الأولية و بيان خصائصها
هي قضية مستقلة قائمة بذاتها ومع ذلك فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدعوى الموضوعية المنظورة أمام القضاء و يتوقف الفصل في الدعوى الموضوعية على الفصل فيها
و مثال لذلك – لو وجت تهمة الاغتصاب لشخص فدفع بان المجني عليها- بالفرض- هي زوجته فان المحكمة الجنائية ليس من اختصاصها البت في هذا الدفع فتحيل هذا الشق إلى المحكمة الشرعية لكي تفصل في مسالة وجود العلاقة الزوجية بين المتهم و المجني عليها أم لا و بناء على حكم المحكمة الشرعية تصدر المحكمة الجنائية حكمها فان حكمت المحكمة الشرعية بثبوت العلاقة الزوجية حكمت المحكمة الجنائية بالبراءة و إن حكمت المحكمة الشرعية بنفي العلاقة الزوجية حكمت المحكمة الجنائية بالإدانة .
مثال آخر- لو طالبت امرأة أمام القضاء بفصل نصيبها من ميراث زوجها و لكن بقية الورثة أنكروا علمهم بأنها زوجة لمورثهم فان على المحكمة المدنية إحالة الموضوع للمحكمة الشرعية للفصل في وجود الزوجية و عدمه و كذلك لو كان المدعي شخص و زعم انه ابن المتوفى فان إثبات بنوته للمتوفى من اختصاص المحاكم الشرعية و التي بناء على حكمها يتقرر مصيره في دعواه المدنية
و لا يقتصر الأمر على اختلاف الاختصاص بحسب أنواع المحاكم بل يحدث بين المحاكم من ذات النوع كما لو رفعت دعوى أمام المحاكم المدنية الكبرى لكن احد عناصر الدعوى يتطلب البت فيه من قبل المحاكم المدنية الصغرى أما مراعاة للاختصاص القيمي أو مراعاة للاختصاص النوعي .
و كذلك الحال يفترض وجوده لدى المحاكم الشرعية فلا يصح طلب التطليق أمام المحاكم الكبرى الشرعية و ذلك لعدم الإنفاق دونما سبق الادعاء أمام المحاكم الشرعية الصغرى للمطالبة بالنفقة و صدور حكم بثبوت تخلفه عن الإنفاق و إن التخلف بدون عذر و إلزامه به و كذلك يحتمل الحدوث بالعكس فلو أقامت امرأة دعوى أمام المحاكم الشرعية الصغرى للمطالبة بالنفقة و قدمت وثيقة زواجها من المدعى عليه فدفع المدعى عليه بأنه قد طلقها و بانت من عصمته فان تحقيق حصول الطلاق من عدمه هو من اختصاص المحاكم الشرعية الكبرى و لذلك يتحتم على المحكمة أن توقف الدعوى لحين فصل المحكمة المختصة في هذا الدفع وهدا يعني لزوم أن يرفع دعوى أمام المحاكم الشرعية الكبرى لإثبات الطلاق و تاريخه .
فمن اجل تطوير العمل القضائي فان إصدار قانون إجراءات جديد موسع يتعرض لهذه المسالة بالتفصيل سيكون – بلا ريب- سيكون منتجا و فاعلا في خدمة العدالة .
الشيخ عبد الهادي خمدن
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً