ختان الإناث في دراسة قانونية و أثره على صلاحية الولي الشرعي
شهدت الأروقة القانونية البحرينية مؤخرا ً حادثة ختان لفتاة في سن الخمس سنين و أقيمت دعوى من الأم ضد الأب بتهمة تعرض البنت للانتهاك و للاعتداء الجنسي و بينما تعرضها للاعتداء الجنسي غير ثابت لحد الآن كما يبدوا بينما تعرضها للانتهاك بعملية الختان ثابتة باعتراف أبيها و لكنه دفع بان ذلك ليس جريمة و إنما هو فعل تقره العادات و التقاليد فيا ترى ما هو الوضع القانوني و الشرعي لختان الإناث؟ و سنحاول الإجابة على هذا السؤال بالمعالجة التالية و الله و لي التوفيق .
فكرة عامة
ختان الإناث يتم في المجتمعات الإسلامية و المجتمعات غير الإسلامية (ولا نقصد بها الدول الأوربية بل النامية و كذلك المتخلفة ) غير انه في المجتمعات غير الإسلامية قد يتطرف فاعلوه تطرفاً شديداً و بالغ الشذوذ فهناك مجتمعات تقوم بكشط شفري فرج الفتاة الصغيرة ثم تشد ساقيها لفترة بحيث يلتحم الشفران ما عدا ثقب صغير لخروج (البول و دم الحيض) ثم انه عند زواجها يقومون بتوسيع الفتحة بحيث يتمكن زوجها من معاشرتها ثم قبيل ولادتها يقومون بالتوسعة اللازمة لخروج الجنين ثم يُعاد خياطة أو لحم الفرج ثم عند الطلاق يتم الخياطة أو الالتحام بحيث تعود (بكراً) و هكذا .. وفي هذا الأمر يذكر أحد الأطباء في ذهول انه اضطر لإجراء عملية توسعة لزوجة احد الدبلوماسيين قبيل خروج رأس الجنين ,وهناك مجتمعات ترى أن هذا العمل غير كاف فيقومون بإزالة كل بروز أو نتوء ظاهر تحت السرة بمعني أن يكون الجزء السفلي من الفتاة مستوٍ (لا ترى فيه عوجاً و لا أمتا) بالإضافة الى عملية إغلاق و التحام الفرج الذي يكون بلا شفرين
ختان الإناث في المجتمعات الإسلامية
لا يزال ختان الإناث في منتشرا في بعض المجتمعات الإسلامية و لقد حصل توتر دبلوماسي بسبب قيام قناة عالمية بمرافقة ذوي فتاة لختانها و قيام القناة بتصوير العملية و بثها,الأمر الذي اعتبرته تلك الدولة إساءة لسمعتها و انتهاك لحرمتها و تسبب ذلك في الهجوم اللاذع و القوي من جهات حماية حقوق الإنسان و الطفولة و المرأة
و في وقت لاحق أصدر وزير الصحة في تلك الدولة قرار بمنع إجراء عمليات ختان الإناث و تسبب قراره في إقامة دعوى إدارية ضده فدفع بان الحديث الوارد بشان الختان ضعيف فرد عليه مؤيدو ختان الإناث (من المشايخ ) بعشرة أحاديث صحيحة من الكتب المعتبرة شرعاً .
ماهية ختان الإناث
هناك مفارقة كبيرة و مثيرة للاهتمام و ربما يصح أن نقول أنها مدهشة أيضا وذلك بين الفقه الجعفري و غيره تتعلق بموضوع الختان من حيث الماهية و من حيث الحكم الشرعي و من حيث الغاية المادية من أي الغاية الغير تعبدية فالمشهور عن الختان –كما يبدوا – انه مستحب و ربما مستحب مؤكد و أن ماهيته هي استئصال العضو الجنسي الحساس للمرأة المسمى بـ (البظر ) الذي يقابل العضو الجنسي الحساس للرجل المسمى بـ(الحشفة ) و أن الغاية منه بالإضافة للاستحباب الشرعي هو إجراء وقائي للحد من شهوة المرأة و بالتالي تقليل احتمال ارتكابها للخطيئة و تجنيب أهلها الفضيحة و ربما يلجأ إليه كوسيلة عقابية للفتاة التي لا تتحكم في نفسها و لا تضبط شهوتها .
بينما في الفقه الجعفري فان ماهية ختان الإناث هو كشط أو قطع جزء صغير من ظاهر البظر مثلا 1ملم أو أقل و ليس استئصاله و أن الغرض منه هو إظهار جزء من البظر الأكثر حساسية لتكون المرأة متفاعلة أكثر مع زوجها في السرير و بذلك تكون قد أسعدته و أراحته و روت ظمأه و أشبعت رغبته فيكون ذلك سببا لغض بصره عن النظر للُأخريات و حاجزاً له عن ارتكاب المحرمات و من شأنه أن يساهم في استقرار العلاقة الودية بين الزوجين و بالتالي استقرار الأسرة و يستشهدون على ذلك بقوله صلى الله عليه و آله قال لامرأة كانت تقوم بختان الإناث(((أشمي ولا تنهكي. فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج) و الإشمام هو الأخذ القليل والإنهاك هو المبالغة و الاستئصال و الذي نفهمه من الحديث بالحظوة عند الزوج و بالنظر الى مناسبة الموضوع و النتيجة هو أن الزوجة لا تكون ذات حظوة عند الزوج إلا عندما تكون (أميرة الفراش ).
أما عن حكم ختان الإناث لدى الفقه الجعفري فان أقصى ما قد يقال فيه هو انه مستحب ويبدوا أن الاستحباب أيضاً غير مسلم به لدى الجميع فالحديث القائل أن ( الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ) فالبعض لا يرى أن لفظ المكرمة يفيد الاستحباب و إنما مجرد الترغيب إليه أو أفضلية الفعل ,و البعض قد يرى انه ليس حكماً مولياً يفيد الاستحباب و إنما هو حكم إرشادي يفيد بوجود مصلحة مادية واقعية تترب على ختان الإناث المذكور بالوصف و الحدود المذكورة والمصلحة تتمثل في التفاعل الحميمي مع زوجها و أن تغنيه عن النظر الى غيرها و أن من شان العلاقة القوية الحميمية أن تزيل أي توتر أو زعل أو خصام بين الزوجين و بالنظرة الأوسع يتسبب ذلك في كثرة التقاء الزوجين و كثرة التناسل المندوب إليه شرعاً .
رأينا القانوني الشرعي في ختان الإناث
1- ان استئصال البظر يمثل قانوناً جريمة إحداث عاهة مستديمة فان أدى ذلك الى ثقب في الشريان الدموي الذي يغذي البظر و تسبب في نزيف أفضى الى الموت فان ذلك يمثل جريمة قتل غير مقصودة (قتل خطأ) و يستوجب من الناحية الشرعية دية و من الناحية القانونية بالإضافة للعقاب يستوجب التعويض .
2- ان قطع جزء صغير جداً من البظر على الوصف الوارد أعلاه لا يمثل جريمة متى تم للغرض المذكور و في حال حدوث خطأ في التطبيق يحاسب الفاعل عن تهمة الإهمال الذي أفضى الى الوفاة أو الى فقدان الفتاة لعضوها ( البظر ) بالإضافة الى الدية أو التعويض حسب النظرة الشرعية أو القانونية , لكن لو كان الفاعل غير مختص فان عقابه اشد لأنه شبه متعمد و لأنه أقحم نفسه في عمل خطير لا يتقنه .
3- أما من ناحية الحكم الشرعي فان أقصى ما قد يصل إليه هو الاستحباب متى كان إجراءه ممكنا في ظروف آمنة كوظيفة تعبدية – مجرد امتثال لأمر الشرع – أو بلحاظ الفوائد العملية المترتبة عليه فيتقرب الى الله به برجاء أن يكون ذلك احد أسباب توفيق و انسجام الفتاة مع زوجها عندما يكون النصيب , و بشرط أن يكون إشماما و ليس استئصالا .
لواحق الموضوع
1- الكيان المادي للإنسان مصان و يتمتع بالحماية الشرعية و القانونية حتى ضد الإنسان نفسه ,فلا يجوز له التصرف فيه تصرفا ضاراً فلا يجوز للإنسان أن يجرح نفسه أو يشرب شراباً يتسبب في مرضه أو يبتر احد أعضاءه (للتهرب من الجندية أو للإعفاء من الضريبة مثلاً( .
2- و يتفرع على ذلك انه لا يجوز له أن يأذن لغيره في القيام بعمل يضر ببدنه و بالتالي فان إذنه أو إذن وليه الشرعي أو القانوني لشخص بان يستأصل بظر الفتاة لا يعتبر مانعاً أو معفيا ًعن عقابه لان إذنه غير ممضي من الشرع و لا من القانون و لكن قد يكون معفياً له عن التعويض أو الدية التي قد يتحمل عبئها الولي ان كان هو من أذن بالفعل وقد يكون الاذن من الفتاة أو وليها سبباً لتخفيف العقوبة
3- على الرغم مما سبق بيانه فإنه يجوز للإنسان التنازل عن حقه تنازلاً لاحقا ًعلى الفعل الضار الذي أصابه من شخص آخر و لعل هذا من باب تغليب الشرع و ترغيبه في التسامح بين المجتمع و دوام حالة الانسجام و الوئام فيه لكنه من الناحية القانونية يخفف العقاب و لكن لا يرفع حكم الإدانة .
4- و يشترط أن يكون التنازل لاحقاً على الفعل و لم يكن الفعل قد تم بناء على موافقة و رضا المضرور ثم بعد ذلك يعلن تنازله لأنه في هذه الحالة يكون شريكا ً في الجريمة و ليس ضحية لها .
هل يعتبر الختان الكامل عيبا في الزوجة؟
المستفاد من النصوص الشرعية انه لا يعتبر عيبا ترد منه الزوجة سيما انه لا يؤثر بدرجة كبيرة و مباشرة على حقوقه الزوجية كدلك لان أسباب الرد مذكورة على سبيل الحصر إلا في حالة انه اشترط في ضمن العقد أنها غير مختونة و لكنه يعتبر عيبا في الجارية و ترد بسببه
هل يعتبر الولي متعديا لو سمح بختان البنت ختان استئصال فترفع ولايته ؟
يعتمد `لك على الرأي الفقهي الذي تنتمي إليه العائلة فلو كان جعفريا فانه يعتبر معتدٍ على البنت و يكون تحت طائلة و إمكانية العقاب و الإلزام بالدية و ربما رفع ولايته عنها
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً