جرائم السب والقذف من منظور النظام والقانون السعودي

“السب” و “القذف” من منظور قانوني

سأتحدث عن القذف :-
القذف: هو رمي المسلم المحصن الحر المكلف بالزنا أو اللواط أو نفي النسب أو بشهادة شي من ذلك.

حكم القذف:
قذف المحصن والمحصنة حرام وهو من الكبائر والأصل في تحريمة الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب :“فقال الله تعالى في سورة النور((إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ))
وايضاً في نفس السورة قال الله تعالى((إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ))

أما عن السنة: فقول النبي صلى الله عليه وسلم “اجتنبوا السبع الموبقات “قالوا يارسول الله وما هُن؟ قال”الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات” متفق عليه . البخاري والمسلم.

وأما الإجماع فقد نقله ابن قدامة فقال: “وأجمع العلماء على وجوب الحد على من قذف المحصن إذا كان مكلفاً”.

وعليه ذكر البهوتي إن القذف محرم إلا في موضعين :
الموضع الأول : أن يرى امرأته تزني في طهر لم يصبها فيه زاد في الترغيب والرعاية :ولو دون الفرج .وفي المغني والشرح: أو تقر به أي بالزنا فيصدقها فيعتزلها ثم تلد مايمكن أنه من الزاني فيجب عليه قذفها لأن نفس الولد واجب . لأنه إذا لم ينفع لحقه وورثه وورث أقاربه وورثوا منه ونظر إلى بناته وأخواته ولايمكن نفيه إلا بالقذف والقاعدة تقول “وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب” ويجب نفي ولدها لأن ذلك يجري مجرى اليقين في أن الولد من الزنا لكونها أتت به لستة أشهر من حين الوطء ..

وفي سَنَن أبي دَاوُدَ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولَم يدخلها الله في جنته ” ولا شك أن الرجل مثلها وفِي المحرر وغيره : وكذا لو وطئها الزوج في طهر زنت فيه وظن الولد من الزاني لشبهه ونحوه وجزم به في المنتهى وفِي الترغيب نفيه أي :الولد ،محرم مع التردد في كونه منه أو من غيره لأن الولد للفراش.

الموضع الثاني : أن يراها تزني ولَم تلد مايلزم نفيه أو يستفيض زناها في الناس أو أخبره به .أي :بزناها ثقة أو يرى الزوج رجلاً يُعرف بالفجور يدخل إليها .زاد في الترغيب :خلوة فيباح قذفها لأنه يغلب على ظنه فجورها ولايجب لأنه يمكنه فراقها وفراقها أولى من قذفها لأنه أستر ولأن قذفها يلزم منه أن يحلف أحدهما كاذباً أو تقر فتفتضح.

وبذلك لابد أن نسهب في أركان القذف:
للقدف ثلاثة أركان :
1-القاذف.
2-المقذوف .
3-القذف بزنا لفظاًأو أو شهادة.

الركن الأول القاذف :- هو الذي يقوم برمي الحر المسلم المحصن بالزنا أو اللواط ولَم يكن له بينة أو يشهد عليه بإحدهما ولَم يكتمل نصاب الشهادة .ويشترط الفقهاء في القاذف سواء كان ذكراً أم أنثى حراً أو عبداً مسلماً أو غير مسلم شروطاً منها :
1-الأهلية المتمثّلة في البلوغ والعقل والاختيار.

2-أن لا يكون والداً للمقذوف :لأن عقوبة القذف حق لآدمي فلا تجب للولد على والده كالقصاص.

3-أن يعجز عن إحضار أربعةً شهود على ماقدف به.

4-أن لايصدقه المقذوف

الركن الثاني :المقذوف :
يشترط الفقهاء في المقذوف رجلاً كان أو امرأة شروطها منها:
1-البلوغ (ليس على إطلاقه بل متى ما أمكن الوطء عادة كابن عشر سنين).

2-العقل

3-أن لايكون ولداً للقاذف

4-أن يكون محصناً

والإحصان في القذف :العفاف واجتماع صفات في المقذوق تجعل فأدفع مستحقاً للجلد .

قال ابن قدامة(والمحصنات هاهنا العفائف .والمحصنات في القرآن جاءت بأربعة معانٍ أحدهما هذا .
والثاني : بمعنى المتزوجات .قوله تعالى ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا))

والثالث :بمعنى الحرائر .كقوله تعالى((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ))

والرابع :بمعنى الإسلام كقوله تعالى ((وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ۚ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ ۚ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))

وقال ابن مسعود : (إحصانها إسلامها وأجمع العلماء على وجوب الحد على من قذف المحصن إذا كان مكلفاً)

الركن الثالث:القذف بالزنا لفظاًأو شهادة
يشترط للقذف أن يرمي القاذف المقذوف بالزنا أو يشهد عليه به ويشترط في ألفاظ القذف أن تكون صريحة أو كناية يعجز القاذف عن تفسيرها .مثال الألفاظ الصريحة قوله : يازاني ،يالوطي ، ياعاهر ، يامنيوك ،يامعفوج هذه ألفاظ صريحة توجب القذف ولايقبل من القاذف تأويلها.
وأما إذا قذف بألفاظ الكناية مثل :يامخنث، ياقحبة ،ياديوث ،يافاجر ،فضحتِ زوجك . ونحو ذلك من الألفاظ المُحتملة للتأويل فإنه يسأل عن معنى ذلك فإن فسره بما يحتمله قبل منه ولا حد عليه لكن يعزر وإن عجز عن تفسيره فعليه الحد.

بيد أن ماقد سُقنا إليه لابد من كيفية إثبات جريمة القذف :يثبت القذف كغيره من الحدود بالإقراروالشهادة .
والمراد بالإقرار هنا : أن يقر القاذف بأنه رمى المقذوف بالزنا ظلماًوإذ أقر بالقذف فقد لزمه لأنه حق لآدمي لايجوز الرجوع عن الإقرار به .
والمراد بالشهادة :أن يشهد رجلان عدلان أنهما سمعا القاذف وهو يقذف المقذوف بالزنا ولا تقبل فيه شهادة النساء كسائر الحدود.

وعليه فإن الهيمنة من ذلك هو ضبط اعتراف القاذف :
إذا اعترف القاذف وحب على المحقق ضبط اعترافه بكل دقة وفقاً لما قال وبعبارات صريحة وواضحة بحيث يشمل الاعتراف ألفاظ القذف لأن هناك عبارات يعتقد أنها قذف وليست بقذف وكذلك أسم المقذوف وأسباب القذف .

وذلك لابد أن يتسنه ذكر تحريك دعوى القذف: يشترط في إقامة دعوى القذف مخاصمة المقذوف أن يتقدم المقذوف بشكواه فإذا قدمت الشكوى من غيره لم يجز أن تقام الدعوى على أساس شكوى للغير.
كذلك لو تقدم الشهود بشهادتهم حسبة لله لم تقبل منهم الشهادة لأن الشهادة لا تقبل قبل قيام الدعوى والدعوى هنا لا تقوم إلا بشكوى المقذوف .

عقوبة القذف:
للقذف عقوبتان ثابتتان بنص الكتاب إحداهما :الجلد وهو العقوبة الأصلية للقذف فيجلد الحر 80جلدة .لقوله تعالى ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))
وينصف في حق العبد عند الجمهور وليس لأحد إسقاط عقوبة القذف أو العفو عنها سوى المقذوف لأنها حقه .
والأخرى :عقوبة تبعية وهي عدم قبول الشهادة لقوله تعالي((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))
وعقوبة القذف تسقط بإسقاط المقذوف لها لأنها حق خاص لا ينفذ ولا يقام إلا بطلبه.

تتولى هيئة التحقيق والإدعاء العام بالتحقيق في ذلك عن طريق دائرة التحقيق في قضايا الاعتداء على العرض والأخلاق

وتتولى التحقيق في القضايا التي تشكل اعتداءً على الدين والعرض والأخلاق كالسحر، والشعوذة، والدجل، وسب الذات الإلهية والنبي صلى الله عليه وسلم والدين، والزنا، واللواط، والخطف، والاغتصاب، ومحاولة الزنا، أو اللواط، والقذف، والسب والشتم، والدعارة، والابتزاز، والمعاكسة، والخلوة والاختلاط والاصطحاب غير الشرعية، والقمار، ومضايقة النساء، والتخلف عن الصلاة عمداً ، والإفطار في نهار رمضان علناً وغير ذلك.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

Share

1 Comment

  1. معتصم ابو سعد

    14 سبتمبر، 2019 at 6:48 ص

    السلام عليكم،
    ما هو حكم السب والقذف حيث انه تم شتمني بألفاظ نابية جدا من قبل شخص ويوجد شهود لاكن للأسف هم أصدقاء للشخص الذي غلط في حقي وبعدها جاء اتصال لزوجتي عبر المسنجر من زوجه احد أصحاب المعتدي وهددت زوجتي انه اذا صار شي لفلان نحنا حنقرق الدنيا عليكم لانه تم الاتصال بالشرطة حينها من قلبي وتم اخذ المعتدي على قسم الشرطة ولم يتم اخذ اي اجراء قانونى بحقة للاسف من قبل الشرطة .
    سؤال ١ : هل اقدر ان ان ارفع قضية على هذا الشخص علما ان الأشخاص الذين كانوا معه وقت الحادثة هم أصدقاء له وانا على خلاف معهم بأستثناء شخص واحد وزوجتي كانت شاهدة؟
    سؤال ٢ : هل شهادتي وشهادة زوجتي تكفي لإثبات التهمه على المعتدي ؟
    سؤال ٣ : هل الاتصال من المسنجر يخضع لجرائم الإلكترونية حيث تم تهديد زوجتي من قبل زوجتة احد أصدقاء المعتدي علما انه لا يوجد تسجيل صوتي انما يوجد إثبات انها أجرت اتصال على هاتف زوجتي؟

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.