عقد «الإيجار» .. سند تنفيذي
منصور الزغيبي
أصبحت المماطلة في سداد الديون في السنوات الأخيرة تحديداً ظاهرة مزعجة ومؤلمة، فالكثير عانى من مماطلة بعض مدينيه واستهتارهم، ومن أوجه ذلك عدم الالتزام بسداد الإيجار، وعدم اكتراث الكثير منهم بالقوانين والإجراءات، وضاعت بسبب ذلك الحقوق وفوتت المنفعة على صاحب الحق، وهذه الحالات تقلل من الثقة بسوق إيجار المساكن، ما دعا إلى البحث عن سبل أنجع وطرق أسرع لإرجاع الحقوق إلى أصحابها.
وخلال الفترة الماضية صدر قرار مجلس الوزراء لمعالجة كل ما أشرت له، ويحد من النزاعات، وهو يعتبر نقلة نوعية مهمة جداً، سيقضي على الكثير من الإشكالات إذا تم تفعيل ذلك كما يجب، وسيختصر الكثير من المراحل والإجراءات والوقت على صاحب الحق المشروع، ويقلل من درجة الضرر الواقعة في حق المؤجر، وكذلك سيحد كثيراً من عبث المماطلين وإضرارهم بأصحاب الحقوق المالية، وتفويت المنفعة عليهم، وأيضاً يعزز من شأن قواعد تعزيز الثقة بسوق إيجار المساكن، ويحفز المستثمرين على الدخول للسوق العقاري.
ومن زاوية أخرى، فإن عقد الإيجار الموحد، الذي سيكون بإشراف وزارة الإسكان وسند تنفيذي معتمد من وزارة العدل، سيحد من أية عملية استغلال أو إهمال تقع في حق المستأجر، أو الوسيط العقاري وهي لا شك إجراءات مرسومة تحفظ حقوق جميع الأطراف، وكل من يخالف ذلك تطبق عليه العقوبات التي نصت عليها لائحة التنظيم العقاري وغيرها من الأنظمة واللوائح. وأشار قرار مجلس الوزراء الآتي: عدم اعتبار عقد الإيجار غير المسجل في الشبكة الإلكترونية عقداً صحيحاً منتجاً لآثاره الإدارية والقضائية، وأن تضع وزارتا العدل والإسكان الشروط والمتطلبات اللازم توافرها في العقد حتى يمكن اعتباره مسجلاً في الشبكة الإلكترونية، والحالات التي يمكن شمولها بذلك، بما فيها حالة امتناع أحد طرفي العقد عن تسجيله، وكذلك على الجهات الحكومية، التي يتطلب تقديمها الخدمة وجود عقد إيجار، الاستعانة بشبكة «إيجار» للتحقق من العقد، وعلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية اشتراط وجود عقد إيجار مسجل في «إيجار» لإصدار رخص العمل لغير السعوديين أو تجديدها، على أن تنسق الوزارة مع وزارة الإسكان للاتفاق الآلية اللازمة لذلك، وتحديد المهن ذات الصلة. وأعلنت وزارة الإسكان قرب تفعيل العقد الإلكتروني بمسمى: «عقد الإيجار السكني الموحد»، الذي يكفل حقوق أطراف العملية الإيجارية، من مستأجر ومؤجر ووسيط عقاري، من خلال توظيف آلية إلكترونية، ويشمل العقد في صورته الأولية بيانات العقد الإيجاري، إضافة إلى بيانات المؤجر والمستأجر أو من يمثله، كما يشمل بيانات المنشأة العقارية والوسيط، إلى جانب بيانات صكوك التملك وبيانات العقار والوحدات الإيجارية.
وينص العقد المعلن على تفاصيل البيانات المالية وجدول سداد الدفعات والتزامات الأطراف، التي نصت على 16 مادة مذكورة بالتفصيل في ثنايا العقد الذي ألحق به جدول تفصيلي لبيان بعض الحقول الواردة فيه، مشيرة إلى أن العقد الإلكتروني سيكون بمثابة «سند» تنفيذي ملزم كأنه «ورقة» مالية واجبة السداد، وعليه لا يستدعي رفع دعوى قضائية، بل التوجه مباشرة إلى محكمة التنفيذ.
وإذا نظرنا إلى الموضوع من جميع الزوايا نجد أن الأطراف يستلزم عليهم القيام بما يجب عليهم من مسؤوليات، بداية من الوسيط العقاري (مكاتب العقار) والمؤجر والمستأجر، ولائحة تنظيم مكاتب العقار رسمت ذلك ووضعت عقوبات على من يخل بذلك، وقانون التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/53) في تاريخ 13-8-1433هـ رسم آلية الحجز التنفيذي الذي يسبقه طلب الإفصاح عن أموال المدين، وينتهي ببيع المال المحجوز أحد أهم وسائل التنفيذ التي يلجأ إليها قاضي التنفيذ لإلجاء المدين المماطل لوفاء دينه. وأعطى القانون صلاحية واسعة لقاضي التنفيذ في سبيل تحقيق إيقاع الحجز، فأوكل لمأمور التنفيذ – بناء على أمر قاضي التنفيذ – صلاحية دخول العقار لإكمال إجراءات الحجز على المال المنقول الموجود بداخل العقار، ويكون ذلك بحضور الشرطة، كما أن لقاضي التنفيذ أن يأمر باستخدام القوة إذا امتنع المدين أو غاب، وفقاً للفقرة الثانية من المادة الـ36، وغيرها من القوانين. خلاصة القول، يعتبر قرار مجلس الوزراء الصادر نقلة نوعية مهمة وضرورية لمكافحة المماطلة والعبث والضرر التي تقع في حق المؤجر، فلا حاجة إلى الذهاب لقضاء الموضوع ما دام العقد أنشئ وفقاً لقرار مجلس الوزراء، بل كل ما عليك أن تبدأ بالتنفيذ من طريق محكمة التنفيذ أو دوائره في المدن التي ليس فيها محكمة تنفيذ، والمأمول الاستعجال من الجهات المعنية في التطبيق والتنفيذ للحد من هذه الظاهرة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً