خدمة «الموثِّقين»
منصور الزغيبي
أطلقت وزارة العدل، خلال الأيام الماضية، مشروع خدمة «الموثِّقين»، الذي يعتبر نقلة نوعية ومهمة تحسب لوزارة العدل، والترخيص للدفعة الأولى، الذين بلغ عددهم 356 موثِّقاً، عبر موقعها الرسمي، والعمل على تهيئة الدفعات الأخرى، والهدف الأساس من ذلك تسهيل الخدمات للمواطنين والمقيمين في معظم ما يتعلق بتوثيق العقود والوكالات لدى الموثِّقين المعتمدين، وفق إجراءات قانونية مرسومة بدقة لأجل ضبط العمل وتسهيل الإجراءات لهم، في أسرع وقت وبدقة متناهية.
والتوثيق كما عرّفه الدكتور عبدالله الحجيلي بقوله: «مجموعة من العقود الشرعية المحكمة لتأكيد الحق واستقراره في يد صاحبه، أو ذمة الغير، أو إثباته عند التنازع أمام القضاء».
وهذا التعريف يرسم الفاصل بين مصطلح التوثيق ومصطلح الإثبات، الذي يستلزم إقامة الحجة أمام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة على حق أو واقعة تترتب عليها آثار شرعية» كما عرفه الدكتور وهبة الزحيلي.
من المعلوم عند المؤرخين والمدونين لعلم التوثيق أن الوثائقيين يصنفون الوثائق القانونية إلى «عامة» و«خاصة»، والوثائقيون في تصنيفهم هذا ينظرون إلى التصرف القانوني الوارد في الوثيقة، من حيث تعلقه بالقانون العام أم الخاص.
والمقصود بوثائق القانون العام هي: تلك التي صدرت عن دواوين الدولة المختلفة المسميات، والتي نشأت في العالم الإسلامي في مختلف العهود، مثل: ولاية العهد، والبيعة، والتعيين في مناصب الدولة، ورسائل الملوك المتبادلة بين الدول الإسلامية وغيرها من الدول، والمراسيم والتقاليد.
أما وثائق القانون الخاص، فهي: تلك الوثائق التي تتعلق بتصرفات ومعاملات الأفراد القانونية بصفتهم الشخصية، وقد اختلفت هذه المعاملات، خلال العصور المختلفة، فنشأت عقود واختفت غيرها، وهكذا. وقد حفظت لنا كتب الشروط قواعد صياغة وكتابة هذه الوثائق المتعلقة بالقانون الخاص، وهو ما يعرف عند المسلمين بـ«علم الشروط والسجلات». وقد تناول ذلك بتفصيل جميل الدكتور حماد الحماد في كتابه «ولاية التوثيق في المملكة العربية السعودية».
رسمت المادة الأولى من لائحة الموثِّقين اختصاصات الموثِّق في توثيق العقود والإقرارات في ما يأتي: بيع العقارات، وقسمة المال المنقول، والوكالات وفسخها، وتأجير العقارات والمنقولات، وعقود الشركات، وملاحق التعديل، وقرارات ذوي الصلاحية فيها. والتصرفات الواقعة على العلامات التجارية، وبراءات الاختراع، وحقوق المؤلف، والعقود الواقعة على المال المنقول، وإقرار الكفالة الحضورية والغرامية، والإقرار بالمبالغ المالية، وتسلمها، والتنازل عنها. مع عدم الإخلال بما لكتّاب العدل من اختصاص في المادة الـ74 من نظام القضاء.
ويقتصر توثيق الموثِّق في عقود البيع للعقار على الصكوك المخرجة من كتابة العدل بأنظمة العقار الإلكترونية، ويسمح بإقرار المتعاقدين في نموذج الضبط، ويُسجل لدى كتابة العدل ذات الاختصاص المكاني، وتُصدر صكاً بذلك. وفقاً للمادة الثانية من اللائحة.
إن العقود والإقرارات الموثقة وفق هذه اللائحة يكون لها ما لصكوك كتّاب العدل من قوة الإثبات، وتعد سندات تنفيذية، وفقاً للمادة الـ10.
وبناء على ذلك فإن صاحبها حال النزاع لا يحتاج إلا إلى تقديمها لقاضي التنفيذ من دون الحاجة إلى نظر النزاع من قاضي الموضوع، لأنها تعد سندات تنفيذية كما قدمت.
وقد أشارت اللائحة إلى أن أعمال الموثِّقين تخضع للرقابة والتفتيش، وهي مهمة وكالة الوزارة لشؤون التوثيق، وهي التي تحقق وتستقبل الشكاوى ضدهم. وفقاً للمادة الـ11.
وكل من يخالف أحكام هذه اللائحة من الموثِّقين يعاقب بإحدى العقوبات الآتية: الإنذار، أو الإيقاف عن مزاولة التوثيق مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، أو إلغاء الرخصة. وفقاً للمادة الـ13.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً