نموذج وصيغة صحيفة طعن بوقف تنفيذ والغاء قرار باصدار ترخيص بناء
السيد الأستاذ المُستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس محكمة “القضاء الإداري”
تحية طيبة واحتراماً وبعد…
مُقدمه لسيادتكم/ هيئة الأوقاف المصرية، ويُمثلها قانوناً السيد اللواء/ ماجد غالب ماجد بصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة؛ وموطنه القانوني: “ديوان عام هيئة الأوقاف المصرية” الكائن مقره برقم: 109 شارع التحرير بميدان الدقي – تابع قسم الدقي – الجيزة. ومحله المُختار: “إدارة قضايا هيئة الأوقاف المصرية” والكائن مقرها برقم: 7 “أ” شارع يوسف نجيب بالعتبة – تابع قسم الموسكي – القاهرة.
ضـــــد
أولاً- ورثة/ عبد الحميد ******، وهم:
1- السيدة/ فهيمة **.
2- السيد/ محمود ***.
3- السيد/ زكريا ***.
4- السيد/ علي ****
5- السيدة/ عائشة ***.
6- السيد/ أحمد *****.
7- السيد/ مصطفى ***.
8- السيد/ سعيد ***.
9- السيد/ إسماعيل **.
10- السيدة/ هدى *****.
11- السيدة/ عفاف *****.
12- السيد/ رامي *****.
13- السيدة/ ياسمين *****.
14- السيد/ رامي *****.
15- السيد/ تامر *****.
16- السيد/ مُعتز *****.
ثانياً-
17- المُهندس/ عماد *****.
18- السيد/ محمد *****.
19- السيد/ حسام *****.
20- السيد/ أسامة *****.
ثالثاً-
21- السيد الأستاذ/ الممثل القانوني لجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بشركة بورتلاند حلوان بصفته.
رابعاً-
22- السيد الأستاذ/ محافظ حلوان بصفته (الرئيس الأعلى لحي حلوان ومنطقة الإسكان والمرافق بحي حلوان).
23- السيد الأستاذ/ رئيس حي حلوان بصفته (الرئيس الأعلى لمنطقة الإسكان والمرافق بحي حلوان).
خامساً-
24- السيد/ الدكتور وزير الأوقاف بصفته.
* طعناً بالإلغاء على القرار الإداري الصادر من رئاسة حي حلوان برقم 265 لسنة 2008 (مع طلب وقف تنفيذه).. بالترخيص للجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بشركة بورتلاند حلوان بالبناء على أرض التداعي.
الموضوع
بموجب المُشهر رقم 290 لسنة 2004 جنوب القاهرة الصادر في تاريخ 17/2/2004 قام المعلن إليهم في البند “أولاً” (من الأول حتى السادس عشر) بشهر إلغاء وقف وشهر أرث وبيع صادر منهم لصالح المعلن إليهم في البند “ثانياً” (من السابع عشر حتى العشرون)، وذلك بمصلحة الشهر العقاري (مكتب جنوب القاهرة – مأمورية حلوان).
وثابت به أن التعامل عبارة عن القطعة 25 من 25 كدستر شارع البحري سابقاً ومسجد عزام حالياً شياخة حلوان – قسم حلوان – محافظة القاهرة – حمامات مدينة حلوان 55 – ومسطحه 3819.30م2 (فقط ثلاثة آلاف وثمانمائة وتسعة عشر متراً مربعاً وثلاثون ديسمتر لا غير)، وحدوده كالتالي:
الحد البحري: شارع رقم 1 بعرض 7.70م
الحد الشرقي: امتداد شارع منصور بعرض 20.00م بطول 100.00م
الحد القبلي: شارع مسجد عزام حالياً (شارع البحري سابقاً) بعرض 20.00م بطول 2.50م ويغرب بانكسار بطول 38.00م
الحد الغربي: شارع مُستجد بعرض 20.00م سور محطة يليه مترو الأنفاق غير محدد العرض ثم يليه سور السكة الحديد بطول 82.50م
وصف التعامل: عبارة عن أرض فضاء مسطحها 2179.30م2 وبعضه مبنى دورين بالأرضي ومسطحه 1344.00م2 وبعضه دور أرضي بمسطح 296.00م2 وبه حديقة وبعضه مبنى متخرب به دكان حسب المعاينة في 1/7/2003.
وعقار التداعي جزء من حجة وقف راتب باشا الخيري المسجل برقم 690 من سجل 124 بمحكمة مصر الشرعية؛ وهو مكلف باسم ورثة سعادة محمد باشا راتب طبقاً للمكلفة رقم 80 جزء 21 حسب كشف رسمي صادر من مأمورية إيرادات حلوان بتاريخ 19/8/2003 عن المدة من 1991 وحتى 2002 والمقيد برقم 1032 بتاريخ 16/8/2003 عن الملك رقم 45 حالي و 27 سابق شارع عبد الرحمن عزام سابقاً شياخة حلوان ثاني. وتم تطبيق الكشف الرسمي بمعرفة المساحة وهو يحمل رقم 25 شارع عزام بحلوان.
* وهذا المُشهر سالف الذكر، مكون من ثلاثة جداول:
– جدول “أ” وهو خاص بإلغاء وقف؛
– وجدول “ب” وهو خاص بإشهار حق إرث تركه/ عبد الحميد *****؛
– وجدول “ج” وهو خاص ببيع عقار التداعي.
وقد تم شهر هذا المُشهر على سند من القول:
– بأن الوقف التابع له عقار التداعي هو وقف “أهلي”،
– وبأن المعلن إليهم في “أولاً” (من الأول حتى السادس عشر) هم ورثة الواقف!!
وكلا القولين باطلين جملة وتفصيلا. فلا وقف التداعي وقفاً أهلياً ولا المعلن إليهم في البند “أولاً” هم ورثة الواقف.
ثم بموجب المُشهر رقم 557 لسنة 2005 جنوب القاهرة الصادر في تاريخ 14/3/2005 (أشرك المعلن إليه السابع عشر المعلن إليهم من الثامن عشر حتى العشرون في ملكيته المزعومة لعين التداعي).
ثم بموجب المُشهر رقم 2962 لسنة 2008 جنوب القاهرة الصادر في تاريخ 14/9/2008 باع المعلن إليهم في البند ثانياً (من السابع عشر حتى العشرين) عين التداعي إلى المعلن إليه الحادي والعشرين، وقد قام المشتري الأخير باستصدار رخصة بناء على عين التداعي بالترخيص المطعون فيه رقم 265 لسنة 2008 من محافظة حلوان.
مزاعم المُشهر في “أهلية” وقف التداعي:
أستند المشهر رقم 290 لسنة 2004 جنوب القاهرة، سالف الذكر في الجدول حرف “أ” بإلغاء الوقف إلى الزعم بأن وقف التداعي هو وقفاً أهلياً، وذلك استناداً إلى ما جاء بكتاب المساحة رقم 2162 ح لسنة 2003 الوارد لمأمورية الشهر العقاري برقم 2802 لسنة 2003 والذي أفادت فيه بأنه قد تم تطبيق الحجة الشرعية لوقف التداعي على الطبيعة واتضح أن عقار التداعي موضوع التعامل ينطبق على جزء من تلك الحجة، كما زعمت المساحة في كتابها المذكور بأن: وقف التداعي هو وقفاً أهلياً وليس خيرياً – بعدما أدخل عليها المعلن إليهم في البند “أولاً” الغش والتدليس – بأن قدموا لها:
– صورة من تقرير الخبير المودع بملف الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة الذي يفيد أن وقف التداعي وقفاً أهلياً.
– وكذلك شهادات (مشكوك في مصدرها) تفيد بأنه لم يتم تغيير مصارف ذلك الوقف.
– وكذلك الحكم الصادر بعزل وزير الأوقاف من الحراسة على أعيان وقف التداعي (وهو الحكم رقم 2105 لسنة 2002 مستعجل القاهرة، والمُؤيد استئنافياً بالحكم رقم 1113 لسنة 2002 مستأنف مستعجل القاهرة).
مزاعم المُشهر في “نسبة” المعلن إليهم للواقف الأصلي:
كما أستند المشهر رقم 290 لسنة 2004 جنوب القاهرة، سالف الذكر في إشهار حق إرث مورث المعلن إليهم في البند “أولاً”، والزعم بأنهم هم وراثة الواقف، إلى إعلامات وراثة ثبت أنها مزورة وغير صحيحة، وأن إعلام الوارثة الأصلي ثابت به وفاة الواقف عقيماً بدون ذرية وأن ورثته هما فقط: زوجته وأخيه.
لذا، يلزم لبيان بطلان المشهر المذكور، أن نتناول بالبحث المسائل التالية:
1- مقدمة لازمة عن الوقف وأنواعه.
2- وقف التداعي والتغيير في مصارفه.
3- الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة، وتقرير الخبير المودع فيها وأوجه المنازعة فيها.
4- حجية حكم المستعجل في الدعوى الموضوعية.
5- تزوير إعلامات الوارثة للاستيلاء على أموال وقف التداعي.
6- ما بني على باطل فهو باطل وعدم نفاذ عقد البيع المُشهر في حق الأوقاف المالكة الحقيقية.
7- الغش يبطل التصرفات.
8- التسجيل لا يصحح عقداً باطلاً.
9- الترخيص بالبناء لا ينال من ملكية الأوقاف لعين التداعي.
ونتناولهم بالبحث على النحو التالي:
1- مُقدمة لازمة (الوقف وأنواعه):
المقصود بالوقف:
يُقصد بالوقف: منع الأعيان المالية من التصرف فيها والتصدق بمنفعتها. فالوقف بناء على هذا سبب من أسباب الملكية الناقصة التي لا تجتمع فيها ملكية الرقبة والمنفعة – في يد واحدة وفي وقت واحد. إذ تصبح الأعيان الموقوفة ممنوعة من التداول الناقل للملكية حالاً ومآلاً بأي سبب من الأسباب. أما منفعة هذه الأعيان وثمرتها فإنها تكون لبعض الجهات الخيرية ذات النفع العام أو الخاص، أو تكون لبعض الأفراد عوناً لهم وبراً بهم. (المرجع: “مُنازعات الأوقاف والأحكار في ضوء الفقه والقضاء والتشريع” – للدكتور/ عبد الحميد الشواربي والمستشار/ أُسامة عثمان – طبعة 1995 الإسكندرية – صـ 13).
أنواع الوقف:
الوقف نوعان: وقف خيري ، ووقف أهلي.
الوقف الخيري: هو ما خُصِصَ ريعه ابتداء للصرف على جهة من جهات البر العام (كالمستشفيات، والملاجئ، والمساجد).
الوقف الأهلي: هو ما كان استحقاق الريع فيه من أول الأمر للواقف نفسه أو لغيره من الأشخاص المُعينين بالذات أو بالوصف سواء أكانوا من أقاربه أم من غيرهم. (المرجع: مُنازعات الأوقاف والأحكار – المرجع السابق – صـ 15).
علماً بأنه يوجد الكثير من الأوقاف “مشتركة” أن يكون فيها نصيب لجهات البر العام “خيري” وحصة أخرى لذوي القربى “أهلي”.
معيار خيرية الوقف في ضوء قضاء النقض:
ولقد وضعت محكمة النقض معياراً للتفرقة بين الوقف على وجوه الخير والوقف على غير الخيرات، وهذا المعيار هو: “مصرف ريع الوقف”، فإذا كان هذا المصرف على سبيل التقرب لله والصدقة كان الوقف خيرياً، أما إذا كان المصرف على سبيل البر والصلة كان الوقف أهلياً. فقد قضت محكمة النقض بأن: “الوقف يُعد خيرياً إذا كان مصرفه جهة من جهات البر التي لا تنقطع”. (نقض مدني في الطعن رقم 875 لسنة 46 قضائية – جلسة 28/5/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – الجزء الثاني – صـ 1560).
الشروط العشرة:
ومن المُسلم به والمُتفق عليه بين جمهور فقهاء الشريعة والقانون أن الشروط التي يشترطها الواقفون كثيرة ومُتنوعة تنوع أغراضهم ومقاصدهم، غير أن عدداً من هذه الشروط قد دارت كثيراً على ألسنة الواقفين في كتب وقفياتهم. لذا أهتم الفقهاء ببحث أحكامها، وهذه هي “الشروط العشرة” في اصطلاح الفقهاء، وتشمل اشتراط الزيادة والنقصان والإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والتغيير والتبديل والبدل والاستبدال. (ويُضيف بعضهم لذلك شرطي التفضيل والتخصيص). وهذه الشروط على الجُملة شروط صحيحة لأنها لا تخل بأصل الوقف ولا بحكم من أحكامه الجاري بها العمل.
وهذه الشروط العشرة غير مُترادفة فيما بينها، وأن كلاً منها يُراد به معنى غير المعنى الذي يُفيده الشرط الآخر، لأن القاعدة الفقهية هي: “حمل الكلام وتفسيره على التأسيس أولى من حمله على التأكيد”. والتأسيس هو حمل الكلام بحيث يُفيد معنى جديداً، أما التأكيد فهو حمله بحيث يتفق مع المعنى السابق ويُرادفه ويُساق لتأكيده.
غير أن هذه الشروط واردة على “الاحتفاظ للواقف بالحق في تغيير مصارف الوقف”، سواء بالزيادة أو النقصان أو بالإعطاء والحرمان أو بالإدخال و الإخراج أو بالتفضيل والتخصيص، على حين يتعلق اثنان منها [من هذه الشروط] باحتفاظ الواقف بحقه في تغيير العين الموقوفة، وهذا هو ما يُفيده اشتراط الإبدال والاستبدال.
شرطي الإعطاء والحرمان :
ويُقصد بهذين الشرطين احتفاظ الواقف بحقه في حرمان بعض الموقوف عليهم وإعطاء بعضهم الآخر، كأن يقول أرضي موقوفة على الموظفين والعاملين في مدرسة مُعينة أو مُستشفى معين على أن لي أن أعطي غلتها لمن شئت منهم. وله إذا اشترط ذلك الحق في إعطاء الغلة كلها أو بعضها لأي هؤلاء الموظفين والعاملين، واحداً أو أكثر، مُدة معينة أو طول حياته. ولو اشترط الإعطاء وحده لم يكن له حق في الحرمان: فيصير من أعطاه مُستحقاً أبداً، ولا حق للواقف في حرمانه. أما إذا ذكر الواقف في كتاب وقفه أن له الحق في الحرمان وحده فإن له أن يمنع من أعطاه. ولذا لو قال أرضي موقوفة على موظفي هذه المدرسة ولي الحق في الإعطاء والحرمان جاز له أن يعطي ويمنع من شاء منهم بناء على ما يراه. والفائدة العملية لمثل هذا الاشتراط أن الواقفين كانوا يستخدمون مثل هذا الحق في حفز المُستحقين على أداء واجباتهم العملية التي قصد إليها الواقف من وقفه، وذلك بإثابتهم وإعطائهم وزيادة استحقاقهم إن أحسنوا ومُعاقبتهم بالنقصان في استحقاقهم بل وحرمانهم إن أساءوا ولم يتقنوا أداء ما وجب عليهم.
شرطي الإدخال والإخراج:
ويُقصد بهذين الشرطين احتفاظ الواقف بحقه في إدخال من يرى إدخاله من مُستحقين جُدد مع المُستحقين الذين عينهم من قبل، وإخراج من يرى إخراجه من المُستحقين بحرمانه ومنعه من الاستحقاق متى شاء. ويعني الإدخال بهذا أن يجعل من ليس مُستحقاً في الوقف مُستحقاً فيه، على حين يعني الإخراج أن يجعل المُستحق في الوقف غير مُستحق فيه. ويصح هذا الشرط مُطلقاً ولو لم يُقيده بأي شيء. من ذلك أن يقول وقفت أرضي على موظفي مدرسة مُعينة، ولي الحق في إدخال وإخراج من أشاء منهم.
ويلتقي الإدخال والإخراج مع الإعطاء والحرمان، فإن الإخراج نوع من الحرمان للموقوف عليه، ولو حرمه أبداً فكأنه أخرجه من الاستحقاق مُطلقاً.
قاعدة: “شرط الواقف كنص الشارع”:
والشرط الذي يشترطه الواقف – إذا كان صحيحاً – فإنه يكون مُلزماً، حتى قال الفقهاء بأن: “شرط الواقف كنص الشارع” في الفهم والدلالة وفي وجوب العمل به.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن: “المُقرر في قضاء محكمة النقض أن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لم ترسم طريقة خاصة لاستظهار المعنى الذي أراده الواقف من كلامه، وأطلقت للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عبارته على ألا يخرج بشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يُخالفه، وكان المُراد من كلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه لا خصوص كلمة أو عبارة بذاتها، بل يُنظر إلى ما تضمنه كتابه كله كوحدة مُتكاملة، ويُعمل بما يظهر أنه أراده منه واتجه إليه مقصده، اعتباراً بأن شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة ووجوب العمل به”. (نقض مدني في الطعن رقم 5 لسنة 49 قضائية – جلسة 26/5/1981).
لا مُعقب على إرادة الواقفين:
كما أنه من المُقرر في أراء فقهاء الشريعة والقانون وقضاء محكمة النقض أن: “التخصيص هو قصر العام على بعض أفراده بكلام مُستقل موصول فلا يُعتبر الخاص مُخصصاً إلا إذا كان مُتصلاً أما المُنفصل فيُعتبر ناسخاً. ولا يسوغ العدول عن الأخذ بهذا التفسير الذي تمليه النصوص الفقهية والقواعد الأصولية والأوضاع اللغوية فراراً مما يُؤدي إليه من التفرقة في الحرمان والإعطاء بين مُتساويين من أولاد البطون وجعل بعض أولاد من أخرج منهم مُستحقاً مع حرمان أصله لأن هذه التفرقة على فرض وجودها إنما هي وليدة إرادة الواقفين فلا مُعقب عليها”. (نقض مدني في الطعن رقم 48 لسنة 31 قضائية – جلسة 29/12/1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 صـ 1996).
2- وقف التداعي والتغيير في مصارفه:
وقف التداعي وهو وقف/ محمد راتب باشا مُعين ومُحدد بموجب خمس حجج مُحررة في تواريخ مُختلفة ومُتعاقبة ومُسجلة كلها في المحاكم الشرعية المُختصة، وأول تلك الحجج هي حجة الوقف الصادرة في يوم الأربعاء المُوافق 22/صفر/1318 هجرية المُوافق 20/6/1900 ميلادية من بمحكمة مصر الكبرى الشرعية، وهي حجة وقف “مشترك” فيها نصيب للخيرات وحصة أخرى أهلية، كما احتفظ الواقف لنفسه بالشروط العشرة فاحتفظ بحقه في الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال لمن شاء متى شاء وأن يشترط الشروط المذكورة أو ما شاء منها لمن شاء متى شاء وأن يفعل الشروط المذكورة كلها أو بعضها ويكررها الكرة بعد الكرة والمرة بعد المرة كلما بدا له فعله (كما جاء نصاً بحجة الوقف). وتم تسجيل هذه الحجة بسجلات الإشهاد بالمحكمة المُختصة بالتسجيل في ذلك الوقت وكان ذلك في يوم الخميس 17/ربيع الأول/1319 هجرية الموافق 4/6/1901 ميلادية وقد أخذت هذه الحجة الشرعية رقم: 690 من سجل رقم 124 – بالوجه 41 بالجزء الثالث.
وثاني تلك الحجج: حجة تغيير بإدخال مُستحق جديد في جزء من ريع الوقف.. مع منح الشروط العشرة لحرم الواقف بعد وفاته: فبموجب حجة تغيير وإدخال صادرة من محكمة مصر الشرعية برقم 591 في يوم الأحد 2/ربيع أول/ 1328 هجرية الموافق 13/3/1910 ميلادية والمُسجلة في 17/3/1910، أشهد الواقف/ محمد راتب باشا على نفسه طائعاً مُختاراً إنه بما له في وقفه المُعين بحجة الوقف المُحررة من هذه المحكمة المُؤرخة في 14/ربيع أول/1319 والمُسجلة في 4/7/1901 بالوجه الحادي والأربعين من الجزء السادس من الشروط المشروحة بها التي من ضمنها شرط التغيير وتكرار ذلك واشتراط تلك الشروط على الوجه المشروح بحجة الوقف المذكورة لمن شاء؛.. وشرط الواقف في كامل وقفه المشروح بحجة الوقف المذكورة لنفس حرمه الست كلبري هانم المذكورة بعد وفاته ما هو مشروط لدولته فيه من الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال لمن شاءت متى شاءت على الوجه المسطور بحجة الوقف المذكورة مُدة حياتها وليس لأحد من بعدها فعل شيء من ذلك.. وأبطل وألغى الواقف ما يُخالف ذلك أو يُنافيه مما هو مشروح بحجة الوقف المذكورة وجعل العمل والمعول على باقي ما هو مشروح بها ما لم يخالف ذلك وعلى ما نُصًَ وشُرِحَ بهذا الإشهاد باعتراف دولة الواقف (كما جاء نصاً بحجة التغيير).
وثالث تلك الحجج: هي حجة تغيير بإخراج مُستحق في جزء من ريع الوقف وإدخال آخر مكانه.. مع تأكيد منح الشروط العشرة لحرم الواقف بعد وفاته: فبموجب حجة تغيير صادرة من محكمة مصر الشرعية برقم 24 في يوم الأحد 3/شعبان/ 1334 هجرية الموافق 4/6/1916 ميلادية والمُسجلة في 17/3/1910، أشهد الواقف/ محمد راتب باشا على نفسه طائعاً مُختاراً إنه بما له في وقفه المُعين بحجة الوقف المُحررة من هذه المحكمة المُؤرخة في 14/ربيع أول/1319 والمُسجلة في 4/7/1901 بالوجه الحادي والأربعين من الجزء السادس من الشروط المشروحة بها التي من ضمنها شرط التغيير وتكرار ذلك واشتراط تلك الشروط على الوجه المشروح بحجة الوقف المذكورة لمن شاء؛.. وأكد وأبقى الواقف في كامل وقفه المشروح بحجة الوقف المذكورة لنفس حرمه الست كلبري هانم المذكورة بعد وفاته ما هو مشروط لها فيه من الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال لمن شاءت متى شاءت مُدة حياتها وليس لأحد من بعدها فعل شيء من ذلك ما لم يُشترط له ذلك. وأبطل وألغى الواقف ما يُخالف ذلك أو يُنافيه مما هو مشروح بحجة الوقف المذكورة وجعل العمل والمعول على باقي ما هو مشروح بها ما لم يخالف ذلك وعلى ما نُصَ وشُرِحَ بهذا الإشهاد باعتراف دولة الواقف (كما جاء نصاً بتلك الحجة).
ورابع تلك الحجج: حجة تغيير بإدخال مُستحق جديد في جزء من ريع الوقف.. بمعرفة حرم الواقف بعد وفاته لكونها مشروط لها الشروط العشرة. فبموجب حجة تغيير صادرة من محكمة الجمالية الشرعية برقم 13 والمُسجلة في يوم الثلاثاء 5/شعبان/1342 هجرية والموافق 11/3/1924 ميلادية، قامت الست كلبري هانم الجركسية الجنس معتوقة المرحوم/ جنتمكان إسماعيل باشا خديوي مصر سابقاً وحرم دولة المرحوم المُشير/ محمد راتب باشا سردار الجهادية المصرية سابقاً، وبما لحضرة الست المذكورة من حق فعل الشروط العشرة التي هي الإدخال وما عُطِفَ عليه المُبينة بكتاب دولة المرحوم زوجها المذكور بالإشهاد الصادر من محكمة مصر الكبرى الشرعية بتاريخ 12/صفر/1918 هجرية الموافق 20/6/1900 ميلادية، والثابت حق فعل ذلك مع التكرار للست المُشهِدة المذكورة بالإشهاد الشرعي الصادر من دولة المرحوم زوجها الواقف المذكورة بمحكمة مصر الشرعية بتاريخ 2/ربيع أول/1328 هجرية و13/3/1916 أشهدت على نفسها طائعة مُختارة الست كلبرى هانم المذكورة أنها أدخلت في الوقف المذكور الحاج/ عبد اللطيف أغا رأفت معتوق الست بمبه هانم كريمة المرحوم/ جنتمكان إبراهيم بك رأفت المذكور باشي أغا دولة الست المُشهدة المذكورة الآن بعد وفاتها أي بعد وفاة الست كلبري هانم المذكورة …”. على نحو ما جاء نصاً بتلك الحجة.
وخامس تلك الحجج: حجة تغيير بإخراج المُستحقين وتحويل الوقف كله إلى خيري محض. فبموجب حجة تغيير صادرة من محكمة مصر الشرعية والمُسجلة برقم 1 في يوم الثلاثاء 7/رجب/1350 هجرية والموافق 17/11/1931 ميلادية (بالصفحة 1 من المضبطة والسجل – قسم أول – جزء 1 متنوعة – عملية 1931/1932 القضائية) وبعد الإطلاع على كتاب الوقف الصادر من المرحوم محمد راتب باشا سالف الذكر وعلى إشهادات التغيير المحدث عنها وبعد أن أخبرت الست المُشهِدة بوفاة الحاج/ عبد اللطيف أغا رأفت المُدخل المذكور؛ أشهدت على نفسها الست كلبرى هانم المُشهِدة المذكورة طائعة مُختارة بما لها من حق الإخراج والإعطاء والحرمان وباقي الشروط المذكورة؛ بأنها قد أخرجت من كامل ريع وقف المرحوم الواقف محمد راتب باشا المُشار إليه المُعين بحجة وقفه السالفة الذكر كلا من أخوي الواقف المذكور لأبيه وهما سعادة على باشا رضا ومحمود باشا طلعت وكذلك الست خنسوك هانم [خاتون هانم] كريمة المرحوم خليل بك حلمي حرم حضرة محمد بك يوسف المُحامي وذرية كل من أخوي الواقف المذكورين والست خنسوك هانم [خاتون هانم] سالفة الذكر ونسل كل من الثلاثة المذكورين وعقبهم وحرمتهم جميعاً هم وأولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم من الاستحقاق بشيء من ريع هذا الوقف كلاً أو بعضاً حالاً ومآلاً وصيرتهم جميعاً لا حق لهم ولا لأحد منهم ولا لذريتهم في هذا الوقف بأي وجه من الوجوه ؛ كما أخرجـت السـادة المُدرسيـن
والمجاورين من طلبة العلم الشريف بالجامع الأزهر والمُدرسين والمجاورين من طلبة العلم الشريف بالحرمين الشريفين وخدمة الحرمين المُشار إليهما من إمام وخطيب وفراشين ووقادين وبوابين والسادة القراء بالعشر المقارئ المُسماة بكتاب الوقف … وصيرتهم جميعاً لا حق لهم ولا استحقاق في ريع هذا الوقف بأي وجه من الوجوه لا في الحال ولا في المآل؛ وقد أبقت وقف كامل المائة فدان وخمسة أفدنه وربع وسدس وثمن فدان وثلثي قيراط من فدان الوارد ذكرها بحجة الوقف أولاً كما هي وقفاً مصروفاً ريعها في الوجوه المُبينة بحجة الوقف السابقة الذكر فيما قبل حسبما هو وارد في كتاب الوقف الذي نص فيه بشأن وقف هذا المقدار على أن يُصرف من ريعها ما يلزم صرفه لعِمارة ومرمة الحوش والترب المعروفة بإنشاء الواقف المُشار إليه الكائن ذلك بصحراء الإمام الشافعي وفي باقي الوجوه المُبينة على الصفة المشروحة في كتاب الوقف المذكور؛ وأشهدت على نفسها أيضاً ببقاء ريع باقي الأعيان الموقوفة من ثانياً إلى أخراً بكتاب الوقف الأول وقفاً عليها مُدة حياتها طبقاً لما هو منصوص عليه في كتاب الوقف المذكور، وصيرت ذلك من بعدها وقفاً خيرياً يُصرف ريعه – أي ريع باقي تلك الأعيان الموقوفة من ثانياً إلى أخراً – على (المعهد العلمي المعروف باسم “الجمعية الجغرافية الملكية”) التي أنشأها المغفور له إسماعيل باشا الخديوي الأسبق الكائن مقرها بمصر القاهرة … وبالجملة يكون صرف ريع ذلك حسب قوانين ونظام هذا المعهد في كل زمان، وبحسب اللوائح والأنظمة والقرارات والمراسيم وغيرها التي تصدر خاصة بهذا المعهد، ويكون الصرف في الوجوه التي تعين لذلك حسب القوانين والأنظمة التي تتعلق به، على الدوام والاستمرار وما دام المعهد قائماً بتحقيق الأغراض العلمية التي ترسم له حسبما يوضع له من القوانين والأنظمة، فإذا تعذر الصرف على ذلك يُصرف ريع ما ذُكِرَ على الفقراء والمساكين من المُسلمين بالقطر المصري إلى أن يزول المانع فيعود حق الصرف كما كان، وهكذا تعذراً وإمكاناً؛ وأقرت بأنها أسقطت وتنازلت عن الشروط العشرة التي كانت مشروطة لها من قِبَل الواقف في كتاب الوقف سالف الذكر، وأقرت بأنه لا حق لها من الآن في العمل بأي شرط من الشروط العشرة التي شرطها لها المرحوم [زوجها] الواقف في كتاب الوقف وهي الإدخال والإخراج وما عُطِفَ عليها من باقي الشروط، ولا في فعل أي شيء يُخالف ما أشهدت به في هذا المجلس أو يُنافيه، وأنها أصبحت غير مالكة لشيء من ذلك من الآن، وجعلت العمل والمعول على ما ورد في هذا الإشهاد وما لا يُخالفه فيما هو منصوص عليه في كتاب الوقف المُشار إليه كما جاء نصاً بتلك الحجة الأخيرة. ومدون في أعلى الصفحة الأولى من هذه الحُجة – تحت عنوان مقدار الرسم وما تم فيه – عبارة: “لا رسم على هذا الإشهاد لأنه إخراج وإدخال حول الوقف إلى جهة خيرية محضة”.
لما كان ما تقدم، وكانت حجج التغيير سالفة الذكر ثابتة ومسجلة رسمياً منذ عهود قديمة، فإن استخراج المعلن إليه في البند “أولاً” – بطرق ملتوية – شهادات تفيد بعدم تغيير مصارف الوقف في الحجة الأصلية وتقديمها للمساحة التي أعدت تقريراً عولت عليه مصلحة الشهر العقاري في شهر المشهر موضوع الدعوى الماثلة، فإن هذا المشهر الذي بني على باطل يكون باطلاً متعيناً محوه وشطبه ورد الحقوق إلى أصحابها.
3- الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة، وتقرير الخبير المودع فيها.
تخلص وقائع الدعوى رقم 3162 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة في أن المدعي فيها (السيد/ محمد *****) كان قد أقامها ضد كلأً من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية ووزارة التربية والتعليم وهيئة الأبنية التعليمية ومُحافظة القاهرة، وذلك بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة في تاريخ 17/3/1997، وأعلنت قانوناً للمُدعى عليهم بصفتهم، وطلب في ختامها الحكم له بـ:
أولاً- وبصفة مُستعجلة: بفرض الحراسة القضائية على كامل أعيان وقف محمد راتب باشا بزعم أنه مملوك للطالب وباقي الورثة.
ثانياً- وفي الموضوع: باستحقاق المُدعي لجميع أعيان وأموال وقف محمد راتب باشا طبقاً لحصة الورثة – مع شمول الحكم بالنفاذ المُعجل بلا كفالة – مع إلزام المُدعى عليهم بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.
وقال المُدعي شرحاً لدعواه أنه: يمتلك مع آخرين كامل أرض وبناء القطعة رقم 25 بشارع عزام بحلوان بالقاهرة، والتي هي من ضمن وقف محمد باشا راتب المملوك لهم، وذلك ثابت بموجب إعلامات الوراثة الشرعية وكذا الحجة الشرعية رقم 690 من سجل رقم 124 إشهادات محكمة الباب العالي، وأن ملكيته ثابتة دون مُنازعة عليها وطبقاً لما هو ثابت لدى وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف بدفاترهما وسجلاتهما، وأنه يضع يده على الأرض المذكورة بصفته مالك لها، هذا وقد نما إلى علمه مُؤخراً قيام هيئة الأوقاف المصرية بالتنازل عن طريق البيع للأرض المملوكة له إلى هيئة الأبنية التعليمية، ولما كان ذلك الإجراء باطل وغير جائز قانوناً لكونه تصرف ممن لا يملك للغير وبدون وجه حق ودون الحصول على موافقة أو أذن المالك (المُدعي، كما زعم)، وبذلك يُعد هذا التصرف تعدي على الملكية الخاصة بدون وجه حق حتى وإن عُوِضَ مالاً عن ذلك التصرف، ولما كان المُدعي حارساً بموجب وكالة صادرة من هيئة الأوقاف المصرية كأحد المُلاك والورثة لحين التسليم النهائي، ولما كانت ملكية ووضع اليد للمُدعي على العقارات باقي الوقف والوارد بالحجة سالفة البيان المملوك له ولباقي الورثة دون مُنازعة وبمُستندات رسمية وإن في فعل هيئة الأوقاف المصرية تعدي باطل لا حق لها فيه وأن الخطر الداهم يتمثل في قيام جهة الإدارة بالاستيلاء أو غصب ملك المُدعي (على حد زعمه) تحت مُسمى الشراء وهو خطر يتعذر تداركه وأن مُنازعة المُدعي جدية لها سندها من واقع أوراق الدعوى وظاهرها وملكيته على العين وباقي الوقف المُطالب استحقاق المُدعي له، مما حدا بالمُدعي إلى إقامة دعواه الماثلة بغية الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وتداولت تلك الدعوى المذكورة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وتم شطب الدعوى بجلسة 27/7/1997 لعدم حضور المُدعي أو وكيل عنه، وتم تجديدها من الشطب بموجب صحيفة مُعلنة، وبجلسة يوم الأحد الموافق 31/5/1998 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بإحالة تلك الدعوى المذكورة إلى مكتب خبراء وزارة العدل بوسط القاهرة ليندب بدوره أحد خبرائه المُختصين تكون مأموريته الانتقال إلى العقار محل التداعي لمُعاينته وبيان حدوده وأوصافه وواضع اليد عليه وسنده وتاريخ وضع اليد وبيان تسلسل الملكية له مع توضيح ما إذا كانت تلك الأرض قرر عليها وقف من عدمه وفي الحالة الأولى نوع الوقف وتاريخ تقريره وما إذا كان شاغراً من عدمه وبيان ما إذا كان هناك نزاع بين نظاري أو من أشخاص آخرين طبيعيين أو اعتباريين يدعي أي منهم حق النظر عليه وتحديد ما إذا كان النزاع مادياً أم قانونياً وبالجُملة بحث كافة ما يتعلق بالعقار محل التداعي ويُفيد الفصل في الدعوى.
ومن ثم، فقد باشر الخبير المُنتدب في الدعوى المأمورية المنوطه به وأودع تقريره في تلك الدعوى والذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها أن:
1- قمنا بمُعاينة العقار محل التداعي الكائن على القطعة رقم 25 حوض رقم 55 شارع مسجد عزام بحلوان الحمامات – قسم حلوان وقد سبق شرح ذلك بتقريرنا (الحدود موضحة ببند المُعاينة صـ 2 من التقرير).
2- لقد أوضحنا أن المُدعي يضع يده على العقار محل التداعي امتداداً لوضع يد مورثه المرحوم/ عبد الحميد *****، وسنده في ذلك حجة الوقف المُؤرخة 1/7/1901 ميلادية، وتاريخ وضع يده من 6/2/1971، والعقار وأرض التداعي هي ملك وقف المرحوم/ محمد راتب باشا طبقاً لحجة الوقف المُقدم صور منها من طرفي التداعي وما زالت ملك للمُستحقين في الوقف ومنهم المُدعي وأن هذه العين قرر عليها وقف أهلي من 1/7/1901 ميلادية طبقاً للحجة وأن العين مشغولة بمباني عليها موضحة بالحجة وهي موجودة حالياً بالطبيعة بعضها مشغول بالسكان وبعضها خرب ومهجور.
3- لقد أوضحنا أنه لا يوجد نزاع بين نظاري الوقف ولا من أشخاص طبيعيين ولا اعتباريين ولكن النزاع ينصب على ملكية عين التداعي بين المُدعى بصفته مُستحق في الوقف وبين هيئة الأوقاف المصرية التي تدعي بأن الوقف خيري وقد تبين لنا من الإطلاع على حجة الوقف سند طرفي التداعي بأن العقار وأرض التداعي هي وقف أهلي وليس خيري وأن هيئة الأوقاف المصرية لا أحقية لها في مُنازعة المُدعي في الملكية لأن حصة الخيرات ثابتة وموضحة بالحُجة وقد سبق شرح ذلك بتقريرنا. (والتقرير مُؤرخ في 11/6/2000 – رقم سجله بمكتب الخبراء 2041 لسنة 1998).
علماً بأن هيئة الأوقاف المصرية لم تتمكن من الحضور أمام السيد الخبير عند مُباشرته للمأمورية لإبداء دفاعها فيها وتقديم ما يُثبت أن أعيان التداعي كلها أصبحت خيرية محض ولا استحقاق فيها لأحد من ورثة الواقف بعد وفاة زوجة الواقف.
ومن ثم وبعد عودة ملف الدعوى الماثلة لعدالة المحكمة، فقد قدمت هيئة الأوقاف المصرية للمحكمة حجة التغيير الذي حولت وقف التداعي جميعه إلى خيري وطلبت إعادة الدعوى مرة أخرى للخبراء لمُباشرة المأمورية من جديد على ضوء المُستندات الهامة والقاطعة والفاصلة في موضوع الدعوى الماثلة، وعليه فقد قررت عدالة المحكمة بجلسة 29/12/2001 إعادة ملف الدعوى للخبراء مرة أخرى لبحث اعتراضات هيئة الأوقاف المصرية ولمُباشرة المأمورية على ضوء المُستندات الجديدة المُقدمة في الدعوى، ولتنفيذ الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 31/5/1998.
ومن ثم، فقد باشر الخبير المُنتدب في الدعوى المأمورية المنوطه به وأودع تقريره في تلك الدعوى والذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها أن:
1- أطلعنا على الملف، وأرسلنا في طلب الخصوم، فحضر المُدعي الأول ومعه محامي، وحضر محامي ومهندس عن هيئة الأوقاف المصرية، ولم يحضر باقي الخصوم أو من ينوب عنهم قانوناً في الحضور رغم إخطارهم بالموعد، وأجرينا مناقشة من حضر وسماع أقوالهم على النحو المُوضح تفصيلاً بمحاضر أعمالنا المُرفقة.
2- من الإطلاع على الأوراق والمُستندات المُرفقة بالملف وأقوال الخصوم والمُوضحة بالتقرير صـ 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 تبين لنا الآتي:-
· طبقاً للحجة المُؤرخة 17 ربيع أول سنة 1319 هجرية المُوافق 4/7/1901 فإن أعيان الوقف جزئين:
أ- وقف خيري: مُتمثل في أطيان زراعية بطنطا مُوضحة تفصيلاً بالحجة.
ب- وقف أهلي: مُتمثل في باقي الأعيان ومنهم عين التداعي، وهو وقف على حرم الواقف ثم الوارد أسمائهم بالحجة.
· عين التداعي ملك المرحوم/ محمد راتب باشا طبقاً للحجة الشرعية والكشوف الرسمية المُرفق صورها بالملف.
· طبقاً للوارد بالحجة المُؤرخة 7 رجب سنة 1250 هجرية المُوافق 17/11/1931 إفرنجية فإن حرم الواقف (المرحومة/ كليرى هانم الجركسية الجنس) قد أخرجت كل من أخوي الواقف المذكور والباقين “كالموضح بالحجة”، ثم أشهدت على نفسها باقي ريع الأعيان الموقوفة من ثانياً إلى آخر بكتاب الوقف الأول “ومنهم عين التداعي” وقفاً عليها مُدة حياتها وجعلته من بعدها خيرياً يُصرف ريعه باسم/ الجمعية الجغرافية الملكية.
· وأن الحجة سالفة الذكر المُؤرخة 17/11/1931 قد سبق تقديمها في الاستئناف رقم 113 لسنة 2002 مُستأنف مُستعجل القاهرة طعناً على الحكم في الدعوى رقم 2105 لسنة 2002 مُستعجل القاهرة، وتم رفض الاستئناف، وورد بحيثيات حكم المحكمة أنها لا تطمئن ظاهرياً لهذه الحجة. ونترك لعدالة المحكمة الرأي الأعلى في أمر هذه الحجة المُؤرخة 17/11/1931 والمُقدم صورتها الرسمية بالملف وذلك للأخذ بها من عدمه.
· قرر وكيل المُدعي الأول بأنه بصدور القانون 180 لسنة 1952 أصبح هذا القانون منذ صدوره الوقف ملك لمُستحقيه، وأن الحجة المُؤرخة 17/11/1931 صادرة من زوجة الواقف وبالتالي فهي حجة باطلة ولا يُعتد بها طبقاً للمادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 وأن قانون الوقف قانون خاص والقانون المدني قانون عام والقانون الخاص يُقيد القانون العام ويحجبه.
· وقرر الحاضر عن هيئة الأوقاف أن وقف راتب باشا بموجب حجة التغيير الأخيرة قد صار كله وقفاً خيرياً لا استحقاق فيه لأحد، وأن حجة إنشاء وتغيير وقف التداعي تمت كلها قبل صدور قانون الأوقاف في 1946 حيث أن حجة التغيير صادرة في 1931 وأنها مسألة قانونية تفصل فيها المحكمة. ونترك لعدالة المحكمة الرأي الأعلى في هذه النقطة حيث أنها مسألة قانونية تخرج عن نطاق تخصصنا.
· وإذا أخذت المحكمة بالحجة المُؤرخة 17/11/1931 فبذلك يكون الوقف جميعه وقفاً خيرياً.
· هذا ما تبين لنا من المُستندات المُقدمة لنا والمُتاحة. وبهذه النتيجة ترفع تقريرنا إلى هيئة المحكمة المُوقرة. (والتقرير مُؤرخ في 15/5/2004 – رقم سجله بمكتب الخبراء 1264 لسنة 2003).
ومن ثم تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقد قررت عدالة المحكمة الموقرة – بناءً على مذكرة برأي النيابة العامة أودعت بملف الدعوى – إعادة الدعوى لمصلحة الخبراء لتحقيق عناصرها، والدعوى مؤجلة حالياً لجلسة 3/5/2009 لورود تقرير الخبير فيها.
وخلاصة القول: بأن دعوى الاستحقاق سالفة الذكر المقامة ضد الأوقاف لاستحقاق عقار التداعي، قد أودع فيها تقريران، أحدهما ضد الأوقاف وذلك لعدم تمكنها من الحضور أمام الخبير الأول الذي أودع التقرير الأول، والتقرير الثاني لصالح الأوقاف والذي أثبت فيه الخبير الثاني في التقرير الثاني عند الأخذ بالحجة الأخير المؤرخة 17/11/1931 فيكون الوقف جميعه خيرياً.
ورغم ذلك لم يقدم المعلن إليهم في “أولاً” للمساحة عند إعدادها تقريرها لتقديمه لمصلحة الشهر العقاري بمناسبة شهر المشهر رقم 290 لسنة 2004 جنوب القاهرة أحد المشهرين موضوع الدعوى الماثلة، لم يقدموا إلا التقرير الأول فقط، وقد أخذت به المساحة واعتمدت تقريرها مصلحة الشهر العقاري دون النظر للتقرير الثاني أو حتى الإشارة إليه وبدون انتظار صدور حكم في تلك الدعوى، ومن ثم يكون هذا المُشهر قد جاء بالمخالفة للقانون يتعين إلغاؤه ومحوه وشطبه.
علماً بأن المعلن إليهم في البند “أولاً” الذين أقاموا الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة بغية القضاء لهم باستحقاقهم عقار التداعي وأضافوا فيها طلباً جديداً بتقرير أهلية وقف التداعي، كما أقاموا الدعوى رقم 737 لسنة 2002 مدني كلي جنوب القاهرة بغية القضاء لهم بتفسير حجج وقف التداعي، في حين أقامت وزارة الأوقاف الدعوى رقم 1249 لسنة 2003 مدني كلي جنوب القاهرة بغية القضاء لها بخيرية أعيان التداعي، وقد ضمت الثلاث دعاوى معاً للارتباط وليصدر فيهما حكماً واحداً وكلهم مؤجلين لجلسة 3/5/2009 لورود تقرير الخبير المنتدب فيها.
القانون الواجب التطبيق من حيث الزمان:
وإذا كان المُدعون قد زعموا في مجال دفاعهم في دعوى الاستحقاق سالفة الذكر بأن حجة التغيير الخامسة لوقف التداعي (والتي تحول الوقف فيها إلى وقف خيري محض) باطلة طبقاً لنص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف والتي تعطي للواقف فقط الحق في الاحتفاظ بالشروط العشرة ولا تعطي هذا الحق لغيره.
إلا أن هذا الزعم في غير محله، ومردود عليه بأن حجة التغيير الخامسة سالفة الذكر قد صدرت وعمل بها من تاريخ إصدارها في 17/11/1931، بينما قانون الوقف الذي يستند إليه المُدعي لم يصدر إلا في عام 1946 ولم يعمل به إلا من تاريخ نشره في الوقائع المصرية في تاريخ 17/6/1946 (بالعدد 61) أي بعد تاريخ إصدار وإنفاذ حجة التغيير الخامسة بحوالي خمس عشرة سنة كاملة.
والمادتين 187 و 188 من الدستور المصري تنصان على أن: أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن القوانين تنشر في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم صدورها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حدد لذلك ميعاداً آخر في قانون الإصدار.
وعدم سريان القوانين بأثر رجعي قاعدة أصولية عامة معمول بها في كافة الشرائع والقوانين، وقانون أحكام الوقف ذاته أخذ بها حين نص في صدر المادة الأولى منه على أنه: “من وقت العمل بهذا القانون لا يصح الوقف ولا الرجوع فيه ولا التغيير في مصارفه وشروطه ولا الاستبدال به من الواقف إلا إذا صدر بذلك إشهاد ممن يملكه لدى إحدى المحاكم …”.
كما أخذ القانون المدني أيضاً بذلك (وهو الشريعة العامة لكافة القوانين المُنظمة للمعاملات) حينما نص في 6/2 منه على أنه: “إذا عاد شخص توافرت فيه الأهلية، بحسب نصوص قديمة، ناقص الأهلية بحسب نصوص جديدة، فإن ذلك لا يؤثر في تصرفاته السابقة”.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “وإن كان من أسس النظام القانوني والمبادئ الدستورية العامة أن لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها إلا أنه مع ذلك يجوز للسلطة التشريعية في غير المواد الجنائية ولاعتبارات من العدالة والمصلحة العامة تستقل هي بتقدير مُبرراتها ودوافعها، أن تجري تطبيق حكم قانون معين على الوقائع السابقة بنص صريح فيه”. (نقض مدني في الطعن رقم 517 لسنة 29 قضائية – جلسة 31/3/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 420)
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “الأصل أنه لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضي لتطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التي ترتبت في الماضي على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضي عند بحثه في هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون الساري عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار”. (نقض مدني في الطعن رقم 482 لسنة 39 قضائية – جلسة 23/2/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 511).
وحيث أستقر قضاء محكمة النقض على أن: “الأصل ألا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب أي أثر بالنسبة لما وقع قبلها، ومن ثم فليس للمحاكم – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تعود إلى الماضي لتطبيق القانون الجديد على ما نشأ من علاقات قانونية وما يترتب عليها من آثار قبل العمل بأحكامه، وإنما يجب عليها وهي بصدد بحث هذه العلاقات وتلك الآثار أن ترجع إلى القانون الذي نشأت في ظله”. (نقض مدني في الطعن رقم 210 لسنة 42 قضائية – جلسة 29/12/1982).
وهدياً بما تقدم، ولما كانت حجة الوقف الخامسة التي قامت فيها زوجة الواقف والمُستحقة الوحيدة فيه والناظرة الوحيدة عليها وبما أعطاه لها زوجها الواقف من حق في استعمال الشروط العشرة (سالفة الذكر) بتغيير مصارف الوقف وتحويله كله إلى وقف خيري، لما كانت هذه الحجة المذكورة قد صدرت في تاريخ 17/11/1931م فمن ثم تسري عليها لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المُتعلقة بها الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المنشور بالوقائع المصرية بالعدد 53 “غير عادي” في تاريخ 20/5/1931.. ولما كانت هذا المرسوم بقانون قد جاء خلواً من أي نص يمنع أو يحظر على الواقف منح أو إعطاء الشروط العشرة لغيره فإن هذا الشرط الوارد في حجج أوقاف التداعي والتي استعملته زوجة الواقف في حجة الوقف الخامسة والأخيرة يكون جائزاً شرعاً وقانوناً ولا مخالفة فيه ولا يشوبه أي شائبة.
كما أن حجة الوقف الثانية بخصوص وقف التداعي (حجة التغيير والإدخال) الصادرة من محكمة مصر الشرعية في 13/3/1910 ميلادية والتي أشهد الواقف/ محمد راتب باشا على نفسه طائعاً مُختاراً إنه بما له في وقفه المُعين بحجة الوقف المُحررة من هذه المحكمة المُؤرخة في 14/ربيع أول/1319 والمُسجلة في 4/7/1901، شرط الواقف في كامل وقفه المشروح بحجة الوقف المذكورة لنفس حرمه الست كلبرى هانم المذكورة بعد وفاته ما هو مشروط لدولته فيه من الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال (الشروط العشرة) لمن شاءت متى شاءت على الوجه المسطور بحجة الوقف المذكورة مُدة حياتها وليس لأحد من بعدها فعل شيء من ذلك (ما لم يُشترط له ذلك)..
ولما كانت هذه الحجة الثانية المذكورة صادرة في مارس 1910 ومن ثم ينطبق عليها أول لائحة شرعية تنظم الإجراءات والاختصاص بنظر دعاوى الأحوال الشخصية والوقف وهي لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في تاريخ 27/5/1897 ولما كانت هذه اللائحة المذكورة قد جاءت خلواً من أي نص يمنع أو يحظر على الواقف منح أو إعطاء الشروط العشرة لغيره فإن هذا الشرط الوارد في حجج أوقاف التداعي والتي بناء عليها استعمله الواقف في منح زوجته من بعده الشروط العشرة يكون جائزاً شرعاً وقانوناً ولا مخالفة فيه ولا يشوبه أي شائبة.
وعليه، فإن صدور قانون الوقف الجديد الصادر في عام 1946 والقاضي في المادة 12 منه بعدم إعطاء الحق في استعمال الشروط العشرة إلا للواقف نفسه دون غيره، ولكن بعد أن منح الواقف الشروط العشرة لزوجته من بعده، ومن ثم استعملت زوجة الواقف حقها في استخدام الشروط العشرة، فإن صدور هذا قانون الأوقاف الجديد (في عام 1946) لا يؤثر على التصرفات التي نشأت وتمت صحيحة قبل صدوره بمدة طويلة جداً.
الرد على زعم المُدعي ببطلان حجة وقف التداعي الأخيرة:
لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر قانوناً أنه – وفي جميع الأحوال – لا يجوز طلب إبطال تصرف قانوني بعد مُضي حوالي 66 عاماً من صدوره، فحجة التغيير الخامسة سالفة الذكر صادرة في عام 1931 ودعوى الاستحقاق المذكورة والتي بنيت وأسست على بطلان هذه الحجة أقيمت في عام 1997؟!! أي بعد أكثر من 66 عاماً على تلك الحجة المذكورة.
علماً بأن حجة التغيير الخامسة سالفة الذكر الصادرة في عام 1931 والتي استعملت بموجبها زوجة الواقف حقها في استخدام الشروط العشرة إنما جاءت بناء على حجة التغيير الثانية التي منح فيها الواقف الشروط العشرة لزوجته من بعده وتلك الحجة الثانية المذكورة صادرة في عام 1910 بينما الدعوى الماثلة مقامة في عام 1997 أي بعد الحجة الأساسية المذكورة (والمشروط فيها الشروط العشرة لزوجة الواقف من بعده) بحوالي 87 سنة كاملة؟!!
لما كان ذلك، وكانت المادة 140 مدني تنص على أنه: “يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات. ويبدأ سريان هذه المدة، في حال نقص الأهلية، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب، وفي حالة الغلط أو التدليس، من اليوم الذي ينكشف فيه، وفي حالة الإكراه، من يوم انقطاعه، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد”.
ولما كانت المادة 141/2 مدني تنص على أنه: “تسقط دعوى البُطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد”.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “النص في المادة 140 من القانون المدني يدل على أنه في العقد القابل للإبطال يسقط الحق في طلب إبطاله بانقضاء ثلاث سنوات دون التمسك به من صاحبه، حيث تتقادم دعوى طلب إبطال العقد في أحوال الغلط والتدليس والإكراه بأقصر الأجلين إما بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي ينكشف فيه الغلط أو التدليس أو من يوم انقطاع الإكراه، وإما بمضي خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد”. (نقض مدني في الطعن رقم 1439 لسنة 51 قضائية – جلسة 28/12/1989).
وكذلك فمن المُقرر في قضاء النقض أن: “بطلان بيع الوفاء بطلاناً مطلقاً. سقوط دعوى البطلان المطلق بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد عملاً بالمادة 141 من القانون المدني”. (نقض مدني في الطعن رقم 136 لسنة 41 قضائية – جلسة 25/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1477).
و
يتبين من هذه النصوص أن الحق في إبطال العقد يسقط بالتقادم إذا مضت المُدة القانونية المُقررة، فلا يجوز بعد ذلك إبطاله لا من طريق الدعوى ولا من طريق الدفع، وبذلك يستقر العقد نهائياً بعد أن كان مُهدداً بالزوال، ويترتب على ذلك أن يصبح العقد صحيحاً بصفة نهائية.
4- عدم حجية الحكم المستعجل في الدعوى الموضوعية:
لما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: “الأصل في الأحكام المستعجلة أنها تقوم على تقدير وقتي بطبيعته لا يؤثر على الحق المتنازع فيه، ومن ثم لا تحوز قوة الأمر المقضي لأن الفصل فيها لا يحسم الخصومة، إذ يستند إلى ما يبدو للقاضي من ظاهر الأوراق التي قدمت إليه ليتحسس منها وجه الصواب في الإجراء الوقتي المطلوب منه”. (نقض مدني في الطعن رقم 2292 لسنة 57 قضائية – جلسة 14/11/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – جزء 3 – صـ 73 – فقرة 2).
ومن ثم، فإن الأحكام المستعجلة التي قدمها المعلن إليهم في البند “أولاً” للمساحة لتعد تقريرها لتقديمه لمصلحة الشهر العقاري لشهر المشهر موضوع الدعوى الماثلة، هذه الأحكام المستعجلة – وأياً كان وجه الرأي فيها – ليس لها حجية في دعوانا الموضوعية الماثلة. كما أنها لا تصلح بذاتها لتكون سنداً للمدعى عليهم في البند “أولاً” في شهر هذا المشهر بإلغاء الوقف وإشهار حق الإرث وعقد البيع لأن هذا الحكم ما هو إلا حكم حراسة وقتي لإدارة الوقف فقط لا غير. وعليه يكون شهر هذا المشهر موضوع الدعوى الماثلة استناداً على هذا الحكم المستعجل يكون قد جاء على غير سند من صحيح القانون خليقاً بمحوه وشطبه.
5- تزوير إعلامات الوارثة للاستيلاء على أموال وقف التداعي:
لما كان الثابت بالأوراق أن الواقف الأصلي (دولة المُشير/ محمد راتب باشا السردار بالجهادية المصرية) قد توفي إلى رحمه الله تعالى دون أن ينجب ذرية، وورثه زوجته (الست كلبري هانم الجركسية الجنس معتوقة المرحوم/ جنتمكان إسماعيل باشا خديوي مصر) مع أخوه شقيقه (اللواء/ علي رضا باشا)، وهذا ثابت من إعلام الوارثة التي استخرجته زوجته بوكالة أخو الواقف في تاريخ 16 مارس 1920 والذي صدر بعد عمل التحريات الإدارية الجدية وسماع شهادة شهود ثقاة وعدل وذوي مناصب رفيعة في المملكة المصرية (أحدهما قائمقام والثاني صاغ بالجيش المصري) وفي زمن كان الضمير فيه ما زال حياً.
ولما كان مورث المعلن إليهم في البند “أولاً” قد استغل تشابه الأسماء بينه وبين الواقف الأصلي فاستخرج – على خلاف الحقيقة – إعلام وراثة بشهادة شاهدي زور (وفي زمن خربت فيه الذمم) أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن الواقف قد توفي عن أبن وحيد وزعم أنه هو ذاك الابن؟!! وذلك بموجب إعلام الوارثة رقم 18 لسنة 1998 وراثات السيدة زينب الصادر بتاريخ 19/1/1998، أي بعد وفاة الواقف الأصلي بحوالي ثمانين سنة أي ما يقرب من قرن كامل؟!!
وعند اكتشاف الأوقاف لهذه الخدعة الخبيثة قامت من فورها بالطعن على ذلك إعلام الوارثة بالدعوى رقم 15 لسنة 2008 محكمة السيدة زينب “شئون الأسرة” (أمام الدائرة 12) بغية القضاء لها ببطلان إعلام الوراثة رقم 18 لسنة 1998 وراثات السيدة زينب الجزئية للأحوال الشخصية الصادر بجلسة 19/1/1998 واعتباره كأن لم يكن وعدم الاعتداد به. وما زالت متداولة بالجلسات حتى تاريخه.
وتلك الوقائع كلها محل تحقيقات النيابة العامة (نيابة الأموال العامة – نيابة استئناف طنطا – مكتب المُحامي العام) في القضية رقم 847 لسنة 2007 أموال عامة استئناف طنطا والمقيدة برقم 15 لسنة 2007 حصر أموال عامة استئناف طنطا، والتي أودع فيها مذكرة من النيابة العامة بتاريخ 26/2/2008 انتهى الرأي فيها إلى رفع الأوراق لمعالي السيد الأستاذ المستشار/ رئيس الاستئناف – المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا للموافقة على قيد الأوراق جنحة بمركز بسيون وتقديم المتهمين (وهم المُعلن إليهم في البند “أولاً”) للمحاكمة الجنائية.
وقد جاءت في تحقيقات نيابة الأموال العامة أن المتهمين (المعلن إليهم في البند “أولاً”) قاموا بتزوير واستعمال محررات مزورة بما فيهـا إعلامـات خاصـة بتحقيـق الوفـاة والوراثة والوصية الواجبة مزورة مع علمهم بتزويرها إذ تم ضبطها (أي ضبط تلك الإعلامات) بموجب إقرارات أمام السلطة المختصة بضبطها وأقوال غير صحيحة أثبتوا فيها زوراً أنهم من ورثة الواقف الأصلي حيث ثبت ذلك التزوير يقيناً وبما لا يدع مجالاً للشك حسبما هو ثابت من أصل شهادتي قيد الميلاد المرفقين المعلتين تحت رقم “5” والثابت فيهما أن اسم والد المتهمين رباعياً هو/ عبد الحميد ***** وجدتهم/ عيشة ***** وأن والدة المتهم هي/ فهيمة *****، بينما الواقف الأصلي اسمه/ محمد راتب باشا ابن المرحوم كوبان ابن طبه الجركسي.
ومن ثم، انتهت مذكرة النيابة العامة إلى إحالة المتهمين (المعلن إليهم في البند “أولاً”) إلى المحاكمة الجنائية. ومن ثم حركت النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد المعلن إليهم بالجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب، بتهمة التزوير في أوراق رسمية والتعدي على أملاك الدولة، وتحدد لنظرها جلسة 23/4/2009 وما زالت متداولة بالجلسات.
كما نوهت مذكرة تحقيقات النيابة العامة في نهاية تصرفها في الأوراق، إلى أن التحقيقات أسفرت عن عدة إجراءات يتعين على المختصين بالأوقاف اتخاذها، ومن بين تلك الإجراءات: إقامة دعاوى مدنية لإبطال التصرفات التي تمت على أعيان الوقف محل التحقيقات ومحو القيد بالنسبة لتلك التصرفات وإخطار الشهر العقاري المختص بذلك إعمالاً لصحيح القانون ولكونها باطلة بطلاناً مطلقاً.
ومن ثم أقامت وزارة الأوقاف الدعويين رقمي 7 و 10 لسنة 2009 وقف كلي جنوب القاهرة – أمام الدائرة (29) وقف كلي بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية – والمحدد لنظرهما جلستي يومي الأحد الموافق 22/3/2009م و 29/3/2009م بطلب الحكم لها : ”
– بخيرية أعيان التداعي، وأحقية وزارة الأوقاف في التنظر عليها.
– وبمحو وشطب المشهرات أرقام 290 لسنة 2004 جنوب القاهرة المؤرخ 17/2/2004 مكتب جنوب القاهرة (مأمورية حلوان) ورقم 557 لسنة 2005 جنوب القاهرة المؤرخ 14/3/2005 مكتب جنوب القاهرة (مأمورية حلوان) ورقم 2962 لسنة 2008 جنوب القاهرة المؤرخ 14/9/2008 مكتب جنوب القاهرة (مأمورية حلوان)، والوارد على عقار التداعي المبين بصدر هذه الصحيفة؛
– مع ما يترتب على ذلك من آثار ومن أهمها تسليم عين التداعي المبينة بصدر هذه الصحيفة إلى الطالب بصفته خالية من الأشياء والأشخاص.
– مع إلزام المعلن إليهم من الأول حتى السابع عشر بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المُعجل بلا كفالة”، مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الخيرية الأخرى أياً ما كانت.
6- ما بني على باطل فهو باطل.. وعدم نفاذ عقد البيع المشهر في حق الأوقاف المالكة الحقيقية:
لما كان من المُقرر قانوناً، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (الجنائي) أنه: “… وكان الثابت من مطالعة الحكم الصادر من محكمة الإعادة – موضوع الطعن الماثل- أنه أحال في منطوقه إلى منطوق الحكم المستأنف على الرغم من بطلانه فقد أنصرف أثره إلى باطل – وما بنى على باطل فهو باطل – ولا يعصم الحكم المطعون فيه أنه أنشأ لقضائه أسباباً خاصة به ما دام أنه أحال إلى منطوق الحكم المستأنف الباطل مما يؤدى إلى استطالة البطلان إلى الحكم المطعون فيه ذاته بما يعيبه ويوجب نقضه”. (نقض جنائي في الطعن رقم 1105 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/1/1974 مجموعة المكتب الفني – السنة 25 – الجزء الأول).
ولما كانت عقود البيع المشهرة (موضوع الدعوى الماثلة) قد بنيت على إلغاء وقف التداعي باعتباره وقفاً أهلياً وعلى أساس أن البائعين هم ورثة الواقف الأصلي، وقد اتضح زيف وبطلان هذين الأساسين، حيث أن وقف التداعي قد أصبح من قديم الأزل وقفاً خيرياً لا استحقاق فيه لأحد، كما ثبت يقيناً أن الواقف الأصلي توفي دون عقب حيث لم ينجب ذرية من نسله وأنه توفي عن زوجته وأخيه الشقيق فقط لا غير، ومن ثم يكون أساس وسند عقود البيع المذكورة باطلة وبالتالي تكون هذه العقود باطلاً بطلاناً مطلقاً.
فضلاً عن كونه بيعاً لملك الغير، حيث أن أعيان التداعي مملوكة لجهة الوقف الخيري وليس مملوكاً للمعلن إليهم في البند “أولاً” البائعين، ومن ثم فلا يسري ولا ينفذ هذا البيع في حق المالك الحقيقي، طبقاً لنص المادة 466 من القانون المدني والتي تنص على أنه: “إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه، جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار، سُجل العقد أو لم يسجل. وفي كل حالة لا يسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد”.
وعلة الفقرة الثانية من المادة 466 مدني سالفة الذكر أن المالك أجنبي عن العقد، فلا يُضار به، ولا تنتقل الملكية منه إلي المشتري بدون رضاه. وحتى مع إجازة المشتري للعقد فهي لا تؤثر في حق المالك الحقيقي، ويبقى العقد مع إجازته عاجزاً عن أن ينقل الملكية إلي المشتري، أي أنه يبقى غير نافذ في حق المالك الحقيقي. (المرجع: الوافي في شرح القانون المدني – للدكتور/ سليمان مرقس – الجزء الثالث – المجلد الأول – الطبعة الخامسة 1990 القاهرة – بند 294/4 – صـ 705).
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه: “لا يجوز إبطال بيع ملك الغير إلا للمشتري دون البائع له. إلا أن المالك الحقيقي يكفيه أن يتمسك بعدم نفاذ هذا التصرف في حقه أصلاً إذا كان العقد قد سُجل. أما إذا كانت الملكية ما زالت باقية للمالك الحقيقي لعدم تسجيل عقد البيع فإنه يكفيه أن يطلب طرد المشتري من ملكه لأن يده تكون غير مستندة إلي تصرف نافذ في مواجهته”. (نقض مدني في 14 فبراير سنة 1987 في الطعن رقم 1351 لسنة 54 قضائية. ونقض مدني في 7 نوفمبر سنة 1982 في الطعن رقم 802 لسنة 49 قضائية).
ومن ثم يحق للأوقاف طلب إبطال عقود البيع المشهرة (موضوع الدعوى الماثلة) لكونه قد بني على باطل، مع المطالبة بعدم نفاذه في حق الأوقاف المالكة الحقيقية لعقار التداعي.
7- الغش يبطل التصرفات:
وفضلاً عما تقدم، فإنه من المقرر في قضاء النقض على أن: “المُقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن قاعدة “الغش يبطل التصرفات” هي قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون، وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال، وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات والإجراءات عموما صيانة لمصلحة الأفراد والجماعات ولذا يبطل الحكم إذا ثبت أنه صدر عن إجراءات تنطوي على غش بقصد منع المدعى عليه من العلم الدعوى وإبداء دفاعه فيها رغم استيفائها ظاهرياً لأوامر القانون. ويجوز إثبات الغش – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بكافة طرق الإثبات القانونية ومنها البينة، ولئن كان استخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به من سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة”. (نقض مدني في الطعن رقم 1629 لسنة 60 قضائية – جلسة 12/12/1995 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – الجزء الثاني – صـ 1363).
8- التسجيل لا يصحح تصرفاً باطلاً:
ولا يقدح في كل ما تقدم، تسجيل العقد موضوع المشهر المطلوب محوه وشطبه بالدعوى الماثلة، لأنه من المُقرر قانوناً إنه لكي ينتج التسجيل أثره – في نقل الملكية أو غيره – لابد وأن يرد التسجيل على عقد صحيح وجدي. فالتسجيل لا يصحح عقداً باطلاً، ولا يُوجد عقداً منعدماً.
فقد تواتر قضا النقض على أن: “الملكية لا تنتقل بالتسجيل وحده، وإنما هي تنتقل بأمرين: أحدهما أصلي وأساسي وهو العقد الصحيح الناقل للملكية، وثانيهما تبعي ومُكمل وهو التسجيل. فإذا انعدم الأصل فلا يُغني عنه المُكمل. وإذن فالعقود الصورية صورية مُطلقة لا يصححها التسجيل” (نقض مدني في الطعن رقم 79 لسنة 12 قضائية – جلسة 3/6/1943).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن التسجيل طبقاً لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري هو نظام شخصي يجري وفقاً للأسماء لا بحسب العقارات وليست له حجية كاملة في ذاته فهو لا يُصحح العقود الباطلة ولا يُكمل العقود الناقصة بل تتم إجراءاته بناء على طلب أصحاب الشأن أو من يقوم مقامهم على ضوء البيانات التي أوجبت المادة 22 من هذا القانون اشتمال طلبات الشهر عليها ومنها البيانات المُتعلقة بأصل حق الملكية أو الحق العيني محل التصرف واسم المالك السابق أو صاحب الحق العيني وطريق انتقال الملكية أو الحق العيني إليه”. (نقض مدني في الطعن رقم 1107 لسنة 51 قضائية – جلسة 30/6/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 847).
ومن ثم فتسجيل العقود موضوع المشهرات سالف الذكر، والذي تم بالتزوير والغش والتواطؤ، هذا التسجيل لا يرتب أثراً ولا يكون له أي وجود قانوني. ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت على سند من حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقة بالقبول وإجابة الطالب بصفته إلى طلباته فيها.
9- ترخيص البناء لا ينال من حقوق الأوقاف بملكية أرض التداعي:
تنص المادة 40 من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء (المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 19 مكرر “أ” بتاريخ 11/5/2008)، على أن: “… ويكون من يصدر الترخيص باسمه مسئولاً عما يقدمه من بيانات ومستندات متعلقة بحقه في الترخيص. وفي جميع الأحوال لا يترتب على منح الترخيص أو تجديده أي مساس بحقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية …”.
ومن المُقرر فقهً أنه نصت المادة سالفة الذكر على أن يكون طالب الترخيص مسئولاً عما يقدمه من بيانات متعلقة بملكية الأرض المبينة في طلب الترخيص، وفي جميع الأحوال لا يترتب على منح الترخيص أو تجديده أي مساس بحقوق ذوي الشأن المتعلقة بهذه الأرض. ويبقى دائماً لكل صاحب حق رغم صدور الترخيص أن يلتمس من الوسائل والإجراءات القانونية لدى جهة الاختصاص ما يؤكد حقه ويذود عنه، ومن ثم فلا مدعاة إلى أن تستغرق جهة الترخيص في تحري أسباب الملكية ومستنداتها من كل طالب على نحو تستطيل معه إجراءات الفحص في كل حالة ويستعصي إصدار الترخيص بالسرعة المتطلبة. (المرجع: “شرح قانون المباني الجديد” – للمستشار/ محمد عزمي البكري – طبعة 1997 القاهرة – صـ 286 وما بعدها).
ومن المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: “ترخيص البناء في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية – لا ينال الترخيص من حقوق ذوى الشأن المتعلقة بالملكية والتي لم يشرع الترخيص لإثباتها أو إقرارها”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 973 لسنة 25 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 23/2/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 634 – فقرة 2).
كما قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: “المشرع لم يشترط في طلب رخصة البناء أن يكون موقعاً عليه من مالك الأرض التي ينصب عليها الطلب “خلافاً لطلب رخصة الهدم” – أساس ذلك: أن الترخيص يصرف تحت مسئولية مقدمه ولا يمس بحال حقوق ذوى الشأن المتعلقة بالأرض – الترخيص في حقيقته يستهدف أصلاً التحقق من مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول و القواعد الفنية – مؤدى ذلك: أن الترخيص لم يشرع لإثبات حقوق ذوى الشأن”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2896 لسنة 29 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 14/12/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 622).
وقد تواتر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن: “أن المادة 10 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (المقابلة لنص المادة 40 من قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008) تنص على أن يكون طالب الترخيص مسئولاً عما يقدمه من بيانات متعلقة بملكية الأرض المبينة في طلب الترخيص. وفي جميع الأحوال لا يترتب على منح الترخيص أو تجديده أي مساس بحقوق ذوى الشأن المتعلقة بهذه الأرض. ومفاد حكم هذه المادة أن الترخيص يصرف تحت مسئولية طالبه لا يمس بحال حقوق ذوى الشأن المتعلقة بالأرض محل الترخيص ولئن كان ذلك، إلا أنه لا يكون من شأن حكم المادة 10 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليها غل يد جهة الإدارة عن رفض الترخيص ابتداء أو إلغاء ترخيص سابق إذا ما ثبت لها أن طالب الترخيص أو صاحبه ليس له الحق في البناء وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الترخيص وإن كان في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصميمه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني وتخطيط المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية إلا أن ثمة أصل لا شبهة فيه يفرض على جهة الترخيص تغليب مصلحة صاحب الحق وحجب الترخيص عمن يثبت تجرده من حق البناء على الأرض التي يصدر الترخيص طبقاً له وتنظيما لمتطلباته”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 223 لسنة 23 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 14/1/1987. وفي الطعن رقم 1852 لسنة 29 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 16/5/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1221).
وهدياً بما تقدم، فيكون طالب الترخيص (المعلن إليه الحادي والعشرون) مسئولاً عما يقدمه من بيانات متعلقة بملكية الأرض المبينة في طلب الترخيص، وفي جميع الأحوال لا يترتب على منح الترخيص أو تجديده أي مساس بحقوق ذوي الشأن المتعلقة بهذه الأرض. ويبقى دائماً لكل صاحب حق رغم صدور الترخيص أن يلتمس من الوسائل والإجراءات القانونية لدى جهة الاختصاص ما يؤكد حقه ويذود عنه.
القرار الإداري:
لما كان ما تقدم، وكانت القرارات التي تصدر من جهة الإدارة طبقاً لأحكام القانون رقم 119 لسنة 2008 هي قرارات إدارية.
ولما كانت المادة 114 من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء تنص على أن: “تختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في الطعون على جميع القرارات الصادرة من الجهة الإدارية تطبيقاً لأحكام هذا القانون و … ويكون نظر الطعون والفصل فيها على وجه السرعة وتلتزم الجهة الإدارية بتقديم المُستندات في أول جلسة …”.
لما كان ذلك، وكان القرار الإداري هو: إفصاح الإدارة عن إرادتها المُلزِمة بما لها من سلطة بمُقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني مُعين متى كان مُمكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.
مواعيد الطعن مفتوحة لعدم إعلان القرار الإداري بإيقاف الأعمال حتى الآن:
تنص الفقرة الأولى من المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على أن: “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة – فيما يتعلق بطلبات الإلغاء – ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به”.
هذا، ومن المُسلم به قانوناً فقهاً وقضاءً أن: “القرارات الفردية – الوسيلة الطبيعية لإعلان صاحب الشأن بها هو تبليغها إليه، ومن ثم فإن الأصل أن يجري ميعاد الطعن فيها من تاريخ تبليغها، ولو كانت هذه القرارات مما يجب نشرها حتى تنفذ قانوناً”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في لطعن رقم 44 لسنة 2 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 12/9/1960 مجموعة المكتب الفني – السنة 5 – صـ 1258).
كما أنه من المُقرر أن: “عبء إثبات النشر أو الإعلان الذي تبدأ به المُدة يقع على عاتق جهة الإدارة”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 201 لسنة 18 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 24/4/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 22 – صـ 58)..
فإذا لم يكن في الأوراق ما يدل على أن صاحب الشأن أُعلِنَ بالقرار في التاريخ الذي تقول به الجهة الإدارية، ولم يثبت حصول النشر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يقرر ذو الشأن علمه فيه بالقرار، فإنه يتعين حساب الميعاد على الأساس الذي يُقر به صاحب الشأن. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1665 لسنة 5 قضائية “قضاء إداري” – جلسة 24/5/1953 مجموعة المكتب الفني – السنة 7 – صـ 1286).
وأخيراً، فإنه من المُستقر عليه قانوناً فقهاً وقضاءً أن إعلان القرار الإداري يجب أن يكون شاملاً لجميع عناصر بما يُمكن صاحب الشأن من تحديد مركزه القانون بالنسبة إلى هذا القرار، وبمُقتضى ذلك يستطيع أن يحدد طريقه في الطعن فيه. وعناصر القرار الإداري هي الإرادة والشكل والاختصاص والمحل والسبب والغاية، ومن شأن العلم بكافة هذه العناصر أن يتبين صاحب الشأن مركزه القانوني الجديد وذلك من خلال عنصر المحل على وجه الخصوص، علاوة على التعرف على ما يشوب هذا القرار من عيوب. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة القضاء الإداري بأنه: “يُشترط أن يكون العلم بالقرار الإداري شاملاً لجميع محتويات القرار ومُؤداه بحيث يتيسر لصاحب الشأن – بمُقتضى هذا العلم – أن يُحدد مركزه القانوني من القرار المطعون فيه وهل مس مصلحته، ويتبين مواطن الطعن فيه إن كان لذلك محل، ومن ثم لا يكفي أن يعلم المُدعي بجزء من ذلك القرار، وعليه فإن من لم يعلم بواقعة جوهرية لا يمكنه تبين حقيقة مركزه إلا نتيجة العلم بها، لا يسري في مواجهته ميعاد الستون يوماً إلا من تاريخ العلم بها”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 62 لسنة 4 قضائية “قضاء إداري” – جلسة 27/6/1951 مجموعة المكتب الفني السنة 5 صـ 1141. وفي الطعن رقم 147 لسنة 5 قضائية “قضاء إداري” – جلسة 26/3/1953 مجموعة المكتب الفني السنة 7 – صـ 757. وفي الطعن رقم 234 لسنة 9 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 20/11/1966 مجموعة المكتب الفني السنة 12 – صـ 260. وفي الطعن رقم 760 لسنة 5 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 10/2/1962 مجموعة المكتب الفني السنة 7 – صـ 309).
لما كان ما تقدم، وكان القرار المطعون فيه لم يتم إعلانه حتى الآن إلى هيئة الأوقاف المصرية (الطاعنة) فإن مواعيد الطعن لا تزال مفتوحة أمامها قانوناً. ومن ثم يكون هذا الطعن مقبول شكلاً.
طلب وقف التنفيذ:
نصت المادة 114 من القانون رقم 119 لسنة 2008 سالفة الذكر على أنه لا يترتب على الطعن أمام محكمة القضاء الإداري على القرار وقف تنفيذ القرار ما لم تأمر المحكمة بذلك.
كما تنص المادة 49 من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة والتي تقضي بأنه: “لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها”.
وعلى ذلك فإنه يُشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون عليه توافر الشرطين الآتيين:
1- أن يطلب الطاعن وقف تنفيذ القرار صراحة في صحيفة الطعن، فلا يُقبل طلب وقف التنفيذ الذي يُبدى بصحيفة مُستقلة فيجب أن تتضمن صحيفة الدعوى طلبين: طلب مُستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مُؤقتاً حتى يُفصل في موضوع الطعن، وطلب موضوعي هو إلغاء القرار المطعون فيه.
2- أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، وهو ما عبرت عنه المحكمة الإدارية العليا بـ “ركن الاستعجال”، ومحكمة القضاء الإداري هي التي تقدر ما إذا كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها من عدمه، ولا شك أن كافة القرارات الصادرة بالبناء أو بالإزالة في ذاتها تجعل نتائج التنفيذ يتعذر تداركها.
ويجب لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن يكون إدعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يُرجح معها إلغاء القرار المطعون عليه.
وفي هذا الشأن قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: “قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مُشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يُسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية توجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له – على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه – أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول- قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني- يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون إدعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة العليا”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2 لسنة 20 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 25/1/1975. وفي الطعن رقم 1235 لسنة 18 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 15/2/1975).
لما كان ما تقدم، وكان الترخيص بالبناء على أرض الأوقاف والصادر بشأنها الترخيص رقم 265 لسنة 2008 يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها ويلحق أبلغ الضرر بأموال وحقوق جهة الوقف الخيري (الذي هو على ملك الله تعالى)، كما أن القرار الإداري المطعون فيه من المُرجح – على الأقل من ظاهر الأوراق – القضاء بإلغائه لكونه صدر معيباً بعيب مُخالفة القانون، مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطاعن بصفته) طلب وقف تنفيذ القرار الإداري المذكور والمطعون فيه لحين الفصل نهائياً في الطعن بالإلغاء الماثل.
والغرض من اختصام السيد/ وزير الأوقاف بصفته، أن يصدر الحكم في مواجهته، وليقدم ما عسى أن يكون تحت يده من مستندات تفيد في الدعوى الماثلة.
بناءً عليه
* لكل ما تقدم، ولما قد يرى الطاعن بصفته إضافته من أسباب أخرى، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة المحكمة الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
أولاً- في الشق المُستعجل: بتحديد أقرب جلسة لنظر الشق المُستعجل، والقضاء فيه بوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر من المطعون ضده الأخير بصفته – في مواجهة باقي المطعون ضدهم – والذي يحمل رقم 265 لسنة 2008 والقاضي بالترخيص بالبناء على أرض التداعي المملوكة لجهة الوقف الخيري، وذلك لحين الفصل نهائياً في دعوى الإلغاء الموضوعية الماثلة.
ثانياً- وفي الموضوع:
1- بقبول هذا الطعن شكلاً.
2- وفي موضوع الطعن: بإلغاء القرار الإداري الصادر من المطعون ضده الأخير بصفته – في مواجهة باقي المطعون ضدهم – والذي يحمل رقم 265 لسنة 2008 والقاضي بالترخيص بالبناء على أرض التداعي المملوكة لجهة الوقف الخيري. واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
3- إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً