الطعن 814 لسنة 31 ق جلسة 16 / 1 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 15 ص 59 جلسة 16 من يناير سنة 1962
برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: توفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.
—————-
(15)
الطعن رقم 814 لسنة 31 القضائية
إثبات. نقض. “أسبابه. ما لا يقبل منها”.
التعرف على شخص من ظهره. أمر يصح في منطق العقل. تقدير هذا الدليل. من سلطة قاضى الموضوع.
اطمئنان المحكمة إلى قول الشاهدة إنها تعرفت على المتهمين من ظهورهم. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لا تقبل.
—————–
إذا كانت المحكمة قد اطمأنت فيما اطمأنت إليه إلى أن الشاهدة الثانية قد رأت المتهمين وعرفتهم من ظهورهم أثناء فرارهم بعد ارتكاب الحادث، وكان يصح في منطق العقل أن يعرف الشخص من هيئته وقوامه خصوصا إذا سبقت له معرفة بمن رآه، فإن المجادلة في هذا الخصوص لا تكون مقبولة أمام محكمة النقض، إذ أن تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولا – قتلوا المجنى عليه عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن انتووا قتله وبيتوا النية عليه وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية مششخنة وذخيرة وسعوا إليه في المكان الذى أيقنوا وجوده فيه وترصدوه حتى إذا ما ظفروا به أطلقوا عليه النار من بنادقهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانيا – أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية مششخنة” بنادق لى انفيلد “. ثالثا – أحرزوا بغير ترخيص ذخيرة مما تستعمل في السلاح سالف الذكر دون أن يكون مرخصا لهم بحمله. وطلبت معاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 – 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 لسنة 1954 والجدول 3 المرافق. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم القتل العمد وإحراز السلاح والذخيرة بدون ترخيص انطوى على فساد في التدليل، ذلك أن شاهدة الإثبات الأولى لم تكن – على خلاف ما قالت به – تستطيع رؤية الجانين وقت الحادث ما داموا مستترين خلف سياج من أعواد الأذرة، وما قاله الحكم من إمكان رؤية المعتدين استنادا إلى أن ارتفاع السياج حوالي متر وأن الجانيين كانوا مستترين وقوفا خلفه وأن الشاهدة رأتهم أثناء الحادث كما رأتهم هي وأختها يفرون بعد ارتكابه وأن المجنى عليه شاهدهم أيضا وذكر أسماءهم للباشجاويش الذى حضر بعد الحادث – هذا الذى قاله الحكم معيب وفاسد، ذلك أن الحكم وقد أورد أن الجناة الذين استتروا خلف السور كانوا منحنين قليلا إلى الأمام – وهو ما يتفق مع معنى التستر – وأن الانحناء قد يصل إلى حد إخفاء الشخصية إخفاء تاما أو جزئيا فإن استدلال الحكم بارتفاع السور للقول بإمكان الرؤية وكذلك استدلاله بأقوال الشاهدتين عن رؤيتهما الجناة وهم يفرون بعد الحادث – حيث لا يجوز تعيين الأشخاص من ظهورهم – وبما قاله المجنى عليه للباشجاويش عن المعتدين بالرغم من أن ما قرره هذا الأخير في هذا الشأن لا يفيد أن أقوال المجنى عليه كان مصدرها الرؤية – هذا كله يصم الحكم بفساد الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله “إنه في 11/ 6/ 1958 ترصد المتهمون حسانين حسن على وأحمد حسب النبي أحمد ومحمد حسب النبي أحمد “الطاعنون “للمجنى عليه محمد حسن موافى في سباته أمام منزلهم وكانوا قد انتووا قتله وبيتوا النية على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية مششخنة حتى إذا ما خرج من دار ابنته حسنية محمد موافى ليجلس أمام الباب كما تعود ذلك وقد هم بالجلوس فجلس القرفصاء وإذا بالمتهمين يطلقون عليه النار من بنادقهم المششخنة أخذا بالثأر فأصابه عياران منها بالإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته وكانت ابنته المذكورة قد خرجت من المنزل في إثره وشاهدت المتهمين وهم يرتكبون الحادث، وقد حمل منهم بندقية هندي وأطلق منها النار على والدها وحضرت إليها شقيقتها فاطمة محمد حسن موافى وعاونت أختها في حمل أبيها إلى الدار وكان بها حسن سيد موافى زوج حسنية الذى خشى الخروج خوفا على حياته من المتهمين وحضر الباشجاويش يحيى إبراهيم جمعه إلى مكان الحادث إثر سماعه دوى الأعيرة النارية وشاهد المجنى عليه وسأله عمن ارتكب الحادث فأفاده أن المتهمين الثلاثة مرتكبوه”. ثم أورد الحكم الأدلة التى استقى منها هذه الواقعة مستمدة من أقوال الشهود وما جاء بالتقرير الطبي الشرعي والمعاينة وهى تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. ثم عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعنين عن إمكان رؤية المعتدين فقال “وحيث إن أقوال الدفاع مردودة بما هو ثابت من المعاينة من أن ارتفاع سور الذرة الذى استتر به المتهمون وقت إطلاقهم النار حوالى متر ولا يشك في أن ذلك يمكن الرؤية إذ الحادث وقع قبل العصر وقد رأتهم الشاهدة الأولى مستترين وقوفا خلف سور الذرة قبل الحادث كما رأتهم أثناءه”. وهذا الذى قاله الحكم له أصله الثابت في الأوراق إذ يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الشاهدة حسنية محمد حسن موافى شهدت في التحقيق الابتدائي أن المتهمين كانوا وقوفا خلف “السباتة” منحنين قليلا إلى الأمام في مواجهة منزلها وقد رأتهم وتحققت من أشخاصهم. لما كان ذلك وكانت المحكمة بما لها من سلطة تقديرية قد خلصت إلى أن انحناء المتهمين قليلا لا يخفيهم إخفاء تاما عن نظر الشاهدة التي اطمأنت المحكمة إلى صدق أقوالها وتأييد الدليل الفني لهذه الأقوال حيث قالت المحكمة “وجاء التقرير الطبي الشرعي مؤيدا الشاهدة الأولى شاهدة الرؤية فيما قررته فدل بذلك كله على أن ما رددته كان حقا وصدقا فقد قطعت بأن المتهمين ثلاثة وأطلقوا بنادقهم (الهندي) دفعة واحدة وتبين أن بالمجنى عليه إصابتين بجسده وأخرى بملابسه من عيار ثالث”. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت فيما اطمأنت إليه إلى أن الشاهدة الثانية رأت المتهمين وعرفتهم من ظهورهم أثناء فرارهم بعد ارتكاب الحادث وكان يصح في منطق العقل أن يعرف الشخص من هيئته وقوامه خصوصا إذا سبقت له معرفة بمن رآه – كما هو الحال بالنسبة للشاهدة. وكان تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها فإن المجادلة في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أورد على لسان الشاهدة حسنية محمد موافى أن والدها المجنى عليه شاهد المتهمين وهم يرتكبون الحادث كما أورد ما قرره الباشجاويش يحيى إبراهيم من أنه سأل المجنى عليه عمن أصابه فأعلمه أن المتهمين الثلاثة هم مرتكبوا الحادث. ثم ذكر الحكم وهو في معرض الرد على دفاع الطاعنين قوله “كما رأتهم (الشاهدة الأولى) أثناء وبعد الحادث وهم يفرون من مكانه وتحققت منهم كما رأتهم الشاهدة الثانية وهم يلوذون بالفرار وشاهدهم المجنى عليه ذاته وقص ذلك على الباشجاويش وجاء التقرير الطبي الشرعي مؤيدا الشاهدة الأولى .. ومن ثم فليس هناك ما يشكك في أقوال هذه الشاهدة من حيث رؤيتها رأى العين للمتهمين وتحققها منهم شخصا وعدا وقد جاءت أقوالها مطابقة في ذلك لأقوال المجنى عليه الذى رآهم كذلك وتتحقق منهم وذكر أسماءهم للباشجاويش يحيى محمد …” ومفاد ذلك – فيما نقله الحكم مما سلف وما استخلصه من مجموع الأدلة التي ساقها – أنه لم ينقل عن الباشجاويش أو يستدل من أقواله على أن المجنى عليه أخبره برؤيته للمتهمين وإنما أخذ برواية ابنة المجنى عليه من رؤية أبيها للمتهمين وأنه أدلى بأسمائهم للباشجاويش. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن على الصورة الواردة في طعنه لا يخرج في حقيقته عن كونه جدلا في واقعة الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما يستقل به قاضى الموضوع دون معقب عليه ما دمت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدى إلى الإدانة. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً