الطعن 30729 لسنة 83 ق جلسة 6 / 11 / 2014 مكتب فني 65 ق 101 ص 800
برئاسة السيد القاضي / عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أبو بكر البسيوني ، أحمد مصطفى ، نبيل الكشكي ومحمد عـبده صالح نواب رئيس المحكمة .
———–
(1) نقض ” التقرير بالطعن وإيداع الأسباب ” .
تقديم أسباب الطعن بالنقض في الميعاد دون التقرير به . يوجب عدم قبوله شكلاً . أساس ذلك ؟
(2) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال لتدليل سائغ على ثبوت نية القتل لدى الطاعن .
(3) سبق إصرار . ظروف مشددة . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير توافر ظرف سبق الإصرار ” . قتل عمد . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . يستخلصها القاضي من الوقائع والظروف الخارجية . ما دام استخلاصه سائغاً .
مثال لتدليل سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد .
(4) نقض ” المصلحة في الطعن ” . سبق إصرار . عقوبة ” العقوبة المبررة ” . قتل عمد .
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار . ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لعقوبة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد .
(5) مسئولية جنائية . فاعل أصلي . قتل عمد . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
مساهمة الشخص بفعل من الأفعال المكونة للجريمة . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
مثال لتدليل سائغ على اعتبار المتهمين متضامنين في المسئولية الجنائية وإدانتهما كفاعلين أصليين في جريمة القتل العمد .
(6) إثبات ” خبرة ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . قتل عمد .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال .
(7) رابطة السببية . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية ” . قتل عمد . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
تقدير ثبوت علاقة السببية في المواد الجنائية . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لتدليل كاف على إثبات علاقة السببية في جريمة قتل عمد .
(8) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي حاجة لاتخاذه . غير مقبول .
مثال .
(9) إثبات ” خبرة ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير آراء الخبراء ” . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن . موضوعي .
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي . حد ذلك ؟
(10) محكمة الإعادة . إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . نقض ” عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه ” .
نقض الحكم وإعادة المحاكمة . يعيد الدعوى لمحكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض . عدم تقيدها في تقدير وقائع الدعوى بالحكم الأول وحكم محكمة النقض .
إعادة المحاكمة . لا يترتب عليها إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى . للمحكمة الاستناد في قضائها .
مبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه . مقصور على مقدار العقوبة والتعويض . دون أن يمتد إلى تقدير واقعات الدعوى أو إعطائها وصفها الصحيح .
تعويل محكمة الإعادة في الإدانة على أقوال شاهدين اطرحها الحكم المنقوض . صحيح . ما دامت لم تتعد مقدار العقوبة السابق القضاء بها .
(11) نقض ” المصلحة في الطعن ” . سلاح . عقوبة ” العقوبة المبررة ” . قتل عمد .
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص . ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في حدود عقوبة جريمة القتل العمد التي دانه بها .
(12) نقض ” المصلحة في الطعن ” ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
اتصال وجه الطعن بشخص الطاعن . شرط لقبوله . عدم اتصاله بشخصه وانتفاء مصلحته فيه . يوجب عدم قبوله .
مثال .
(13) إثبات ” شهود ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعي على الحكم بالخطأ فيما أسنده إلى شهود الإثبات . غير مقبول . ما دام ما أسنده لهم له معينه الصحيح من أوراق الدعوى .
(14) محكمة الإعادة . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . دعوى مدنية . تعويض . نقض ” عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه ” ” حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ” . محكمة النقض ” نظرها الطعن والحكم فيه ” .
نقض الحكم وإعادة المحاكمة . يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة لتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها قبل صدور الحكم المنقوض . حد ذلك ؟
الادعاء المدني من جديد أمام محكمة الإعادة بعد قضاء الحكم المنقوض بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة . غير جائز . قضاء محكمة الإعادة بقبوله وإلزام المتهمين بالتعويض . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية دون تحديد جلسة لنظر الموضوع . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان المحكوم عليه ولئن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولما كان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناءً على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً .
2- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : ” وعن نية إزهاق الروح فإنه لما كان ذلك …. فهو قائم في الدعوى متوافر في حق المتهمين من التعدي على المجني عليه بسلاح ناري ــــ مسدس ـــ من شأنه إحداث القتل وقد أحدثه فعلاً ومن إطلاق الطلقات تجاه المجني عليه أصابته إحداها بالكلية اليمنى والكبد وهي مواضع قاتلة في جسد المجني عليه الأمر الذي يؤكد أن المتهم إنما قصد من ذلك قتل المجني عليه لما بينهما من خلافات مادية قال بها شهود الواقعة ” . وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن ، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد .
3- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله : ” وعن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان… وكان الثابت من الأوراق ومن أقوال شهود الواقعة والتي تطمئن إليها المحكمة أن المتهمين عقدا العزم وبيتا النية على قتل المجني عليه لوجود خصومة ثأرية بين عائلتيهما وخططا لذلك في هدوء وروية وأعدا لذلك سلاحين ناريين – بندقية آلية ومسدس فرد الإطلاق – وتوجها إليه في المكان الذي علما مسبقاً تواجده به وما إن ظفرا به حتى ارتكبا جريمتهما وهو ما يقطع بتوافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين ” . فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغاً في التدليل على توافر سبق الإصرار وكافياً لحمل قضائه وينأى به عن قالة القصور في البيان الذي يرميه به الطاعن .
4- لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي السجن المشدد لمدة عشر سنوات تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة ، فلا مصلحة له فيما يثيره من قصور الحكم في استظهار سبق الإصرار .
5- من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عول عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن مع المحكوم عليه الآخر على القتل العمد وذلك من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف من الأفعال المكونة لها وأثبت في حق المحكوم عليه الآخر وجوده على مسرح الجريمة وحمله سلاحاً نارياً وإطلاقه في الهواء لشد أزر الطاعن ، فإن الحكم إذ انتهى إلى اعتبارهما متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهما بوصف أنهما فاعلين أصليين في جريمة القتل العمد يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم .
6- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى إصابته النارية بأعلى يمين البطن وما أحدثته من تهتك بالكلية اليمنى والكبد وما صاحبهما من التهاب وصدمة ، وأنها جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة ومن مثل السلاح والطلقات المضبوطة ، وأن السلاح الناري المضبوط طبنجة أوتوماتكية ماركة برتا بماسورة مششخنة وصالحة للاستعمال أطلقت في تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة ، وأن الطلقات المضبوطة مما تستعمل فيها وصالحة للاستعمال فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل ؛ لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
7- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما آتاه عمداً ، وثبوت قيام العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المجني عليه أصيب بأعلى يمين البطن مما أدى إلى حدوث تهتك بالكلية اليمنى والكبد وأن الطاعن هو المحدث لها ثم أشار إلى نتيجة تقرير الصفة التشريحية في أن الوفاة تعزى إلى هذه الإصابة ، فإنه يكون قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت ، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص .
8- لما كان البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، ومن ثم ليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه .
9- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ، وما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
10- لما كان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم محكمة النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها فلا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة معتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها ، وكان من المقرر أن مبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مقصور على مقدار العقوبة والتعويض اللذين يعتبرا حداً أقصى لا يجوز لمحكمة الإعادة أن تتعداه دون أن يمتد إلى تقدير واقعات الدعوى أو إعطائها وصفها الصحيح ، وإذ التزمت محكمة الإعادة هذا النظر وعولت في إدانتها – ضمن ما عولت عليه – على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني والتي اطرحها الحكم المنقوض ولم تتعد مقدار العقوبة التي سبق القضاء بها ، فإن النعي عليها بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد .
11- لما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع عقوبة واحدة بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وكانت هذه العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد ، فإن مصلحة الطاعن في المجادلة بشأن جريمة إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص موضوع التهمة الثانية المسندة إليه تكون منعدمة ، فضلاً عن أنه قد تم ضبط الطبنجة التي استعملها الطاعن في ارتكاب الواقعة وتم فحصها بمعرفة الطب الشرعي .
12- لما كان ما يثيره الطاعن من تناقض الحكم في تحصيل إقرار المحكوم عليه الآخر بتحقيقات النيابة العامة بشأن اتجاه إطلاقه للأعيرة النارية وما أثاره أيضاً في أسباب طعنه أن المحكوم عليه الآخر كان في حالة دفاع شرعي عن النفس مردوداً بأن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن ، ولما كان منعى الأخير لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه ، بل هو يختص بالمحكوم عليه الأخر وحده ، فلا يقبل منه ما يثيره في هذا الصدد .
13- لما كان البين من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أسنده الحكم المطعون فيه إلى شهود الإثبات – في معرض رده على الدفع بانتفاء الاتفاق المسبق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر وبوجوده – له معينه الصحيح من أوراق الدعوى ، ومن ثم فإن النعي بالخطأ في الإسناد ولا محل له .
14- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون بالنسبة للدعوى المدنية بقبولها والقضاء فيها بالإلزام بعد إعادة الدعوى الجنائية لنظرها بعد نقض الحكم الأول بناءً على طلب الطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي أحال الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة وما في ذلك من تسويء لمركزه فإن هذا النعي صحيح ؛ ذلك أنه ولئن كان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها لتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها قبل صدور الحكم المنقوض إلا أن حد ذلك ألا تتعرض محكمة الإعادة لما أبرمته محكمة النقض من الحكم المنقوض ولا لما لم تعرض له هذه المحكمة منه – ضرورة أن اتصال محكمة النقض بالحكم المطعون فيه لا يكون إلا من الوجوه التي بني عليها الطعن والمتصلة بشخص الطاعن وله مصلحة فيها – وألا يضار المتهم بطعنه إذا كان قد انفرد بالطعن على الحكم ، وإذ كانت الدعوى المدنية قد خرجت من حوزة المحكمة بسبق إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة إعمالاً لنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لما ارتأته من أن الفصل فيها يقتضي إجراء تحقيق ولم يطعن المتهمان في الحكم من هذه الناحية لأنه غير منهٍ للخصومة ولا مانع من السير فيها ولانتفاء مصلحتهما ، ولو أنهما كانا قد فعلا لقضت محكمة النقض بعدم قبول طعنهما ، ومن ثم فما كان يجوز للمدعية بالحقوق المدنية أن تدعي مدنياً أمام محكمة الإعادة من جديد ؛ لأن ذلك منها ليس إلا عوداً إلى أصل الادعاء والذي سبق أن قُضي بإحالته إلى المحكمة المدنية يستوى في ذلك أن تكون هذه المحكمة قد نظرت ادعاءها وفصلت فيه أو لم تكن قد شرعت في نظره ولأن انفراد المتهمين بالطعن في الحكم يوجب عدم إضرارهما بطعنهما يستوي في ذلك أن يكون الضرر من ناحية العقوبة الجنائية أو التعويض المدني ولأن الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل المدعي بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضائه على قبول الدعوى المدنية لدى محكمة الإعادة وإلزام المتهمين بالتعويض ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر لاتصال وجه الطعن به دون تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في القانون ، مع إلزام المطعون ضدها – المدعية بالحقوق المدنية – المصاريف المدنية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قُضي ببراءته بأنهم : قتلوا …. عمداً مع سبق الإصرار والترصد ، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية (بندقيتين آليتين – مسدس فرد الإطلاق) محشوة بالطلقات وتوجهوا إليه بمكان أيقنوا سلفاً بتواجده فيه ، وما أن ظفروا به حتى أطلق الثالث صوبه عياراً نارياً من المسدس المُحرز له قاصداً من ذلك قتله ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته في حين وقف الأول والثاني على مسرح الواقعة يطلقان أعيرة نارية في الهواء ويشدان من أزره . ــــ أطلق كل منهم عياراً نارياً داخل قرية . المتهمان الأول والثاني ” الطاعنين” : ــــ أحرز كل منهما سلاحاً نارياً مششخناً بندقية آلية سريعة الطلقات في إحدى أماكن التجمعات ” مركز شباب ….” حال كونه مما لا يجوز الترخيص في حيازته أو إحرازه . ــــ أحرز كل منهما ذخيرة “عدد طلقتين” استعملاها في السلاح الناري المُحرز له حال كونه مما لا يجوز الترخيص في حيازته أو إحرازه . المتهم الثالث : ـــــ أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً ” مسدس فرد الإطلاق ” .
ـــــ أحرز ذخيرة ” عدة طلقات ” مما تستعمل في السلاح الناري المُحرز له دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه.
وادعت زوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين جميعاً بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات …. لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت حضـورياً بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليهما ومصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين، وبراءة …. المتهم الثالث مما أسند إليه ، وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ .
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات …. لتحكم فيه من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة – قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 377/6 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6 ، 26/2، 3، 5، 7 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات – في الدعوى الجنائية بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين ، وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهمين سالفي الذكر بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية في …. وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليهما الأول والثاني … إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول …. :
حيث إن المحكوم عليه ولئن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولما كان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناءً على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبوله شكلاً .
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني …. :
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حقه وما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقى منها أنه ابتغى إزهاق روح المجني عليه ، وأن ما أورده بياناً وإثباتاً لظرف سبق الإصرار لا يكفي لاستظهاره والاستدلال به على توافره في حقه ، وخلت مدونات الحكم مما يفيد توافر الاتفاق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر ، واكتفى بالإشارة إلى نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يبين مضمونه من وصف الإصابات المنسوب إليه إحداثها وموضعها من جسم المجني عليه وكيفية حدوثها ، والتفت إيراداً ورداً عن دفاعه بانتفاء رابطة السببية بين إصابة الأخير النارية ووفاته مما كان يستوجب استدعاء الطبيب الشرعي ليفصل في هذا الأمر ، هذا وقد عول ضمن ما عول عليه في إدانته على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني بالرغم من أن الحكم المنقوض لم يعول عليها لعدم الاطمئنان إليها ومن ثم يكون قد أضر بطعنه ، فضلاً عن أن الحكم دانه والمحكوم عليه الآخر عن تهمة إحراز سلاح ناري مششخن في حين أنه لم يضبط ولم يفحص للوقوف على نوعه معولاً في هذا الأمر على رواية الشهود بالإضافة إلى أنه أثبت في أحد مواضعه أن المحكوم عليه الآخر أقر بتحقيقات النيابة بقيامة بإطلاق أعيرة نارية صوب المجني عليه ليتمكن من الفرار إثر مشاهدته إلا أنه عاد وأثبت في موضع آخر منه أنه أطلق أعيرة نارية في الهواء وهو ما يتفق مع أقوال المذكور الثابتة بتحقيقات النيابة العامة وهو ما يقطع بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ، وأنه أيضاً في معرض رده على الدفع بانتفاء الاتفاق المسبق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر وبوجوده أسند إلى الشهود أقوالاً لم ترد على لسانهم ، وأخيراً قبلت محكمة الإعادة الادعاء المدني وقضت به في حين أن الحكم المنقوض أحال تلك الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري مششخن وذخيرته بغير ترخيص وإطلاق أعيرة نارية داخل قرية التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وهي مستمدة من أقوال شهود الإثبات …. و…. و…. والرائد …. ومن تقرير الصفة التشريحية . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : ” وعن نية إزهاق الروح فإنه لما كان ذلك …. فهو قائم في الدعوى متوافر في حق المتهمين من التعدي على المجني عليه بسلاح ناري – مسدس – من شأنه إحداث القتل وقد أحدثه فعلاً ومن إطلاق الطلقات تجاه المجني عليه أصابته إحداها بالكلية اليمنى والكبد وهي مواضع قاتلة في جسد المجني عليه الأمر الذي يؤكد أن المتهم إنما قصد من ذلك قتل المجني عليه لما بينهما من خلافات مادية قال بها شهود الواقعة ” . وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن ، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله : ” وعن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان… وكان الثابت من الأوراق ومن أقوال شهود الواقعة والتي تطمئن إليها المحكمة أن المتهمين عقدا العزم وبيتا النية على قتل المجني عليه لوجود خصومة ثأرية بين عائلتيهما وخططا لذلك في هدوء وروية وأعدا لذلك سلاحين ناريين بندقية آلية ومسدس فرد الإطلاق ــ وتوجها إليه في المكان الذي علما مسبقاً تواجده به وما إن ظفرا به حتى ارتكبا جريمتهما وهو ما يقطع بتوافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين ” . فإن ما أورده الحكم من ذلك يعد سائغاً في التدليل على توافر سبق الإصرار وكافياً لحمل قضائه وينأى به عن قالة القصور في البيان الذي يرميه به الطاعن . وفضلاً عن هذا فإنه لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي السجن المشدد لمدة عشر سنوات تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظروف مشددة ، فلا مصلحة له فيما يثيره من قصور الحكم في استظهار سبق الإصرار . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عول عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن مع المحكوم عليه الآخر على القتل العمد وذلك من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف من الأفعال المكونة لها وأثبت في حق المحكوم عليه الآخر وجوده على مسرح الجريمة وحمله سلاحاً نارياً وإطلاقه في الهواء لشد أزر الطاعن ، فإن الحكم إذ انتهى إلى اعتبارهما متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهما بوصف أنهما فاعلين أصليين في جريمة القتل العمد يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى إصابته النارية بأعلى يمين البطن وما أحدثته من تهتك بالكلية اليمنى والكبد وما صاحبهما من التهاب وصدمة ، وأنها جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة العامة ومن مثل السلاح والطلقات المضبوطة ، وأن السلاح الناري المضبوط طبنجة أوتوماتكية ماركة برتا بماسورة مششخنة وصالحة للاستعمال أطلقت في تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة ، وأن الطلقات المضبوطة مما تستعمل فيها وصالحة للاستعمال فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل ؛ لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا مـا آتـاه عمداً ، وثبوت قيام العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المجني عليه أصيب بأعلى يمين البطن مما أدى إلى حدوث تهتك بالكلية اليمنى والكبد وأن الطاعن هو المحدث لها ثم أشار إلى نتيجة تقرير الصفة التشريحية في أن الوفاة تعزى إلى هذه الإصابة ، فإنه يكون قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت ، ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، ومن ثم ليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه . فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ، وما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق أو القانون ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم محكمة النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها فلا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة معتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها ، وكان من المقرر أن مبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مقصور على مقدار العقوبة والتعويض اللذين يعتبران حداً أقصى لا يجوز لمحكمة الإعادة أن تتعداه دون أن يمتد إلى تقدير واقعات الدعوى أو إعطائها وصفها الصحيح ، وإذ التزمت محكمة الإعادة هذا النظر وعولت في إدانتها ــــ ضمن ما عولت عليه ـــ على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني والتي اطرحها الحكم المنقوض ولم تتعد مـقدار العـقوبة التي سـبق القضاء بها ، فإن النعي عليها بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع عقوبة واحدة بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وكانت هذه العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد ، فإن مصلحة الطاعن في المجادلة بشأن جريمة إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص موضوع التهمة الثانية المسندة إليه تكون منعدمة ، فضلاً عن أنه قد تم ضبط الطبنجة التي استعملها الطاعن في ارتكاب الواقعة وتم فحصها بمعرفة الطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من تناقض الحكم في تحصيل إقرار المحكوم عليه الآخر بتحقيقات النيابة العامة بشأن اتجاه إطلاقه للأعيرة النارية وما أثاره أيضاً في أسباب طعنه أن المحكوم عليه الآخر كان في حالة دفاع شرعي عن النفس مردوداً بأن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن ، ولما كان منعى الأخير لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه ، بل هو يختص بالمحكوم عليه الأخر وحده ، فلا يقبل منه ما يثيره في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على المفردات المنضمة أن ما أسنده الحكم المطعون فيه إلى شهود الإثبات – في معرض رده على الدفع بانتفاء الاتفاق المسبق بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر وبوجوده – له معينه الصحيح من أوراق الدعوى ، ومن ثم فإن النعي بالخطأ في الإسناد ولا محل له . لما كان ما تقدم فإن الطعن على الدعوى الجنائية برمته يكون على غير أساس ، أما ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون بالنسبة للدعوى المدنية بقبولها والقضاء فيها بالإلزام بعد إعادة الدعوى الجنائية لنظرها بعد نقض الحكم الأول بناءً على طلب الطاعن والمحكوم عليه الآخر الذي أحال الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة وما في ذلك من تسويء لمركزه فإن هذا النعي صحيح ؛ ذلك أنه ولئن كان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها لتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها قبل صدور الحكم المنقوض إلا أن حد ذلك ألا تتعرض محكمة الإعادة لما أبرمته محكمة النقض من الحكم المنقوض ولا لما لم تعرض له هذه المحكمة منه – ضرورة أن اتصال محكمة النقض بالحكم المطعون فيه لا يكون إلا من الوجوه التي بني عليها الطعن والمتصلة بشخص الطاعن وله مصلحة فيها – وألا يضار المتهم بطعنه إذا كان قد انفرد بالطعن على الحكم ، وإذ كانت الدعوى المدنية قد خرجت من حوزة المحكمة بسبق إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة إعمالاً لنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لما ارتأته من أن الفصل فيها يقتضي إجراء تحقيق ولم يطعن المتهمان في الحكم من هذه الناحية لأنه غير منهٍ للخصومة ولا مانع من السير فيها ولانتفاء مصلحتهما ، ولو أنهما كانا قد فعلا لقضت محكمة النقض بعدم قبول طعنهما ، ومن ثم فما كان يجوز للمدعية بالحقوق المدنية أن تدعي مدنياً أمام محكمة الإعادة من جديد ؛ لأن ذلك منها ليس إلا عوداً إلى أصل الادعاء والذي سبق أن قُضي بإحالته إلى المحكمة المدنية يستوى في ذلك أن تكون هذه المحكمة قد نظرت ادعاءها وفصلت فيه أو لم تكن قد شرعت في نظره ولأن انفراد المتهمين بالطعن في الحكم يوجب عدم إضرارهما بطعنهما يستوي في ذلك أن يكون الضرر من ناحية العقوبة الجنائية أو التعويض المدني ولأن الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل المدعي بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضائه على قبول الدعوى المدنية لدى محكمة الإعادة وإلزام المتهمين بالتعويض ؛ فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله بما يوجب تصحيحه والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر لاتصال وجه الطعن به دون تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في القانون ، مع إلزام المطعون ضدها – المدعية بالحقوق المدنية – المصاريف المدنية ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً