دستورية سلطة الجمعية العامة للشركة المساهمة في توزيع الأرباح السنوية على العاملين فيها
الدعوى رقم 134 لسنة 37 ق “دستورية” جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 134 لسنة 37 قضائية “دستورية”.
المقامة من
أبو السعود على سعودى محمد
ضــد
1 – رئيس الجمهوريــة
2 – رئيس مجلس الوزراء
3 – وزيـر القوى العاملــة
4- رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت أسيوط “سيمكس”
الإجـراءات
بتاريخ التاسع عشر من أغسطس سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصـى المادتيـن (41، 44) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقـــــم 159 لسنة 1981.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدمت الشركة المدعى عليها الرابعة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 103 لسنة 2010 مدنى كلى “عمال”، أمام محكمة أسيوط الابتدائية، طالبًا الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها الرابعة بأن تؤدى له حصته في نسبة الـ 10% من الأرباح السنوية التى حققتها الشركة في السنوات المالية 2006، 2007، 2008، من واقع ميزانياتها السنوية، وإلزامها بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد. وذلك على سند من أنه كان من العاملين بتلك الشركة، وأثناء خدمته بها تقـرر عـدم صرف الأرباح للعاملين في كل من السنوات المشار إليها، ولم تجد المحاولات الودية نفعًا لصرفها. وبعد أن ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى، باشر المأمورية وأودع تقريره عنها، قضت بجلسة 31/1/2015، برفض الدعوى، على سند من أن أحكام المادتين (41، 44) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 لا تنشئ حقًا للعاملين في الأرباح السنوية التى تحققها الشركة إلا من تاريخ صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها، بناء على اقتراح مجلس الإدارة، وأن الجمعية العامة للشركة المدعى عليها لم تقرر توزيـع أربـاح في تلك السنوات، واتخذت قرارًا بترحيلها لسنـوات مالية تالية، حفاظًا على المركز المالي للشركة، وتوسيع مشروعاتهـا المستقبلية. وإذ لم يرتض المدعى ذلك الحكم، فطعن عليه بالاستئناف رقـم 136 لسنة 90 قضائية “عمال مستأنف”، أمام محكمة استئناف أسيوط ، طالبًا الحكم بإلغاء قضاء محكمة أول درجة، والحكم مجددًا له بطلباته. وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نصى المادتين (41، 44) من القانون المشار إليه، فقدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستوريتهما، فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إنه بشأن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى المعروضة، لكون الشركة المدعى عليها الرابعة، شركة مساهمة مصرية، تتولى إدارة شئونها، وتنظم علاقتها بالعاملين فيها وبالغير أحكام القانون الخاص، ومن ثم فإن أحكام المادتين المطعون فيهما لا تُعد تشريعًا موضوعيًّا مما تختص هذه المحكمة بالرقابة على دستوريتها. فمردود بأن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح التى عهد الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بممارستها، دون غيرها، تنحصر في القوانيــــن واللوائح أيًّا كان موضوعها أو نطـاق تطبيقها، متى تولدت عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصـوص بالتشريعـات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التى ناطها الدستور بها. متى كان ذلك، وكانت المادتان (41، 44) المطعون فيهما قد وردتا ضمن مواد قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وتضمنتا تنظيمًا لمسائل موضوعية بشأن ضوابط استحقاق العاملين والمساهمين في شركات المساهمة لنصيب في الأرباح السنوية التى يتقرر توزيعها، ومن ثم فإن الأحكام التى وردت بهاتين المادتين تخضع للرقابة على الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة، الأمر الذى يضحى معه الدفع المشار إليه في غير محله، حقيقًا بالرفض.
وحيث إن المادة (41) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 تنص على أنه “يكون للعاملين بالشركة نصيب في الأرباح التي يتقرر توزيعها تحدده الجمعية العامة بناءً على اقتراح مجلس الإدارة بما لا يقل عن (10%) من هذه الأرباح ولا يزيد على مجموع الأجور السنوية للعاملين بالشركة. وتبين اللائحة التنفيذية كيفية توزيع ما يزيد على نسبة الــ (10%) المشار إليها من الأرباح على العاملين والخدمات التي تعود عليهم بالنفع.
ولا تخل أحكام الفقرة السابقة بنظام توزيع الأرباح المطبق على الشركات القائمة وقت نفاد هذا القانون إذا كان أفضل من الأحكام المشار إليها”.
وتنص المادة (44) من القانون ذاته على أنه “يستحق كل من المساهم والعامل حصته في الأرباح بمجرد صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها.
وعلى مجلس الإدارة أن يقوم بتنفيذ قرار الجمعية العامة بتوزيع الأرباح على المساهمين والعاملين خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدور القرار.
ولا يلزم المساهم أو العامل برد الأرباح التى قبضها – على وجه يتفق مع أحكام هذا القانون – ولو منيت الشركة بخسائر في السنوات التالية”.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعى يبتغى من دعواه المعروضة الحكم بعدم دستورية المادتين (41، 44) المطعون فيهما، فيما تضمنتاه من وجوب موافقة الجمعية العامة لشركة المساهمة على تقرير ما يتم توزيعه من الأرباح على العاملين فيها، وهو الشرط الذى حال بينه والحصول على حصته في الأرباح عن أعوام 2006، 2007، 2008، والتى يدور حولها النزاع في الدعوى الموضوعية، لامتناع الشركة المدعى عليها الرابعة عن صرف الأرباح في كل من السنوات المشار إليها، وبالتالى فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (41)، والفقرتان الأولى والثانية من المادة (44) من القانون المار ذكره من تخويل الجمعية العامــــة للشركة سلطة إصدار قرار بتوزيع نسبة من الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين بها عند توافر شروط استحقاقها، وذلك بحسبان الفصل في دستوريتها سيكون له أثر وانعكاس أكيد على الفصل في الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، وفيها يتحدد نطاق الدعوى المعروضة، دون سائر الأحكام الأخرى التى اشتملت عليها المادتان (41، 44) من القانون المشار إليه.
وحيث إن المدعى ينعى على أحكام النصوص المطعون فيها – في النطاق سالف التحديد – أنها خولت الجمعية العامة لشركة المساهمة سلطة تقديرية مطلقة في اتخاذ قرار توزيع نسبة من الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين فيها، دون المساهمين، غير مقيدة في ذلك بإبداء أسباب، مما أدى إلى حرمان العاملين من الحصول على نصيبهم في هذه الأرباح، وتمييز المساهمين عنهم في هذا الشأن، رغم أن العنصر الحاسم فيما تحققه الشركة من أرباح يرجع لعمل وجهد العاملين فيها، الأمر الذى يخل بالحماية المقررة لحق العاملين في هذه الأرباح، وينال من الحماية المقررة للملكية الخاصة، فضلاً عن إخلاله بمبدأ المساواة بالمخالفة لأحكام الدستور.
وحيث إنه عن النعى بمخالفة أحكام النصوص المطعون فيها لنص المادة (26) من دستور سنة 1971 – التى ترددت أحكامها في المادة (42) من الدستور القائم – بقالة إخلالها بحق العاملين في شركات المساهمة لنسبة من صافى الأرباح السنوية التى تحققها، ونعى المدعى على هذين النصين بأن ما تضمناه من تخويل الجمعية العامة لشركة المساهمة سلطة تقديرية مطلقة في إقرار توزيع صافى الأرباح السنوية التى تحققها الشركة، يخل بالحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة، باعتبار أنه إذا توافر مناط استحقاق الأرباح، للعاملين حق في نصيب منها، وهو حق ذو قيمة مالية، ومن ثم يكون لهم على هذا النصيب من مكنات الملكية الخاصة ما يمكنهم من التصرف فيه على النحو الذى يتصرف فيه المالك في ملكه.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجـال تنظيم الحقوق – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخــــومًا لها لا يجوز اقتحامهـا أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية، سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها، يُعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية – وفيما خلا القيود التى يفرضها الدستور عليها – بعيـدًا عن الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التى انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملاً، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التى رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خيارتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعى، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التى حددتها، مرتبطة عقلاً بها.
وحيث إن من المقرر – أيضًا – في قضاء هذه المحكمة، أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلاً بأهدافها، باعتبار أن أى تنظيم تشريعى ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف. ومن ثم، يتعين دومًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي المطعــــون فيه يلتزم إطــــارًا منطقيًّا للدائرة التى يعمــــل فيهـا، كافلاً من خـلالهـا تناغــــم الأغراض التى يستهدفهـا، أو متهادمًا مع مقاصده، أو مجاوزًا لها، ومناهضًا بالتالى لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة (94) من الدستور.
وحيث إن الحقوق التى ضَمِنَها الدستور أو القانون للعمال، لا يجوز فصلها عن مسئولية اقتضائها، ولا مقابلتها بغير واجباتها، ومدخلها بالضرورة أن تكون المزايا التى ربطها الدستور بالعمل، محددًا نطاقًا على ضوء قيمته، فلا تتساقط على من يطلبونهــــا بغير جهــد منهم يقارنها ويعادلهـا، ولا يكـون الطريـق إليها إلا العمل وحده، الذى أعلى الدستور في المادتين (12، 13) من قيمته، واعتبر كفالته التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، باعتباره حقًا وواجبًا وشرفًا، وقرنه بالمقابل العادل كأحد عناصره والمتمم له، ومن أجل ذلك حدد الدستور بنص المادة (27) منه الأغراض التى يتوخاها النظام الاقتصادي، ومن بينها زيادة فرص العمل، وتقرير حدين للأجور لا تقل فيه عن أدناهما ولا تربو على أعلاهما، ضمانًا للتوزيع العادل لعوائد التنمية، وتحقيـقًا للتوازن بين الدخول والتقريب فيما بينها، إلا أن ذلك لا يتأتى كفالته إلا بإقامة رباط بين الأجر والإنتاج، فلا يكون الأجر وما يتصل به من المزايا، إلا من ناتج العمل وبقدره.
وحيث إن الاستثمار بمختلف صوره – العام منها والخاص – ليس إلا أموالاً تنفق، وسواء عبأتها الدولة أو كونها القطاع الخاص، فإنها تتكامل فيما بينها، ويعتبر تجميعها لازمًا لضمان قاعدة إنتاجية أعرض وأعمق، لا يكون التفريط فيها إلا ترفًا ونكولاً عن قيم يدعو إليها التطور ويتطلبها. وما تنص عليه المادة (33) من الدستور القائم من تعداد لأشكال الملكية، تتقدمها الملكية العامة، وتقوم إلى جانبها كل من الملكية التعاونية والملكية الخاصة، ليس ذلك إلا توزيعًا للأدوار فيما بينها، لا يحول دون تساندها، والتزام الدولة بحمايتها جميعًا. ذلك أن تواصل التنمية المستدامة، وإثراء نواتجها – وعلى ما تنص عليه المادة (27) من الدستور، يمثل أصلاً يبلوره الاستثمار العام والخاص، فلكل منهما دوره في التنمية، فهما شريكان متكاملان، فلا يتزاحمان أو يتعارضان أو يتفرقان، بل يتولى كل منهما مهامًا يكون مؤهلاً لها وأقدر عليها. ومن بين المعايير التى يلتزم بها النظام الاقتصادي دعم محاور التنافسية، وتشجيع الاستثمار، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمى المستهلك. وهو ما أكدت عليه المادة (28) من الدستور، بالنص على التزام الدولة بحماية الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية، وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، والعمل على زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد، باعتبار أن تلك الأنشطة مقومات أساسية للاقتصاد القومى.
وحيث إن شركات المساهمة – وفقًا لأحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانـــــون رقم 159 لسنة 1981 المشار إليه – من الشركات الخاصة، التى يتكون رأسمالها من جملة الأسهم التى يمتلكها المؤسسون والمساهمون فيها، وهى الأجدر على جذب المدخرات لإنشاء الكيانات الاقتصادية الكبرى، وتُعد عاملاً فاعلاً في تنمية الاقتصاد القومى. ويهدف المساهمون من خلال استثمار أموالهم فيها إلى تحقيق الأرباح، ويجتمعون دوريًّا كل سنة في شكل جمعية عامة لمناقشة أحوال الشركة، واتخاذ القرارات التى تكفل حسن إدارتها، وتذليل ما يعترض عملها من عوائق، تحول دون تحقيق الشركة لأرباح صافية، بما يعود عليهم بالنفع. وبمقتضى نصوص المواد (41، 63، 71/2) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة المشار إليه، فإن الجمعية العامة للشركة تُعد هى السلطة العليا فيها، ومن أجل ذلك منحها المشرع وحدها سلطة اعتماد ميزانية الشركة وقوائمها المالية التى يعدها مجلس الإدارة، وحساب الأرباح والخسائر، وتعيين الأرباح الصافية القابلة للتوزيع، إلا أن قرارها في شأن توزيع الأرباح السنوية التى تحققها الشركة من عدمه، ينصرف حكمه إلى كل من العاملين والمساهمين فيها، وليس لفريق منهم دون الآخر. هذا وحرصًا من المشرع على كفالة هذا الحق للعاملين ضَمَّن النصوص المطعون فيها الضوابط والقواعــــد الحاكمة لسلطة الجمعية العامة للشركة، فحدد الحد الأدنى لنصيب العاملين في هذه الأرباح، بما لا يقل عن 10% منها، وحده الأقصى بما لا يجاوز مجموع الأجـور السنوية للعامليـن، والـذى يقيـد الجمعية عند توزيعهـا لتلك الأرباح، بما يحول دون المساس بحقـوق العاملين، أو الانتقاص منها على نحو يُصادر حقهم في تلك ألأرباح، دون مقتض أو مبرر، هذا وقد أكدت المادة (44) من ذلك القانون على حق العاملين والمساهمين في الحصول على نصيب من هذه الأرباح، وحددت توقيت صرفها بمجرد صدور قرار الجمعية العامة للشركة بالتوزيع، والذى تتحدد مشروعيته من الوجهة الدستورية والقانونية، بألا يمس أصل هذا الحق الذى قرره للعاملين، وهو القيد العام المقرر بمقتضى نص المادة (92) من الدستور، والحاكم لسلطة المشرع في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، والضابط لصلاحيات الجمعية العامة للشركة في هذا الشأن، والذى يخضع في ذلك كله لرقابة القاضى الطبيعى، الذى كفلت المادة (97) من الدستور للكافة حق اللجوء إليه، ويُعد بمقتضى نص المادة (94) من الدستور أحد الضمانات الأساسية لحماية الحقوق والحريات، سواء تلك التى قررها القانون أو الدستور. ومن ثم، يكون التنظيم الذي قرره المشرع على هذا النحو قد التزم إطارًا منطقيًّا لما هدف إليه، كافلاً من خلاله تناسب الوسيلة التى فرضها مع الغرض الذى استهدفه وسعى إلى تحقيقه.
وحيث إن الدستور قد كفل بالمادتين (33، 35) حماية الملكية الخاصة لكل فرد – وطنيًّا كان أو أجنبيًّا – ولم يُجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، إلا أن هذه الحماية لا تُظِل بآثارها إلا من اكتسبها بطريق مشروع، وكان بيده سند صحيح ناقل لها على الوجه المقرر قانونًا، ليغدو حقيقًا بأن يعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس وسائل حمايتها التى تعينها على أداء دورهـا ويقيها تعرض الأغيار لها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافهـــــا، أما إذا كان سنده في اكتسـاب الملكية غير صحيح، أو كان مبنيًّا على ادعاء مرسل لا يسانده واقع أو لم تثبت صحته، فإن طلبه الحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة يكون فاقدًا لسنده. متى كان ذلك، وكان استحقاق العاملين – والمساهمين أيضًا – لنصيب في الأرباح السنوية التى تحققها الشركة، لا ينشأ إلا من تاريخ اعتماد الجمعية العامة للشركة لهذه الأرباح والمصادقة على الميزانية، والقوائم المالية، وهو الاختصاص المنوط بالجمعية طبقًا لنص المادة (63/ج) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة المشار إليه، فلا يكون لذوى الحقوق قبل ذلك التاريخ سوى مجرد حق احتمالى لا يبلغ مرتبة الحق الكامل، ولا تنتقل به ملكية هذه الأرباح من ذمة الشركة إلى ذمة العاملين أو المساهمين فيها، حتى إذا ما توافرت شروط وضوابط استحقاقهــــا كانت حقًا للعاملين، لا يحول التنظيم الذى قرره المشرع وضمَّنه النصوص المطعون فيها دون صرفها لهم – على النحو السالف بيانه – ومن ثم يغدو القول بإخلال النصوص المشار إليها بنصوص المواد (33، 35، 42) من الدستور، فاقدًا لسنده.
وحيث إنه عن النعى بإخلال النصوص المطعون فيها بمبدأ المساواة، بالمخالفة للمادتين (4، 53) من الدستور القائم – بتخويل الجمعية العامة للشركة المساهمة سلطة تقديرية مطلقة في شأن منح العاملين بالشركة نصيب من صافى الأرباح السنوية التى تحققها، دون أن تكون لها تلك السلطة في خصوص المساهمين بها، فمردود أولاً: بأن الأصل في النصوص القانونية التى ينتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تُكوّن فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها لتكوّن نسيجًا متآلفًا. متى كان ذلك، وكان نص المادة (41) من القانون سالف الإشارة، وإن كان الخطاب فيه مقصورًا على سلطة الجمعية العامة للشركة المساهمة في توزيع نسبة من صافى الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين فيها، في الحدود الواردة بذلك النص، فإن المادة (44) من القانون ذاته، قد حددت صراحة في فقرتيها الأولى والثانية، توقيت صرف حصة كل من المساهمين والعاملين في الأرباح، بمجرد صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها، والتزام مجلس الإدارة بتنفيذ ذلك القرار خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدوره. ومن ثم، فلا يجوز فصل أحكام المادة (41) من ذلك القانون، عن أحكام المادة (44) منه، باعتبار أن كلا النصين يُكوّنان فيما بينهما وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها، لتكـــــوّن نسيجًا متآلفًا في شـأن سلطة الجمعية العامة لشركة المساهمة في هذا الشأن.
ومردود ثانيًّا: بأن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون الذى رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتى لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية، ذلك أن المراكز القانونية التى يتعلق بها مبدأ المساواة أمام القانون، هى التى تتحد في العناصر التى تُكون كل منها – لا باعتبارها عناصر واقعية لم يُدخلها المشرع في اعتباره – بوصفها عناصر اعتد بها، مرتبًا عليها أثرًا قانونيًّا محددًا، فلا يقوم هذا المركز إلا بتضاممها، بعد أن غدا وجوده مرتبطًا بها، فلا تنشأ أصلاً إلا بثبوتها. متى كان ذلك، وكان المشــــــرع بموجــــــب المادتيــــــن (41، 44) قد أقر بحق العاملين بشركة المساهمة في الحصول على نصيب من صافى الأرباح السنوية التى يتقرر توزيعها، تقديرًا منه بأن هذه الأرباح ما كانت تتحقق بوجود رأس المال الذى قدمه المساهمون فيها فقط، وإنما يرجع أيضًا إلى ما قدمه العاملون بهذه الشركات من عمل وما بذلوه من جهد، فخصهم بنسبة منها، وقــــد كفــــل المشرع بذلك حــــق كل من العاملين والمساهمين في الأرباح السنوية التى يتقرر توزيعها، فلا يجوز توزيع تلك الأرباح على فريق منهم دون الآخر. بما لازمه قيام التنظيم الذى ضمنه المشرع النصوص المطعون فيها على أساس موضوعي يبرره، ولا يتضمن في مجال تطبيقه تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين بأحكامه المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليه، ومن ثم تكون قالة الإخلال بمبدأ المساواة المقرر بالمادتين (4، 53) من الدستور في غير محله حقيقًا بالرفض.
وحيث كان ما تقدم، وكانت النصوص المطعون فيها لا تخالف أى نص آخر من نصوص الدستور، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً