الطعن 1661 لسنة 31 ق جلسة 12 / 3 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 56 ص 215 جلسة 12 من مارس سنة 1962
برياسة السيد/ محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة. وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود إسماعيل، وحسين صفوت السركى.
———–
(56)
الطعن رقم 1661 سنة 31 القضائية
(1) اختلاس أموال أميرية.
جريمة المادة 112 عقوبات. أركانها.
صفة الجاني. من هو “الموظف أو المستخدم العمومي” المشار إليه بالنص؟ هو كل موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للمادة 111 عقوبات.
مثال. طواف البريد.
متى تتحقق؟ متى كان تسليم المال له حاصلا بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة.
(2) نوع الشيء المختلس.
ماهية الأموال والأوراق والأمتعة المشار إليها بالنص؟ هي كل ما يمكن تقويمه بالمال. أو تكون له قيمة أدبية اعتبارية. مثال.
الخطابات البريدية. لها قيمتها الاعتبارية.
—————
1 – مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف عمومي أو من في حكمه – طبقا للمادة 111 من هذا القانون – يختلس مالا مما تحت يده، متى كان تسليم المال له حاصلا بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة.
فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق المتهم – وهو طواف بريد – أنه تسلم من المجنى عليهم الرسوم المستحقة عن الخطابات المسجلة التي سلموها إليه لتصديرها، فاختلس لنفسه هذه الرسوم التي سلمت إليه بسبب وظيفته ولم يقم بتوريدها لحساب الخزانة، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر أركان جريمة الاختلاس المنصوص عليها في تلك المادة وطبق القانون على الواقعة تطبيقا سليما.
2ـ الخطابات التي يسلمها أصحابها إلى طواف البريد بسبب وظيفته، هي من الأوراق المشار إليها في المادة 112 من قانون العقوبات لما لها من القيمة الاعتبارية، ذلك أن عبارة “الأموال أو الأوراق أو الأمتعة أو غيرها” الواردة بالمادة المذكورة قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أولا – بوصفه مستخدما عموميا “طوافا بمصلحة البريد” اختلس مبلغ 36 قرشا والخطابات المبينة الوصف بالأوراق المسلمة إليه بسبب وظيفته واختصاصه باستلامها. ثانيا – بدد النقود المبينة القيمة بالأوراق والمملوكة لكل من على المتولى أبو السيد وإسماعيل إبراهيم الشامي والمسلمة إليه على سبيل الوكالة لشراء أوراق دمغة وإذن بريد فاختلسهما لنفسه إضرارا بالمجنى عليهما. ثالثا – بوصفه موظفا عموميا “طوافا بمصلحة البريد” غير بقصد التزوير إيصال المراسلة المسجلة المرسلة من إسماعيل مرسى حسن يجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة من علمه بتزويرها بأن أعطى الإيصال رقما (98) يسبق إثباته مراسلة أخرى باسم مسعدة حسن. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للمواد 112 و118 و213 و341 من قانون العقوبات. فقررت ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 111 و112 و118 و119 و213 و341 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه وإلزامه برد ما اختلسه وقدره ستة وثلاثون قرشا وبعزله من وظيفته. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض … الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه – إذ دان الطاعن بجريمة اختلاس النقود والخطابات المسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه المختص باستلامها – قد أخطأ في القانون، ذلك أن الطاعن إنما تسلم النقود من المجنى عليهم ليشتري لهم بقيمتها طوابع بريد يقوم بلصقها على خطاباتهم المسجلة، ومؤدى ذلك أنه كان وكيلا عنهم في عملية الشراء هذه ولم يكن مكلفا بالقيام بها بسبب وظيفته. كما لم يكن هناك وجه للتفرقة بين استلام الطاعن مبالغ لشراء طوابع بريد واعتبار الواقعة في هذه الحالة جناية اختلاس منطبقة على المادة 112 من قانون العقوبات وبين استلام نقود لشراء طوابع دمغة واعتبار الواقعة في هذه الحالة الأخيرة جنحة تبديد في حطم المادة 341 من القانون المذكور هذا فضلا عن أن الخطابات المسلمة إلى الطاعن لم تكن تحوى نقودا أو أوراقا مالية بل كانت خطابات عادية مما لا تعتبر معه ذات قيمة مالية فهي بذلك ليست من قبيل الأوراق المنصوص عليها في المادة 112 من ذات القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله “إن المتهم حمدي ادريس كان يعمل خلال المدة من 21 ديسمبر سنة 1953 إلى 25 من فبراير سنة 1954 طوافا بمكتب بريد المحلة الكبرى ومناط به استلام المراسلات العادية والمسجلة من جمهور الراسلين في بلدان معينة تعين عليه المرور عليها وبيع طوابع بريد من العهدة المسلمة إليه وكان عليه أن يحتفظ بدفتر الإيصالات الخاصة بالمراسلات يسلم أصولا منها تفيد بأنه استلمها من الراسلين وأن يعرض الدفتر المثبت لصور هذه الإيصالات مع الخطابات المسجلة إلى كاتب التسجيل بمكتب البريد عند انتهاء طوافه فيؤشر الأخير على الدفتر بما يفيد استلام المراسلات منه ويقوم بتصديرها إلى الجهات المرسلة إليها. وحدث في يوم 31 من يناير سنة 1954 أن قدم اسماعيل المرسى حسن شكوى إلى السيد وكيل نيابة المحلة ذكر فيها أنه سلم المتهم “الطاعن” خطابا مسجلا بعلم وصول لإرساله إلى لجنة تصفية أموال أسرة محمد على بعد أن نقده مبلغ خمسين مليما مقابل رسم التسجيل وعلم الوصول وتسلم من المتهم إيصالا يحمل رقم 98 بتاريخ 1/ 12/ 1953 ولما لم يرد إليه علم الوصول تقدم بشكواه إلى وكيل مكتب بريد المحلة الكبرى وأطلعه على الإيصال الدال على تسليم الخطاب، فبحث وكيل المكتب في الدفاتر ولم يجد لهذا الخطاب أثرا، وكذلك تقدمت في حق المتهم حملة شكاوى أخرى مماثلة تتضمن استيلاءه على خطابات مسجلة وعادية واستلام ثمن رسوم تسجيلها وطوابعها وعدم وصول تلك الخطابات إلى المرسل إليهم. وبسبب تلك الشكاوى المتكررة تشكلت لجنة إدارية لفحص أعمال المتهم عن مدة خدمته في دائرة مركز المحلة، وتبين للجنة أنه تسلم من اسماعيل المرسى حسن واسماعيل ابراهيم عبود وفؤاد محمد عمارة ومحمد ابراهيم الصعيدى وعبد المنعم العزيز شلبى ومحمد البيلى شلبى وعبد السميع متولى شرف وحامد السيد حماد وعلى أبو السعود متولى خطابات عادية ومسجلة لتصديرها إلى الجهات المرسلة إليها بعد اقتضائه رسوم التسجيل وثمن الطوابع وقد وصلت بعض الخطابات المسجلة إلى المرسل إليهم بطريق البريد العادي ووصل البعض الآخر دون وضع طوابع بريد عليهما وبلغت قيمة الرسوم التي اختلسها المتهم ستة وثلاثين قرشا كما ظهر أن المتهم ارتكب تزويرا في محرر رسمى هو إيصال المراسلة المسجلة المرسلة من اسماعيل محمد حسن بأن وضع على هذا الإيصال رقم 98 ولم يترك صورة له في دفتر المراسلات وإنما أعطى هذا الرسم لمراسله مسجلة أخرى باسم مسعدة حسن وبذلك استطاع أن يختلس تسجيل المراسلة الأولى. كما تبين كذلك أنه استولى على مبلغ خمسة عشرة قرشا من على متولى أبو السعد وقرشين من اسماعيل ابراهيم عبود لشراء إذن بريد للأول وطابعى تمغة للثاني غير أنه بدد هذا المبلغ ولم يسلم إذن البريد أو طوابع التمغة للمجنى عليهما المذكورين”. واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات ودفتر إيصالات الخطابات المسجلة عهدة الطاعن. ثم عرض الحكم لإنكار المتهم للاتهام المسند إليه ورد على دفاعه في قوله “إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم ولا تعتد به بعد إقراره كتابة استلامه الخطابات المسجلة المفقودة وتلك المبالغ التي اختلسها وبددها من جمهور الراسلين الذين اطمأنوا إليه بصفته طواف البريد المختص وسلموه رسوم رسائلهم المسجلة وقيمة طوابع خطاباتهم العادية فما كان منه إلا أن استولى على تلك الرسوم واختلسها لنفسه كما بدد النقود المسلمة إليه على سبيل الوكالة لشراء طوابع وأذونات بريد بها إضرارا بالمجنى عليهم من الشهود سالفي الذكر. ولم يستطع المتهم أن يطعن على أقوال هؤلاء الشهود بمطعن جدي ينال من سلامتها، والمحكمة تطمئن إلى أقوال الشهود وترى فيها ما يقطع بثبوت تهمتي الاختلاس والتبديد المسندتين إليه”. لما كان ذلك، وكان مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للمادة 111 من هذا القانون يختلس مالا مما تحت يده متى كان تسليم المال له حاصلا بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت حق الطاعن – بما ساقه من أدلة اطمأنت إليها المحكمة – أنه قد تسلم من المجنى عليهم الرسوم المستحقة عن الخطابات المسجلة التي سلموها إليه لتصديرها، وكان تسليم هذه الرسوم حاصلا بسبب وظيفته كطواف بريد فاختلس هذه الرسوم لنفسه ولم يقم بتوريدها لحساب الخزانة، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر أركان جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات في حق الطاعن وطبق القانون تطبيقا سليما. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكانت عبارة “الأموال أو الأوراق أو الأمتعة أو غيرها” الواردة بالمادة 112 من قانون العقوبات قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما يكون له قيمة أدبية أو اعتبارية. لما كان ذلك، وكانت الخطابات المسلمة إلى الطاعن من المجنى عليهم هي من الأوراق المشار إليها في المادة 112 سالفة الذكر لما لها من القيمة الاعتبارية، وفضلا عن ذلك فلا جدوى للطاعن مما يثيره في هذا الشأن ما دام الحكم قد دانه أيضا عن اختلاس الرسوم المستحقة على هذه الخطابات. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً