الطعن 168 لسنة 32 ق جلسة 20 / 2 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 48 ص 174 جلسة 20 من فبراير سنة 1962
برياسة السيد المستشار محمد عطية اسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار رضوان.
————–
(48)
الطعن رقم 168 لسنة 32 القضائية
(أ) طلب إعادة النظر.
حالاته. من له حق الطلب. المواد 441 و442 و443 أ. ج.
في الحالات الأربع الأولى من المادة 441. للمحكوم عليه والنائب العام.
في الحالة الخامسة من تلك المادة. للنائب العام وحده مع وجوب عرض الطلب على لجنة المادة 443.علة هذه التفرقة.
(ب. ج) طلب إعادة النظر. غرفة الاتهام. استئناف. نقض “ما لا يجوز الطعن فيه”.
(ب) قرار النائب العام برفض الطلب في الحالة الخامسة من المادة 441 أ. ج. استئنافه أمام غرفة الاتهام. لا يجوز.
(ج) الطعن بالنقض في أمر غرفة الاتهام القاضي بعدم جواز استئناف قرار النائب العام برفض طلب إعادة النظر غير جائز. أساس ذلك: متى حظر القانون الاستئناف انغلق باب النقض.
(د. هـ. و) إشكال. “ماهيته. سببه. سلطة محكمة الإشكال”.
(د) الإشكال في تنفيذ حكم. ماهيته: هو طلب وقفه حتى يفصل في النزاع نهائيا.
سلطة محكمة الإشكال. ليس لها أن تبحث في الحكم المستشكل فيه أي شيء مما يمس قاعدة حجية الأحكام.
(هـ) الإشكال ليس نعيا على الحكم. هو نعى على التنفيذ. أثر ذلك.
سبب الإشكال: يجب أن يكون لاحقا لصدور الحكم لا سابقا عليه. عدم صلاحية السبب السابق على الحكم للإستشكال فيه ولو لم يكن المحكوم عليه قد تمسك به.
مثال. الادعاء بتزوير ورقة اتخذ منها الحكم دليلا وقال فيها كلمته. لا يصلح سببا للإشكال. رفع دعوى تزوير أصلية عن هذه الورقة. لا أهمية له.
(و) لا يفرق القانون – في دعوى الإشكال – بين طلب إيقاف نهائي وطلب إيقاف مؤقت. هو من كل الحالات إيقاف مؤقت للتنفيذ.
ز- إشكال. دعوى جنائية. دفاع. حكم “تسبيبه. ما لا يعيبه”.
وقف الدعوى الجنائية. متى يجب؟ عند توقف الفصل فيها على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية المادة 233 ا. ج.
ترقب الفصل في مسألة مدنية، لا يستوجب وقف الدعوى الجنائية. مثال. طلب وقف دعوى الإشكال في تنفيذ حكم جنائي حتى تفصل المحكمة المدنية في دعوى تزوير أمامها. هو طلب ظاهر البطلان. إغفاله وعدم الرد عليه. لا تثريب.
(ح. ط) نقض “أسبابه. ما يقبل وما لا يقبل منها”. حكم “بياناته”.
ح – أسباب الطعن. ما تتقيد المحكمة بالفصل فيه منها. هي الأسباب المقدمة في الميعاد. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.
سلطتها في نقض الحكم لغير تلك الأسباب. هي رخصة استثنائية وللأسباب الواردة حصرا بالفقرة الثانية من المادة.
مثال. إغفال إثبات اسم ممثل النيابة بالحكم. ليس من بين تلك الحالات. التذرع به كسبب للطعن بعد الميعاد. لا يقبل.
ط – ثبوت حضور النيابة وتمثيلها بالجلسة. أثره. صحة تشكيل المحكمة وفقا للقانون.
حكم. بياناته. اسم ممثل النيابة. إغفال إثباته في محضر الجلسة والحكم. مجرد سهو مادى. لا بطلان. متى كان الثابت بمحضر الجلسة حضور النيابة وإبداءها طلباتها.
—————–
1 – مفهوم نصوص المواد 441 و442 و443 من قانون الإجراءات الجنائية وما تضمنته مذكرته الإيضاحية أن الشارع خول حق طلب إعادة النظر لكل من النائب العام والمحكوم عليه في الأحوال الأربع الأولى من المادة 441، أما في الحالة الخامسة فقد قصر هذا الحق على “النائب العام وحده”، وإذا كان الشارع قد أردف ذلك بعبارة “سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن” فإنه لم يقصد سوى تنظيم الطريق الذى يكون لهؤلاء في استعمال ذلك الحق وهو طريق النائب العام على خلاف الحالات الأربع الأولى، وهى حالات تبدو فيها جدية الطلب لما تدل عليه من خطأ الحكم أو تناقضه مع حكم آخر نهائي أو تأسيسه على حكم ألغى، أما الحالة الخامسة فليس الأمر فيها من الوضوح بمثل الحالات الأربع الأولى وإنما هو متعلق بتقدير الوقائع أو الأوراق التي قد تظهر بعد الحكم دون أن تكون معلومة وقت المحاكمة. وبالنظر لهذا الخلاف الواضح بين تلك الحالات الأربع الأولى والحالة الخامسة فإن الشارع لم يخول حق طلب إعادة النظر في الحالة الأخيرة إلا للنائب العام وحده، وهو لم يكتف بهذا القيد بل وضع قيدا آخر هو عرض الطلب على اللجنة المنصوص عليها في المادة 443 وجعل قرارها نهائيا، وقد قصد بهذه القيود المحافظة على حجية الأحكام النهائية وحتى لا تهدر بمجرد طلب يقدمه المحكوم عليه ولا بمجرد قرار يصدره النائب العام.
2 – المقابلة بين سلطات النائب العام واللجنة في نصوص المواد 441 و442 و443 من قانون الإجراءات الجنائية لا تفيد جواز استئناف قرار النائب العام برفض طلب إعادة النظر، بل تفيد على العكس من ذلك عدم جواز الطعن في هذا القرار طالما كان الطلب مبنيا على الحالة المبينة في الفقرة الخامسة من المادة 441 سالفة الذكر. ومن ثم فإن الأمر الذى أصدرته غرفة الاتهام بعدم جواز الاستئناف في هذه الحالة يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
3 – من المقرر قانونا أن الأوامر الصادرة من غرفة الاتهام – بوصفها هيئة استئنافية – والتي يجوز الطعن فيها بطريق النقض – هي الأوامر التي تصدرها بناء على استئناف جائز قانونا، بحيث إذا حظر القانون الاستئناف انغلق تبعا لذلك باب الطعن بالنقض.
4 – لا يرد الإشكال إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا، وليس لمحكمة الإشكال – التي يتحدد مطاق سلطتها بطبيعة الإشكال نفسه – أن تبحث الحكم الصادر في الموضوع من جهة صحته أو بطلانه أو بحث أوجه تتصل بمخالفة القانون أو الخطأ في تأويله، وليس لها كذلك أن تتعرض لما في الحكم من عيوب وقعت في الحكم نفسه أو في إجراءات الدعوى وأدلة الثبوت فيها – لما في ذلك من مساس بحجية الأحكام.
5 – ما يدعيه المتهمان من تزوير – لا يصلح قانونا أن يكون سببا للإستشكال في تنفيذ الحكم طالما أن أمره كان معروضا على المحكمة وقالت فيه كلمتها، ويستوى في ذلك أن يكون الادعاء بالتزوير قد رفعت به دعوى أصلية أو لم ترفع. ذلك أن الإشكال تطبيقا للمادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية لا يعتبر نعيا على الحكم بل نعيا على التنفيذ ذاته، ومن ثم فإن سببه يجب أن يكون حاصلا بعد صدور هذا الحكم، أما إذا كان سببه حاصلا قبل صدوره فإنه يكون قد اندرج ضمن الدفوع في الدعوى وأصبح في غير استطاعة المحكوم عليه التحدي به سواء أكان قد دفع به في الدعوى أم كان لم يدفع به.
6 – لا يفرق القانون في دعوى الإشكال بين طلب إيقاف نهائي وطلب إيقاف مؤقت إذ أن الطلب في جميع الحالات لا يكون إلا بالإيقاف المؤقت للتنفيذ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ فصل بعبارة صريحة في طلب الإيقاف المؤقت فلا محل لما ينعاه الطاعنان عليه من قالة إغفاله الفصل في الطلب.
7 – لا تلتزم المحكمة – طبقا لنص المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية – بإيقاف الدعوى الجنائية إلا إذا كان الحكم فيها يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يرد على طلب إيقاف دعوى الإشكال حتى يفصل في دعوى التزوير المرفوعة أمام القضاء المدني يكون قد أغفل طلبا ظاهر البطلان لا يلتزم بالرد عليه.
8 – الأصل طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 هو أن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد القانوني، ونقضها الحكم من تلقاء نفسها طبقا لنص الفقرة الثانية من هذه المادة على خلاف هذا الأصل هو رخصة استثنائية خولها القانون إياها وفى الحالات الواردة بها على سبيل الحصر، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعنان في مذكرتهما المقدمة بعد الميعاد القانوني من بطلان الحكم لإغفال إثبات اسم ممثل النيابة لا يندرج تحت إحدى هذه الحالات، ذلك أن إغفال اسم ممثل النيابة في الحكم وفى محضر الجلسة لا يعدو أن يكون مجرد سهو لا يترتب عليه أي بطلان، طالما أن الثابت في محضر الجلسة أن النيابة كانت ممثلة في الدعوى وأبدت طلباتها وطالما أن الطاعنين لا يجحدان تمثيلها كان صحيحا.
الوقائع
تتلخص وقائع هذا الطعن حسب الثابت في الأوراق أن النيابة العامة اتهمت لبيب أيوب سعد وعزوز شفيق حنا وأحمد محمود مخيمر بأنهم في ليلة 23 نوفمبر سنة 1957 بدائرة قسم المطرية محافظة القاهرة قتلوا عمدا محمود برهان إبراهيم مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة وتوجهوا إليه بمسكنه وضربوه بها على رأسه وأوثقوا قدميه وقاموا بخنقه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا مبلغ النقود المبين بالمحضر والمملوك للمجنى عليه حالة كون الأول والثالث يحملان أسلحة ظاهرة وآلات صلبة ثقيلة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و243/ 2 من قانون العقوبات. أحالت غرفة الاتهام المتهمين إلى محكمة الجنايات التي قضت حضوريا بإعدام المتهمين الأول والثاني شنقا وبمعاقبة المتهم الثالث بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهما بالإعدام في الحكم المذكور بطريق النقض وقضى فيه بتاريخ 14 يونيو سنة 1960 برفض الطعن وإقرار حكم الإعدام.
وبعريضة معلنة إلى السيد النائب العام بتاريخ 16 نوفمبر سنة 1961 طلب المحكوم عليهما بالإعدام إعادة النظر في الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة، فأحيل الطلب إلى محكمة النقض التي قضت فيه بتاريخ 16 يناير سنة 1962 بعدم قبول الطلب وتغريم الطالبين خمسة جنيهات.
ثم أقام المحكوم عليهما المذكوران دعوى تزوير أصلية أمام محكمة القاهرة الابتدائية بصحيفة أعلنت للنائب العام في 16 نوفمبر سنة 1961 قررا فيها الطعن بالتزوير على تقريري مصلحة تحقيق الشخصية اللذين استندت إليهما محكمة الجنايات في قضائها عليهما بالإعدام شنقا في الجناية رقم 4103 سنة 1957 المطرية وأوردا في صحيفتهما هذه أنهما يستشكلان في تنفيذ الحكم الصادر عليهما من محكمة الجنايات وانتهيا في ختام الصحيفة إلى طلب وقف تنفيذ عقوبة الإعدام المحكوم بها عليهما واعتبار صورة هذه الصحيفة المعلنة إلى النائب العام بمثابة طلب إشكال في التنفيذ لإحالته إلى غرفة الاتهام. وقد أحال النائب العام الإشكال إلى الغرفة لنظره، فقضت فيه بتاريخ 28 نوفمبر سنة 1961 أولا – بعدم جواز استئناف قرار النائب العام برفض التماس إعادة النظر المقدم من المحكوم عليهما في الحكم الصادر بتاريخ 7 نوفمبر سنة 1959 في قضية الجناية رقم 4103 سنة 1957 المطرية. ثانيا – بقبول الإشكال شكلا وفى الموضوع برفضه والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الجنايات في قضية الجناية رقم 4103 سنة 1957 المطرية بإعدام المحكوم عليهما شنقا وإلزامهما المصاريف فطعن الأستاذ المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليهما في قرار غرفة الاتهام بطريق النقض .. الخ.
المحكمة
… من حيث إن الطاعنين يطعنان على الحكم الصادر من غرفة الاتهام أولا – بعدم جواز استئناف قرار النائب العام برفض طلب إعادة النظر في الحكم الصادر بإعدام الطاعنين في الجناية رقم 4103 سنة 1957 المطرية. ثانيا – بقبول الإشكال المرفوع منهما شكلا وبرفضه والاستمرار في تنفيذ هذا الحكم.
وحيث إن مبنى أسباب الطعن فيما يختص بالشطر الأول من الأمر المطعون فيه هو الخطأ في تفسير القانون وتأويله وفى ذلك يقول الطاعنان إن الأصل في القرارات الصادرة من النيابة بوصفها سلطة تحقيق هو جواز استئنافها أمام غرفة الاتهام وأن القانون جعل من الغرفة رقيبا على هذه القرارات بما لا يسوغ معه حظر الاستئناف إلا بنص صريح وأن ما نصت عليه المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائي من جعل طلب إعادة النظر من حق النائب العام وحده في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة 441 لا يعنى حظر استئناف قراره الصادر برفض طلب إعادة النظر إذ لو قصد الشارع ذلك لنص عليه صراحة كما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة التي حظرت الطعن في الأمر الصادر من اللجنة التي يرفع إليها الطلب من النائب العام.
وحيث إنه لما كانت المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوردت في خمس فقرات الحالات التي يجوز فيها طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح وهى (1) إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ثم وجد المدعى قتله حيا (2) إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة عينها وكان بين الحكمين تناقض بحيث يستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما (3) إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور أو إذا حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير في الحكم (4) إذا كان الحكم مبنيا على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى هذا الحكم (5) إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه – ونصت المادة 442 على أنه في الأحوال الأربع الأولى يكون لكل من النائب العام والمحكوم عليه حق طلب إعادة النظر – وعلى أنه إذا كان الطالب غير النيابة العامة فعليه تقديم الطلب إلى النائب العام وأوجبت على هذا الأخير أن يرفع الطلب إلى محكمة النقض في الثلاثة الشهور التالية لتقديمه سواء كان مقدما منه أو من غيره، ثم نصت المادة 443 على أنه في الحالة الخامسة يكون حق طلب إعادة النظر للنائب العام وحده سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن وإذا رأى له محلا يرفعه إلى لجنة مشكلة من أحد مستشاري النقض واثنين من مستشاري محكمة الاستئناف ولا يقبل الطعن في الأمر الصادر منها بقبول الطلب أو عدم قبوله. لما كان ما تقدم، وكان مفهوم هذه النصوص أن الشارع خول حق طلب إعادة النظر لكل من النائب العام والمحكوم عليه في الأحوال الأربع الأولى أما في الحالة الخامسة فقد قصر هذا الحق على “النائب العام وحده” وأنه إذا كان قد أردف ذلك بعبارة “سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن” فإنه لم يقصد سوى تنظيم الطريق الذى يكون لهؤلاء في استعمال ذلك الحق وهو طريق النائب العام على خلاف الحالات الأربع الأولى وهى حالات يبدو منها جدية الطلب لما تدل عليه من خطأ الحكم أو تناقضه مع حكم آخر نهائي أو تأسيسه على حكم ألغى. أما الحالة الخامسة فليس الأمر فيها من الوضوح بمثل الحالات الأربع الأولى وإنما هو متعلق بتقدير الوقائع أو الأوراق التي قد تظهر بعد الحكم دون أن تكون معلومة وقت المحاكمة. وبالنظر لهذا الخلاف الواضح بين الحالات الأربع الأولى والحالات الخامسة فإن الشارع لم يخول في الحالة الأخيرة حق طلب إعادة النظر إلا للنائب العام وحده، وهو لم يكتف بهذا القيد بل وضع قيدا آخر هو عرض الطلب على اللجنة آنفة الذكر وجعل قرار اللجنة نهائيا، وهو إنما قصد بهذه القيود المحافظة على حجية الأحكام النهائية حتى لا تهدر بمجرد طلب يقدمه المحكوم عليه ولا بمجرد قرار يصدره النائب العام. وقد وضحت نية الشارع في مذكرته الإيضاحية إذ عللت هذه التفرقة بأن الطلب في الحالات الأربع الأولى يبنى على أسباب واضحة لا تحتمل الحالة الخامسة من تأويلات وما قد تستتبعه من إسراف المحكوم عليهم في تقديم طلبات لا أساس لها. لما كان ذلك، وكانت المقابلة بين سلطات النائب العام واللجنة في النصوص المشار إليها آنفا لا تفيد – كما يقول الطاعنان – جواز استئناف قرار النائب العام برفض طلب إعادة النظر بل تفيد على العكس عدم جواز الطعن في هذا القرار طالما كان طلب إعادة النظر مبنيا على الحالة المبينة في الفقرة الخامسة من المادة 441. لما كان ما تقدم، فإن الأمر المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز استئناف قرار النائب العام برفض طلب إعادة النظر يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا ولا محل بعد ذلك لبحث سائر ما ينعاه الطاعنان على الأمر المذكور. لما كان ذلك، وكان ما يزعمه الطاعنان من أن قرار النائب العام تضمن أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى في جناية تزوير تقريري فحص البصمات إن هو إلا محاولة منهما لفتح باب الطعن في هذا القرار. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن الأوامر الصادرة من غرفة الاتهام بوصفها هيئة استئنافية والتي يجوز الطعن فيها بطريق النقض هي الأوامر التى تصدر بناء على استئناف جائز قانونا بحيث إذا حظر القانون الاستئناف انغلق تبعا لذلك باب الطعن بطريق النقض.
لما كان ذلك، وكان الأمر المطعون فيه قد قضى بحق بعدم جواز الاستئناف فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون بالتالي غير جائز.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر من غرفة الاتهام بقبول الإشكال شكلا ورفضه موضوعا قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن حاصل أسباب هذا الطعن المقدمة في الميعاد القانوني هو مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفى ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه قد خالف نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وسجل واقعة في الدعوى على خلاف الثابت في الأوراق إذ ذهب إلى أن الطاعنين قررا بالطعن بالتزوير في تقريري فحص البصمات في شأن دعوى الإشكال على الرغم من أن التقرير بالطعن كان في شأن استئناف قرار النائب العام. وفصل الحكم في طلب إيقاف التنفيذ وأغفل الفصل في طلب الإيقاف المؤقت، المؤسس على رفع دعوى أصلية بتزوير تقريري فحص البصمات والتي ينبني على الحكم فيها بالتزوير انهيار سند التنفيذ المستند إلى التقريرين وهو حكم محكمة الجنايات، وقد أوضح الطاعنان أن الاستمرار في التنفيذ قبل الحكم في دعوى التزوير يكون “تنفيذا واقعا قبل الأوان”. كما أغفل الحكم الرد على طلب إيقاف دعوى الإشكال حتى صدور الحكم في دعوى التزوير وقد ترتب على إغفال هذين الطلبين وعدم فهمهما على وجههما الصحيح أن الحكم استند في رفض الإشكال إلى حجة حكم محكمة الجنايات المستشكل فيه وإلى أن الإشكال لا يصح قانونا أن يبنى على تجريح هذا الحكم – مع أن الإيقاف المؤقت للتنفيذ أو إيقاف دعوى الإشكال حتى الإشكال حتى صدور الحكم في دعوى التزوير لا يؤثر على حجية حكم محكمة الجنايات. واستطرد الطاعنان يقولان إن غرفة الاتهام توهمت أن أساس الإشكال هو تزوير تقريري فحص البصمات فقالت إن هذا التزوير أمر سابق على الحكم فلا يصح أن يكون سببا للإشكال – توهمت الغرفة ذلك على الرغم من أن أساس الإشكال هو رفع دعوى التزوير وهو أمر لاحق على الحكم المستشكل فيه. وأضاف الطاعنان أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن التزوير يندرج تحت الدفوع الموضوعية التي فصلت فيها محكمة الجنايات قد قضى بصحة التقريرين المطعون فيهما وخرج بذلك عن حدود اختصاصه في دعوى الإشكال.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن موضوع دعوى الإشكال في قوله “لما كان الحكم النهائي عنوانا على الحقيقة ويكون حجة على الكافة وبالتالي فلا يجوز أن توجد وسيلة ما يمكن أن تناول من ذلك الحكم إلا في حالة استئنافية هي التماس إعادة النظر ومن ثم فلا يسوغ أن ينبني الإشكال على أسباب تتضمن تجريحا لمضمون الحكم نفسه فلا يقبل الإشكال في تنفيذ الحكم إذا تضمن تجريحا للحكم أو طعنا فيه، ذلك أن للطعن في الحكم طرقا بينها القانون وليس من بينها الإشكال في التنفيذ – ولما كان الإشكال تطبيقا للمادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية لا يعتبر نعيا على الحكم بل نعيا على التنفيذ ذاته الأمر الذى استقر عليه الفقه والقضاء بأن الإشكال في تنفيذ أي حكم يجب أن يكون سببه حاصلا بعد صدور هذا الحكم، أما إذا كان سببه حاصلا قبل صدوره فإنه يكون قد اندرج ضمن الدفوع في الدعوى وأصبح في غير استطاعة المحكوم عليه التحدي به سواء أكان قد دفع به فعلا في الدعوى أم كان لم يدفع به – لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحكوم عليهما يستندان في إشكالهما إلى الطعن بالتزوير على تقريري مصلحة تحقيق الشخصية اللذين استند إليهما الحكم في قضائه بالإدانة وأنهما قد أقاما دعوى تزوير أصلية أمام المحكمة المدنية وكان الثابت من مطالعة قضية الجناية رقم 4103 سنة 1957 المطرية أن هذين التقريرين المطعون عليهما بالتزوير قد أرسلا من مصلحة تحقيق الشخصية إلى النيابة في 22/ 12/ 1957 وأن هذين التقريرين كانا تحت نظر المحكوم عليهما إلى أن صدر حكم محكمة الجنايات في 7/ 11/ 1957 ولم يطعنا في هذه الأوراق بالتزوير وكل ما حدث هو أن المحكوم عليه لبيب أيوب سعد ادعى أمام المحكمة أن رجال الشرطة استدرجوه إلى مكان الحادث لاختلاس بصمة له فناقشت المحكمة هذا الدفاع منه وانتهت في قضائها إلى صحة ما احتواه هذان التقريران وباقي الأوراق والاطمئنان إليها كدليل في الدعوى وحكمت بإدانتهما استنادا إلى ذلك، ثم طعن المحكوم عليهما في هذا الحكم أمام محكمة النقض دون أن يطعنا على هذه الأوراق بأى مطعن وقضت محكمة النقض برفض طعنهما، ومؤدى ذلك أن الأوراق المطعون عليها بالتزوير كانت ضمن الدفوع في الدعوى موضوع الحكم الجنائي وفصلت فيها محكمة الجنايات بحكم أصبح حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه ومن ثم فلا جدال في أن السبب الذى يستند إليه المحكوم عليهما في إشكالهما كان قائما قبل صدور الحكم عليهما بالإدانة ولا يجديهما في الإشكال الطعن على التقريرين بتزويرهما سواء بالدعوى الأصلية أمام المحكمة المدنية أو الطعن بالتزوير أمام الغرفة بالتطبيق للمادة 295 إجراءات ذلك أن سلطة محكمة الإشكال قد حدد نطاقها بطبيعة الإشكال نفسه وهذا الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا وليس لمحكمة الإشكال أن تبحث الحكم الصادر في الموضوع من جهة صحته أو بطلانه أو بحث أوجه تتصل بمخالفة القانون أو الخطأ في تأويله، وليس لها كذلك أن تتعرض لما في الحكم المرفوع عنه الإشكال من عيوب وقعت في الحكم نفسه أو في إجراءات الدعوى وأدلة الثبوت فيها لما في ذلك من مساس بحجية الأحكام. لما كان ما تقدم، وكان هذا الذى قرره الحكم المطعون فيه صحيحا في القانون، وكان مفهومه أن ما يدعيه الطاعنان من تزوير لا يصلح قانونا أن يكون سببا للإستشكال في تنفيذ الحكم طالما أن أمره كان معروضا على المحكمة وقالت فيه كلمتها ويستوى في هذا الاستخلاص القانوني الصحيح أن يكون الادعاء بالتزوير قد رفعت به دعوى أصلية أو لم ترفع أو أن يكون قرر به في شأن دعوى الإشكال أو في شأن استئناف قرار النائب العام. لما كان ذلك، فان ما سجله الحكم المطعون فيه من أن التقرير في قلم الكتاب بالطعن بالتزوير كان بصدد دعوى الإشكال لا بصدد استئناف قرار النائب العام لم يكن له أثر على النتيجة الصحيحة التى انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان القانون لا يفرق في دعوى الإشكال بين طلب إيقاف نهائي وطلب إيقاف مؤقت إذ أن الطلب في جميع الحالات لا يكون إلا بالإيقاف المؤقت للتنفيذ وكان الحكم المطعون فيه قد فصل بعبارة صريحة في طلب الإيقاف المؤقت فانه لا محل لما ينعاه الطاعنان على الحكم بإغفاله الفصل في هذا الطلب – لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على الدفاع القانوني الظاهر البطلان، وكان القانون طبقا لنص المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلزم المحكمة بإيقاف الدعوى الجنائية إلا إذا كان الحكم فيها يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يرد على طلب إيقاف دعوى الإشكال حتى يفصل في دعوى التزوير المرفوعة أمام القضاء المدني يكون قد أغفل طلبا ظاهر البطلان لا يلزم بالرد عليه. لما كان ذلك، وكان ما يقوله الطاعنان من أنهما يؤسسان الإشكال على أمر لاحق للحكم هو رفع دعوى التزوير الأصلية أمام القضاء المدني إنما هو قول فيه اجتراء على حقيقة الواقع ذلك أن أساس الإشكال إن هو إلا الادعاء بتزوير تقريري فحص البصمات اللذين كانا مطروحين على بساط البحث أمام محكمة الجنايات واطمأنت إلى الدليل المستخلص منهما. لما كان ذلك، وكان لا يغير من هذه الحقيقة أن يرفع الطاعنان بعد صدور الحكم الدعوى الأصلية بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يقض بصحة تقريري فحص البصمات – كما يدعى الطاعنان – بل قرر أن الادعاء بالتزوير لا يسوغ أن يكون سببا للإشكال للأسباب الصحيحة التي أوردها وهو إذ فعل لا يكون قد جاوز حدود اختصاصه في دعوى الإشكال – لما كان ما تقدم، فإن أسباب الطعن المقدمة في الميعاد تكون قائمة على غير أساس سليم.
وحيث إن الطاعنين قدما بعد الميعاد القانوني مذكرة أضافا فيها سببا جديدا هو بطلان الحكم المطعون فيه لعدم اشتماله هو أو محضر الجلسة على اسم وكيل النيابة وطلبا من المحكمة نقض الحكم بناء على هذا السبب وإعمالا لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما كان الأصل طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 هو أن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد القانوني، وكان نقض المحكمة للحكم من تلقاء نفسها طبقا لنص الفقرة الثانية من هذه المادة على خلاف هذا الأصل هو رخصة استئنافية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر في حالة ما إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبنى على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقا للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى. لما كان ما تقدم, وكان بطلان الحكم لإغفال اسم ممثل النيابة لا يندرج تحت إحدى هذه الحالات كما يذهب إليه الطاعنان – هذا فضلا عن أن إغفال إثبات اسم وكيل النيابة في الحكم المطعون فيه وفى محضر الجلسة لا يعدو أن يكون مجرد سهو لا يترتب عليه أي بطلان ما دام أن الثابت في محضر الجلسة أن النيابة كانت ممثلة في الدعوى وأبدت طلباتها وما دام أن الطاعنين لا يجحدان أن تمثيلها كان صحيحا الأمر الذى يفيد أن المحكمة كانت مشكلة وفقا للقانون. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً