للمحكمة الدستورية العليا الوقوف على حقيقة طلبات المدعي من دفوعه أمام محكمة الموضوع
الدعوى رقم 85 لسنة 32 ق ” دستورية ” جلسة 5 / 1 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يناير سنة 2019م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان
والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 85 لسنة 32 قضائية ” دستورية “.
المقامة من
ورثة المرحوم/ عبدالرزاق داود القاضى، وهـــــــم:
1- سعاد جبريل الزرو
2- محمد نبيل عبدالرزاق داود القاضى التميمى
3- أكرم عبدالرزاق القاضى التميمى
4- أشرف عبدالرزاق داود القاضى التميمى
5- إسماعيل عبدالرزاق القاضى التميمى
6- نبيلة عبدالرزاق داود التميمى
7- فايزة عبدالرزاق قاضى التميمى
ضــــــد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير العدل
4- وزير المالية
5- وزير الزراعة واستصلاح الأراضي
6- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى
7- الممثل القانونى لصندوق الأراضى الزراعية
الإجراءات
بتاريخ السابع عشر من إبريل سنة 2010، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 69 لسنة 1971.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى من وجهين؛ الأول: لرفعها بعد الميعاد، والثاني: لانتفاء المصلحة الشخصية المباشرة .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعين أقاموا الدعوى رقم 393 لسنة 2007 مدني كلي حكومة، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، ضد المدعى عليهم من الخامس حتى الأخير، ابتغاء الحكم بإلزامهم، متضامنين، أن يؤدوا لهم، مبلغًا مقداره ثلاثة ملايين ومائة وخمسون ألف جنيه، تعويضًا عن الأضرار المادية التى لحقتهم نتيجة الاستيلاء على الأطيان المملوكة لهم، والمبينة بصحيفة الدعوى. على سند من أنه بتاريخ 17/4/1963، ونفاذًا لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، استولت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على اثنى عشر قيراطًا وأربعة أسهم وربع السهم، مملوكة لمورثهم بموجب عقد مشهر برقم 6493 لسنة 1958 الجيزة، بحسبانه من الأجانب المخاطبين بأحكام القانون المشار إليه. وبتاريخ 30/9/1964، أُفرج عن هذه المساحة وسُلمت لمورثهم بقرار من اللجنة القضائية السادسة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، المصدَّق عليه من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 31/5/1964، كون مورثهم فلسطيني الجنسية، متمتعًا بالإعفاء الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون آنف الإشارة، وبوفاة مورث المدعين في 26/11/1976، انتقلت ملكية هذه الأرض إلى المدعين. وإذ صدر القانون رقم 104 لسنة 1985 بتعديل القانون رقم 15 لسنة 1963، والمعمول به من الخامس من يوليو سنة 1985، والذى ألغى حكم الفقرة الأخيرة من المادة (1) من هذا القانون، والتي كانت تستثنى الفلسطينيين من تطبيق أحكام هذا القانون بصفة مؤقتة، مقررة أيلولة هذه الأراضي إلى الدولة، إذا لم يكن المالك قد تصرف فيها أثناء حياته أو خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون، أيهما أقرب؛ فقد باع المدعون تلك الأرض لمصريين، بموجب عقد ابتدائي مؤرخ في 9/6/1990، ثابت التاريخ في 10/6/1990، وعلى الرغم من تمام التصرف في الأرض قبل انقضاء السنوات الخمس المنصوص عليها في القانون رقم 104 لسنة 1985 المشار إليه، فقد استولت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الأرض المذكورة، مما حدا بالمدعين إلى إقامة دعواهم الموضوعية؛ للمطالبة بتعويضهم عن هذا الاستيلاء، وقد ضمن المدعون صحيفة دعواهم الموضوعية دفعًا بعدم دستورية المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971، لمخالفتها المواد (32، 34، 68) من دسـتور سنة 1971. وبجلسة 25/11/2008، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى للاختصاص. وإذ لم يرتض المدعون هذا القضاء، قاموا باستئنافه بموجب الاستئناف رقم 1336 لسنة 126 ق، أمام محكمة استئناف القاهرة (مأمورية شمال الجيزة)، والتى قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 4/11/2009، بقبول الاستئناف شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها، ونفاذًا لهذا القضاء عاودت محكمة الجيزة الابتدائية نظر الدعوى، وبجلسة 23/2/2010، دفع الحاضر عن المدعين، بعدم دستورية نص المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1971، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 16/3/2010، لتقديم ما يفيد ما تم في الدفع المبدى من الحاضر عن المدعين وذلك على وجه رسمى، وبهذه الجلسة طلب الحاضر عن المدعين التصريح له بإقامة الدعوى الدستورية، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 20/4/2010، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، استنادًا إلى أن المدعين قد دفعوا بعدم دستورية النص المطعون عليه، بجلسة 23/2/2010، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 16/3/2010، لتقديم ما يفيد ما تم في الدفع المبدى من الحاضر عن المدعين، ومن ثم يكون هذا الميعاد هو الميعاد الحتمي الذي يتعين أن يتقيد به المدعون في إقامة الدعوى الدستورية، وإذ لم تودع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا إلا في 17/4/2010، فإنها تكون قد رفعت بعد الميعاد، فهو دفع مردود: ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة، وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية، لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها، بما يكفل تداخلها معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معًا على الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزها من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التى ترخص برفعها، وكانت محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 23/2/2010، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/3/2010، لتقديم ما تم في الدفع المبدى من المدعين، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية قبل انقضائها؛ غايتها 20/4/2010، وإذ أقام المدعون دعواهم الدستورية بتاريخ 17/4/2010، في غضون المهلة المحددة لهم من المحكمة، وبما لا يجاوز الثلاثة أشهر المشار إليها، الأمر الذى يضحى معه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد غير سديد، مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعين في إقامتها؛ على سند من أن النزاع الموضوعي يدور حول تقدير قيمة الأرض المستولى عليها، كون نص المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المطعون عليه لا علاقة له بتقدير قيمة هذه الأطيان، إذ ينص على أن “يؤدى التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة قدرها 4% سنويًّا محسوبة من تاريخ تسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى للأراضى المشار إليها …”، ومن ثم فإن هذا النص يقتصر على بيان كيفية ووسيلة أداء التعويض ولا يتصل البتة بتقدير هذا التعويض، مما تنتفى معه مصلحة المدعين في الطعن عليه. فإن هذا الدفع مردود كذلك؛ ذلك أنه من المقرر أن للمحكمة الدستورية العليا الوقوف على حقيقة طلبات المدعى من واقع ما ورد في دفعه أمام محكمة الموضوع، وما أثبته في صحيفة دعواه الدستورية. لما كان ذلك، وكان المدعون، وإن دفعوا أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 69 لسنة 1971، وأقاموا دعواهم الدستورية مختصمين المادة ذاتها، إلا أن الثابت أيضًا من مطالعة صحيفتي الدعويين الموضوعية والدستورية، ومذكرات المدعين أمام محكمة الموضوع أنهم قد أثبتوا نص المادة المطعون بعدم دستوريتها على النحو الآتى: “يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض مضافًا إليها قيمة المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار وتقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، فإذا لم تكن الأرض ربطت عليها هذه الضريبة في التقدير العام لضرائب الأطيان المعمول به منذ أول يناير سنة 1949 لبوارها أو ربطت بضريبة لا تجاوز فئتها جنيهًا واحدًا للفدان، يتم تقدير ثمنها بمعرفة اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة، ولا يعتبر هذا التقدير نهائيًّا إلا بعد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي” وهو نص الفقرة الأولى من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، المستبدلة بالمادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 69 لسنة 1971، بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما في حكمها، وليس نص المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963، مما يقطع بأن حقيقة طلبات المدعين هى الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، المستبدلة بالمادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 69 لسنة 1971، ويؤيد هذا النظر، ويعضده، أن القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971، بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، لم يتناول المادة (5) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بأي تعديل، حين أنه نص في مادته الأولى على استبدال نص الفقرة الأولى من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، مما تقضى معه المحكمة برفض هذا الدفع أيضًا.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها، وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ولا تعتبر المصلحة متحققة بالضرورة بناءً على مجرد مخالفة النص المطعــون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، تدور حول طلب تقدير قيمة التعويض عن استيلاء الإصلاح الزراعي على الأطيان المملوكة للمدعين، فإن مصلحة المدعين تنحصر في الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، المستبدلة بالمادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 69 لسنة 1971، فيما نصت عليه من أنه “يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، … وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض”، دون باقى أحكام هذا النص، بحسبان أن الفصل في دستورية هذا الشق سيكون له أثره وانعكاسه المباشر على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المعروضة، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 6/6/1998، في القضية رقم 28 لسنة 6 قضائية “دستورية”، والذى قضى، أولاً: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه، وفقًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية. ثانيًا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذًا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر وفقًا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952، وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقاريــة. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 25 (تابع) بتاريخ 18/6/1998. وحيث إن مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون الأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة، ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة، بالنسبة لهم، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها، أو إعادة طرح النزاع عينه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم تغدو الخصومة في الدعوى المعروضة منتهية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً