موقف القانون الدولي من جريمة القرصنة البحرية
القانون الدولي وجريمة القرصنة البحرية / بقلم : د. محيي الدين علي عشماوي
عضو وفد مصر في مؤتمر الأمم المتحدة لقانون البحار
أصدر مجلس الأمن بتاريخ2 ديسمبر2008 قراره الثالث برقم(1846) الذي جدد فيه تفويضه للدولة في استخدام القوة المسلحة ضد القراصنة الذين يخطفون السفن التجارية قبالة الساحل الصومالي, وذلك بموافقة الحكومة الانتقالية علي دخول المياه الإقليمية للصومال لمطاردة ومهاجمة القراصنة مع احترام نصوص القانون الدولي المتعلقة بالأعمال في عرض البحر. وتنفيذا لهذا القرار قامت دول الاتحاد الأوروبي بالشروع في عملية جوية وبحرية أمام الساحل الصومالي اعتبارا من يوم الإثنين8 ديسمبر بمشاركة ست سفن حربية وطائرات مراقبة للسواحل البحرية الصومالية التي تشن منها القراصنة هجومها علي السفن التجارية.
وفي القاهرة أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء استعداد مصر للمشاركة في قوة دولية للإسهام في مكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية تحت مظلة الأمم المتحدة. ولقد أصدر مجلس الأمن هذا القرار استنادا إلي سلطاته التي منحها إياه الفصل السابع من الميثاق بشأن حفظ السلم والأمن الدوليين وتفويضه في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإخلال به.
وبالرجوع إلي قواعد وأحكام القانون الدولي البحري نجد أن جريمة القرصنة هي جريمة دولية.
ونعرض بإيجاز شديد قواعد القانون الدولي التي تجرم أعمال القرصنة البحرية وتكييفها قانونا بأنها جريمة دولية يعتبر مرتكبها مجرما ضد الإنسانية يستحق المحاكمة والعقاب ويخضع للاختصاص القضائي الدولي ومنها:
أولا: قواعد القانون الدولي الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة1982.. وهذه الاتفاقية تعرف القرصنة في المادة(101) بأنها أي عمل غير قانوني من أعمال العنف أو الاحتجاز أو أي عمل سلب يرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم أو ركاب سفينة خاصة أو طائرة خاصة, ويكون موجها في أعالي البحار, ضد سفينة أو طائرة أخري, أو ضد أشخاص أو ممتلكات علي ظهر تلك السفينة أو علي متن تلك الطائرة, أو ضد سفينة أو طائرة أو أشخاص أو ممتلكات في مكان يقع خارج ولاية أية دولة.
أما المادة(105) من الاتفاقية فقد تضمنت النص الخاص بمبدأ الاختصاص العالمي لمحاكمة مرتكبي جرائم القرصنة البحرية, الذي أكده نص قرار مجلس الأمن الثالث السالف الذكر, والذي جاء نصها كما يلي: يجوز لكل دولة في أعالي البحار, أو في أي مكان آخر خارج ولاية أية دولة, أن تضبط أية سفينة أو طائرة قرصنة, أو أية سفينة أو طائرة أخذت بطريق القرصنة وكانت واقعة تحت سيطرة القراصنة, وأن تقبض علي من فيها من الأشخاص وتضبط ما فيها من الممتلكات. ولمحاكم الدولة التي قامت بعملية الضبط أن تقرر ما يفرض من العقوبات, كما أن لها أن تحدد الإجراء الذي يتخذ بشأن السفن أو الطائرات أو الممتلكات, مع مراعاة حقوق الغير من المتصرفين بحسن نية. وهذان الاختصاصان يشملان حق الملاحقة وحق القبض وحق الاعتقال وحق محاكمة وتوقيع العقوبة علي مرتكب جرائم القرصنة البحرية, سواء في أعالي البحار أو في البحر الإقليمي وفي عرض المياه الممتدة علي طول امتداد سواحل الدول التي تجتازها سفن وقوارب القراصنة, وذلك علي النحو الذي يحدث حاليا علي امتداد السواحل الصومالية.
ثانيا: قواعد القانون الدولي العام التي تضمنتها معاهدة1988 الخاصة بالأعمال غير المشروعة التي يتم اقترافها في البحار.. التي منها جريمة القرصنة البحرية التي ترتكبها العصابات الدولية ضد السفن في أعالي البحار وفي المياه الإقليمية للدولة التي تجيز مكافحة هذه الجريمة وملاحقة مرتكبيها والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمات الجنائية وإصدار العقوبات ضد مرتكبيها.
ثالثا: قواعد القانون الدولي العام التي تضمنتها المعاهدات الدولية المتعلقة بسلامة النقل البحري.. للركاب والبضائع التي تنقلها السفن التجارية عبر البحار والمتعلقة بالمحافظة علي الأمن البحري والبروتوكولات واللوائح الخاصة بالسلامة البحرية والبحث والإنقاذ في البحار.
رابعا: قواعد القانون الدولي العام التي تضمنتها المعاهدات والاتفاقيات الدولية والثنائية المبرمة بين الدول بشأن تجريم أعمال الإرهاب الدولية.. ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم, وذلك باعتبار أن جريمة القرصنة البحرية عمل من أعمال الإرهاب.
خامسا: التشريعات والقوانين البحرية الإقليمية والوطنية وقوانين العقوبات التي تصدرها الدول.. وتجرم أعمال القرصنة البحرية لاسيما التي ترتكب في المياه الإقليمية التابعة للاختصاص القضائي الوطني والمحلي للدول التي توجه ضمن سفن تلك الدول وتشمل الاستيلاء علي هذه السفن وسلب محتوياتها والاستيلاء علي البضائع التي تحملها السفن التجارية وتطالب العصابات بدفع دية مالية مقابل الإفراج عنها وإلا استمر حجزها وما تحمله من أشخاص وتجارة ثم تدميرها إذا لم يتم الاستجابة لمطالب القراصنة مرتكبي هذه الجرائم, وهذه التشريعات والقوانين تمنح السلطات القضائية المحلية حق القبض والاعتقال والمحاكمة والمعاقبة لمرتكبي جرائم القرصنة البحرية ومشاركيهم في أراضي الدولة المعتدي عليها وأمام محاكمها الوطنية القضائية.
سادسا: ميثاق المحكمة الجنائية الدولية في روما الذي تضمن توصيف الأعمال غير المشروعة.. التي تنطبق في أحد أنواعها علي جريمة القرصنة البحرية.
اترك تعليقاً