الطعن 2801 لسنة 60 ق جلسة 4 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 288 ص 1534

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم نواب رئيس المحكمة وسعيد فودة.
———-
– 1 حكم “حجية الحكم الجنائي”. قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الجنائي الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية . شرطه . فصله فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله .
مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادية 102 من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي يكون حكمها مخالفا للحكم السابق له.
– 2 مسئولية “مسئولية المتبوع من أعمال تابعه” “مسئولية حارس الأشياء”.
مسئولية حارس الشيء . أساسها . قيامها على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء أو تابعة . م 178 مدنى .
مسئولية حارس الشيء تقوم على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء أو تابعه الذي يمارس الحراسة عليه لحساب متبوعه باستعماله الشيء لحساب المتبوع وبموافقته.
– 3 مسئولية “مسئولية المتبوع من أعمال تابعه” “مسئولية حارس الأشياء”.
تحقق مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة والحارس عن الأشياء التي في حراسته ولو تعذر تعيين التابع المسئول أو تحديد الشيء الذى احدث الضرر من بين غيره .
من المقرر أنه يكفي في القانون مساءلة المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة والحارس عن الأشياء التي في حراسته ولو تعذر تعيين التابع من بين تابعيه، أو تحديد الشيء الذي أحدث الضرر من بين غيره منها.
– 4 حكم “حجية الحكم الجنائي”. مسئولية “المسئولية الشيئية”. تعويض. قوة الأمر المقضي.
القضاء ببراءة التابع لانتفاء الخطأ الشخصي في جانبه لا يمنع المحكمة المدنية من الزام المتبوع بالتعويض على أساس المسئولية الشيئية . علة ذلك .
إذ كان البين من الأوراق، والحكم الصادر في قضية الجنحة رقم…. لسنة…. عسكرية شمال القاهرة أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد تابع المطعون عليه لأنه تسبب خطأ في موت مورث الطاعنين وكان ذلك ناشئاً عن إهماله بأن ترك السيارة قيادته رقم…. ومقطورتها رقم…. جيش بالطريق العام بحالة ينجم عنها تعرض حياة الغير للخطر فاصطدمت به السيارة رقم…. أجرة الإسماعيلية مما أدى إلى إصابة المجني عليه بالإصابات التي أودت بحياته وطلبت النيابة العسكرية معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات، وقد حكمت محكمة الجنح العسكرية ببراءته مما أسند إليه، وأن الطاعنين قد أقاموا دعواهم الماثلة بمطالبة المطعون عليه بالتعويض على أساس اجتماع مسئوليته كمتبوع عن أعمال تابعيه وفقاً لنص المادة 174 من القانون المدني ومسئوليته باعتباره حارساً على السيارة التي أحدثت الضرر وفقاً لنص المادة 178 من ذات القانون تأسيساً على أن موت مورثهم كان نتيجة حادث من سيارة جيش مجهولة من بين سيارات القوات المسلحة ويقودها أحد أفرادها التابعين للمطعون عليه واستندوا في ذلك إلى ما تضمنته تحقيقات محضر الجنحة العسكرية سالفة الإشارة وما أثبته محرره وأقوال من سئلوا فيه فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية العسكرية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى تابع معين شخصه في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق المطعون عليه باعتباره حارساً على السيارة محدثة الضرر.
– 5 حكم “حجية الأحكام الجنائية”. إثبات. قوة الأمر المقضي.
حجية الأحكام الجنائية بالإدانة أو بالبراءة أمام المحاكم المدنية قاصرة على المنطوق والأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة .
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤيدة إليه بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة ودون أن تلحق هذه الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 11758 سنة 1988 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ 42000 جنيه، وقالوا بياناً لذلك إنه بتاريخ 15 /12/ 1987 تسببت سيارة جيش – تابعة له – في موت مورثهم المرحوم/ ……… بأن تركها قائدها في منتصف الطريق بحالة خطرة فاصطدمت بها السيارة رقم 2381 أجرة الإسماعيلية التي كان يستقلها مورثهم ونتج عن ذلك حدوث إصاباته التي أودت بحياته وتحررت عن الواقعة قضية الجنحة العسكرية رقم 2030 سنة 1987 شمال القاهرة ضد جندي قضى ببراءته، وإذ لحقتهم من جراء الحادث أضرار مادية وأدبية – فضلاً عن التعويض الموروث – يقدرون التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى. بتاريخ 25 /6/ 1989 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه بأن يؤدي للطاعنين مبلغ 12500 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً وموروثاً.
استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 8225 لسنة 106 ق، كما استأنفه المطعون عليه بالاستئناف رقم 9920 لسنة 106 ق القاهرة، وبتاريخ 8/ 5/ 1990 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على أن الحكم الجنائي الصادر في قضية الجنحة العسكرية ببراءة الجندي قائد السيارة أداة الحادث قد نفى إسناده أساساً إلى السيارة رقم 200912 ومقطورتها رقم 12955 جيش وصار نهائياً وباتاً بالتصديق عليه فتلتزم المحكمة بحجيته في حين أنهم أقاموا دعواهم على أساس أن السيارة أداة الحادث هي إحدى سيارات الجيش المملوكة للقوات المسلحة والتابعة للمطعون عليه وقائدها من أفرداها على ما ثبت من تحقيقات الجنحة العسكرية ومدونات الحكم الصادر فيها، بما تتوافر به التبعية بين الجندي قائد السيارة أداة الحادث وبين المطعون عليه فيكون هذا الأخير مسئولاً باعتباره متبوعاً وأيضا بصفته حارساً على تلك السيارة وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله.
فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، وكانت مسئولية حارس الشيء تقوم على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء أو تابعه الذي يمارس الحراسة عليه لحساب متبوعه باستعماله الشيء لحساب المتبوع وبموافقته، وكان المقرر أنه يكفي في القانون مساءلة المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة والحارس عن الأشياء التي في حراسته ولو تعذر تعيين التابع من بين تابعيه، أو تحديد الشيء الذي أحدث الضرر من بين غيره منها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق، والحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 2030 لسنة 1987 عسكرية شمال القاهرة أن الدعوى الجنائية أقيمت ضد تابع المطعون عليه لأنه تسبب خطأ – في موت مورث الطاعنين وكان ذلك ناشئاً عن إهماله بأن ترك السيارة قيادته ورقم 200912 ومقطورتها رقم 12955 جيش بالطريق العام بحالة ينجم عنها تعريض حياة الغير للخطر فاصطدمت به السيارة رقم 2831 أجرة الإسماعيلية مما أدى إلى إصابة المجني عليه بالإصابات التي أودت بحياته وطلبت النيابة العسكرية معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات، وقد حكمت محكمة الجنح العسكرية ببراءته مما أسند إليه، وأن الطاعنين قد أقاموا دعواهم الماثلة بمطالبة المطعون عليه بالتعويض على أساس اجتماع مسئوليته كمتبوع عن أعمال تابعيه وفقاً لنص المادة 174 من القانون المدني ومسئوليته باعتباره حارساً على السيارة التي أحدثت الضرر وفقاً لنص المادة 178 من ذات القانون تأسيساً على أن موت مورثهم كان نتيجة حادث من سيارة جيش مجهولة من بين سيارات القوات المسلحة ويقودها أحد أفرادها التابعين للمطعون عليه واستندوا في ذلك إلى ما تضمنته تحقيقات محضر الجنحة العسكرية سالفة الإشارة وما أثبته محرره وأقوال من سئلوا فيه فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية العسكرية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى تابع معين لشخصه في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق المطعون عليه باعتباره حارساً على السيارة محدثة الضرر على ما تقدم بيانه، إذ كان ذلك وكانت حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق هذه الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة، وكان يبين من الحكم الجنائي العسكري أنه قضى ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذلك حسبه ويكون ما تطرق إليه من أن محرر المحضر لم يحدد في معاينته السيارة أداة الحادث أو نوعها أو رقمها أو أي بيانات عنها تزيداً لم يكن ضرورياً لقضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعتد بحجية الحكم الجنائي العسكري أساساً لرفض الدعوى وحجب نفسه عن مناقشة مسئولية المطعون عليه المفترضة التي أقام عليها الطاعنون دعواهم على نحو ما سلف بيانه فإنه فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .