اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في منازعات المركز القانوني لأحد أفراد القوات المسلحة وتتعلق بشئونهم
الدعوى رقم 10 لسنة 40 ق ” منازعة تنفيذ ” جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمـرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتـــــــم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 40 قضائية ” منازعة تنفيذ “.
المقامة من
1- وزير الدفاع
2- رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين والمعاشات بوزارة الدفاع
ضـــد
….
الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من مارس سنة 2018، أقام المدعيان هذه الدعوى، بإيداع صحيفتهــا قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكــم الصــــادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 19/1/2017، في الدعوى رقم 56406 لسنة 65 قضائية، وبعدم الاعتداد بذلك الحكم، وبالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/ 2017، في الدعوى رقم 168 لسنة 36 قضائية “دستورية”.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية للتربية والتعليم بمجلس الدولة؛ ابتغاء القضاء له بإلزام المدعيين، بصرف معاش استثنائي له، وأن يؤديا له التعويض الذى تقدره المحكمة عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته أثناء تأدية الخدمة العسكرية، وذلك على سند من أنه التحق بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية، وحال خدمته، انقلبت به سيارة الوحدة التي يخدم بها، بسبب تأدية إحدى المهمات، مما أسفر عن إصابته باضطراب نفسى ووجداني وعصبي، خرج على إثره من الخدمة؛ مصابًا بعاهة مستديمة، تعوقه عن القيام بأي عمل، مما ألحق به العديد من الأضرار المادية والأدبية. وبجلسة 20/6/2011، قضت المحكمة الإدارية للتربية والتعليم بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وإذ أُحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة، قيدت بجدولها برقم 56406 لسنة 65 قضائية، وبجلسة 19/6/2017، قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، وبقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع، باعتبار الإصابة التي أدت إلى إنهاء خدمة المدعى العسكرية كانت أثناء وبسبب الخدمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقيته في معاشه، وكافة حقوقه التأمينية المقررة وفقًا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، اعتبارًا من تاريخ إنهاء خدمته العسكرية.
وإذ ارتأى المدعيان أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 19/6/2017، في الدعوى رقم 56406 لسنة 65 قضائية، يمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/ 2017، في الدعوى رقم 168 لسنة 36 قضائية “دستورية”، أقاما دعواهما المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيــذ لا تعد طريقًا للطعـن في الأحكام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية، وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريًّا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/2017 في الدعوى رقم 168 لسنة 36 قضائية “دستورية”، المطلوب الاستمرار في تنفيذه – بحسبان حكم محكمة القضاء الإداري، آنف الذكر، عقبة في تنفيذه، حسبما صوره المدعيان – صدر في دعوى أقيمت طعنًا على نص المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 والتي تنص على أن:” تختص كل لجنة من اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليهـا في البنــود ( ب، ج، د، هـ، و) من المادة (1) دون غيرها بالفصل في المنازعـات الإدارية المتعلقة بضباط القوة وطلبة الكليات والمعاهد العسكرية التابعين لها والمنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية”، وقد حددت المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم نطاق الدعوى المعروضة عليها في عجز المادة (3) من القانون سالف البيان؛ فيما نص عليه من اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية في قرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية، المتعلقة بالقبول بتلك الكليات. وخلص الحكم إلى رفض الدعوى بحسبان تلك القرارات الإدارية تتعلق بشأن من شئون طلاب الكليات العسكرية، كونها متعلقة بصلاحية من يتقدم للالتحاق بالكليات العسكرية لاكتسـاب هذا المركز القانوني، ومن ثم تعتبر في حقيقتها منازعة في المركز القانوني لأحد أفراد القوات المسلحة، وتتعلق بشأن من شئونهم، وهو المعيار الذي اعتد به الدستور في تحديد المنازعات التي ينعقد لتلك اللجان الاختصاص بنظرها والفصل فيها، بوصفها قاضيها الطبيعي، لا ينازعها في ذلك جهة قضاء آخر
وحيث إن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، سالف البيان، لم يتعرض – سواء في منطوقه أو ما يتصل به من أسبابه اتصالاً حتميًّا – للفصل في دستورية أي من نصوص قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 123 لسنة 1981، كما لم يتعرض للجهة المختصة بنظر المنازعة في تسوية المعاشات وفقًا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، ومن ثم فإن الحجية المطلقة لهذا الحكم لا تمتد إلى النصوص المتعلقة بالمنازعة في تسوية المعاشات وفقًا لأحكام هذا القانون، وبتحديد الجهة المختصة بنظرها؛ وكان الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المصور على أنه عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا آنف البيان، قد شاد ما انتهى إليه من رفض الدفع بعدم اختصاصه الولائي بنظر الدعوى على تفسير لنص المادة (130) من قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 123 لسنة 1981، يوسد للقضاء الإداري الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية التي تدخل في عداد دعاوى القضاء الكامل ولا تتعلق بقرار إداري كالمنازعة في تسوية المعاش، وهو تفسير، وأيًّا ما كان وجه الرأي فيه، يتعلق بنص لم يطرح على المحكمة الدستورية العليا في الحكم المنازع في تنفيذه، ومن ثم، فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/1/2017، في الدعوى رقم 56406 لسنة 65 قضائية، لا يعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 6/5/2017، في الدعوى 168 لسنة 36 قضائية “دستورية”، ويغدو قمينًا القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، والذي انتهت المحكمة فيما تقدم إلى الحكم بعدم قبولها، بما مؤداه: أن تولى هذه المحكمة – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكـون، وعلى ما جرى به قضاؤها، قد بات غير ذي موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعيين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً