الطعنان 530 ، 549 لسنة 60 ق جلسة 18 / 9 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 230 ص 1221
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.
—————
– 1 إثبات “طرق الإثبات” “الكتابة” “حجية الورقة العرفية”. حكم “تسبيب الحكم”. محكمة الموضوع “تقدير الدليل” “مسائل الواقع”. خبرة. تزوير.
اشتمال المحرر العرفي على اكثر من ورقة . كفاية التوقيع بنهاية الورقة الأخيرة منه للاحتجاج به على من وقعه وعلى خلفه العام . شرطه . ثبوت الاتصال الوثيق بين سائر أوراقه . تقديره . استقلال قاضي الموضوع به .
لئن كان مفاد نص المادة 14/1 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية لا تستمد حجيتها في الإثبات إلا من التوقيع عليها، إلا أنه إذا كان المحرر مكونا من أكثر من ورقة منفصلة ذيلت الورقة الأخيرة منه بتوقيع من يراد الاحتجاج به عليه فإنه لا يشترط في هذه الحالة توقيعه على سائر أوراقه متى قام الدليل على اتصال كل منها بالأخرى اتصالا وثيقا بحيث تكون معا محررا واحدا وهي مسألة من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بماله من سلطة في تقدير الدليل، مما مؤداه أن هذا المحرر بكل ما اشتملت عليه أوراقه يكون حجة على من وقع على الورقة الأخيرة منه ويحاج به خلفة العام من بعده.
– 2 إثبات “طرق الإثبات” “الكتابة” “حجية الورقة العرفية”. حكم “تسبيب الحكم”. محكمة الموضوع “تقدير الدليل” “مسائل الواقع”. خبرة. تزوير.
تقدير أدلة التزوير وعمل الخبير من سلطة محكمة الموضوع . لها الأخذ به محمولا على أسبابه متى اقتنعت بكفاية أبحاثه وسلامه الأسس التي بني عليها رايه . عدم التزامها بالرد استقلالا على حجج الخصوم . علة ذلك .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة التزوير وعمل الخبير والأخذ بتقريره محمولا على أسبابه متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بني عليها رأيه ولا عليها إن هي لم تتبع الخصوم في شتى مناحي دفاعهم أو الرد استقلالا على كل حججهم طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني لإطراح كل ما يخالفها.
– 3 بيع. عقد “انعقاد عقد البيع”. التزام.
عقد البيع . عقد رضائي . شرطه . مؤدى ذلك . عدم لزوم إفراغه في محرر مكتوب أو شكل رسمي .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعاقد على البيع يعتبر تاما وملزما إذا تلاقت إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه وهي ما يقتضي إيجابا يعبر به المتعاقد الصادر منه على وجه حازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به المتعاقد الآخر أن ينقل إليه ملكية الشيء المبيع مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير أو من ينوب عنه قانونا وأن إثبات عقد وأن إثبات عقد البيع بحسبانه عقدا رضائيا يتم بمجرد اتفاق طرفيه فلا يلزم لانعقاده إفراغ هذا الاتفاق هذا الاتفاق في محرر مكتوب أو في شكل رسمي.
————–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم 549 سنة 60 ق – أقاموا الدعوى رقم 7156 سنة 1980 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 13/8/1979 والتسليم، وقالوا بيانا لذلك إنه بموجب هذا العقد ابتاعوا من المطعون عليها التاسعة ….. – والمرحوم ……. مورث باقي المطعون عليهم – الطاعنون في الطعن رقم 530 لسنة 60 ق – كامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 15000 جنيه، وإذ امتنع المذكوران عن التوقيع على العقد النهائي فقد أقاموا الدعوى. أقرت المطعون عليها التاسعة ذلك البيع ودفع باقي المطعون عليهم بجهالة التوقيع المنسوب لمورثهم على العقد وحلفوا يمين عدم العلم، ثم أدعى المطعون عليه الثاني تزوير العقد محل التداعي، ندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي خبيرا في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت في 25/12/1986 برفض الادعاء بالتزوير وتغريم مدعيه مائة جنيه ثم حكمت في 30/6/1988 بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى والتسليم. استأنف المطعون عليهم. عدا التاسعة. هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10348 سنة 105 ق، وبتاريخ 5/4/1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 25/12/1986، وحكمت بتاريخ 6/12/1989 في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 13/8/79 بالنسبة لحصة قدرها الخمس شائعة في العقار الموضح الحدود والمعالم بالعقد لقاء ثمن قدره ثلاثة آلاف جنيه ورفض ما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 549 سنة 60 ق، كما طعن فيه أيضا بذات الطريق المطعون عليهم – عدا التاسعة – وقيد طعنهم برقم 530 سنة 60 ق وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي برفض الطعن الأخير وفي الطعن رقم 549 سنة 60 ق بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها ضمت المحكمة الطعنين والتزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: الطعن رقم 530 سنة 60 ق:
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون في هذا الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أن الثابت من الأوراق أن عقد البيع موضوع التداعي مكون من ورقتين منفصلتين أولاهما والتي تتضمن بيان العقار المبيع ومقدار الثمن تخلو من توقيع مورثهم فلا يحتج بها عليهم عملا بنص المادة 14/1 من قانون الإثبات، لا يقدح في ذلك توقيع المورث على ورقة العقد الثانية التي لا تتضمن أركان البيع الجوهرية ولا تصلح لإثباته، وإذا اعتبر الحكم المطعون فيه ذلك العقد – رغم انفصال ورقتيه – حجة عليهم وقضى بصحته ونفاذه على محرر ما أورده الخبير في تقريره من أن ورقتي العقد كتبتا بآلة كاتبة واحدة من ذات الكاتب وحال أن ذلك بذاته لا يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان مفاد نص المادة 14/1 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية لا تستمد حجيتها في الإثبات إلا من التوقيع عليها، إلا إنه إذا كان المحرر مكونا من أكثر من ورقة منفصلة ذيلت الورقة الأخيرة منه بتوقيع من يراد الاحتجاج به عليه فإنه لا يشترط في هذه الحالة توقيعه على سائر أوراقه متى قام الدليل على اتصال كل منها بالأخرى اتصالا وثيقا بحيث تكون معا محررا واحدا وهي مسألة من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بما له من سلطة في تقدير الدليل، مما مؤداه أن هذا المحرر بكل ما اشتملت عليه أوراقه يكون حجة على من وقع على الورقة الأخيرة منه ويحاج به خلفه العام من بعده، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة التزوير وعمل الخبير والأخذ بتقريره محمولا على أسبابه متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بني عليها رأيه ولا عليها إن هي لم تتبع الخصوم في شتى مناحي دفاعهم أو الرد استقلالا على كل حججهم طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني لإطراح كل ما يخالفها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من صحة عقد البيع المؤرخ 13/8/1979 ورفض الادعاء بتزويره – قد أقام قضاءه على قوله إنه “يبين من تقرير الخبير المقدم في الدعوى الذي تطمئن إليه المحكمة أن ورقتي عقد البيع المؤرخ 13/8/1979 موضوع الطعن قد حررا بآلة كاتبة عربية واحدة وأن الكاتب على الآلة الكاتبة لورقتي العقد شخص واحد مما يدل على أنهما حررا في ظرف كتابي واحد، كما انتهى تقرير الخبير إلى أن التوقيع المنسوب للمورث على عقد البيع موضوع الطعن صحيح وصادر عن يده مما يبين منه يقينا أن ورقتي عقد البيع قد حررتا في وقت واحد متضمنين ما اتفق عليه الطرفان”. وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه سائغا له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى ما انتهى إليه من أن ورقتي عقد البيع المشار إليه متصلتان اتصالا وثيقا وتكونان معا محررا واحدا يعد حجه على المورث وخلفه العام من بعده ومن ثم فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون في حقيقته مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يتعين رفض هذا الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 549 سنة 60 ق.
حيث إن مما ينعاه الطاعنون في هذا الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال إذا اتخذ من عدم توقيع الطاعن الأول – بصفته أو توقيع أولاده القصر المشمولين بولايته – على عقد البيع المؤرخ 13/8/1979 – الصادر لهؤلاء الآخرين من المطعون عليها التاسعة ومورث باقي المطعون عليهم – دليلا على عدم انعقاد البيع بالنسبة للقصر المذكورين عن القدر المبيع لهم، ورتب على ذلك قضاءه برفض طلبهم صحته ونفاذه بالنسبة لهذا القدر الذي يعادل 4/5 العقار المبيع محل ذلك العقد، في حين أن الكتابة ليست ركنا فيه وأن البيع ينعقد بتلاقي إرادة طرفيه على قيام الالتزام ونفاذه ولا يلزم توقيع المشتري على العقد المثبت له وهو الأمر المستفاد من ورقة العقد التي تسلمها المشترون باعتبارها السند المثبت لحقهم في الشراء هذا إلا أن الطاعن الأول بصفته الممثل القانوني لأولاده القصر المشترين وقع على عقد الصلح المؤرخ 24/8/1980 المبرم بينه وبين المطعون عليها التاسعة باعتبارها المالكة لحصة في العقار ووراثه للبائع الآخر – مورث باقي المطعون عليهم – والذي اشتمل على كافة أركان البيع وتضمن إقرارها له فضلا عن إقرارها هذا البيع في جلسة 14/1/1982، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه دلالة كل ذلك وخلص إلى قضائه آنف البيان، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعاقد على البيع يعتبر تاما وملزما إذا تلاقت إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه وهو ما يقتضي إيجابا يعبر به المتعاقد الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به المتعاقد الآخر أن ينقل إليه ملكية الشيء المبيع مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير أو من ينوب عنه قانونا، وأن إثبات عقد البيع بحسبانه عقدا رضائيا يتم بمجرد اتفاق طرفيه فلا يلزم لانعقاده، إفراغ هذا الاتفاق في محرر مكتوب أو في شكل رسمي. لما كان ذلك وكان الثابت من عقد البيع المؤرخ 13/8/1979 أن بياناته تضمنت أسماء البائعين وهما مورث المطعون عليهم وزوجته المطعون عليها الأخيرة، وأسماء المشترين وهم الطاعنة الثانية وأولادها القصر أبناء الطاعن الأول وبيان العقار المبيع موقعه وحدوده والثمن المتفق عليه كما ذيل بتوقيعي البائعين والطرف الأول، كما وأن الثابت من عقد الصلح المؤرخ 24/8/1980 أنه تضمن – إضافة إلى ما تقدم من بيانات – اسم الطاعن الأول بصفته وليا طبيعيا على أولاده القصر وذيل بتوقيعه مع الطاعنة الثانية كمشترين .. وهي بيانات تتضمن كافة أركان البيع بما يكفي لانعقاد العقد بالشروط والالتزامات التي تنظمها نصوص القانون المدني المتعلقة بأحكام البيع باعتبار أنها مكملة لإرادة الطرفين طالما أنهما لم يتفقا على ما يخالفها، فضلا عن إقرار المطعون عليها التاسعة بصحة البيع وقبض الثمن والتوقيع على عقد الصلح المقدم من المشترين، كما تضمنت الأوراق – بما لا خلاف عليه – أن الطاعن الأول الولي الطبيعي على أولاده القصر حضر مجلس العقد وتسلم العقد موقعا عليه من البائعين وتمسك به في مواجهتهم وأقام الدعوى بصفته هذه بطلب الحكم بصحته ونفاذه، فإن مؤدى كل ذلك قبول شراء القدر المبيع للقصر بذات الشروط التي تم الاتفاق عليها وهو ما يكفي لانعقاد البيع بما يعني عن توقيع المشتري على العقد المثبت له. وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وحمل قضاءه على ما أورده من أن عقد البيع قد خلا من توقيع القصر أو من ممثلهم القانوني فلا يعدون طرفا فيه وخلص إلى عدم انعقاد البيع بالنسبة لهم دون أن يعنى ببحث توافر أركان هذا البيع واستيفائه شرائط صحته ونفاذه فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً