تطبيق هام على مبدأ عدم رجعية القوانين
مدى صلاحية مبدأ عدم رجعية القوانين في التطبيق على خريجي التعليم المفتوح للقيد بنقابة المحامين
أنتشرت في الأونة الأخيرة بعض الأراء، المغلوط معظمها، حول مدى إستفادة خريجي التعليم المفتوح من حملة الدبلومات الفنية بمبدأ عدم رجعيّة القوانين وعليه نوضح بعض من مفاهيم المبدأ ومدى قابليته للتطبيق على الحالة المذكورة.
أولاً مبدأ عدم رجعيّة القوانين:
ويُقصَد بهذا المبدأ بطريقة مبسطة، أنّ القانون الجديد (الحالي) لا تسري أحكامه على الماضي، سواء كان بشأن القوانين العامّة، أو الخاصّة، أو في حالة تعارض أحكام القانون الجديد مع المراكز القانونيّة المكتسبة في ظل القانون القديم؛ إذن فالقانون الجديد لا يسري إلّا على الأحداث الواقعة في المستقبل بعد البدء في سريانه، ويُعتبر نفاذه هو الحدّ الفاصل بين نهاية سريان القانون القديم، وبداية سريان القانون الجديد.
ثانياً: أهمّية مبدأ عدم رجعيّة القوانين ومبرراته:
يُعتبَر مبدأ عدم رجعيّة القوانين ذا أهمّية كبيرة من الناحية القانونيّة من حيث حماية الإستقرار الإنساني وتعزيز الثقة في القوانين والتشريعات داخل المجتمعات الحديثة؛ ولذلك فقد نصَّت معظم الدول على هذا المبدأ ضمن تشريعاتها. أما بالنسبة للمُبرِّرات التي دَعَت إلى ضرورة وجود هذا النصّ فتتلخص في ما يلي:
1- اعتبارات قائمة على أساس العدالة: فتطبيق القانون الجديد على ما صدر قَبل نفاذه فيه ظلم ؛ فليس من العدل إطلاقاً أن يُلزمَ القانون الجديد الأفراد بالخضوع لأحكامه، وقواعده قَبل صدوره.
2- اعتبارات قائمة على أساس المنطق: فالقانون يُعتبَر تكليفاً لأفراد المجتمع، سواء كان القانون ينظم أداء فعل مُعيَّن، أو الامتناع عنه؛ فالمنطق يقضي بأنّه من غير المعقول أن يأمر القانون بأداء أعمال في الماضي قَبل نفاذه، أو صدور أحكامه، كما أنّه يعتبر مستحيل العمل مُقدَّماً بالقوانين التي سيصدرها المُشرِّع، كما أن القاضي بدوره يعود في تطبيق أحكامه إلى قانون نافذ وساري المفعول.
3- اعتبارات قائمة على أساس عمليّ: فتطبيق القانون بأَثَر رجعيّ يُؤدّي إلى انعدام ثقة الأفراد بالقانون، وهذا ما يجعل القانون أداة قمع، لا وسيلة لتنظيم حياة الأفراد، كما أنّ تطبيق القانون بأَثَر رجعيّ يُؤدّي إلى إيجاد حالة من الاضطراب في المجتمع بصورة قد تَمسُّ استقرار المُعاملات القانونيّة والسلم العام.
ثالثاً الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ:
ولأن تطبيق مبدأ عدم رجعيّة القوانين ليس مطلقاً في حالتَين؛وعليه فيُستثنى تطبيقه في حالتين:
1- في حالة القوانين غير الجزائيّة: يجوز للمُشرِّع تطبيق القوانين غير الجزائيّة بأَثَر رجعيّ، وذلك بالنظر إلى مُقتضَيات المصلحة العامّة، ويتمّ تطبيق هذه القوانين بأَثَر رجعيّ بموافقة أغلبيّة مُعيَّنة على ذلك.
2- في حالة القوانين الأصلح للمُتَّهم: فإذا صدر قانون أصلح للمُتَّهم بعد أن يقع الفعل، وقَبل الحُكم بشأن القضيّة بشكل نهائيّ، فإنّ هذا القانون الصادر حديثاً هو الذي يُطبَّق دون غيره.
أخيراً مدى إستفادة خريجي التعليم المفتوح من حملة الدبلومات الفنية بمبدأ عدم رجعيّة القوانين:
بناء على ما سبق فإنه يتضح جلياً أن تطبيق مبدأ عدم رجعية القوانين على الوضع الحالي لن يكون إلا في حالتين فقط وهم الحائزون على أحكام قضائية بالقيد قبل نشر القانون الجديد في الجريدة الرسمية، والحائزون على مراكز قانونية بالقيد الفعلي كمحامين بالنقابة وذلك ايضاً قبل نشر القانون الجديد بالجريدة الرسمية.
جدير بالذكر، أن كل من أرسل إنذار قانوني بالقيد إلى نقابة المحامين، أولى إجراءات إقامة الدعوى، سوف يطبق عليه أحكام القانون الساري وقت إستلام النقابة للإنذار القانوني، وعليه فقد يستفيد من عدم رجعية القانون الجديد.
وبإستعراض ما سبق يتضح مدى سطحية بعض الأراء التي تعتقد بأن مبدأ عدم رجعية القوانين سوف يستفيد منه كل حاصل على ليسانس حقوق بنظام التعليم المفتوح قبل سريان أحكام القانون الجديد، مفترضين أن وجود بعض الخطابات أو المراسلات المتبادلة بين المجلس الأعلى للجامعات وأي جهة أخرى كفيلة بخلق مركزاً قانونياً لهم، متناسين، أو لا يدركون، أن حصول الفرد على مؤهل لا يكسبه حق الإنتساب بالتبعية لأي جهة مالم يتقدم هو رسمياً بطلب لهذا الإنتساب أو هذا القيد.
والحقيقة الموجزة هي أنه كل حاصل على ليسانس حقوق تعليم مفتوح و أثبت قانوناً طلبه القيد أو أثبت رفض النقابة قيده قبل سريان أحكام القانون الجديد هو فقط من إكتسب مركزاً قانونياً ضد سريان أحكام القانون الجديد عليه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً