الأهمية التمويلية لصيغة الإجارة وصكوكها
تتميز صيغة الإجارة – من المنظور التمويلي – بفرض استخدامها بطبعتها الأصلية، بخصائص تميزها عن بقية صيغ التمويل تجذب إليها الكثير من المستثمرين وتبعد عنها في نفس الوقت الكثير منهم. ومما يلاحظ أن بعض من تعرض من الباحثين لهذه الصيغة أطنب في تبيان عوامل الجذب في الإجارة وغض الطرف عن عوامل الطرد فيها(منهم كاتب هذا المقال في بحث بعنوان «الإجارة المنتهية بالتمليك .. دراسة فقهية معاصرة» قدمت إلى الدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي)، مع أن هذه الخاصية من طبائع الأشياء، فما من صيغة تمويلية إلا وفيها هذا وفيها ذاك، ولا يعيب أي صيغة كونها لا تشبع كل الاحتياجات وتلبي كل الرغبات، وإلا كانت بمفردها كافية، ولا حاجة إلى غيرها، وهذا ما لم يكن ولن يكون.
وفي رأيي أن الدراسة الجادة لأية صيغة تمويلية عليها أن تكشف بجلاء عن بعدي الصيغة، حتى يكون المطبق على بينة من أمره، ولعل من أهم عوامل الجذب فيها احتفاظ المؤجر «الممول» بملكية الأصل المؤجر، وعلى الجانب الآخر عدم تحمل المستأجر «المستثمر» تكاليف وأعباء امتلاك الأصل مع استفادته من منافعه، بالإضافة إلى ما فيها من مميزات أخرى متعددة تنعكس بوضوح في المجال الاقتصادي، من حماية من التضحم، وسهولة في البرمجة المالية للتدفقات المالية الداخلة والخارجة …الخ.
وأما عن الأهمية التمويلية لصكوك الإجارة فيمكن القول إنه إذا كان للصكوك بوجه عام أهمية تمويلية غير منكورة، فإن صكوك الإجارة تحوز القدر الأكبر من هذه الأهمية، وما ذلك إلا لأن التحديات الشرعية والاقتصادية أمامها ربما تكون أقل منها أمام غيرها.
والمعروف أن صكوك الإجارة تتمتع بمرونة كبيرة تجعلها تلبي احتياجات قطاع كبير من المتعاملين من ممولين ومستثمرين، يضاف إلى ذلك صلاحيتها للعمل في القطاع الخاص والقطاع العام والقطاع المدني، وكذلك صلاحيتها للاستخدام المباشر وغير المباشر، وللتعامل مع الأصل الاقتصادي الواحد والأصول المتجمعة (يراجع الدكتور منذر قحف – الإجارة المنتهية بالتمليك وصكوك الأعيان المؤجرة – الدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي).
ومن أجل ذلك وجدنا صكوك الإجارة تمثل حتى الآن أعلى نسبة من الصكوك الإسلامية في التطبيق العملي.
ومع ذلك فيجب ألا يُغَض الطرف عما تواجهه هذه الصكوك من محاذير شرعية واقتصادية، ووضع الضوابط التي تحول بين هذه الصكوك والوقوع في المحاذير الشرعية.
د. شوقي أحمد دنيا
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً