ما الطلاق التعسفي..شروطه، أسبابه
إن الطلاق شأنه شأن سائر الحقوق يخضع لاشراف القضاء، فإذا تبين أن استعماله كان لغرض غير مشروع قُضي بالتعويض عملاً بأحكام المادتين 4 – 5 من القانون المدني، وجاء هذا المبدأ القائل بأن الحق يصبح غير مشروع إذا لم يقصد منه سوى الاضرار بالغير.
فطلاق التعسف، هو الذي يوقعه الزوج على زوجته من غير سبب.
جاء في المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية:
«أنه إذا طلق الرجل زوجته، وتبين للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دون سبب معقول، وأن زوجته سيصيبها بذلك بؤس وفاقة جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حالة ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ نفقة ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة، وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة، أو شهرياً بحسب مقتضى الحال».
من استقراء هذا النص نراه اعتبر أن الطلاق دون سبب معقول طلاق تعسفي، وأجاز للمرأة فيه التعويض إذا أصابها بؤس وفاقة من هذا الطلاق.
مما سلف يتبين لنا أن التعويض لا يجوز إلاّ عند تحقق الشروط الثلاثة التالية: أولاً – الطلاق من قبل الرجل بإرادته المنفردة. ثانياً – التعسف في الطلاق. ثالثاً – أن يصيب المرأة من هذا الطلاق بؤس وفاقة.
فالطلاق من قبل الرجل بإرادته المنفردة يخرج حالة المخالعة الرضائية، وحالة التفريق القضائي من طلاق التعسف. وقد دفع هذا الأمر كثيراً من الرجال بدلاً من طلاق زوجاتهم إلى مكارهتهن، وتنغيص عيشهن حتى يفتدين أنفسهم بالمخالعة الرضائية، أو اللجوء إلى طلب التفريق الرضائي.
أما الطلاق التعسفي، فإنه حتى تستحق المرأة التعويض عن ذلك الطلاق يجب أن يكون الزوج متعسفاً بطلاقها، أي إنه طلقها دون سبب مشروع. وإذا كان هناك سبب مشروع للطلاق وجب أن يكون هذا السبب معقولاً.
فإن قال الزوج لزوجته.. لا تذهبي اليوم لبيت فلان فذهبت، أو قال لها اغسلي قميصي فلم تغسله، أو قال لها اطبخي اليوم الطعام الفلاني فلم تطبخه أو طبخت غيره. فطلقها لمثل هذه الأسباب كان متعسفاً في طلاقها، ويحق لها طلب التعويض. لأنه يستطيع في مثل تلك الأحوال أن يتغلب على ذلك بالنصح والارشاد والتوجيه، فإن أبت فله هجرها بالفراش، وتأديبها، فإن أعجزته اعتبر إصرارها على المشاكسة سبباً معقولاً للطلاق.
أما البؤس والفاقة التي تصيب الزوجة من طلاق التعسف، فقد اشترط القانون لاستحقاق الزوجة التعويض أن يصيبها من جراء ذلك بؤس وفاقة، فإن كانت موظفة، أو ذات مال، فلا تعويض لها، لفوات هذا الشرط، أما إذا تزوجت المرأة بعد انتهاء عدتها فلا تعويض لها. أما إذا تزوجت بعد مدة طويلة من الطلاق فلها تعويض وهذا ما تضمنه اجتهاد محكمة النقض. «إن زواج المطلقة بعد الطلاق بمدة طويلة لا يمنع استحقاقها تعويض التعسف».
أما مقدار التعويض عن طلاق التعسف فهو لا يتجاوز مبلغ نفقة ثلاث سنوات للمرأة فوق نفقة العدة وللقاضي أن يجعل دفع التعويض جملة أو شهرياً حسب مقتضى الحال. وأن تقدير هذا التعويض متروك لقناعة القاضي. ضمن الصلاحية المخولة له بمقتضى المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية، وعملاً باجتهاد محكمة النقض رقم أساس 26 قرار 168 تاريخ 30/3/1983.
المستشار :رشيد موعد
قاضي محكمة الجنايات سابقاً
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً