اختصاص المحاكم السعودية بنظر الدعاوى على السعودي
فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين
الحمد لله وحده، والصلاةُ والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبِه، أما بعد:
فهذا شرح للمادة الرابعة والعشرين من نظام المرافَعات الشرعية، ونصها:
“تختص محاكمُ المملكة بنظر الدَّعاوى التي تُرفَع على السعودي ولو لم يكن له محلُّ إقامة عام أو مختار في المملكة، عدا الدعاوى العينية المتعلقة بعقارٍ واقع خارج المملكة”.
الشرح:
اختصاص المحاكم السعودية بنظر الدعاوى على السعودي المقيم خارجها:
الاختصاص الأول: هو ولاية القضاء في الدولة بنظر الدعوى، إذا كان أحدُ عناصرها غير سعودي، سواءٌ أكان المتنازع فيه أم أحد أطرافها أم كليهما.
وهذه المادة تبين أن محاكم المملكة مختصة بنظر القضايا التي تقام على السعودي، أيًّا كان موطنه، داخل المملكة أو خارجها، حتى ولو لم يُعرَف له محلُّ إقامة عامة يسكنه على وجه الاعتياد، أو مختار يحدِّده في المملكة لتلقِّي التبليغات والإخطارات، وحتى لو لم يكن له عنوان معروف داخل المملكة أو خارجها، فتسمع عليه الدعوى غيابيًّا، فإذا كان للمدَّعى عليه أكثرُ من سكن في المملكة، فللمدعي إقامةُ دعواه في إحدى هذه البلدان – كما في الفقرة الرابعة من اللائحة التنفيذية للمادة الرابعة والثلاثين – ونصها: “إذا كان للمدَّعى عليه سكنٌ في أكثر من بلدٍ، فللمدَّعي إقامة الدعوى في إحدى هذه البلدان”.
وإذا لم يكن للمدَّعي ولا المدَّعى عليه محل إقامة في المملكة، فللمدَّعي إقامةُ دعواه في إحدى المدن الرئيسة بالمملكة – كما في المادة الرابعة والثلاثين والفقرة الثالثة من لائحتها التنفيذية – ونصها: “إذا لم يكن للمدعي والمدعى عليه محلُّ إقامة في المملكة، فللمدعي إقامةُ دعواه في إحدى محاكم المدنِ الرئيسة في المملكة”.
أما إذا كان للسعودي المقيم خارج المملكة محلُّ إقامة في المملكة – لعائلته، أو يأوي إليه في إجازته ونحوها – فتقام الدَّعوى عليه في ذلك المحل، فإن لم يكن ذلك، وكان له محلُّ إقامة مختار، أقيمت الدَّعوى عليه.
إجراءات تبليغ السعودي خارج المملكة:
يجب أن يلحَظَ في تبليغ الدعوى وسماعها في إحدى محاكم المملكة على السعودي المقيمِ خارجها – كما في اللائحة التنفيذية للمادة الرابعة والعشرين من هذا النظام – ما يلي:
1- أن يتحقَّقَ من رعويتِه السعودية – كما في الفقرةِ الأولى من اللائحة التنفيذية لهذه المادة.
2- إذا كان المدعى عليه السعوديُّ معروفَ العنوان خارج المملكة، فعلى المدَّعي توضيحُ عنوانه وَفْقًا للمادة التاسعة والثلاثين من هذا النظام، ثم يبلغ على هذا العنوان – كما في الفقرة الثانية من اللائحة التنفيذية لهذه المادةِ.
3- يتم إبلاغُ المدعى عليه المقيمِ خارج المملكة بموعد الجلسةِ، وبصورةٍ من صحيفة الدعوى مطبوعة ومختومة بخاتَم المحكمة، ويتمُّ ذلك بوساطة الجهات الدبلوماسية؛ بأن تَكتُبَ المحكمةُ إلى الإمارة، أو المحافظة، أو المركز الواقع في نطاق اختصاصِها حتى تصلَ إلى الجهاتِ الدبلوماسية، وذلك وَفْق المادة العشرين من هذا النظام، مع لحظ مدةِ المواعيد والتبليغ، بحيث لا تقلُّ المدة عن ستِّينَ يومًا وَفْق المادة الثانية والعشرين، مضافًا إليها المواعيد المقررة نظامًا في المواد الأربعين، والثالثة والأربعين، والخامسة والثلاثين بعد المائتين.
وفي الفقرة الثالثة من اللائحة التنفيذية لهذه المادة ما نصه: “يتم إبلاغُ المدَّعى عليه السعودي إذا كان خارجَ المملكة بواسطة جهة الاختصاص وَفْق المادة (20)، مع مراعاة المواعيد ومدة التبليغِ حسَب اجتهاد ناظر القضية، بحيث لا تقلُّ المدةُ عما ورَد في المادتين (22، 40)”.
ويُكتَفى بالرد الذي يفيد وصولَ صورة التبليغ إلى الموجَّه إليه التبليغُ، وَفْق المادة العشرين من هذا النظام، ثم إذا لم يحضُرْ سُمِعت عليه الدعوى غيابيًّا.
4- إذا كان المدَّعى عليه السعوديُّ خارج المملكة، غيرَ معروف العنوان لدى المدَّعِي؛ بأن لَم يَعرِفْ له محلَّ إقامة عامًّا أو مختارًا – فعلى المحكمة أن تكتبَ إلى وزارة الداخلية عن طريق إمارة المنطقة للتحري عنه، فإن عُرِف له عنوان جرى تبليغُه بالدعوى عليه عن طريقِ وزارة الخارجية؛ لإعلانِه بالطرقِ المناسبة عبر إمارة المنطقة بعد تحديد موعدٍ من قِبَل المحكمة، وإن لم يُعلَم له عنوان ولا مكان خارج المملكة، سُمِعت عليه الدعوى غيابيًّا – كما في الفقرة الرابعة من اللائحة التنفيذية لهذه المادة.
الاستثناء الوارد على سماع الدعوى في محاكم المملكة على السعودي المقيم خارج السعودية:
يُستثنى من سماع الدعوى في محاكم المملكة على السعودي المقيم خارج البلاد – كما هو مصرَّح به في هذه المادة -: الدَّعاوى العينيَّة المتعلِّقة بعقارٍ واقع خارج المملكة، فلا تُسمَع في محاكم المملكة، ولو كانت على سعوديٍّ معروف المكان والعنوان، بل ولو كان السعودي مقيمًا بالمملكة.
والدعاوى العينيَّة المتعلقة بالعقار تعودُ إلى ما يلي[1]:
1- حق المِلكية، وذلك إذا كان النزاعُ في ملكية العقار نفسِه أو بعضه.
2- حق الانتفاع؛ كحقِّ الانتفاع بسُكْنى الموقوف والموصى به.
3- حق الارتفاق؛ كحق الشُّربِ، والمرور، والتعلِّي.
4- حق الارتهان، فيتعلق للمرتهن حقٌّ مالي بالعينِ المرهونة.
5- حق الاحتباس؛ كحق البائع بثمنٍ حالٍّ احتباس البيع حتى تسليم الثمن له.
وقد جاء في الفقرة الخامسة من اللائحة التنفيذية لهذه المادة أنه: “يقصد بالدَّعاوى العينيَّة المتعلقة بالعقار: كلُّ دعوى تقامُ على واضع اليد على عقارٍ ينازعه المدعي في مِلكيته، أو في حق متصل به، مثل: حق الانتفاع، أو الارتفاق، أو الوقف، أو الرهن، ومنه دعوى الضرر من العقار ذاته أو الساكنين فيه”، وهذا يعني عدمَ سماعِ الدعوى في عقار خارج المملكة ولو كان في دعوى ضررٍ من السَّاكنين فيه.
وعدمُ سماعِ محاكم المملكة الدعوى العينية المتعلقة بعقار خارج المملكة – عامٌّ في السعوديِّ وغيره، ممن يقيمُ خارج المملكة أو داخلها.
وبالله التوفيق، وصلى اللهُ على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً