انتفاء المصلحة في النعي على قرار اداري بإزالة أعمال بناء مخالفة طالما صدر حكم نهائي من محكمة جنح مستأنف بذلك
الدعوى رقم 59 لسنة 32 ق “دستورية” جلسة 3 / 11 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من نوفمبر سنة 2018م، الموافق الخامس والعشرون من صفر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 59 لسنة 32 قضائية “دستورية”.
المقامة من
محمـــد محمـــود الملاح
ضــد
1 – رئيس الجمهوريــة
2 – رئيس مجلس الوزراء
3 – وزير العـــدل
4- رئيس مجلس الشعـــــب
5- محافظ الغربيــة
6- رئيس حى ثان طنطــا
7- رئيس حى أول طنطا
الإجــراءات
بتاريخ الحادي عشر من مارس سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (60، 61، 114) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى في الجنحة رقم 5506 لسنة 2009 قسم ثان طنطا، بأنه في يوم 18/2/2009، بدائرة قسم ثان طنطا – محافظة الغربية: أقام أعمال بناء قبل الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة؛ وطلبت معاقبته، بالمواد (39، 43، 60، 102/3- 4) من قانون البناء الصادر بالقانــــــون رقم 119 لسنة 2008. وتدوولت الدعوى أمام محكمة جنح قسم ثان طنطا، وبجلسة 4/4/2009، قضت المحكمة غيابيًّا بمعاقبته بالحبس ستة أشهر مع الشغل وكفالة لإيقـــــــــــــاف التنفيذ وأمرت بإزالــــــــــة البنــــــــــاء المخالف، وإذ لم يرتض المدعى هذا الحكم طعن عليه بالمعارضة، وبجلسة 25/7/2009، حكمت المحكمة ذاتها باعتبار المعارضة كأن لم تكن، فاستأنف المدعى هذا الحكم، وقيد الاستئناف برقم 19373 لسنة 2009 جنح مستأنف ثان طنطا، وبجلسة 16/11/2009، قضت بقبول الاستئناف شكلًا، وفى الموضوع، ببطلان الحكم المستأنف وبمعاقبة المدعى بغرامة مثلى قيمة الأعمال المخالفة وإزالة البناء المخالف. وبالبناء على هذا الحكم صدر بتاريخ 30/12/2009، قرار الإزالة رقم 197 لسنة 2009 ضد المدعى، وفى الآن ذاته كان المدعى قد أقام، إبان تداول الجنحة المشار إليها أمام القضاء، الدعوى رقم 210 لسنة 2009 مدنى كلى طنطا، أمام محكمة طنطا الابتدائية، ضد المدعى عليهم الثانى والثالث والخامس والسادس وآخرين، بطلبات منها القضاء له بالتعويض عن صدور قــــــــــرار إزالة عقاره وتنفيذه رغم صـــــــــــــدوره من غير مختص لعدم توقيع اعتماد المحافظ لقرار الإزالة رقم 69 لسنة 2009، والإحالة للمحكمة الدستورية العليا لعدم دستورية القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء الموحد، على سند من أنهما يمتلكان عقارًا أقيم واكتمل بناؤه عام 2007 قبل دخوله في خط تنظيم حى ثان طنطا، وفى عام 2009 صدر قرار إزالة العقار وتم تنفيذه، وأن كلاًّ من المدعى عليهم أخطأ وساهم بنصيب في صدور هذا القرار الباطل وفى تنفيذه إضرارًا بالمدعى، وبرغم عدم مخالفة البناء للقانون رقم 119 لسنة 2008، الصادر بعد اكتمال البناء، وأضاف المدعيان أنهما يطعنان بعدم دستورية المادتين (60 فقرة أخيرة، 61) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، وبجلسة 21/1/2010، دفع المدعيان (فى الدعوى الموضوعية)، في مذكرة قدماها بعدم دستورية نصى المادتين (60، 61) من قانون البناء المشار إليه، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 4/3/2010، لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، وبهذه الجلسة طلب وكيل المدعى أجلاً لاستكمال إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 8/4/2010، لاستكمال إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقام المدعى الدعوى المعروضة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى المعروضة لرفعها بعد الميعاد، مستندة في ذلك إلى أن محكمة الموضوع قررت بجلسة 21/1/2010 تأجيل نظر الدعوى لجلسة 4/3/2010، كطلب المدعيين لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة؛ بيد أن المدعى أقام دعواه هذه في 11/3/2010، فلا يجوز قبولها.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة – وعملاً بنص البند (ب) من المادة (29) من قانونهـــــــــا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – أن المهلة التى تمنحها محكمـــــــــــــــة الموضـــــــــــوع لرفع الدعوى الدستورية، لا تجوز زيادتها إلا من خلال مدة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية قبل انقضائها، بما يكفل تداخلهـــــــــــا معها، وبشرط ألا تزيد المدتان معًا – قديمها وجديدها – على الأشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، فلا يجاوزه من يقيمها، ولا محكمة الموضوع التى ترخص برفعها؛ وكان ثابتًا كذلك – وعملاً بالفقرة الثانية من المادة (15) من قانون المرافعات المدنية والتجارية – أن الميعاد – وكلما كان ظرفًا يجب أن يحصل فيه الإجراء – لا يعتبر منقضيًا إلا بانقضاء اليوم الأخير منه؛ ومتى كان ما تقدم، وكان الثابت أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعيين بجلسة 21/1/2010، أجلت نظر الدعوى لجلسة 4/3/2010، لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 8/4/2010، وكان المدعى في الدعوى المعروضة قد أقامها خلال المهلة الجديدة التى أضافتها محكمة الموضوع إلى المدة الأصلية، وفى غضون مهلة الأشهر الثلاثة المشار إليها، فإن الدفع بعدم قبول دعواه هذه يكون غير سديد.
وحيث إنه عن النعى بعدم دستورية نص المــــــــادة (114) من قانون البناء الصادر بالقانــــــــــــون رقم 119 لسنة 2008، فلما كان المدعى لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية هذه المادة، ومن ثم؛ فإنها لم تخضع لتقدير هذه المحكمة لجدية النعى عليها بعدم الدستورية، ويغدو – بهذه المثابة – الطعن على هذه المادة في الدعوى المعروضة دفعًا مبتدأ، يبدى للمرة الأولى أمام المحكمة الدستورية العليا، لينحل بذلك إلى دعوى أصلية مباشرة، على نحو يخالف أحكام المادة (29) من قانون هذه المحكمة، وتكون الدعوى المعروضة غير مقبولة في هذا الشق منها.
وحيث إن المادة (60) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 تنص على أن : “تزال بالطريق الإدارى على نفقة المالك المخالفات الآتية:
1- المباني والمنشآت والأعمال التى تقام بدون ترخيص.
2- الأعمال المخالفة لقيود الارتفاع المقررة قانونًا والصادر بها قرار المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية.
3- التعديات على خطوط التنظيم ومناطق الردود المقررة بالاشتراطات.
4- الأعمال المخالفة لتوفير الأماكن التى تخصص لإيواء السيارات.
5- التعديات على الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار.
6- المبانى والمنشآت والأعمــــــــــال التى تقام خارج الحيز العمرانى المعتمد للمدينة أو القرية.
ويصدر بذلك قرار من المحافظ المختص دون التقيد بالأحكام والإجراءات الخاصة بإيقاف الأعمال ولا يجوز التجاوز عن إزالة هذه المخالفات”.
وتنص المادة (61) من القانون ذاته على أنه : “على ذوى الشأن المبادرة إلى تنفيذ القرار الصادر بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة، وذلك خلال المدة المناسبة التى تحددها الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم، ويخطر ذوو الشأن بالقرار وبالمدة المحددة للتنفيذ بموجب كتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول.
فإذا امتنع عن التنفيذ أو انقضت المدة دون إتمامه تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم التنفيذ بنفسهـــــــــــا أو بواسطة من تعهد إليه به، ويتحمل المخالف جميع النفقات، وتحصل منه بطريق الحجز الإدارى.
وفي حالة ارتكاب مخالفات بعد إصدار شهادة صلاحية المبنى للإشغال تلتزم الجهة الإدارية باتخاذ الإجراءات القانونية، ولها في سبيل تنفيذ قرار إزالة المخالفة أو تصحيحها أن تخلى المبنى بالطريق الإداري من شاغليه دون حاجة إلى اتخاذ أية إجراءات قضائية.
وإذا اقتضى تنفيذ أعمال التصحيح إخلاء المبنى مؤقتًا من كل أو بعض شاغليه، يتم ذلك الإخلاء بالطريق الإداري، مع تحرير محضر بأسماء من تم إخلاء مبانيهم، وبيانات العين التي تم إخلاؤها، وتعتبر العين خلال المدة التى تستغرقها أعمال التصحيح في حيازة المستأجر قانونًا. ويكون لمن تم إخلاء العين التي كان يشغلها الحق في العودة إليها فور انتهاء أعمال التصحيح دون حاجة إلى موافقة المالك، ويتم ذلك بالطريق الإداري في حالة امتناعه.
ويتحمل المتسبب في المخالفة تكاليف إزالة المخالفة أو تصحيحها، إضافة إلى القيمة الإيجارية للوحدات التي تم إخلاؤها والوحدات البديلة لحين الانتهاء من الأعمال.
وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون الإجراءات التنفيذية اللازمة”.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكـون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه : أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتهـا أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه : ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاًّ بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن رحى النزاع في الدعوى المعروضة تدور حول دستورية نصى المادتين (60، 61) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008، فيما خولته للجهة الإدارية من إزالة المباني المخالفة أو تصحيحها، وكان أمر إزالة المبنى المملوك للمدعي ليس إلا تنفيذًا للحكم النهائي الصادر من محكمة جنح مستأنف قسم ثان طنطا بمعاقبة المدعى في الجنحة رقم 5506 لسنة 2009 قسم ثان طنطا، والمستأنفة برقم 19373 لسنة 2009 جنح مستأنف ثان طنطا بالغرامة وإزالة العقار المخالف، مما مؤداه انتفاء الصلة بين إزالة العقار المملوك للمدعى وبين السلطة المخولة للجهـة الإدارية في إزالة أعمال البناء المخالفة أو تصحيحها بمقتضى نصى المادتين المطعون عليهما، ومن ثم؛ فإن الفصل في دستوريتهما لن يكون له أى انعكاس على الدعوى الموضوعية، الأمر الذى تنتفى إزاءه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى في الدعوى المعروضة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً