الطعن 363 لسنة 51 ق جلسة 12 / 6 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 311 ص 1627
برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، سعد بدر، مدحت المراغي وعبد النبي غريب.
————
– 1 عقد “تكييف العقد”. محكمة الموضوع “سلطتها في تكييف العقد”. نقض.
التعرف علي قصد المتعاقدين . متروك لمحكمة الموضوع . تكييف هذا القصد . مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه و لئن كان التعرف على ما عناه الطرفان من المحرر موضوع الدعوى هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني لما قصده المتعاقدان و إنزال حكم القانون على العقد مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
– 2 محكمة الموضوع “سلطتها في التفسير”. عقد “تفسير العقد”. نقض.
لا يجوز للقاضي الانحراف عن عبارات العقد الواضحة . المقصود بالوضوح . حمل عبارات العقد علي معني يخالف ظاهرها شرط أن يكون لأسباب مقبولة . خضوعه لرقابة محكمة النقض .
من المقرر أن مفاد المادة 150/1 من القانون المدني أن القاضي ملزم بأن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي، فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإدارة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإدارة، وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك وهو يخضع لرقابة محكمة النقض.
– 3 بيع “الوعد بالبيع”. عقد.
الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد . ماهيته . عقد يلزم لانعقاده إيجاب من قواعد وقبول من الموعود له . عدم اعتباره بيعا نهائيا . علة ذلك.
النص في المادة 101 من القانون المدني يدل وعلى ما هو مقرر في قضاء النقض على أنه يشترط لانعقاد الوعد بالبيع اتفاق الواعد والموعود له على جميع المسائل الجوهرية للبيع الموعود به حتى يكون السبيل مهيأ لإبرام العقد في المدة المتفق على إبرامه فيها، مما مؤداه أن الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد هو عقد لابد فيه من إيجاب الواعد وقبول من الموعود له، ومن ثم فهو لا يعتبر بهذه المثابة مجرد إيجاب الواعد بل هو أكثر من ذلك لاقترانه بقبول من جانب الموعود له، كما أنه لا يعتبر في نفس الوقت بيعاً نهائياً بل يبقى دون ذلك لأن كلاً من الإيجاب والقبول فيه لم ينصب على البيع ذاته بل على مجرد الوعد به، كما أن الالتزام فيه قاصر على جانب الواعد وهو التزام بعمل وينصب على إبرام عقد البيع الموعود به.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1187 سنة 76 مدني كلي قنا على المرحوم ….. مورث الطاعنين الخمس الأول والطاعن السادس والمطعون ضدها الثانية طالباً الحكم أصلياً بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 22/6/1975 والمتضمن بيع المرحوم ….. مورث الطاعنين الخمس الأول والطاعن السادس بصفته وكيلاً عن زوجته المطعون ضدها الثانية له أطياناً زراعية مساحتها 15س 4ط المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والعقد لقاء ثمن قدره 400 جنيه للفدان الواحد واحتياطياً إلزام كل من المورث المذكور والطاعن السادس بأن يدفعا له ألف جنيه، وقال في بيان ذلك أن المذكورين باعاه بموجب العقد المشار إليه الأطيان الموضحة به ونص فيه على تحرير العقد النهائي في مدة أقصاها خمسة عشر يوماً وعلى التزام الطاعن السادس بأن يحصل على توكيل من زوجته المطعون ضدها الثانية في مدى ثلاثة أيام والحصول على توقيعها على ذات العقد خلال المدة المتفق عليها، وإزاء امتناعها عن تحرير العقد النهائي رغم إنذارها فقد أقام دعواه لوفاة المدعى عليه الأول حكم بانقطاع سير الخصومة فقام المطعون ضده الأول بتعجيل الدعوى باختصام ورثته الطاعنين الخمس الأول. قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى.
استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 184 سنة 52 ق أسيوط مأمورية قنا، ندبت المحكمة الاستئنافية خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ البيع المؤرخ 22/6/1975 المتضمن بيع مورث الطاعنين الخمس الأول للمطعون ضده الأول 2س 11ط 5ف شيوعاً في مساحة 11س 3ط 8ف الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير لقاء ثمن قدره 400 للفدان الواحد وبإلزام الطاعن السادس بأن يدفع للمطعون ضده الأول مبلغ ألف جنيه.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي
أولاً: بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية.
ثانياً: برفض الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وقالوا في بيان ذلك أن المحرر العرفي المؤرخ 22/6/1975 مضمون بعبارة “وعد بالبيع” وجاءت عباراته واضحة الدلالة على أن مورث الطاعنين الخمس الأول والطاعن السادس قد وعد ببيع الأطيان الواردة به للمطعون ضده الأول وأن ميعاد تحرير العقد الابتدائي خمسة عشر يوما وفي حالة عدول أي من الواعدين عن البيع يكون ملزما بدفع تعويض قدره 100 جنيه، وهو يدل على أن المحرر لا يتضمن سوى وعدا بالبيع من جانب واحد يؤيد ذلك أن التزام الواعدين لم يقابله وعد مماثل من المطعون ضده الأول بالشراء وأن توقيع الأخير تحت عبارة “الطرف الثاني الذي قبل الشراء” أنما ينصرف إلى قبول الوعد إذ الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد هو عقد لا بد فيه من قبول الموعود له وإذ كانت عبارات المحرر واضحة في الإيضاح عن إرادة المتعاقدين فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن توقيع المطعون ضده الأول في نهاية العقد يفيد أن العقد قد تضمن إيجابا من مورث الطاعنين الخمس الأول والطاعن السادس صادفه قبولا من المطعون ضده الأول وأنه لذلك يعتبر بيعا كامل الأركان يكون قد انحرف بتفسيره عن عبارات وألفاظ العقد الواضحة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان التعرف على ما عناه الطرفان من المحرر موضوع الدعوى هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني لما قصده المتعاقدان وإنزال حكم قانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنه من المقرر أيضا أن مفاد المادة 150/1 من القانون المدني أن القاضي ملزم بأن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي، فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر ولئن كان المقصود – بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة، وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك وهو يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك وكان النص في المادة 101 من القانون المدني على أن “الاتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحداهما بإبرام عقد يعين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها” يدل – وعلى ما هو مقرر في قضاء النقض – على أنه يشترط لانعقاد الوعد بالبيع اتفاق الواعد والموعود له على جميع المسائل الجوهرية للبيع الموعود به حتى يكون السبيل مهيأ لإبرام العقد في المدة المتفق على إبرامه فيها، مما مؤداه أن الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد هو عقد لا بد فيه من إيجاب من الواعد وقبول من الموعود له، ومن ثم فهو لا يعتبر بهذه المثابة مجرد إيجاب من جانب الواعد بل هو أكثر من ذلك لاقترانه بقبول من جانب الموعود له، كما أنه لا يعتبر في نفس الوقت بيعا نهائيا بل يبقى دون ذلك لأن كلا من الإيجاب والقبول فيه لم ينصب على البيع ذاته بل على مجرد الوعد به كما أن الالتزام فيه قاصر على جانب الواعد وهو التزام بعمل وينصب على إبرام عقد البيع الموعود به. لما كان ما تقدم وكان الثابت من المحرر المؤرخ 22/6/1975 – موضوع التداعي الماثل والمرفق بأوراق الطعن – أنه مضمون بعبارة وعد بالبيع وقد ورد به أن كلا من مورث الطاعنين الخمس الأول والطاعن السادس – بوصفه ممثلا لزوجته قد وعد بأن يبيعا إلى المطعون ضده الأول مساحة 15س 4ط 8ف أطيانا زراعية بسعر الفدان الواحد 400 وعلى أن يتم تحرير العقد الابتدائي في خلال خمسة عشر يوما من تاريخه وأنه في حالة عدول أي منهما عن بيع الصفقة يكون ملزما بأن يدفع للمطعون ضده الأول تعويضا قدره 1000 جنيه كما تعهد الطاعن الأخير بالحصول على توقيع زوجته – التي يمثلها في هذا الوعد – خلال ثلاثة أيام من تاريخه، وقد توقع على هذه الورقة من الواعدين تحت عبارة – المقرين – ومن المطعون ضده الأول تحت عبارة – القابل للشراء – لما كان ذلك وكان المؤدي الواضح لما ورد بهذا المحرر – حسبما تقطع به عباراته الصريحة وتفصح عنه إرادة الموقعين عليه ومقصودهم. أنه تضمن وعدا بالبيع من جانب واحد – وهو جانب الواعدين المقرين بما فيه عينت به جميع المسائل الجوهرية لعقد البيع المراد إبرامه – بينهما وبين المطعون ضده الأول من بيع وثمن فضلا عن تحديد المدة المعينة لإبرام عقد البيع الابتدائي وتحريره – كما تضمن كذلك تعهدا من جانب الطاعن الأخير – بوصفه ممثلا لزوجته – بالحصول على توقيعها وموافقتها على الوعد في خلال ثلاثة أيام من تاريخه، فضلا عن النص على شرط جزائي يلتزم به الواعدان في حالة عدولهما عن هذا الوعد وهو تعويض الموعود له بمبلغ 1000 جنيه – وإذ قرن هذا الإيجاب من جانب الواعدين بقبول له من جانب الموعود له – المطعون ضده الأول – وتوقيعه بذلك على المحرر تحت عبارة القابل للشراء – وهو ما انعقد به الوعد بالبيع صحيحا بين الطرفين ووفقا لما اتجهت إليه إرادتهما وقصدهما الواضح من عبارته وألفاظه وعنوانه على النحو والتفصيل السالف – لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب على خلاف ذلك إلى تكييف ما ورد بالمحرر آنف الذكر باعتباره عقد بيع كامل الأركان تأسيسا على ما ساقه في هذا الصدد من قوله “أن الورقة تضمنت إيجابا من مورث المستأنف عليهم الأربعة الأول – الطاعنين الخمس الأول – والمستأنف عليه الخامس – الطاعن الأخير – ببيع أطيان مساحتها 15س 4ط 8ف محددة المعالم والموقع وقد صدر قبول من المستأنف – المطعون ضده الأول – كمشتر للصفقة في ذات مجلس العقد ومن ثم فإن الورقة العرفية محل الدعوى تعتبر عقد بيع كامل الأركان من تلاقي الإرادتين ومحل وبيع وثمن ……. كما لا يقدح في ذلك أيضا ما يدعيه المستأنف عليهم أنه تحدد في العقد مدة خمسة عشر يوما ليبدي المستأنف رغبته في إتمام العقد وأنه أبدى رغبته بعد هذا التاريخ لأن الثابت في الورقة العرفية أن هذا الميعاد حدد إتمام العقد وقد يكون ذلك لتجهيز المستندات وإحضار الثمن ولم يحدد لإبداء الرغبة …… وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه بإثبات صحة هذا العقد بالنسبة لمورث الطاعنين الخمسة الأول وإلزام الطاعن الأخير بالتعويض المتفق عليه – فإنه يكون قد أخطأ في القانون وخرج بقضائه عما اتفق عليه المتعاقدان ووقع بالتالي مشوبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبب وهو ما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً