الدعوى الكيدية وأهم شروطها
الدعوى الكيدية
إنّ الدعوى هي حق لكل فرد من أفراد الدولة، ولا يجوزُ للدولة أن تحرِم الأفراد من استعمال هذا الحق عند الحاجة، لأن هذا الحق شرّعه القانون للأفراد حتى يحصلوا على حقوقهم بطريقة مشروعة دون اضطراب أمن المجتمع واستقراره، لكن لا يجوز للأفراد أن يستخدموا هذا الحق دون وجود مصلحة مشروعة، حيث لوحظ في الآونة الأخيرة أن الأفراد أصبحوا يستعملوا هذا الحقّ لغايات كيدية، وذلك عن طريق الدعوى الكيدية، وبالتالي لا بُدّ من توضيح مفهوم الدعوى، والدعوى والمصلحة، وشروط الدعوى الكيدية، ومشروعية الدعوى في الشريعة الإسلامية.
مفهوم الدعوى
يختلف الفقهاء في تحديد معنى الدعوى بوصفها مفهومًا شائع الاستعمال أمام المحاكم، حيث إنّ عمل المحاكم الأساسي يقتصر على الفصل في الدعاوى، والذي يعني الفصل بين الخصومات، وتُعرف الدعوى على أنها: “الحق الذي يعود لكل صاحب مَطلب بأن يتقدّم إلى به إلى القضاء للحكم له بموضوعه، وهي بالنسبة للخصم الحق بأن يدلي بأسباب دفاع أو بدفوع ترمي إلى دحض ذلك المطلب”، كما أنّ مجلة الأحكام العدلية عرفت الدعوى على أنها: “طلب أحد حقه من آخر في حضور القاضي ويقال له المدعي وللآخر المدعى عليه”.[١]
وقد تعدّدت تعريفات الفقهاء حول الدعوى فمنهم من عرفها على أنّها الوسيلة القانونيّة المخولة لصاحب الحق بمراجعة القضاء لتقرير حق أو حمايته، ويرى غيرهم من الفقهاء أن الدعوى: “حق أو وسيلة أعطاها القانون لمن يدعي حقًا موضوعيًا أن يلجأ إلى السلطة القضائية لأجل حماية هذا الحق”، حيث إنّ الإدعاء القانوني هو تأكيد شخص لحقه أو مركزه القانوني بمواجهة شخص آخر بناءً على واقعة معيّنة تتعلق بشخص المدعي ينكرها عليه الشخص الآخر الذي يُدعى المدعى عليه أو يعرضه فيها.[١]
لذلك يُعدّ الادعاء زعمًا يحتمل الخطأ أو الصواب ويحتاج إلى دليل كي تتحوّل الواقعة الماديّة إلى واقعة قانونيّة، وقد عرفت محكمة التمييز الأردنية الدعوى على أنّها: “أساس الخصومة وهي الوسيلة القانونية التي يلجأ شخص بمقتضاها صاحب الحق إلى القضاء لحماية حقه”، وعليه قد نجد أن مجمل التعاريف المعروضة أن الدعوى عبارة عن حق أو سلطة ممنوحة قانونًا لكل شخص باللجوء إلى القضاء لاقتضاء حق أو الدفاع عنه، أو هو عبارة عن طريقٍ قانونيّ رُسم للأشخاص في مراجعة القضاء من أجل المطالبة بحق أو بمركز قانوني أو الدفاع عنه.[١]
الدعوى والمصلحة
كما هو معلوم أنّ الدعوى هي حق لكل شخص، لكن يعدّ هذا الحقّ مشروطًا، أي لا يمكن إقامته إلا إذا توفّرت شروط معنية، ومن أهم هذه الشروط شرط المصلحة، ويعدّ شرط المصلحة من الشروط الواجب توافرها بالشخص رافع الدعوى، ويعدّ شرط المصلحة من المبادئ المُعترف بها في كل الدول، وتعرّف المصلحة على أنها: “كل نفع يحصل عليه المدعي من اللجوء إلى القضاء لاستخلاصه”، لذلك يُقال إنّ المصلحة هي الباعث من إقامة الدعوى من ناحية، كما أنها الغاية المقصودة من رفع الدعوى، وحتى تكون المصلحة منتجة ومعتبرة يجب أن تكون مُستندة إلى حق ويستوي أن تكون هذه المصلحة إما مادية أو أدبية.[٢]
كما أنّه لا يشترط أن تكون المصلحة على درجة من الأهمية، فأي مصلحة للشخص ولو كانت قليلة الأهمية تكفي لإعطاء الحق في إقامة الدعوى للمطالبة بها، وبالتالي إن أقام المدعي الدعوى فإنه يجب أن تكون هذه المصلحة موجودة، بمعنى أن يكون من يرفع الدعوى هو صاحب الحق موضوع هذه الدعوى، ولذلك فإن المحامي أو الوكيل لا يرفع الدعوى باسمه، وإنما ترفع باسم الأصيل، والمقصود أن تكون المصلحة مباشرة أي أن يكون لمقيم الدعوى صفةً مباشرة في إقامتها.[٢]
شروط الدعوى الكيدية
تُعرّف الدعوى الكيدية على أنّها: “هي دعوى يقيمها المدعي من غير حق، بل يُطالب بأمر لا حق له فيه”، حيث أنه إذا ثبت لناظر القضية أن دعوى المدعي كيدية حُكم برد الدعوى وله الحكم بتعزيز المدعي بما يردعه، حيث يُلحق صاحب الدعوى الكيدية بصاحب الدعوى الصورية في ردّ دعواه وتعزيزه بما يردعه، وهناك بما يسمى شروط الدعوى الكيدية التي من الواجب أن تتوافر حتى يتم تكييف الدعوى على أنها دعوى كيدية، ومن شروط الدعوى الكيدية اعتراف وإقرار المدعي أن الدعوى التي قام برفعها أمام جهة المحكمة دعوى كيدية، أيضًا مطالبة المدعي الحق بشيء تم الحكم والبتّ به من قبل أمام المحاكم في الدولة.[٣] ومن شروط الدعوى الكيديّة ألّا يملك المدعى عليه أي أدلة أو إثباتات تؤيد أحقية ما يُطالب به، وبالإضافة إلى شروط الدعوى الكيدية يجب أن تتوفّر شروط الدعوى الأصلية، كالصفة ووجود حق للمدعي.[٣]
مشروعية الدعوى
في الشرعية الإسلامية بعد بيان شروط الدعوى الكيدية لا بُدّ من معرفة نظرة الشريعة الإسلامية إلى صحة الدعوى، حيث أن الشريعة الإسلامية تُجيز الدعوى إذا توافرت فيها شروط معينة، ومن هذه الشروط: أن تكون معلومة عند المدعي فيحدد ما يريد الإدعاء به، وهل المشتبه به واحد أم له شركاء، أيضًا لا بد أن تكون هذه الدعوى ملزمة، فلا يجوز لأي شخص أن يدعي على آخر أنه قد وعده بهدية أو وصية حيث لا تسمع مثل هذه الدعوى، كما أنه يجب أن يكون المدعي بالغًا وعاقلًا وقت الدعوى، فلا تسمع دعوى صبي ولا مجنون، وأخيرًا ألّا يكون هناك أي تناقض بالدعوى.[٤]
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً