الاتفاقية الدولية للمخدرات في ضوء أحكام وقرارات محكمة النقض المصرية
الطعن 1432 لسنة 57 ق جلسة 22 / 10 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 151 ص 835 جلسة 22 من أكتوبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة، حسن عميره, وصلاح البرجى وحسن عفيفي.
————-
(151)
الطعن رقم 1432 لسنة 57 القضائية
(1) دستور. قانون “تفسيره”. تفتيش “إذن التفتيش. تسبيبه”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. مواد مخدرة.
للمساكن حرمة. عدم جواز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب. عدم لزوم ذلك في تفتيش الأشخاص. المادتان 44 من الدستور، 91 إجراءات المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972.
القانون لم يستلزم شكلاً خاصاً لهذا التسبيب.
(2)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل” إثبات “بوجه عام” دفوع “الدفع ببطلان الدليل. بطلان التفتيش”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
عدم جدوى النعي على الحكم بالقصور في الرد على دفع ببطلان تفتيش المسكن طالما لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد من هذا التفتيش.
(3)تفتيش “إذن التفتيش” “تسبيبه” “تنفيذه”.
صدور أمر الندب إلى مأمور ضبط قضائي أو من يندبه من مأموري الضبط. دلالته؟
(4) دفوع “الدفع ببطلان الضبط والتفتيش” نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. تفتيش.
الدفع ببطلان الضبط والتفتيش دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض ما لم تكن مدونات الحكم ترشح لقيام البطلان. علة ذلك؟
(5) مواد مخدرة. تفتيش “إذن التفتيش. إصداره. تنفيذه”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها.
وجود السيارة في حيازة الطاعن وتحت سيطرته قبيل الضبط يجعل له صفة عليها ويضحى تفتيشها سليماً في القانون.
(6)مواد مخدرة. تعدي. سلاح. عقوبة. ارتباط. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
قضاء المحكمة بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه وهي المقررة بالمادة 40/ 2 من القانون 182 لسنة 1960 بعد إعمال المادة 17 عقوبات عن تهمة التعدي مع حمل سلاح. إثارة الطاعن بأن التهمة الأولى وهي حيازة الامفيتامين لا يعتبر مادة مخدرة لخلو جدول الاتفاقية الدولية منه. لا مصلحة له طالما أن المحكمة طبقت المادة 32 عقوبات فأوقعت عليه العقوبة الأشد المقررة للتهمة الثانية.
(7) مواد مخدرة. اتفاقيات دولية. معاهدات. قانون “تفسيره” “إلغاؤه”.
الاتفاقية الدولية للمخدرات الصادر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966. عدم إلغائها أو تعديلها قانون المخدرات المصري.
اختلاف مجال تطبيق أحكام كل من الاتفاقية وقانون المخدرات المعمول في الجمهورية.
(8)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “خبرة”. دفاع. “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. مرجعه محكمة الموضوع. المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب إعادة تحليل العينة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(9)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. محكمة استئنافية. إثبات “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم تحقيق الدفاع غير المنتج والرد عليه. لا يعيب الحكم.
(10)دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. مثال.
(11)محاكمة “إجراءاتها”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم بالتفصيل. لا يعيب الحكم. على الخصم إن كان يهمه تدوين أمر معين أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر.
——————
1 – من المقرر أن المشرع بما نص عليه في المادة 44 من الدستور من أن “للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون”، وما أورده في المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو اشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة… وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً”. لم يتطلب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن وهو فيما استحدثه في هاتين المادتين من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم يرسم شكلاً خاصاً للتسبيب.
2 – من المقرر أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان تفتيش مسكن المتهم ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن ثمة تفتيش لم يقع على مسكن الطاعن وأن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تفتيش المسكن وإنما قام قضاءه على الدليل المستفاد من تفتيش شخص الطاعن والسيارة التي يحوزها.
3 – من المقرر أنه مع التسليم بما جاء بوجه الطعن من صدور الندب إلى المقدم……. أو من يندبه من مأموري الضبط فإن دلالة الحال هي أن المعنى المقصود من حرف العطف المشار إليه هو الإباحة – لوروده قبل ما يجوز فيه الجمع، وهو ما يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك من مأموري الضبط.
4 – لما كان الأصل أن الدفع ببطلان الضبط والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان لأنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. ولما كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة. أن الطاعن لم يدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 – من المقرر أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها ولما كان الحكم قد أثبت أن السيارة في حيازة الطاعن وأنه قبيل الضبط كان يقودها وأوقفها قرب مسكنه وفتح حقيبتها وبدأ يستخرج بعض محتوياتها “جركن” ومن ثم يكون للطاعن صفة أصلية على السيارة هي حيازته لها وفي أن يوجه إليه الإذن في شأن تفتيشها، وبهذا يكون الإذن قد صدر سليماً من ناحية القانون وجرى تنفيذه على الوجه الصحيح مما يجعل ما أسفر عنه التفتيش دليلاً يصح الإسناد إليه في الإدانة.
6 – لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسه آلاف جنيه، وكانت هذه العقوبة مقررة في المادة 40/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي طبقتها المحكمة بعد استعمالها للمادة 17 من قانون العقوبات – عن التهمة الثانية الخاصة بالتعدي على الموظفين القائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 حالة كون الجاني يحمل سلاحاً، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن التهمة الأولى وهي حيازة مخدر الامفيتامين لأنه لا يعتبر مادة مخدرة لخلو جدول الاتفاقية الدولية بشأن تحريم المخدرات والتي انضمت إليها مصر منه طالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد وهي العقوبة المقررة للتهمة الثانية.
7 – من المقرر أن الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات. ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل صراحة أو ضمناً من أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها إذ نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تحريمها والعقاب عليها دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة وتوقيع العقاب وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية للدولة المنضمة إليها ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنه لا تتضمن هذه المادة أي حكم مخل بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. ومن ثم فإن مجال تطبيق أحكام هذه الاتفاقية يختلف عن مجال قانون المخدرات المعمول به في جمهورية مصر العربية”.
8 – من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من إعادة تحليل العينة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
9 – لما كان طلب الاستعلام من قلم المرور عن مالك السيارة التي ضبط بها المخدر لأنها غير مملوكة له غير منتج في الدعوى بعد أن ثبت حيازة المتهم لها على ما سلف بسطه – ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحقيق الدفاع غير المنتج أو الرد عليه.
10 – لما كان الثابت من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة باقي الطلبات التي أوردها في أسباب طعنه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
11 – من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم بالتفصيل إذ عليه إن كان يهمه تدوين أمر معين أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أمفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ب) تعدى علي موظفين عموميين قائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وهو المقدم… الضابط بمباحث مركز…. والقوة المرافقة له بأن أطلق عليهم عدة أعيرة نارية من سلاح ناري كان يحمله قاصداً من ذلك مقاومتهم ومنعهم من ضبطه. (جـ) أحرز بغير ترخيص سلاحاًًً نارياً مششخناً (مسدس). “د” أحرز ذخائر طلقات مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته وإحرازه وأحالته إلي محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 40/ 1 – 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 15 من الجدول رقم 1 المرفق والمعدل والمواد 1، 6، 26/ 2 – 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات باعتبار أن حيازة المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة مخدر بغير قصد من القصود والتعدي على القائمين بتنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 وإحراز سلاح وذخيرة بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المدافع عنه دفع ببطلان التفتيش لخلوه من الأسباب التي بني عليها ولعدم جدية التحريات ولأن عبارة الإذن خصت المقدم……. أو من يندبه من مأموري الضبط القضائي لإجراء التفتيش ومؤدى ذلك أن المندوب أصلاً للتفتيش له أن يتخلى عن إجرائه لأحد مأموري الضبط دون أن يضمه إليه بدلالة وجود حرف العطف “أو” الذي يفيد التغيير والانفراد لا الجمع والمصاحبة كما أنه دفع ببطلان تفتيش السيارة لأنها مملوكة لغيره مما يجعل الاختصاص بتفتيشها للقاضي، إلا أن الحكم أطرح كل ذلك بغير مبرر سائغ. كما أن الحكم قضى بالإدانة تأسيساً على أنه أحرز مادة مخدرة بعد انضمام مصر بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 إلى الاتفاقية الدولية بشأن تحريم المخدرات والتي تضمنت جدولاً جديداً ليس من بينه مادة الامفيتامين، كما لم يجبه إلى طلبه لإعادة تحليل العينة لبيان ما إذا كانت المادة المضبوطة هي للامفيتامين لذاته من عدمه لأن المحرز وفق الجدول الأول من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو الامفيتامين لذاته دون غيره ورد على ذلك بما لا يصلح له, بالإضافة إلى أن المدافع عن الطاعن طلب سؤال صاحب المتجر الذي كمن فيه الشاهد الأول قبل ضبطه، وإجراء معاينة لمكان الضبط وللسيارة وإجراء تجربة ضوئية وضم دفتر الأحوال وأصل بلاغ سجن طره بهروب الطاعن منه والاستعلام عن مالك السيارة التي تم تفتيشها ورفع البصمات التي يحملها المسدس المضبوط، وأن محضر الجلسة أثبت بعض تلك الطلبات ولم يثبت بعضها الآخر وأن المحكمة لم تجبه إلى تلك الطلبات واطرحتها بما لا يبرر رفضها، وهذا كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من الأسباب وبطلان تنفيذه لاشتماله على حرف “أو” ورد عليه بقوله “أن تدوين إذن التفتيش على صلب محضر التحريات والإحالة إليه حسبما أثبت بأوراق الدعوى يغنى عن التسبيب. كما أن القانون لم يشترط عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش فتقرير رئيس مباحث…… مجرى التحريات بأنه علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من طلب الإذن بتفتيشه وسيارته ومسكنه يكفي لتبرير إصدار الإذن قانوناً وصدور إذن التفتيش لرئيس وحدة مباحث….. أو أي من السادة مأموري الضبط القضائي المختصين قانوناً يترتب عليه صحة التفتيش الذي يجريه أحدهما أو كلاهما وما دام الإذن لم ينص صراحة على أن لا ينفرد أحدهما دون الآخر” وهذا الذي أورده الحكم يتفق وصحيح القانون ذلك بأن المشرع بما نص عليه في المادة 44 من الدستور من أن “للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون”، وما أورده في المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو اشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة… وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً”. لم يتطلب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن وهو فيما استحدثه في هاتين المادتين من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم يرسم شكلاً خاصاً للتسبيب، والحال في الدعوى الماثلة أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه – وهو ما لا ينازع فيه الطاعن – أن النيابة العامة أصدرت هذا الأمر بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من المقدم…….. – طلب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئه وتسويغاً لإصداره وهذا حسبه كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان تفتيش مسكن المتهم ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن ثمة تفتيش لم يقع على مسكن الطاعن وأن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تفتيش المسكن وإنما أقام قضاءه على الدليل المستفاد من تفتيش شخص الطاعن والسيارة التي يحوزها. كما أنه مع التسليم بما جاء بوجه الطعن من صدور الندب إلى المقدم…… أو من يندبه من مأموري الضبط فإن دلالة الحال هي أن المعنى المقصود من حرف العطف المشار إليه هو الإباحة – لوروده قبل ما يجوز فيه الجمع، وهو ما يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك من مأموري الضبط لما كان ذلك وكان الأصل أن الدفع ببطلان الضبط والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان لأنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. ولما كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة. أن الطاعن لم يدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان تفتيش السيارة بقوله “أن السيارة المذكورة سبق أن أثبت السيد رئيس مباحث…. بمحضر تحرياته المؤرخ……. أن المتهم يستخدمها في تنقلاته وطلب الإذن من النيابة العامة بضبطها وتفتيشها وبالفعل صدر إذن النيابة بتفتيش السيارة رقم…… ملاكي القاهرة وقد شوهد المتهم قادماً لمسكنه بالسيارة المذكورة حيث أوقفها وأخرج من داخل حقيقتها الجركن الأول المضبوط كما ضبط “جركن” آخر داخل حقيبة السيارة ومن ثم فالسيارة المضبوطة ضبطت في حيازة المتهم وسبق أن صدر إذن من النيابة بتفتيشها. لما سبق فإن ما ينعاه الدفاع في هذا الخصوص يكون غير سديد. وهو رد سديد في القانون يستقيم به اطراح دفاع الطاعن المتعلق ببطلان الإذن وتفتيش السيارة ذلك أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها ولما كان الحكم قد أثبت أن السيارة في حيازة الطاعن وأنه قبيل الضبط كان يقودها وأوقفها قرب مسكنه وفتح حقيبتها وبدأ يستخرج بعض محتوياتها “جركن” ومن ثم يكون للطاعن صفة أصلية على السيارة هي حيازته لها وفي أن يوجه إليه الإذن في شأن تفتيشها, وبهذا يكون الإذن قد صدر سليماً من ناحية القانون وجرى تنفيذه على الوجه الصحيح مما يجعل ما أسفر عنه التفتيش دليلاً يصح الاستناد إليه في الإدانة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسه آلاف جنيه، وكانت هذه العقوبة مقررة في المادة 40/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي طبقتها المحكمة بعد استعمالها للمادة 17 من قانون العقوبات – عن التهمة الثانية الخاصة بالتعدي على الموظفين القائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 حالة كون الجاني يحمل سلاحاً، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن التهمة الأولى وهي حيازة مخدر الامفيتامين لأنه لا يعتبر مادة مخدرة لخلو جدول الاتفاقية الدولية بشأن تحريم المخدرات والتي انضمت إليها مصر منه طالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد وهي العقوبة المقررة للتهمة الثانية. هذا فضلاً عن أن الحكم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه بقوله “أن الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات. ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل صراحة أو ضمناً من أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها إذ نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تحريمها والعقاب عليها دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة وتوقيع العقاب وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية للدول المنضمة إليها ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنها لا تتضمن هذه المادة أي حكم مخل بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. ومن ثم فإن مجال تطبيق أحكام هذه الاتفاقية يختلف عن مجال قانون المخدرات المعمول به في جمهورية مصر العربية”. وما أورده الحكم صحيح في القانون مجزي في الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الشأن. كما أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير المعمل الكيماوي الذي لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عنه أنه ثبت أن السائل في الجركنين المضبوطين يحتوي على الامفيتامين المدرج بجدول المخدرات. وكان كنه المادة المخدرة المضبوطة قد قطع بحقيقته المختص فنياً وأن المادة المضبوطة هي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من إعادة تحليل العينة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ الإجراء لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على طلب الطاعن إجراء معاينة وتجربة رؤيا بقوله “إن المحكمة لا ترى في هذا الطلب إلا إثارة الثبوت التي اقتنعت بها المحكمة وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة وقوع الواقعة على النحو الذي رواه شهود الحادث”. وهو رد سائغ كاف لرفض طلبات الطاعن من ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان طلب الاستعلام من قلم المرور عن مالك السيارة التي ضبط بها المخدر لأنها غير مملوكة له غير منتج في الدعوى بعد أن ثبت حيازة المتهم لها على ما سلف بسطه – ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحقيق الدفاع غير المنتج أو الرد عليه.
لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة. أن الطاعن لم يطلب من المحكمة باقي الطلبات التي أوردها في أسباب طعنه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم بالتفصيل إذ عليه إن كان يهمه تدوين أمر معين أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً